جَمعُ وتَرتِيبُ
أَبِي ذَرٍّ التَّوحِيدِيِّ
AbuDharrAlTawhidi@protonmail.comانقر هنا للتواصل عبر البريد الإلكتروني
حُقوقُ النَّشرِ والبَيعِ مَكفولةٌ لِكُلِّ أحَدٍ
تَتِمَّةُ المسألة الثامنة والعشرين
عمرو: ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يَحتوي جامِعُها -وهو جامع الأزهر- في داخلِه عِدَّةَ أَضْرِحةٍ، وتُدَرَّسُ فيه عقيدةُ القبوريِّين (الذين ضلُّوا في توحيد الأُلُوهِيَّةِ) وعقيدةُ الأشاعرةِ (الذِين هُمْ مُرْجِئةٌ غُلَاةٌ في باب الإيمان، وجَبْرِيَّةٌ في باب القَدَرِ، ومُعَطِّلةٌ في باب الأسماء والصفاتِ، والذِين هُمْ إحدى طوائف أَهْلِ الْكَلَامِ الذِين قالَ فيهم الإمامُ الشافعي "لَأنْ يُبْتَلَى الْمَرْءُ بِكُلِّ ذنب نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مَا عَدَا الشِّرْكَ، خَيْرٌ له مِنَ الْكَلَامِ" وقالَ أيضًا "حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، فَيُقَالُ هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ")؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ هي أَوَّلُ مَن أَدْخَلَ (الفلسفةَ) ضِمْنَ مَناهِجِ العُلومِ الشرعيَّةِ؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ لا تُمانِعُ أنْ يَتَوَلَّى فيها كُبْرَى المناصبِ أَصْحابُ المدرسةِ العقليَّةِ الاعتزاليَّةِ (نِسْبَةً إلى المعتزلةِ)، فقد تَوَلَّى أصحابُ هذه المدرسةِ مَناصِبَ شيخِ الأزهرِ وعُضْوِيَّةِ هيئةِ كِبَارِ العلماءِ وعُضْوِيَّةِ مجمعِ البُحوثِ الإسلاميةِ، ومِن هؤلاء مصطفى عبدالرازق (ت1947م)، ومحمد مصطفى المراغي (ت1945م)، ومحمود شلتوت (ت1958م)، ومحمد أبو زهرة (ت1974م)، ومحمد البهي (ت1982م)، وأحمد كمال أبو المجد (ت2019م)، ومحمد عمارة (ت2020م)، ويوسف القرضاوي [عضوُ هيئة كبار العلماء بالأزهر (زَمَنَ حُكْمِ الرئيسِ الإخوانيِّ محمد مرسي)، ورئيس الاتحاد العالمي لعُلماءِ المسلمِين (الذي يُوصَفُ بأنه أكبرُ تَجَمُّع للعلماءِ في العالَمِ الإسلامِيِّ)، ويُعتَبَرُ الأَبَ الرُّوحِيَّ لجماعةِ الإخوانِ المُسلِمِين على مُستَوَى العالَمِ]؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ لا تُمانِعُ أنْ يَتَوَلَّى فيها كُبْرَى المناصبِ ماسُونِيُّون، فقد تَوَلَّى الماسُونِيُّ الشيخُ محمد أبو زهرة مَنْصِبَ عُضْوِيَّةِ مجمعِ البُحوثِ الإسلاميةِ؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ تَنَصَّلَتْ مِن عقيدة الوَلَاءِ والبَراءِ [قالَ الشيخُ محمد إسماعيل المقدم (مؤسس الدعوة السلفية بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في (عَقِيدة الوَلَاءِ والبَراءِ): الوَلَاءُ والبَراءُ مَبْدَأٌ أَصِيلٌ مِن مَبَادِئِ الإسلامِ ومُقْتَضَيَاتِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، فَلَا يَصِحُّ إيمانُ أَحَدٍ إلَّا إذا والَى أَوْلِياءَ اللهِ، وعادَى أعداءَ اللهِ، وقد فَرَّطَتِ الأُمَّةُ الإسلاميَّةُ اليومَ في هذا المَبْدَأِ الأصِيلِ، فَوَالَتْ أعداءَ اللهِ، وتَبَرَّأَتْ مِن أَوْلِياءِ اللهِ، ولأجلِ ذلك أصابَها الذُّلُّ والهزيمةُ والخنوعُ لأعداءِ اللهِ، وظَهَرَتْ فيها مظاهرُ البُعدِ والانحرافِ عنِ الإسلامِ. انتهى]، حيث تَجِدُ كبيرَها (وهو شيخ الأزهر) يَنتَمِي للحزبِ الوطني الديمقراطي الحاكم (الذي يَرْأَسُه طاغوتُ مصر)، ويَتَوَلَّى فيه عُضْوِيَّةَ لجنة السِّيَاساتِ (التي يَرْأَسُها ابنُ الطاغوتُ) وهي اللَّجْنةُ التي تَتَوَلَّى (رَسْمَ السِّيَاساتِ) للحُكومةِ، وعندما سُئِلَ عن أَيُّهُما أَهَمُّ بالنِّسبَةِ إليه (الأزهر أو الحزب الحاكم)؟ قال {لا أستطيعُ أنْ أقولَ أَيُّهُما أَهَمُّ، فإنَّ ذلك مثلُ سؤالِ (أَيُّهُما أَهَمُّ الشمسُ أو القمرُ؟)}، وقالَ في أَوَّلِ أَيَّامِ تَوَلِيه مَهَامَّ الإمامِ الأكبرِ شيخِ الأزهرِ {لا أَرَى علاقةً [ضِدِّيَّةً] مُطْلَقًا بين أن يكونَ الفَرْدُ شيخًا للأزهرِ، وبين انتمائه للحزب الوطني وعُضْوِيَّتِه في المَكْتَبِ السياسيِّ بالحزب، لأنَّ المطلوبَ أن يَعمَلَ مَن يَتَوَلَّى مَنْصِبَ شيخِ الأزهرِ لمصلحةِ الأزهرِ، وليس مطلوبًا منه مُطْلَقًا أنْ يُعارِضَ النِّظامَ [يَعْنِي السُّلْطةَ الحاكِمةَ]}، فالرجلُ يَرَى أنه لا يُوجَدُ مُطْلَقًا علاقةٌ ضِدِّيَّةٌ بين مؤسَّسةٍ طاغوتيةٍ ومؤسسةٍ تُوصَفُ بأنَّها قِبْلةُ العُلَماءِ وكَعْبةُ العِلْمِ وأكبَرُ مُؤَسَّسةٍ إسلامِيَّةٍ في العالَمِ!!!، ويَجْعَلُ المُقارَنةَ بينهما كالمُقارَنةِ بين الشمسِ والقمرِ!!!، ويُصَرِّحُ بأنه لن يُعارِضَ النِّظامَ الطاغُوتِيَّ مِن خلال مَنْصِبِه كشيخٍ للأزهرِ!!!؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يَتَوَلَّى كبيرُها منصبَه بقرارٍ مِنَ الطاغوتِ؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يقومُ الطاغوتُ بحصارِ ومحاكَمةِ وعَزْلِ وتَشرِيدِ المُعارِضِين لكبيرِها؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يَدْعَمُ كبيرَها الأَنْظِمةُ الطَّاغُوتِيَّةُ والكِيَاناتُ العلمانيةُ والطُّرُقُ الصوفِيَّةُ والكنائسُ؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ غالبيةُ مشايخِ الطُّرُقِ الصوفِيَّةِ هُمْ مِن أبنائها؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ تَعْمَلُ بِجِدٍّ ودَأَبٍ على مَدَارِ الساعةِ للقضاءِ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وَلِنَشْرِ عقيدةِ القُبُورِيِّين والأشاعرةِ في جميع أنحاءِ العالَمِ على أنَّها هي عقيدةُ أهلِ السُّنةِ والجماعة؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يَلْتَقِي كبيرَها وَفْدُ الـ (إف بي آي) ووفودُ الكونجرس للاطمئنان على مَناهِجِ الأزهر؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ يَتَزَيَّنُ داخِلَها الطالِباتُ بالمَاكِيَاجِ، ويَرْتَدِينَ الملابسَ الضَّيِّقةِ، ويَرْقُصْنَ على نَغَمَاتِ الأَغَانِي، ويُقِمْنَ حَفَلَاتِ أَعْيَادِ المِيلادِ تَشَبُّهًا بالنَّصارَى، ويَنَمْنَ على حشائشِ الحدائقِ في وُجودِ رِجَالٍ أَجَانِبَ؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ تَحْمِلُ مشروعًا يَستهدِفُ مَسْخَ شَخْصِيَّةِ الأُمَّةِ وتَغْرِيبَ أبنائها؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ تُوصَفُ بِأَنَّها والصُّوفِيَّةَ جَسَدٌ واحِدٌ في كِيَانَين؛ ماذا تَنْتَظِرُ مِن مُؤَسَّسةٍ مَذْهَبِيَّةِ الفِقْهِ؛ وللتفصيلِ أقولُ:
(1)قالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي في فتوى صَوتِيَّةٍ مُفَرَّغةٍ على موقعه في هذا الرابط: المَعاهِدُ العِلمِيَّةُ كمَعاهِدِ الأزهَرِ، سَأَلتُ شابًّا لَقِيتُهُ {كيف مُدَرِّسُوكم؟}، فقَالَ {فَسَقةٌ}، نَعَمْ، مَن نَوَّرَ اللهُ بَصِيرَتَه يَعرِفُ المُدَرِّسَ الفاسِقَ الفاسِدَ. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي أيضًا في فتوى صَوتِيَّةٍ بعنوان (الرَّدُّ على فتاوَى بعضِ الأزهرِيِّين المخالِفةِ) مُفَرَّغةٍ على موقعِه في هذا الرابط: وقالَ بعضُ إخوانِنا في اللهِ {زُرْتُ الأزهرَ فوَجَدْتُ الشَّرَّ}، فلا تَغْتَرَّ بأزْهَرِيٍّ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي أيضًا في فتوى صَوتِيَّةٍ بعنوان (ما حكم الذي يأخذ على الفتوى أُجْرةً) مُفَرَّغةٍ على موقعِه في هذا الرابط: اللهُ عَزَّ وجَلَّ يقولُ {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، ويقول {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}، فالأعمالُ والواجباتُ تُؤَدَّى لِوُجوبِها، وهذه [أَيْ أَخْذُ أُجرةٍ على الفَتْوَى] إساءةٌ إلى الدِّينِ، والدِّينُ بَرِيءٌ منها، وقد بَلَغَنِي أنَّ شَخصًا أَرسَلَ بفَتْوَى في مِصرَ لشيخِ الأزهرِ، فرُدَّتْ له الفَتْوَى وَجَوابٌ فيه {نَأْسَفُ، ما كانَ على الفَتْوَى دَمْغةٌ}!. انتهى باختصار. وقالَ الشَّيخُ أحمد فريد في فيديو بِعُنوانِ (أحمد فريد "عضو حزب النور" يُكَفِّرُ شَيْخَ الأزهَرِ): شَيخُ الأزهَرِ عَدُوٌّ لِلإسلامِ، قاتَلَه اللهُ، رَجُلٌ صُوفِيٌّ مُخَرَّفٌ، نَقولُ لَه {تَذَكَّرْ أنَّك سَتَموتُ، وسَتُقابِلُ رَبَّنا عَزَّ وَجَلَّ، وسَتُسأَلُ عن خِيَانةِ الأُمَّةِ، وعن مُوالاةِ اليَهودِ والنَّصارَى، وعن تَعاوُنِك مع المُفسِدِين ومع الضَّالِّين}... ثم قالَ -أيِ الشيخُ أحمَدُ-: الأزهَرُ يَتَبَنَّى العَلْمانِيَّةَ (كَلامُه كَلامُ العَلْمانِيِّين وكَلامُ الكَنِيسةِ "نَفسُ الكَلامِ")، فالأزهَرُ فِعلًا يَتَبَنَّى العَلْمانِيَّةَ. انتهى باختصار. وقالَ الشَّيخُ عبدُالله الخليفي في فيديو بِعُنوانِ (الخليفي يُكَفِّرُ الأزهَرَ): ... بَل يَطلُبون العِلمَ على مَن هو مِن أكفَرِ النَّاسِ مِن عُلَماءِ المُشرِكِين، كَما يَذْهَبُ بَعضُ دُعاةِ الضَّلالةِ إلى (أحمد الطيب) الطَّاغوتِ المُشرِكِ الزِّندِيقِ الكافِرِ رَئيسِ مُؤَسَّسةِ الكُفرِ والإشراكِ، مُؤَسَّسةِ الأزهَرِ التي بَناها الفاطِمِيُّون الكَفَرةُ، مِن أوَّلِ يَومٍ أُسِّسَتْ على الكُفرِ والإشراكِ ومُحادَّاةِ عِبادِ اللهِ المُؤمِنِين. انتهى باختصار.
(2)وقالَ الشيخُ الألباني في فتوى صَوتِيَّةٍ مُفَرَّغةٍ على هذا الرابط: يُوسُفُ القرضاوي [عضوُ هيئة كبار العلماء بالأزهر (زَمَنَ حُكْمِ الرئيسِ الإخوانيِّ محمد مرسي)، ورئيس الاتحاد العالمي لعُلماءِ المسلمِين (الذي يُوصَفُ بأنه أكبرُ تَجَمُّع للعلماءِ في العالَمِ الإسلامِيِّ)، ويُعتَبَرُ الأَبَ الرُّوحِيَّ لجماعةِ الإخوانِ المُسلِمِين على مُستَوَى العالَمِ]، دِراسَتُه أزْهَرِيَّةٌ، وليستْ دِراسَتُه مَنهَجِيَّةً على الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وهو يُفْتِي النَّاسَ بفَتَاوَى تُخالِفُ الشَّرِيعةَ. انتهى. وقالَ الشيخُ الألباني أيضًا في فتوى صَوتِيَّةٍ مَوجودةٍ على هذا الرابط: اِصْرِفْ نَظَرَكَ عنِ القرضاوي واقْرِضْه قَرْضًا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الألباني-: فالقرضاوي، هَدَانا اللهُ وإيَّاه، تَبَنَّى ما يَتَبَنَّاه الشُّيُوعِيُّون. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي في (تحفة المجيب): يُوسُفُ القرضاوي، لا بارَكَ اللهُ فيه. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي أيضًا عن القرضاوي في فتوى صوتية مُفرَّغة على موقعه في هذا الرابط: فأَنَا لا أَنْصَحُ باستماعِ أَشْرِطَتِه ولا بحُضورِ مُحاضَراتِه ولا بقِراءةِ كُتُبِه، فهو مُهَوَّسٌ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الوادِعِيُّ-: نُشِرَ عنه في جَرِيدةٍ {إنَّنا لا نُقاتِلُ اليهودَ مِن أَجْلِ الإسلامِ، ولكنْ مِن أَجْلِ أنَّهم اِحتَلُّوا أراضِينا}، أُفٍّ لِهَذِهِ الفَتْوَى الْمُنْتِنةِ، ورَبُّ العِزَّةِ يقولُ في كتابِه الكريمِ {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، فالدِّينُ مُقَدَّمٌ على الوَطَنِ وعلى الأرْضِ. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي أيضًا في (إسكاتُ الكَلْبِ العاوِي يُوسُفَ بْنِ عبدالله القرضاوي): كَفَرْتَ يَا قرضاوي أو قارَبْتَ. انتهى. وقالَ الشيخُ ياسر برهامي (نائبُ رئيسِ الدعوةِ السَّلَفِيَّةِ بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في مقالةٍ على موقعِه في هذا الرابط: يَوْمَ أنْ أَفْتَى الدُّكْتُورُ يُوسُفُ القرضاوي بِأنَّه يَجوزُ لِلمُجَنَّدِ الأَمْرِيكِيِّ أنْ يُقاتِلَ مع الجَيشِ الأَمْرِيكِيِّ ضِدَّ دَولةِ أفغانِسْتانَ المُسلِمةِ لم يَنعَقِدِ اِتِّحادُ عُلَماءِ المُسلِمِين [يَعْنِي (الاتِّحادَ العالَمِيَّ لِعُلَماءِ المُسلِمِين) الذي يَرْأَسُه القرضاوي] لِيُبَيِّنَ حُرمةَ مُوالَاة الكُفَّارِ، ولم تَنْطَلِقِ الأَلْسِنةُ مُكَفِّرةً ومُضَلِّلةً وحاكِمةً بالنِّفاقِ!، مع أنَّ القِتالَ والنُّصرةَ أَعْظَمُ صُوَرِ المُوالَاةِ ظُهورًا، ودَولةُ أفغانِسْتانَ كانَتْ تُطَبِّقُ الحُدودَ وتُعلِنُ مَرجِعِيَّةَ الإسلامِ. انتهى. وقالَ الشيخُ أبو سلمان الصومالي في (تَكفِيرُ القرضاوي "بِتَصوِيبِ المُجتَهِدِ مِن أهلِ الأديانِ"): خُلاصةُ رَأْيِ القرضاوي أنَّ مَن بَحَثَ في الأديانِ وانتَهَى به البَحثُ إلى أنَّ هناك دِينًا خَيرًا وأفْضَلَ مِن دِينِ الإسلامِ -كالوَثَنِيَّةِ والإلحادِيَّةِ واليَهُودِيَّةِ والنَّصرانِيَّةِ- فاعتَنَقَه، فَهُوَ مَعذورٌ ناجٍ في الآخِرةِ ولا يَدخُلُ النارَ، لِأنَّه لا يَدخُلُ النارَ إلَّا الجاحِدُ المُعانِدُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: يَجِبُ تَكفِيرُ القرضاوي في قَولِه {أنَّ المُجتَهِدَ في الأديانِ، إذا انتَهَى به البَحْثُ إلى دِينٍ يُخالِفُ الإسلامَ -كالوَثَنِيَّةِ والإلحادِيَّةِ- فهو مَعذورٌ ناجٍ مِنَ النارِ في الآخِرةِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: ظاهِرُ كَلامِ القرضاوي اِقتَضَى أنَّ الباحِثَ في الأديانِ إذا اِنْتَهَى إلى اِعتِقادِ الوَثَنِيَّةِ والإلحادِيَّةِ والمَجُوسِيَّةِ، فَإنَّه ليس كافِرًا ولا مُشرِكًا عند اللهِ وعند المُسلِمِين، لِأنَّه -في زَعْمِ القرضاوي- أتَى بِما أَمَرَه الشارِعُ مِنَ الاجتِهادِ والاستِنارةِ بِنورِ العَقلِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: المُسلِمون أجمَعوا على أنَّ مُخالِفَ مِلَّةِ الإسلامِ مُخطِئٌ آثِمٌ كافِرٌ، اِجتَهَدَ في تَحصِيلِ الهُدَى أو لم يَجتَهِدْ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: والقائلُ بِما قالَ القرضاوي كافِرٌ بالإجماعِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: يُوسُفُ القرضاوي كافِرٌ بِمُقتَضَى كَلامِه، ومَن لم يُكَفِّرْه بَعْدَ العِلْمِ فَهُوَ كافِرٌ مِثْلَه. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ أبو بصير الطرطوسي في مقالة له بعنوان (لماذا كَفَّرْتُ يُوسُفَ القرضاوي) على موقعِه في هذا الرابط: مُنْذُ سَنَوَاتٍ قد أَصْدَرْتُ فَتْوَى -هي مَبْثوثةٌ ضِمْنَ الفَتَاوَى المَنشورةِ في مَوقِعِي على الإنترنت- بِكُفرِ ورِدَّةِ يوسفَ القرضاوي. انتهى. وقالَ الشيخُ أبو بصير الطرطوسي أيضًا في فَتْوَى له بعنوان (تَكفِيرُ القرضاوي) على موقعِه في هذا الرابط: واعْلَمْ أنَّ الرَّجُلَ [يَعْنِي القرضاوي] لو لَمَسْنا منه ما يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عن تَكْفِيرِه شَرْعًا، فلَنْ نَتَرَدَّدَ حِينَئِذٍ لَحظَةً عن فِعْلِ ذلك، ولنْ نَستَأذِنَ أَحَدًا في فِعْلِ ذلك. انتهى.
(3)جاء على الموقع الرسمي لجريدة الوطن المصرية تحت عنوان (الأزهر يبدأ حملة موسعة لمواجهة التطرف بنشر الفكر الأشعري) في هذا الرابط: قال الدكتور يسري جعفر (مؤسس مركز الفكر الأشعري، وأستاذ العقيدة والفلسفة) أن الأزهر اختار المنهجَ الأشعري ليكونَ أساسًا للدارسة في جامعته والمعاهد، مضيفا أنه لا فَرْقَ بين مَذْهَبَيِ الماتريدية والأشعرية إلا في نقاط بسيطة [جاء في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): والحاصلُ أنَّ الماتريدية والأشعرية فرقة واحدة من ناحية المعتقد، أو كادتا أن تكونا فرقة واحدة على أقل تقدير، وما بينهما من الخلاف فهو يسير وغالبُه لفظِيٌّ... ثم جاء -أي في الموسوعة-: الماتريدية والأشعرية في الحقيقة فرقة واحدة متفقة في المنهج وأصول المذهب، ويُعَبَّرُ عنِ الفريقَين بالأشاعرة تغليبًا للأشعريةِ على الماتريديةِ؛ أما اختلاف النسبة -من أن الماتريدية تنتسب إلى الماتريدي، وأن الأشعرية تنتسب إلى الأشعري- فلا يؤثر على كونهما فرقةً واحدةً، لأن هذا الاختلاف ليس اختلافا جوهريا... ثم جاء -أي في الموسوعة-: الخِلَافُ بين الفريقَين ليس جوهريا بل في التفريعات دون الأصول، فليس مثل هذا الخلاف مما يجعل فرقةً واحدةً فرقتَين مُسْتَقِلَّتَين... ثم جاء -أي في الموسوعة-: لو عُدَّ مثلُ هذا الخلاف حاجزا دون كَوْنِ فرقةٍ ما فرقةً واحدةً لَمَا صَحَّ أنْ تُعَدَّ أَيَّةُ فرقةٍ واحدةً قط، لأنه لا بد مِنَ الاختلاف اليسيرِ فيما بين المُنْتَسِبِين إلى أَيَّةِ فرقةٍ كالحنفية فيما بينهم، والشافعية فيما بينهم، وكالماتريدية فيما بينهم، وكالأشعرية فيما بينهم، فمثلُ هذا الخلافِ لا يجعلُ الفِرْقةَ فرقتَين فَمَا فَوْقُ. انتهى باختصار]، وأن المذهب الأشعري يعبر عن وسطية الإسلام، كما أن الإمام الأشعري اتَّبعَ منهجَ سلف الأمة مِن التابعِين والصحابة؛ وبَيَّنَ جَعْفَرٌ {الأشعرية والماتريدية تُعَدُّ بمثابة وِزَارةِ الداخلية في الدفاع عنِ الأمْنِ الفكريِّ}؛ وأوضح جَعْفَرٌ أن الأشعرية هوجمت بشدة مِن قِبَلِ البعض، لأنهم أدركوا قيمة الأشاعرة العلمية والعقلية والكلامية الكبيرة، فهي قادرة علي تجديد الخطاب الديني؛ وقال الدكتور عبدالرحمن الخضري (رئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية) أن الأزهر بذل خلال الفترة الماضية -وما زالَ يبذلُ- الكثيرَ مِن أجلِ نشر الفكرِ الدعويِّ المعتدلِ سَوَاءً في الداخل والخارج مِن أجلِ نشرِ الفكرِ الوسطيِّ الأزهريِّ المعتدلِ؛ وأضاف الخضري خلال كلمته {تُعَدُّ كليةُ اللغات والترجمة منبرًا قَوِيًّا في نشر الإسلامِ ومنهجِ الأزهرِ باللغاتِ الأجنبيةِ، والتعاوُنِ والتواصلِ مع كافَّةِ الدُّوَلِ الأُخْرَى، وإرسالِ مبعوثِين ودعاةٍ بِلُغاتِ تلك الدُّوَلِ لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي كوَّنَتْها تلك الجماعاتُ المُتَطَرِّفةُ عنِ الإسلامِ}. انتهى باختصار.
(4)وجاء على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: وشَدَّدَ الإمامُ [وهو (أحمد الطيب) شيخُ الأزهرِ، وصاحبُ الرَّأْيِ في كُلِّ ما يَتَّصِلٌ بِالشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ، والمُشتَغِلِين بالقرآنِ وعلومِ الإسلامِ، وله الرِّيَاسَةُ والتَّوجِيهُ في كُلِّ ما يَتَّصِلٌ بالدِّراساتِ الإسلاميَّةِ في الأزهرِ وهَيْئَاتِه، ويَرْأَسُ المَجْلِسَ الأعلَى للأزهرِ، ويُعامَلُ مُعامَلةَ رَئِيسِ مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ مِن حيث الدَّرَجةُ والرَّاتِبُ والمَعَاشُ] على أنَّ {شيخ الأزهر لا يقبل أن يكون واحدٌ مِنَ الفريق المُعاوِن له ينتمي لأيِّ فكر يخرج عن منهج الأزهر، فكُلُّ مَن يعملون مع شيخ الأزهر يعملون مِن أجلِ الأزهرِ ومِن أجلِ مِصْرَ الحبيبةِ} مُوصِيًّا بالاهتمام بالطُّلَّابِ ورعايتِهم، وعَدَمِ تَرْكِهم فريسةً للأفكارِ المتطرفةِ والخارجةِ عن منهج الأزهر، وأنه لا مجالَ داخلَ الجامعةِ لأيِّ فكرٍ إخوانيٍّ أو أَيِّ فكرٍ خارِجَ المنهجِ الأشعريِّ. انتهى باختصار.
(5)وفي فيديو بعنوان (علي جمعة "ماهي سمات المنهج الأزهري؟ ومتى نَصِفُ الطالبَ بأنه أَزْهَرِيٌّ؟") قالَ الشيخُ عليّ جمعة (مفتي الديار المصرية، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وَاخْتِيرَ ضِمْنَ أكثرِ خمسِينَ شخصيَّةً مُسلِمةً تأثيرًا في العالَمِ لِأحَدَ عَشَرَ عامًا على التوالي مِن عامِ 2009م إلى 2019م): جماهيرُ الأُمَّةِ [هُمْ] مِنَ الأشاعرةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ عليّ جمعة-: الأزهريُّ أشعريُّ العقيدةِ، مَذْهَبِيُّ الفقهِ [في فتوى صَوْتِيَّةٍ للشيخِ مُقبِل الوادِعِي على موقعِه في هذا الرابط، سُئِلَ الشيخُ: ما حُكْمُ التَّمَذْهُبِ بمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ بدونِ تَعَصُّبٍ، خصوصًا أنَّ كثيرًا مِنَ العلماءِ يُذْكَرُ في تَرَاجِمِهم نِسْبَتُهم إلى المذاهبِ؟. فأجابَ الشيخُ: بِدْعَةٌ، فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغائبَ، لا [يُوجَدُ] في شَرْعِنا هذا حَنَفِيٌّ وذاك شافعِيٌّ وذاك مالكيٌّ وذاك حنبلِيٌّ {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ مُقبِل أيضًا في فتوى صَوْتِيَّةٍ مُفَرَّغةٍ على موقعه في هذا الرابط: أين الدليلُ على التَّمَذْهُبِ، فذاك يكون شافعيًّا، وذاك يكون حنبليًّا، وذاك يكون مالكيًّا، وذاك يكون حَنَفَيًّا، يقول الله سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}، والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسألون عنِ الدليلِ، وهذه المذاهبُ أَوْرَدَتِ العَداوةَ بين المجتمعِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مُقبِل-: فهل قال لنا أبو حنيفة نُقَلِّدُه، وهل قال لنا مالك نُقَلِّدُه، وكذلك هل قال الشافعي نُقَلِّدُه، وأيضا أقال ابنُ حنبل نُقَلِّدُه؟!، بل نَهَوْا عن تقليدِهم... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مُقبِل-: وإنني أَحْمَدُ اللهَ فقد كُنْتُ أَكْتُبُ على السَّبُّورَةِ {أَتَحَدَّى مَن يأتي بدليلٍ على أننا مُلزمَون باتِّباعِ مذهبٍ معيَّنٍ}، فلا يستطيع أحدٌ أنْ يأتيَ بدليلٍ، ونحن في الجامعة الإسلامية [قالَ الشَّيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ في (إجابة السائل على أهم المسائل): نحن دَرَسْنا في الجامعةِ الاسلاميَّةِ [بالمدينة المنورة] التي تُعتبَرُ في ذلك الوَقتِ أَحسَنَ مُؤَسَّسةٍ فيما أَعْلَمُ. انتهى]. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ سمير بن أمين الزهيري في (مُحَدِّثُ العَصرِ محمد ناصر الدين الألباني): قالَ شيخُنا [الألباني] رحمه الله {يَلزَمُ الفَقِيهَ أنْ يكونَ مُحَدِّثًا ولا يَلزَمُ المُحَدِّثَ أنْ يكون فَقِيهًا، لأنّ المُحَدِّثَ فَقِيهٌ بطبيعةِ الحال، هل كانَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَدرُسون الفِقهَ أَمْ لا؟ وما هو الفِقهُ الذي كانوا يَدرُسونه؟ هو ما كانوا يَأْخُذونه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذَنْ هُمْ يَدرُسون الحَدِيثَ، أَمَّا هؤلاء الفُقَهاءُ الذِين يَدرُسون أقوالَ العلماءِ وفِقْهَهم ولا يَدرُسون حَدِيثَ نَبِيِّهِمُ الذي هو مَنبَعُ الفِقْهِ، فهؤلاء يُقالُ لهم (يجب أن تَدرُسوا عِلْمَ الحَدِيثِ)، إذْ إنَّنا لا نَتَصَوَّرُ فِقْهًا صحيحًا بدونِ مَعرِفةِ الحديثِ حِفْظًا وتَصحِيحًا وتَضعِيفًا، وفي الوقتِ نَفْسِه لا نَتَصَوَّرُ مُحَدِّثًا غيرَ فَقِيهٍ، فالقرآنُ والسُّنَّةُ هُمَا مَصدَرُ الفِقْهِ كُلِّ الفِقْهِ، أَمَّا الفِقْهُ المُعتادُ اليومَ فهو فِقْهُ العلماءِ وليس فِقْهَ الكِتابِ والسُّنَّةِ، نعم، بَعضُه مَوجودٌ في الكِتابِ والسُّنَّةِ وبَعضُه عِبارةٌ عن آراءٍ واجتهاداتٍ، لكِنَّ في الكَثِيرِ منها مُخالَفةً منهم للحَدِيثِ لأنَّهم لم يُحِيطوا به عِلْمًا}. انتهى. وقالَ الشَّيخُ عبدُالله الخليفي في فيديو له بِعُنوانِ (شُبُهاتٌ ورُدودٌ "يُقَدِّمون الآثارَ على الكِتابِ والسُّنَّةِ!"): وهُمْ في أنفُسِهم لم يَكُنْ في حَيَاتِهم أحَدٌ يَنْتَسِبُ إليهم ويَقُولُ أنا مالِكِيٌّ أنا شافِعِيٌّ أنا حَنْبَليٌّ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الخليفي-: وعُمومُ الصَّحابةِ والتَّابِعِين مَذاهِبُهم مَوجودةٌ بَيْنَ أيدِينا، فَلِماذا تُترَكُ ويُحصَرُ الدِّينُ في أربَعةٍ [يَعنِي أبا حَنِيفةَ ومالِكًا والشافِعِيَّ وأحمَدَ]. انتهى. وقالَ الشَّيخُ محمدُ بنُ شمس الدين في فيديو له بِعُنوانِ (أحمد الطيب "السَّلَفِيَّةُ غُلاةٌ مُتَشَدِّدون نَجَّسوا المَذْهَبَ"): لَسْنا حَنابِلةٌ ولَسْنا شافِعِيَّةٌ ولَسْنا مالِكِيَّةٌ، [بَلْ] مُسلِمون كَما كانَ أئمَّتُنا أحمَدُ والشَّافِعِيُّ ومالِكٌ والمُزَنِيُّ [ت264هـ] والبُوَيطِيُّ [ت231هـ] وسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ. انتهى بتصرف]، صُوفِيُّ التَّوَجُّه، يريدُ أن يكون على ما كان عليه حالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (على منهاجِ النبوةِ). انتهى.
(6)وجاء على موقعِ بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط أنَّ شيخ الأزهر (أحمد الطيب) قال: الأزهر الشريف يسلك في فهم رسالة الإسلام وتعليمها والدعوة إليها منهج أهل السنة والجماعة... ما يَلْقَاه الخِطابُ الأزهريُّ الوسطيُّ مِن قبولٍ في العالَمِ الإسلامِيِّ وخارِجِه يَرْجِعُ إلى المَزْجِ بين الفكرِ العلميِّ والرُّوحِ الصُّوفِيِّ في وسطيَّةٍ واعتدالٍ. انتهى باختصار.
(7)وجاءَ على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: قال فضيلةُ الإمام الأكبر أحمد الطيب (شيخ الأزهر الشريف) خلال برنامج (الإمام الطيب) أنَّ مذهبَ الإمامِ الأشعريِّ يُعَدّ إحدى المدارس الكلامِيَّةِ التي أَجْمَعَتْ عليها الأُمَّةُ وجَعَلَتْه مذهبَها في الاعتقادِ. انتهى باختصار.
(8)وجاءَ في (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، بإشراف ومراجعة الشيخ مانع بن حماد الجهني): الفلسفةُ الْيُونَانِيَّةُ تَأَثَّرَتْ بها معظمُ الفِرَقِ الإسلامِيَّةِ الكلامِيَّةِ، ولم يَظْهَرْ مصطلحُ (الفلسفة الإسلامِيَّة) كمنهجٍ علميٍّ يُدَرَّسُ ضِمْنَ مَناهِجِ العُلومِ الشرعيَّةِ إلَّا على يَدِ الشيخِ مصطفى عبدالرازق [ت1947م] شيخِ الأزهرِ؛ والحَقُّ أنَّ الفلسفةَ جِسْمٌ غريبٌ داخِلَ كِيَانِ الإسلامِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ حمود التويجري (الذي تولَّى القضاءَ في بلدة رحيمة بالمنطقة الشرقية، ثم في بلدة الزلفي، وكان الشيخُ ابنُ باز مُحِبًّا له، قارئًا لكُتُبه، وقَدَّمَ لبعضِها، وبَكَى عليه عندما تُوُفِّيَ -عامَ 1413هـ- وأَمَّ المُصَلِّين للصلاة عليه) في كتابه (غربة الإسلام، بتقديمِ الشيخِ عبدالكريم بن حمود التويجري): قالَ شيخُ الإسلامِ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَه اللهُ تَعالَى {لَيْسَ الفَلاسِفةُ مِنَ المُسلِمِين}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: لَيْسَ للإسلامِ فَلاسِفةٌ، ولَيْسَ الفَلاسِفةُ مِنَ المُسلِمِين... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: فإذا كانَ العُلَماءُ وَرَثةَ الأنبِياءِ فالفَلاسِفةُ وَرَثةُ الْيُونَانِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: وقالَ العَلَّامةُ الشيخُ سليمانُ بْنُ سَحْمان [في كِتَابِه (إقامةُ الحُجَّةِ)] {هذا الاسْمُ [أَيِ اِسْمُ (فَيْلَسُوف)] في عُرْفِ أهلِ الإسلامِ لا يُسَمَّى به إلَّا مَن كانَ مِن عُلَماءِ الفَلاسِفةِ ومَن نَحَا نَحوَهم مِن زَنادِقةِ هذه الأُمَّةِ}. انتهى.
(9)وجاء في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): شيخُ الإسلامِ [ابنُ تيميةَ] يَذْكُرُ الأشعريةَ في عِدادِ مَن يُلْحِدُ [في] أسماء الله تعالى وآياته [قالَ الشيخُ صالح الفوزان في هذا الرابط على موقعه: الإلحادُ في أسماءِ الله وآياتِه، مَعْناه العُدولُ والمَيلُ بها عن حقائقِها ومَعانِيها الصَّحِيحةِ إلى مَعانٍ باطلةٍ لا تَدُلُّ عليها، كما فَعَلَتْه الجهمِيَّةُ والمعتزلةُ وأَتْباعُهم. انتهى]، ويُطلِقُ عليهم اسمَ (الجهمية)، ويَحْكُمُ عليهم بأنَّهم أَقْرَبُ فِرَقِ الجهميةِ إلى أهلِ السُّنَّةِ. انتهى.
(10)وقالَ الشيخُ سفر الحوالي (رئيس قسم العقيدة بجامعة أم القرى) في مَقالةٍ له على موقِعِه في هذا الرابط: فالمَاتُرِيدِيَّةُ والأَشْعَرِيَّةُ مِنَ المُرجئةِ الغُلَاةِ. انتهى.
(11)وقالَ الشيخُ سليمان الخراشي في مقالة له بعنوان (هَلِ الأشاعرةُ مِن أهلِ السُّنَّة؟) على هذا الرابط: الأَشاعِرةُ والمَاتُرِيدِيَّةُ في بابِ التوحيدِ، يَحْصُرُونه [أَيِ التوحيدَ] في توحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ دُونَ توحيدِ الأُلُوهِيَّةِ، مِمَّا ساهَمَ في انْتِشارِ البِدَعِ والشِّركِيَّاتِ حَوْلَهم دُونَما نَكِيرٍ... ثم قال -أَيِ الشيخُ الخراشي-: فالأشاعرةُ ليسوا مِن أهل السُّنَّةِ وإنَّما هُمْ أهلُ كَلامٍ، عِدَادُهُمْ في أهلِ البِدعةِ [قالَ الشَّيخُ يزن الغانم في هذا الرابط: يَنبَغِي أنْ يُعلَمَ أنَّ مُصطَلَحَ (أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ) يُطلَقُ ويُرادُ بِه [أحَدُ] مَعْنَيَين؛ (أ)المَعْنَى الأوَّلُ، كَونُه في مُقابِلِ الشِّيعةِ، فَيُقالُ {المُنتَسِبون لِلإسلامِ قِسمان (السُّنَّةُ، والشِّيعةُ)}، فَفِي مُقابِلِ الشِّيعةِ، يَدخُلُ في مَعْنَى أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ ما سِوَى الشِّيعةِ، كالأشاعِرةِ والمَاتُرِيدِيَّةِ ونَحوِهم؛ (ب)المَعْنَى الثانِي، وهو ما يُقابِلُ المُبتَدِعةَ وأهلَ الكَلامِ، فَبِهذا الاعتِبارِ لا يُطلَقُ (أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ) إلَّا على أهلِ الحَدِيثِ والأثَرِ، فَيَخرُجُ بِذلك الأشاعِرةُ والمَاتُرِيدِيَّةُ وجَمِيعُ الطَّوائفِ إلَّا مَن كانَ على ما كانَ عليه السَّلَفُ. انتهى باختصار. وقالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (منهاج السنة النبوية): فَلَفْظُ (أَهْلِ السُّنَّةِ) يُرَادُ بِهِ مَنْ أَثْبَتَ خِلَافَةَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ [أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ]، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الطَّوَائِفِ إِلَّا الرَّافِضَةَ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ الْمَحْضَةِ. انتهى. وقالَ الشَّيخُ اِبْنُ عثيمين في (الشرح الممتع): أهلُ السُّنَّةِ يَدخُلُ فِيهم المُعتَزِلةُ، يَدخُلُ فِيهم الأشعَرِيَّةُ، إذا قُلْنا هذا في مُقابَلةِ الرافِضةِ، لَكِنْ إذا أرَدْنا أنْ نُبَيِّنَ أهلَ السُّنَّةِ، قُلْنا {إنَّ أهلَ السُّنَّةِ حَقِيقةً هُمُ السَّلَفُ الصالِحُ الذِين اِجتَمَعوا على السُّنَّةِ وأخَذوا بها}، وحِينَئذٍ يَكونُ الأشاعِرةُ والمُعتَزِلةُ والجَهمِيَّةُ ونَحوُهم لَيسوا مِن أهلِ السُّنَّةِ. انتهى باختصار]. انتهى باختصار.
(12)وجاءَ في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): الأشاعرةُ مِن أكثرِ الفِرَقِ الكَلَامِيَّةِ انتشارًا إلى يَومِنا هذا. انتهى باختصار.
(13)وقال الشيخ ربيع أحمد في مقالة له على هذا الرابط: ويَدخُل تحتَ مُصْطَلَحِ المُتَكَلِّمِين [أَيْ أهلِ الكلامِ] كثيرٌ مِنَ الفِرَقِ التي اتَّخَذَتِ المنهجَ الكلاميَّ طريقًا لها في باب الاعتقاد، كالجهميةِ [وَهُمْ مُرْجِئةٌ غُلَاةٌ (في باب الإيمان)، جَبْرِيَّةٌ (في باب القَدَرِ)، مُعَطِّلةٌ (في باب الأسماء والصفات)، قائلون بِخَلْقِ القرآنِ، وهناك من يُسَمِّيهم "الجهمية الأولى"] والمُعتزلةِ [وَهُمْ قَدَرِيَّةٌ (في باب القدر) [قالَ الشيخُ ابنُ جبرين (عضو الإفتاء بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء) في هذا الرابط على موقعه: والقَدَرِيَّةُ يَغْلِبُ أنَّهم مِنَ المُعتزلةِ، أكثرُ ما يُطْلَقُ (قَدَرِيَّةٌ) على المُعتزلةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ حماد الأنصاري (رئيس قسم السُّنَّة وأستاذ الدراسات العليا، بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة): إنَّ القَدَرِيَّةَ مِنَ المُعتَزِلةِ، وكُلُّ مَن قالَ بنَفْيِ القَدَرِ فهو مُعتَزِلِيٌّ. انتهى مِن (المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري)]، مُعَطِّلةٌ، قائلون بخلق القرآن، وهناك من يُسَمِّيهم "الجهمية" أو "الجهمية الثانية" أو "الجهمية المُعتزلة"، وذلك لمُوافَقَتِهم الجهميةَ في التعطيلِ والقولِ بِخَلْقِ القرآنِ] والأشاعرةِ [وَهُمْ مُرْجِئةٌ غُلَاةٌ، جَبْرِيَّةٌ، مُعَطِّلةٌ] وغيرِها. انتهى. وقالَ الشيخُ محمد صالح المنجد في مُحاضَرةٍ بِعُنْوانِ (العقل والنقل) مُفَرَّغَةٍ على موقِعِه في هذا الرابط: ولذلك إذا تَعَارضَ عندهم دليلٌ سَمْعِيٌ مع دليلٍ عقلِيٍّ، ماذا يُقَدِّمون؟ [يُقَدِّمون] العَقْلَ، وأَحْدَثوا في دِينِ اللهِ ما ليس منه، وهذه الطائفةُ هُمُ الذِين يُسَمَّون بالمتكلِّمِين ومنهم المعتزلةُ والأشاعرةُ، ومَن شايَعَهم مِن أصحابِ الفِرَقِ الكلامِيَّةِ. انتهى. وفي فيديو بِعُنوانِ (أحمد الطيب، وتَقدِيمُ العَقلِ على النَّقلِ، ومُخالَفةُ أهلِ السُّنَّةِ) قالَ شيخُ الأزهرِ (أحمد الطيب): ... إذَنْ عندي العَقلُ وعندي النَّقلُ، دائما نحن نَضَعُ العَقْلَ أوَّلًا. انتهى.
(14)وفي فيديو للشيخِ صالح الفوزان (عضوُ هيئةِ كِبار العلماءِ بالدِّيَارِ السعوديةِ، وعضوُ اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) بعُنْوانِ (احذر من مجالسة علماء الكلام واحذر من علم الكلام والمنطق والجدل)، قالَ الشيخُ: كان سَلَفُ هذه الأُمَّةِ يَسِيرُ على الكتاب والسُّنَّةِ، إلى أنْ عُرِّبَتِ الكُتُبُ الرُّومِيَّةُ في عهد الْمَأْمُونِ [أَحَدِ حُكَّامِ الدَّولةِ العَبَّاسِيَّةِ، وقد تُوُفِّيَ عامَ 218هـ] وجاء عِلْمُ المَنطِقِ وعِلْمُ الجَدَلِ [قال الشيخ عبدالرحيم خطوف في (الخلاف في الفقه والعقيدة): عِلْمُ الجَدَلِ هو أحد أجزاء مباحث المَنطِقِ. انتهى باختصار. وقال السيوطي في (معجم مقاليد العلوم): عِلْمُ الجَدَلِ صناعَةٌ نظرِيَّةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا كَيْفيَّةُ المُناظَرةِ وشَرَائطُها -أَيْ وشُرُوطُها- صِيَانةً عَنِ الْخَبْطِ فِي الْبَحْثِ وإلزامًا للخَصْمِ وإفحامِه. انتهى]، فَحَدَثَ الشَّرُّ في الأُمَّةِ مِن ذاك التاريخِ وبَنَى كثيرٌ منهم عقائدَهم على عِلْمُ الجَدَلِ والمَنطِقِ [قال الشيخ ابن عثيمين في (شرح العقيدة السفارينية): فنحن في غِنًى عنِ المَنطِقِ، الصحابة ما درسوا المَنطِقَ ولا عَرَفوا المَنطِقَ، والتابعون كذلك، والمَنطِقُ حَدَثَ أخيرًا لا سِيَّمَا بعدَ افتتاحِ بلاد الفرس والرومان حيث انتشرتْ كُتُبُ الفلاسفةٍ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ عثيمين- عنِ المأمونِ (بسببِ دَعْمِه نَشْرَ كُتُبِ الفلاسفة): فقد جَرَّ الناسَ إلى سوءٍ ودعاهم إلى ضلالةٍ واللهُ حسيبُه. انتهى]؛ احذر مِن تَعَلُّمِ عِلْمِ الكلامِ والنَّظَرِ فيه، لِئَلَّا تُفْتَنَ فيه (تُعْجَبَ به)، واحْذَرْ مُجالَسةَ علماءِ الكلامِ، جالِسْ أهلَ الحَدِيثِ [جاءَ في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): فهناك فَرْقٌ بين مُصطَلَحِ (أهلِ السُّنَّةِ) و(أهلِ الحَدِيثِ) وإنْ عُبِّرَ بِأحَدِهما عنِ الآخَرِ في أبوابِ الاعتِقادِ لِما بينهما مِنَ التَّقارُبِ في الغالِبِ، وإلَّا فَقَدْ يَكونُ المَرءُ مِن أهلِ السُّنَّةِ وليس مِن أهلِ الحَدِيثِ مِنَ الناحِيَةِ الصِّناعِيَّةِ (أَيْ ليس بِمُحَدِّثٍ)، وَقَدْ يَكونُ مِن أهلِ الحَدِيثِ صِناعةً وليس هو مِن أهلِ السُّنَّةِ فَقَدْ يَكونُ مُبتَدِعًا. انتهى] وأهل العلم، ولا تُجالِسْ علماءَ الكلامِ لِئَلَّا يُؤَثِّروا عليك ويُزَّهِدوك في عِلْمِ الكتابِ والسُّنَّةِ، فمُجالَسةُ الأشرارِ تُؤَثِّرُ على الجَلِيسِ، وعلماءُ الكلام مِن جُلَساءِ السُّوْءِ فلا تَجْلِسْ معهم، يُفسِدون عقيدتَك، يُجَهِّلونك بكتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، ومِن هنا لا تَتَعَلَّمْ على عُلَماءِ الكَلامِ. انتهى باختصار.
(15)وقالَ الشيخُ محمد سرور زين العابدين (مُؤَسِّسُ تَيَّارِ الصَّحْوَةِ "أَكْبَرِ التَّيَّاراتِ الدِّينِيَّةِ في السُّعُودِيَّةِ"، والذي مِن رُمُوزِه الشُّيُوخُ سفر الحوالي وناصر العُمَر وسلمان العودة وعائض القرني وعوض القرني ومحمد العريفي وسعد البريك وعبدالوهاب الطريري ومحسن العواجي)، حيث قالَ في كتابِه (دراسات في السيرة النبوية): والمعلومات عند العلماء ثلاثة أقسام؛ (أ)قِسْمٌ لا يَعْلَمُه الإنسانُ الْبَتَّةَ كالمُغَيَّباتِ عنه؛ (ب)وقِسْمٌ آخرُ ضروريٌّ لا يُشَكَّكُ فيه [قالَ الشَّاطِبِيُّ في (الاعتصام) عنِ القِسْمِ الضَّرُورِيِّ: لَا يُمْكِنُ التَّشْكِيكُ فِيهِ. انتهى]، كعِلْمِ الإنسانِ بوُجودِه، وعِلْمِه بأنَّ الاثْنَيْنِ أكثرُ مِنَ الواحدِ وأنَّ الضِّدَّين لا يَجتَمِعان [قال أبو الوليد الباجي (ت474هـ) في (الحدود في الأصول): عِلْمُنا بأنَّ الاثْنَيْنِ أكثرُ مِنَ الواحدِ وأنَّ الضِّدَّين لا يَجتَمِعان، فإنَّ ذلك يَعْلَمُه العاقلُ مِن غيرِ حُدُوثِ شَيْءٍ ولا وُقُوعِه ولا إدراكِ حاسَّةٍ ولا سَمَاعِ خَبَرٍ. انتهى]؛ (ت)والقسمُ الثالثُ نَظَرِيٌّ يُمْكِنُ العِلْمُ به ويُمْكِنُ أنْ لا يُعْلَمُ به، وهي النَّظَرِيَّاتُ، وتُعْلَمُ بِواسِطَةٍ لا بِأَنْفُسِها، وهذا القسمُ -أَيِ الثالثُ- هو المَجَالُ الوَحِيدُ الذي مِنَ المُمْكِنِ أنْ يَخُوضَ فيه العقلُ [قالَ الشيخُ مراد بن أحمد القدسي (رئيس اللجنة السياسية في رابطة علماء المسلمين) في مقالة له بعنوان (مِن أُصول أهل السنة والجماعة) على هذا الرابط: وهذا [يَعْنِي القِسْمَ النَّظَرِيَّ] مِمَّا يَخْتَلِفُ فيه العُقلاءُ ولا يَكَادُ يَتَّفِقُون]. انتهى.
(16)وقالَ أبو الوليد الباجي (ت474هـ) في (الحدود في الأصول): (أ)العلمُ الضروريُّ ما لَزِمَ نَفْسَ المخلوقِ لُزومًا لا يُمْكِنُه الانفكاكُ منه ولا الخُروجُ عنه، وَصْفُ هذا العلم بأنه ضروريٌّ معناه أنه يُوجَدُ بالعالِمِ دُونَ اختيارِه ولا قَصْدِه، كما يوجد به العَمَى والخَرَسُ والصِّحَّةُ والمرضُ وسائرُ المعاني الموجودةِ به، و[التي] ليست بموقوفةٍ على اختيارِه وقَصْدِه، والعلم الضروري يَقَعُ مِنَ الحَوَاسِّ الخمس، وهي حاسَّةُ البصر وحاسة السمع وحاسة الشم وحاسة الذَّوْقِ وحاسة اللمس، والبصر يختصُّ بمعنًى تُدْرَكُ به الأجسامُ والألوانُ، وحاسة السمع تختصُّ بإدراك الأصوات، وحاسة الشَّمِّ تختصُّ بإدراك الروائح، وحاسة الذوق تختصُّ بإدراك الطُّعُومِ، وحاسة اللمس تختصُّ بإدراك الحرارة والرطوبة واليُبُوسةِ، وقد يَقَعُ العلمُ الضروريُّ بالخَبَرِ المتواترِ، و[قد] يَقَعُ العلمُ الضروريُّ ابتداءً مِن غيرِ إدراك حاسَّةٍ مِنَ الحَوَاسِّ [ومِن غير الخَبَرِ المتواترِ] كعِلْمِ الإنسان بصِحَّتِه وسَقَمِه وفَرَحِه وحُزْنِه وغير ذلك مِن أحواله، وعِلْمِه بأنَّ الاثْنَيْنِ أكثرُ مِنَ الواحدِ، وأنَّ الضِّدَّين لا يَجتَمِعان وغير ذلك من المعاني؛ (ب)والعِلْمُ النَّظَرِيُّ ما احتاج إلى تَقَدُّمِ النَّظَرِ والاستدلالِ. انتهى باختصار.
(17)وقالَ الشيخُ أحمدُ بنُ عبدالرحمن القاضي (أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة القصيم) في (شرح الأصول الثلاثة): وَهُمْ يُقَسِّمون (العِلْمَ) إلى قِسْمَين، القسمُ الأولُ عِلْمٌ ضروريٌّ، القسمُ الثاني عِلْمٌ نَظَرِيٌّ؛ (أ)فالعِلْمُ الضروريُّ هو الذي يكونُ إدراكُ العِلْمِ فيه بمُقتَضَى الضرورةِ، إمَّا ضرورةٌ عقليَّةٌ أو حِسِّيَّةٌ، فمِنَ الضرورةِ الحِسِّيَّةِ أنْ تَعْلَمَ أنَّ السماءَ فوقَنا والأرضَ تحتَنا، هذا عِلْمٌ ضروريٌّ أَدْرَكْناه بالحَوَاسِّ، و[مِنَ الضرورةِ] العقليةِ أنْ تَعْلَمَ أنَّ (1+1=2)، فهذه ضرورة عقليةٌ لأنها تُدْرَكُ بالتفكير والحساب، فهذا يُسَمَّى عند العلماء بالضرورة العقلية، ومِنَ العِلْمِ الضروريِّ ما ثَبَتَ بالتواترِ، كالقرآنِ العظيمِ، لأنَّ كتابَ الله عز وجل محفوظٌ منقولٌ إلينا نَقْلًا متواترًا لا خِلَافَ فيه، ولا يُخْرَمُ منه حَرْفٌ واحِدٌ، ومنه [أَيْ ومِنَ العِلْمِ الضروريِّ] الأحاديثُ الْمُتَوَاتِرَةُ التي رَوَاهَا جَمْعٌ كثيرٌ -يَستَحِيلُ تَواطُؤُهم على الكَذِبِ عادةً- عن مِثْلِهم [أي جَمْعٍ مِثْلِهم] وأَسْنَدُوه إلى شيءٍ مَحسُوسٍ [يَعْنِي المُشاهَدةَ أو السَّمَاعَ]، فالأحاديثُ الْمُتَوَاتِرَةُ تُفِيدُ العِلْمَ الضروريَّ القَطْعِيَّ؛ (ب)وأمَّا العِلْمُ النَّظَرِيُّ فالمُرَادُ به ما يَحتَاجُ إلى نَظَرٍ واستدلالٍ، وَلِهَذَا، العلومُ النَّظَرِيَّة يَحْصُلُ فيها خِلَافٌ بين أهلِ العلمِ، فتَجِدُ مثلًا أنَّ العلماءَ يَختلِفون في بعضِ المسائلِ، مَثَلًا في نواقضِ الْوُضُوءِ (هلْ [أكْلُ] لَحْمِ الْجَزُورِ [الجَزُورُ مُفْرَدُ الإبِلِ] يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؟، هَلْ مَسُّ الذَّكَرِ [بِدُونِ حائِلٍ] يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؟)، فيَجْرِي فيها بَحْثٌ، فيكونُ العِلْمُ بأَحَدِ الأَمْرَين عِلْمًا نَظَرِيًّا لا عِلْمًا ضَرورِيًّا. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ محمد صالح المنجد في مُحاضَرةٍ بِعُنْوانِ (العقل والنقل) مُفَرَّغَةٍ على موقِعِه في هذا الرابط: فإنْ قالَ قائلٌ {ما هو الفَرْقُ بين العلومِ الضَّروريَّةِ والعلومِ النَّظريَّةِ؟}؛ العلومُ الضَّروريَّةُ [هي] التي لا تحتاجُ إلى أَدْنَى تفكيرٍ أو تَأَمُّلٍ، تُعرَفُ بَدَاهةً، مِثْلَ أنَّ السَّماءَ فوقَ الأرضِ، وأن الواحدَ نِصْفُ الاثْنَيْنِ، فهذه مَعرِفَتُها تَهْجُمُ على العَقْلِ هُجومًا، ولا تحتاجُ إلى أَدْنَى نَظَرٍ أو تَأَمُّلٍ، [ومِن] هذه العلومِ الضروريَّةِ العِلْمُ بالواجِباتِ عقلًا والمُمْتَنِعاتِ عقلًا، فمثلًا، يَمْتَنِعُ عقلًا أنْ يُوجَدَ شَخصٌ لا حَيٌّ ولا مَيَّتٌ، يَمْتَنِعُ أنْ يكونَ هناك شيءٌ لا موجودٌ ولا معدومٌ، هذا مُمْتَنِعٌ، وأمَّا الواجبُ عقلًا، فمثلًا، القُدرةُ على الخَلْقِ هذا هو شيءٌ يَجِبُ عقلًا أنْ يُوجَدَ؛ وأمَّا بالنِّسْبةِ للعلومِ النظريَّةِ، فالنَّاسُ يَتَفاوَتون فيها ويَتَفاضَلون، فهذه تَحْتاجُ إلى تفكيرٍ وتَأَمُّلٍ، مثلَ الاستنباطِ والقِيَاسِ وهذه الأشياءِ التي تكونُ في الحياةِ الدُّنْيا مِمَّا يَحتاجُ إلى نَظَرٍ أو ضَبْطٍ. انتهى باختصار.
(18)وقالَ الشيخُ ابنُ عثيمين في فتوى صَوتِيَّةٍ بعنوان (بيان الأدلة السمعية والعقلية والفطرية على إثبات العلو) على هذا الرابط: أنواعُ الأدِلَّةِ ثَلَاثَةٌ، السمعيَّةُ والعقليةُ والفطريَّةُ؛ (أ)إذا قالَ العلماءُ "السمعيةُ" فَيَعْنُون بذلك أدِلَّةَ الكتابِ والسُّنَّةِ، لأنها تُستفادُ مِنَ السَّمْعِ، تَسْمَعُ آيَاتِ الله، تَسْمَعُ أقوالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَسْتَدِلَّ بها؛ (ب)العقليةُ ما كان مِن دَلَالَةِ العقلِ [قلتُ: الأدلةُ العقليةُ تنقسم إلى أدلةٍ عَقْلِيَّةٍ مَحْضَةٍ (وهي التي لا تَتَوَقُّفُ على النَّقْلِ أبدًا)، وأدلةٍ عَقْلِيَّةٍ شرعيَّةٍ (وهي التي تَستَنِدُ إلى نَقْلٍ) كالقياسِ والاستحسانِ والمصالحِ المُرسَلةِ]؛ (ت)الفطرية ما فَطَرَ اللهُ عليه الخَلْقَ بدونِ دراسةٍ وتَعَلُّمٍ. انتهى باختصار.
(19)وقالَ الشيخُ أحمدُ بنُ عبدالرحمن القاضي (أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة القصيم) في (شرح الأصول الثلاثة): والأدلةُ مُتَنَوِّعةٌ، منها أدلةٌ سَمْعِيَّةٌ، وأدلةٌ عقليةٌ، وأدلةٌ فِطْرِيَّةٌ، فأنواعُ الدَّلَالَاتِ مُتَعَدِّدةٌ؛ (أ)فأمَّا الأدلةُ السمعيةُ، فهي ما جاء عنِ اللهِ تعالى أو عن أنبيائه، فإذا ثَبَتَ الشيءُ في كتابِ الله أو في الصحيحِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو دليلٌ سمعِيٌّ يَجِبُ الصَيْرُورةُ إليه وتَقدِيمُه على كُلِّ شيءٍ؛ (ب)الأدلةً العقليةُ، وذلك أن اللهَ سبحانه وتعالى فَضَّلْنا على سائرِ المخلوقاتِ بهذه العُقولِ، وجَعَلَ العقلَ مِن وسائل الوصول للعلمِ، ولهذا نَجِدُ قولَه تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ}، {أَفَلَا يَعْقِلُونَ}، {لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [قلتُ: عند تقسيم الأدلةِ إلى (سمعيَّة) و(عقليَّة)، فإنَّ الأدلةَ العقليةَ السمعيةَ -التي مِن مِثْلِ قولِه تعالَى {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا، أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}- تُدْرَجُ ضِمْنَ الأدلةِ السمعيةِ، وذلك لأنَّ ليسَ للعقلِ شيءٌ في إثباتِهَا]؛ (ت)وهناك أدلةٌ فطريةٌ، وهو ما جَبَلَ اللهُ تعالى عليه النَّفْسَ الإنسانيَّةَ مِنَ الحقِّ، ولأَجْلِ ذا حَمَلَ بعضُ العلماءِ قولَ اللهِ عز وجل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا، أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} على مِيثاقِ الفِطْرةِ، فقد أَوْدَعَ اللهُ تعالى في القلبِ وفي النَّفْسِ، الفِطْرةَ السليمةَ {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. انتهى باختصار.
(20)وقالَ ابنُ القيم رحمه الله في (الصواعق المرسلة): لَوْ قُدِّرَ تَعَارُضُ الشَّرْعِ والْعَقْلِ لَوَجَبَ تَقْدِيمُ الشَّرْعِ، لِأنَّ الْعَقْلَ قَدْ صَدَّقَ الشَّرْعَ، وَمِنْ ضَرُورَةِ تَصْدِيقِهِ لَهُ قَبُولُ خَبَرِهِ... ثم قالَ -أَيِ ابنُ القيم-: إنَّ تَقْدِيمَ الْعَقْلِ عَلَى الشَّرْعِ يَتَضَمَّنُ الْقَدْحَ فِي الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ، لِأنَّ الْعَقْلَ قَدْ شَهِدَ لِلْوَحْيِ بِأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ لَهُ إِلَيْهِ، وَأَنَّ نِسْبَةَ عُلُومِهِ وَمَعَارِفِهِ إِلَى الْوَحْيِ أَقَلُّ مِنْ (خَرْدَلَةٍ) بِالإِضَافَةِ إِلَى (جَبَلٍ)، فَلَوْ قُدِّمَ حُكْمُ الْعَقْلِ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي شَهَادَتِهِ، فَتَقْدِيمُ الْعَقْلِ عَلَى الْوَحْيِ يَتَضَمَّنُ الْقَدْحَ فِيهِ وَفِي الشَّرْعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ. انتهى باختصار.
(21)وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في (درء تعارض العقل والنقل): ما عُلِمَ بصريحِ العقلِ لا يُتَصَوَّرُ أنْ يُعارِضَه الشَّرْعُ الْبَتَّةَ، بَلِ المنقولُ الصحيحُ لا يُعارِضُه معقولٌ صريحٌ قط [قالَ الشيخُ ابنُ عثيمين في شرحِ الكافِيَةِ الشَّافِيَةِ (القصيدةِ النُّونِيَّةِ): النقلُ الصحيحُ [هو] الكتابُ وصحيحُ السُّنَّةِ، لأن السُّنَّةَ فيها صحيحٌ وضعيفٌ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ عثيمين-: العقلُ الصريحُ هو العقلُ السالمُ مِنَ الشُّبُهاتِ والشَّهَواتِ، الشُّبُهاتُ [هي] الجهلُ، والشَّهَواتُ [هي] الإراداتُ السَّيِّئةُ، فإذا وَفَّقَ [يَعْنِي رَزَقَ] اللهُ سبحانه وتعالى الإنسانَ عِلْمًا، وحُسْنَ قَصْدٍ وإرادةٍ، صار ذا عقلٍ صريحٍ؛ ضِدُّ ذلك العقلُ المَبْنِيُّ على الجهلِ أو على سُوءِ الإرادةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ عثيمين-: فِطْرَةُ الرحمنِ تُؤَيِّدُ كلا الأَمْرَين في الواقعِ، تُؤَيِّدُ النقلَ الصحيحَ لأنها تَقْبَلُ ما جاء به الشرعُ، و[تُؤَيِّدُ]ٍ العقلَ الصريحَ لأنها تَقْبَلُ ما دَلَّ عليه العقلُ. انتهى باختصار]، وقد تَأَمَّلْتُ ذلك في عامَّةِ ما تَنَازَعَ الناسُ فيه فوَجَدْتُ ما خَالَفَ النُّصوصَ الصحيحةَ الصريحةَ شُبُهاتٌ فاسدةٌ يُعْلَمُ بالعقلِ بُطلَانُها، بَلْ يُعْلَمُ بالعقلِ ثُبوتُ نَقِيضِها المُوَافِقِ للشَّرْعِ، وهذا تَأَمَّلْتُه في مسائلِ الأُصولِ الكِبَارِ، كمسائلِ التوحيدِ والصفاتِ، ومسائلِ القَدَرِ والنُّبُوَّاتِ والمَعادِ، وغيرِ ذلك، ووَجَدْتُ ما يُعْلَمُ بصريحِ العقلِ لم يُخالِفْه سَمْعٌ قط، بَلِ السَّمْعُ الذي يُقال إنه يُخالِفُه إمَّا حَدِيثٌ موضوعٌ، أو دلالةٌ ضعيفةٌ، فلا يَصْلُحُ أنْ يكونَ دليلًا لو تَجَرَّدَ عن مُعارَضةِ العقلِ الصريحِ، فكيف إذا خالَفَه صريحُ المعقولِ؟!. انتهى.
(22)وقال شريف طه (الباحث بمركز سلف للبحوث والدراسات، الذي يشرف عليه الشيخ محمد بن إبراهيم السعيدي "رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بمكة") في مقالة له بعنوان (عِلْم الكلامِ بين السَّلفِ والخَلَفِ) على هذا الرابط: بَيْنَ هذه العلوم العقلية الثلاثة [يَعْنِي علومَ الكلامِ والمنطقِ والفلسفةِ] تَقَارُبٌ وتَداخُلٌ؛ المَنْطِقُ صِناعةٌ عقليةٌ تُستَخدَمُ في ترتيبِ طَرائقِ [أَيْ طُرُقِ] التفكيرِ وتصحيحِ مَناهِجِ الاستدلالِ، أو كما عَرَّفَه أصحابُه {آلةٌ قانونيةٌ تَعْصِمُ مُراعاتُها الذِّهنَ عنِ الخَطَأِ في التفكيرِ}، فهو آلةٌ لِضَبْطِ غيرِه مِنَ العلومِ، وليس عِلْمًا يُرادُ لِذَاتِه، ويُعْتَبَرُ أَرِسْطُو (384 ق م-322 ق م) واضعَ عِلْمِ المنطقِ، وأَوَّلَ مَن جَرَّدَ الكلامَ في مباحثِه؛ ولذا يُسَمَّى بالْمُعَلِّمِ الأَوَّلِ... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: وما زال هذا المنطقُ اليونانيُّ الأَرِسْطيُّ [أَيْ عِلْمُ المنطقِ] مذمومًا عند علماءِ المسلمِين، لا يستخدمُه الفقهاءُ، ولا الأُصولِيُّون، ولا حتى المُتَكَلِّمون المُتَقَدِّمون مِنَ المعتزلةِ والأشاعرةِ، حتى جاء أبو حامد الغزالي رحمه الله (ت505هـ) فخَلَطَ عِلْمَ المنطقِ بعُلوم المسلمِين في الأُصولِ والعقائدِ [قالَ سعود السرحان في كتابه (الحكمة المصلوبة): فالغزالي هو مِن أَوَّلِ مَن أَدْخَلَ المَنْطِقَ إلى عِلْمِ الكلامِ، وإلى أُصولِ الفقهِ. انتهى]، ويَكَادُ يَتَّفِقُ الباحثون على أنَّ الغزالي هو أَوَّلُ مَن رَوَّجَ وأَصَّلَ لذلك، ومِن بعدِه فَشَا أَمْرُه، خاصَّةً في مُصَنَّفاتِ أُصولِ الفِقْهِ، وكُتُبِ الكلامِ والعقيدةِ الأشعريةِ، خلافًا لِمَا كان عليه المُتَكَلِّمون الأوائلُ، ولكنَّ هذا لا يَعْنِي أنَّ كُلَّ الفُقَهاءِ بعدَ الغزالي قَبِلُوا بدعوتِه، بل منهم مَن وَقَفَ منها موقفًا رافضًا عنيفًا، كابنِ الصلاحِ رحمه الله والذي أصدرَ فتواه الشهيرةَ في تحريم عِلْمِ المَنطِقِ وَدَعَا وُلَاةَ الأُمورِ لِمَنْعِ تدريسِه في المدارسِ العِلْمِيَّةِ، وإخراجِ مَن يُدَرِّسُه؛ ولكنَّ موقفَ الفقهاءِ الرافضِين والمُحَرِّمِين لم يَتَطَرَّقْ لدراسةٍ نقديَّةٍ موضوعيَّةٍ للمنطقِ، باستثناءِ الدراسةِ النقديَّةِ التي قام بها شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ رحمه الله في كتابِه (الرَّدُّ على المَنْطِقِيِّين)، والذي وَصَفَه الدكتورُ علي النشار -أستاذ الفلسفة الإسلامية، وهو لاذِعُ النقدِ لابنِ تيميةَ- بقولِه [في كتابه (مناهج البحث عند مفكري الإسلام)] {أعظمُ كتابٍ في التراثِ الإسلاميِّ عنِ المنهجِ، تَتَبَّعَ فيه مؤلِفُه تاريخَ المنطقِ الأَرِسْطُوطَالِيسِيِّ [يعني مَنْطِقَ أَرِسْطُو] والهجومَ عليه، ثم وَضَعَ هو آراءَه في هذا المنطقِ في أصالةٍ نادرةٍ وعَبْقَرِيَّةٍ فَذَّةٍ}، والعَبْقَرِيَّةُ هنا تَتَمَثَّلُ في نقدِ المنطقِ، ليس باعتبارِ كَوْنِه عِلْمًا مُحْدَثًا مُقْحَمًا في الشريعةِ فقط، بل مِن مُنْطَلَقِ كَوْنِه غيرَ صحيحٍ في ذاتِه، مُعارِضًا للمنقولِ والمعقولِ معًا... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: والعلاقةُ بين المنطقِ والفلسفةِ [قال الطباطبائي في (أصول الفلسفة): الفلسفةُ هي البحثُ عن نظامِ الوُجودِ، والقَوانِينِ العامَّةِ السارِيَةِ فيه، وجَعْلُ الوجودِ بشَرَاشِرِه [أَيْ بجميعِ أجزائِه] هَدَفًا للبحثِ والنَّظَرِ]ِ هي علاقةُ الوسيلةِ والآلةِ بالغايَةِ، فالمنطق هو الآلةُ التي يَتَوَصَّلُ الفيلسوفُ مِن خلالِها لإدراكاتِه في الأبوابِ المختلِفةِ، وهذا يعني إفساحَ المَجالِ للعقلِ لِيَحْكُمَ ويَسْتَدِلَّ على قَضايَا الإِلَهِيَّاتِ والنبوَّاتِ والمَعادِ والشرائعِ دُونَ حُكْمٍ دِينِيٍّ مُسْبَقٍ، ولا حَرَجَ عليه في أَيِّ نَتِيجةٍ يَتَوَصَّلُ إليها مِن خلالِ بَحْثِه، ولهذا أَطْبَقَ العلماءُ مِنَ المُتَقَدِّمِين والمُتَأَخِّرِين على ذمِّ هذه الفلسفةِ وتحريمِ تَعَلُّمِها، وأقوالُ أئمَّةِ المذاهبِ مُتَّفِقةٌ على تحريمِ الاشتغالِ بعِلْمِ الفلسفةِ... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: يَشتَرِكُ علمُ الكَلَامِ [قالَ اِبنُ خَلْدُونَ في (مُقَدِّمَتِهِ)]: هو [أَيْ عِلْمُ الكَلَامِ] عِلْمٌ يتضمَّنُ الحِجَاجَ [أَيِ المُحَاجَجَةَ] عن العقائدِ الإيمانِيَّةِ بالأدِلَّةِ العَقْلِيَّةِ [قلتُ: الأدلةُ العقليةُ تَنقَسِمُ إلى أدلةٍ عَقْلِيَّةٍ مَحْضَةٍ (وهي التي لا تَتَوَقُّفُ على النَّقْلِ أبدًا)، وأدلةٍ عَقْلِيَّةٍ شرعيَّةٍ (وهي التي تَستَنِدُ إلى نَقْلٍ) كالقياسِ والاستحسانِ والمصالحِ المُرسَلةِ]. انتهى. وقال الشيخُ ابنُ عثيمين في (فَتاوَى "نُورٌ على الدَّربِ"): أهلُ الكلام هُمُ الذِين اعتمدوا في إثبات العقيدة على العَقْلِ، وقالوا {إنَّ ما اقتضى العقلُ إثباتَه من صفات الله عز وجل والعقيدة، فهو ثابت، وما لم يَقْتَضِ العَقْلُ إثباتَه فإنه لا يَثْبُتُ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ عثيمين-: المتكلِّمون هُمُ الذِين أثبتوا عقائدَهم فيما يَتَعَلَّقُ بالله تعالى وفي أُمورِ الغَيْبِ بالعقولِ لا بالمنقولِ. انتهى. وقالَ الشيخُ ابنُ عثيمين أيضًا في (فتح رب البرية بتلخيص الحموية): عِلمُ الكلامِ هو ما أَحْدَثَه المُتكلِّمون في أُصولِ الدِّينِ مِن إثباتِ العقائدِ بالطُّرُقِ التي ابتَكَروها، وأَعْرَضوا بها عَمَّا جاءَ الكتابُ والسُّنَّةُ به. انتهى] والفلسفةُ في كَوْنِهما يَعتَمِدان على المُقَدِّماتِ العَقلِيَّةِ في إقامةِ البُرهانِ، ولكنْ بينهما فُروقٌ يُمْكِنُنا استخلاصُ بعضِها، وهي؛ (أ)مِن جِهَةِ الموضوعِ، فموضوعُ الفلسفةِ أَعَمُّ مِن موضوعِ عِلْمِ الكلامِ، فعِلْمُ الكلامِ يهتمُّ بجانب تقرير العقائد الدينيَّةِ فقط؛ (ب)مَنْهَجِيَّةُ البحثِ، يَعْمَدُ المتكلمُ إلى نُصْرةِ العقائد الدينية الثابتة عنده كوُجود اللهِ ووحدانيتِه، والنبوة ونحوها، بالأدلة العقلية، بينما لا يَعتقِدُ الفيلسوفُ شيئًا مُسْبَقًا؛ (ت)مِن جِهَةِ النَّشْأَةِ، سَبَقَتِ الفلسفةُ عِلْمَ الكلامِ في الظُّهورِ، فهي [أَيِ الفلسفةُ] ليستْ خاصَّةً بأُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ، بَلْ شارَكَ في بنائها كثيرٌ مِنَ الأُمَمِ، بخلافِ عِلْمِ الكلامِ فإنه نَشَأَ في البِيئةِ الإسلامِيَّةِ... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: ومَن تأمَّلَ أحوالَ أَساطِينِ المتكلِّمِين وحَيْرَتَهم ونَدَمَ بعضِهم على اشتغالِه به [أَيْ بعِلْمِ الكَلَامِ] ورُجوعَه للكتابِ والسُّنَّةِ عَلِمَ بَرَكةَ المنهجِ السلفيِّ، وصِدْقَ نصيحةِ السلفِ لهذه الأُمَّةِ، وأنَّ الخيرَ كُلَّ الخيرِ في لُزُومِ مَنْهَجِهم... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: والانحِرافاتُ المُلازِمةُ لِأغْلَبِ مَن خاضَ في هذا البَحْرِ الخِضَمِّ، تؤكِّدُ صِحَّةَ وسلامةَ منهجِ السلفِ الذِين رَدُّوا على أهلِ البِدَعِ وَلَمْ يَلْجَئُوا للمنطقِ ولا دَخَلُوا في عِلْمِ الكلامِ، وإنما حاجُّوهُمْ بدلائلِ الكتابِ والسُّنَّةِ، والأدلَّةِ العقليَّةِ الصحيحةِ المأخوذةِ منهما [قالَ الشيخُ سعودُ بن عبدالعزيز العريفي (أستاذ العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى) في مقالة له بعنوان (الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد) على هذا الرابط: وقد أنكَرَ اللهُ -سبحانه- على مَن طَلَبَ الآيات على صِدق نبيِّه عَدَمَ اكتفائهم بالقُرآنِ، فقالَ {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ، قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا، يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، فَدَلَّ ذلك على أنَّ مَن أرادَ الإيمانَ، ولم يَرُدَّه عنه سوى طَلَبِ الدليلِ والبُرهانِ، لا التَّعَصُّب أو الهَوَى، أنَّ القرآنَ كافٍ في ذلك غايَةَ الكِفَايَةِ، وأنَّه لا رَجاءَ لِأحَدٍ بَعْدَه [أَيْ بَعْدَ القرآنِ] في الإيمانِ، قال تعالى {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [قالَ ابنُ القيم في (الصواعق المرسلة): العِلْمُ بمُرادِ الله مِن كلامِه، أَوْضَحُ وأَظْهَرُ مِنَ العِلْمِ بمُرادِ كلِّ متكلِّمٍ مِن كلامِه، لِكَمالِ عِلْمِ المتكلِّمِ وكَمالِ بَيَانِه، وكَمالِ هُداه وإرشادِه. انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العريفي-: إنَّ نُصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ غَنِيَّةٌ بالأدلَّة العقليَّة اليقينيَّة على أُصولِ الاعتقادِ ومسائلِه [ومِن هذه الأدلَّةِ قولُه تعالى {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، وقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ، أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}، وقوله تعالى {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ، إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}، وقوله تعالى {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}، وقوله تعالى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، بَل لَّا يُوقِنُونَ}، وقوله تعالى {أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ، أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}، وقوله تعالى {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ، قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}، وقوله تعالى {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا، أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}، وقوله تعالى {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ، إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، وقوله تعالى {قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا}، وقوله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}، وقوله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ، ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، وقوله تعالى {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ، فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ، فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، وقوله تعالى {قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ، قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ، قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ، قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ، قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}]، خِلَافًا لِمَن زَعَمَ أنَّها مُجَرَّدُ أَدِلَّةٍ سَمْعِيَّةٍ تَحْتاجُ إلى بَراهِينَ خارِجِيَّةٍ. انتهى]... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: نُنَبِّهُ إلى أنَّ بعضَ العُلَماءِ المُتَأَخِّرِين صارَ يستخدمُ مصطلحَ (عِلْمِ الكلامِ) مُرادِفًا لعِلْمِ التوحيدِ والعقيدةِ... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: العقيدةُ وأصولُ الإيمانِ، تَسْمِيَتُها بعِلْمِ الكلامِ غيرُ مُناسِبٍ، فإنَّ عِلْمَ الكلامِ صارَ عَلَمًا على مُنْكَرٍ وباطِلٍ... ثم قالَ -أَيْ شريف طه-: تَبَيَّنَ مِمَّا سَبَقَ موقفُ السَّلَفِ القطعِيُّ مِن عِلْمِ الكلام، وعَدَمِ جوازِ الاشتغالِ به، وذَمِّ أصحابِه، وأنَّ ذلك ليس إلغاءً للعقلِ كما يُرَوِّجُ بعضُ المُغالِطِين، بل هو رَفْضٌ لإعمالِه في غيرِ مَجَالِه، فالعقائدُ الدينيَّةُ أدِلَّتُها مُتَوافِرةٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ، وهذه العُلومُ الكلامِيَّةُ لا تَنْفَعُ الأُمَّةَ في دِينِها ولا دُنْيَاها، بل تُهْدِرُ جُهودَها في حَلَقاتٍ مِنَ الجَدَلِ المَشْئُومِ. انتهى باختصار.
(23)وقالَ الشيخُ محمد أمان الجامي (أستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) في (مجموع رسائل الجامي في العقيدة والسنة): وقَبْلَ أنْ نَدْخُلَ في صُلْبِ المبحثِ [أَيْ مبحثِ الأسماء والصفات] نؤكِّدُ أنَّ مبحثَ هذا البابِ تَوقِيفِيٌّ مَحْضٌ بمعنَى أنه لا يَخضَعُ للاجتهاد ولا للقياسِ أو الاستحسانِ العقليِّ، أو النَّفْيِ والإثباتِ بالذَّوْقِ [قالَ الشيخُ ناصر العقل (رئيس قسم العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (شرح مجمل أصول أهل السنة): ما يَتَذَوَّقُه الناسُ أمرٌ يَرجِعُ إلى مَداركِهم هُمْ، والدِّينُ لا يُقَرَّرُ بمَدَاركِ البَشَرِ. انتهى] والوِجْدانِ، بَلِ السَّبِيلُ إليه الأدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ الخَبَرَيَّةُ، وبعبارة أخرى (لا يُتَجاوَزُ الكتابَ والسُّنَّةَ في هذا البابِ)، وأدِلَّةُ الكتابِ والسُّنَّةِ يُقال لها (سَمْعِيَّةٌ) ويُقالُ لها (خَبَرَيَّةٌ)، ويُقالُ لها (نَقْلِيَّةٌ)، أَيِ الأدِلَّةُ المسموعةُ عنِ اللّهِ أو عن رسولِه صلى الله عليه وسلم، والتي أَخْبَرَ اللّهُ بها عن نَفْسِه أو أَذِنَ لرسولِه فأَخْبَرَ بها، أو التي نُقِلَتْ إلينا عن كتابِ رَبِّنا أو عن سُنَّةِ نَبِيِّه عليه الصلاةُ والسلامُ، هذه الأدِلَّةُ هي السَّبِيلُ الوحيدُ في مَعرِفةِ الأسماءِ والصفاتِ، والعقلُ السليمُ سوف لا يُخالِفُ النَّقْلَ الصَّحِيحِ. انتهى باختصار.
(24)وقالَ الشيخُ محمد بنُ حسَيْن الجيزاني (أستاذ أصول الفقه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية) في (معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة): قالَ ابنُ تيميةَ [في (مجموع الفتاوى)] {كُلُّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا مُوَافِقًا لِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الجيزاني-: ومِمَّا مَضَى يَتَبَيَّنُ أن الكتابَ والسُّنَّةَ هما أَصْلُ الأدلةِ، وهذا الأصل [الذي هو الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ] قد يُسَمَّى بالنَّقْلِ، أوِ الوَحْيِ، أوِ السَّمْعِ، أوِ الشَّرْعِ، أوِ النَّصِّ، أوِ الخَبَرِ، أو الأَثَرِ، يُقابِلُه العقلُ، أوِ الرَّأْيُ، أوِ النَّظَرُ، أوِ الاجتهادُ، أوِ الاستنباطُ... ثم ذَكَرَ -أَيِ الشيخُ الجيزاني- أنَّ مِن خصائصِ أصلِ الأدلةِ (الكتابِ والسُّنَّةِ) ما يلي: (أ)أنَّ هذا الأصلَ وَحْيٌ مِنَ اللهِ، فالقرآنُ الكريمُ كلامُه سُبْحانَه، والسُّنَّةُ النبويَّةُ بَيَانُه ووَحْيُه إلى رسولِه صلى الله عليه وسلم؛ (ب)أنَّ هذا الأصلَ إنَّما بَلَغَنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لا سَمَاعَ لنا مِنَ اللهِ تَعالَى، ولا مِن جِبْرِيلَ عليه السلامُ، فالكتابُ سُمِعَ منه [صلى الله عليه وسلم] تَبلِيغًا، والسُّنَّةُ تُصْدَرُ عنه تَبيِينًا؛ (ت)أن الله سبحانه وتعالى قد تَكَفَّلَ بحفظِ هذا الأصلِ؛ (ث)أن هذا الأصل هو حُجَّةُ اللهِ التي أَنْزَلَها على خَلْقِه؛ (ج)أن هذا الأصل هو جِهَةُ العِلْمِ عنِ اللهِ وطريقُ الإخبارِ عنه سبحانه؛ (ح)أن هذا الأصل هو طريقُ التحليلِ والتحريمِ ومعرفةِ أحكامِ اللهِ وشرعِه؛ (خ)وُجُوبُ الاِتِّباعِ لهذا الأصلِ، ولُزومُ التَّمَسُّكِ بما فيه، فلا يَجُوزُ تَرْكُ شيءٍ ممَّا دَلَّ عليه هذا الأصلُ، أبدًا، وتَحرُمُ مُخالَفَتُه على كُلِّ حالٍ؛ (د)وُجُوبُ التسليمِ التَّامِّ لهذا الأصلِ وعَدَمُ الاعتراضِ عليه؛ (ذ)أنَّ مُعارَضةَ هذا الأصلِ قادِحٌ في الإيمانِ، قالَ ابنُ القيم [في (الصواعق المرسلة)] {إنَّ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَنُصُوصِ الْوَحْيِ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوَاعِدِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنُّبُوَّةِ حَقًّا، وَلَا عَلَى أُصُولِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُصَدِّقِينَ بِحَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ، ولَيْسَتْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ مِنَ الإِيمَانِ بِالنُّبُوَّةِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا تَتَأَتَّى هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى قَوَاعِدِ الْفَلْسَفَةِ}؛ (ر)أن هذا الأصلَ، به تُفَضُّ المنازَعاتُ، وإليه تُرَدُّ الخِلَافاتُ؛ (ز)أن هذا الأصل يُوجِبُ الرُّجوعَ عن الرَّأْيِ وطَرْحَه إذا كان مُخالِفًا له؛ (س)أن هذا الأصل هو الإمامُ المُقَدَّمُ، فهو الميزانُ لمَعرِفةِ صحيحِ الآراءِ مِن سَقِيمِها؛ (ش)أن هذا الأصل إذا وُجِدَ سَقَطَ معه الاجتهادُ وبَطَلَ به الرَّأْيُ، وأنه لا يُصَارُ إلى الاجتهادِ والرَّأْيِ إلَّا عند عَدَمِه، كما لا يُصَارُ إلى التَّيَمُّمِ إلَّا عند عَدَمِ الماءِ؛ (ص)أن إجماعَ المسلمِين لا يَنعَقِدُ على خِلَافِ هذا الأصلِ أَبَدًا [قالَ الشيخُ ناصر العقل (رئيس قسم العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (شرح مجمل أصول أهل السنة): الإجماعُ لا بُدَّ أنْ يَرتَكِزَ على الكتابِ والسُّنَّةِ، ولذلك -بحَمْدِ اللهِ- لا يُوجَدُ إجماعٌ عند السلفِ لا يَعتَمِدُ على النُّصوصِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقلُ-: أهلُ السُّنَّةِ هُمُ الذِين يَتَوَفَّرُ فيهم الإجماعُ [قالَ الشيخُ حمود التويجري في كِتَابِه (الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر، بِتَقدِيمِ الشَّيخِ اِبنِ باز): وأمَّا الإجماعُ فَهو إجماعُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ. انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقلُ-: لا يَنعَقِدُ الإجماعُ على باطلٍ بحَمْدِ اللهِ. انتهى. وقالَ ابنُ تيميةَ في (مجموع الفتاوى): اِسْتَقْرَأْنَا مَوَارِدَ الإِجْمَاعِ فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا مَنْصُوصَةً. انتهى]؛ (ض)أنَّ هذا الأصلَ لا يُعارِضُ العَقلَ، بَلْ إنَّ صَريحَ العقلِ موافقٌ لصحيحِ النقلِ دائمًا؛ (ط)أن هذا الأصلَ يُقَدَّمُ على العقل إنْ وُجِدَ بينهما تَعارَضٌ في الظاهر؛ (ظ)أن هذا الأصل كُلُّه حَقٌّ لا باطلَ فيه، قالَ ابنُ تيميةَ [في (مجموع الفتاوى)] {وَذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي لَا بَاطِلَ فِيهِ هُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ، وَيُعْرَفُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ}؛ (ع)أن هذا الأصل لا يُمْكِنُ الاستدلالُ به على إقامة باطل أبدًا، مِن وَجْهٍ صحيحٍ؛ (غ)أن في هذا الأصلَ الجوابُ عن كُلِّ شيءٍ، إذ هو مُشْتَمِلٌ على بَيَانِ جميعِ الدِّينِ أُصولِه وفُروعِه؛ (ف)أن في التَّمَسُّكِ بهذا الأصلِ الخيرَ والسعادةَ والفَلَاحَ، وفي مُخالَفَتِه والإعراضِ عنه الشَّقاءَ والضلالَ؛ (ق)أن هذا الأصلَ ضروريٌّ لِصَلَاحِ العِبَادِ في الدنيا والآخرةِ؛ (ك)أن هذا الأصل لا بُدَّ له مِن تعظيمٍ وتوقيرٍ وإجلالٍ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الجيزاني- في مَبْحَثِ ترتيبِ الأدِلَّةِ: والكلامُ على هذا المَبْحَثِ في النقاطِ التالية؛ (أ)الأدلةُ الشرعية تنقسمُ إلى مُتَّفَقٍ عليها [وهي الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ] ومُختَلَفٍ فيها [وهي الاستصحاب وقول الصحابي وشرع من قبلنا والاستحسان والمصالح المرسلة]، وإلى نقليةٍ [وهي الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ] وعقليةٍ [وهي الْقِيَاسُ والاستصحابُ وقول الصحابي وشرع من قبلنا والاستحسان والمصالح المرسلة]؛ (ب)الأدلةُ المُختَلَفُ فيها تَرْجِعُ جميعُها إلى الأدلَّةِ المُتَّفَقُ عليها مِن حيث أَصْلُها والدليلُ على ثُبُوتِها؛ (ت)الأدلةُ الأربعةُ [يعني المُتَّفَقَ عليها] تَرْجِعُ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ، والجميعُ يَرْجِعُ إلى الكتابِ؛ (ث)الأدلةُ الأربعةُ مُتَّفِقةٌ لا تَختَلِفُ، مُتَلازِمةٌ لا تَفْتَرِقُ، إذِ الجميعُ حقٌّ، والحقُّ لا يَتَناقَضُ بل يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا؛ (ج)الأدلةُ الشرعيةُ مِن حيث وجوبُ العَمَلِ بها في مَرْتَبَةٍ واحدةٍ، إذِ الجميعُ يَجِبُ اتِّباعُه والاحتجاجُ به؛ (ح)ترتيبُ الأدلةِ مِن حيث النَّظَرُ فيها، الكتابُ، ثم السُّنَّةُ، ثم الإجماعُ، ثم القياسُ، هذه طريقةُ السَّلَفِ، وقد نُقِلَتْ عن عَدَدٍ مِنَ الصحابةِ رضي اللهُ عنهم، وقد فَصَّلَ الشافعي هذا الترتيبَ، فقالَ [في (الرسالة)] {نعم، يُحْكَمُ بالكتابِ، والسُّنَّةِ المُجتَمَعُ عليها التي لا اختلافَ فيها، فنقولُ لهذا (حَكَمْنا بالحَقِّ في الظاهرِ والباطنِ [قلتُ: هذه العِبَارةُ تُقَالُ هنا إذا كانَ النَّصُّ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا وَجْهًا وَاحِدًا])، ويُحْكَمُ بالسُّنَّةِ [التي] قد رُوِيتْ مِن طريقِ الاِنْفِرادِ، [التي] لا يَجتَمِعُ الناسُ عليها، فنقولُ (حَكَمْنا بالحقِّ في الظاهرِ)، لأنه يُمْكِنُ الغَلَطُ فيمَن رَوَى الحديثَ، ونَحْكُمُ بالإجماعِ، ثم القياسِ وهو أَضْعَفُ ولكنَّها مَنْزِلةُ ضرورةٍ لأنه لا يَحِلُّ القياسُ والخَبَرُ موجودٌ}، ولِكَونِ الناظِرِ مِن أهل العلمِ بالناسخ والمنسوخ، والعامِّ والخاصِّ، والمُطلَقِ والمُقَيَّدِ، ولِكَونِ الكتابِ والسُّنَّةِ مُتَلازِمَين مُتَّفِقَين، فإنَّ النَّظَرَ في الكتابِ أوَّلًا لا يَعْنِي إقْصاءَ السُّنَّةِ أو التفريقَ بينها وبين الكتابِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الجيزاني-: وأَمَّا الشُّروطُ اللازمُ تَوَفُّرُها في المسألة المُجْتَهَدِ فيها فيُمْكِنُ إجمالُها فيما يأتي؛ أوَّلًا، أنْ تكونَ هذه المسألةُ غيرَ منصوصٍ أو مُجْمَعٍ عليها، وقد كان منهجُ الصحابة رضي الله عنهم النَّظَرَ في الكتاب ثم السُّنَّةِ ثم الإجماعِ ثم الاجتهادِ، ومعلومٌ أن الاجتهادَ يكونُ ساقطًا مع وُجودِ النَّصِّ، قالَ ابنُ القيم [في (إعلام الموقعين)] {فَصْلٌ فِي تَحْرِيمِ الإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا يُخَالِفُ النُّصُوصَ، وَسُقُوطِ الاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ عِنْدَ ظُهُورِ النَّصِّ، وَذِكْرِ إجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ}؛ ثانيًا، أن يكون النَّصُّ الوارِدُ في هذه المسألةِ -إنْ وَرَدَ فيها نَصٌّ- مُحْتَمِلًا قابِلًا للتأوِيلِ، كقوله صلى الله عليه وسلم {لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ}، فقد فَهِمَ بعضُ الصحابة مِن هذا النَّصِّ ظاهِرَه مِنَ الأَمْرِ بصلاةِ الْعَصْرِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ولو بَعْدَ وقتِها، وفَهِمَ البعضُ مِنَ النَّصِّ الحَثَّ على المُسارَعةِ في السَّيرِ مع تَأْدِيَةِ الصلاةِ في وقتِها [قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (مجموع الفتاوى): فَالَّذِينَ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ كَانُوا أَصْوَبَ. انتهى. وقالَ الشيخُ ابنُ عثيمين في (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين): ولا ريبَ أن الصواب مع الذين صلوا الصلاةَ في وقتِها، لأنَّ النُّصوصَ في وُجوب الصلاةِ في وَقْتِها مُحْكَمةٌ، وهذا نَصٌ مُشْتَبِهٌ، وطريقُ العِلْمِ أنْ يُحْمَلَ المُتَشابِهُ على المُحْكَمِ. انتهى. وقالَ الشيخُ الألباني في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة): يَحتَجُّ بعضُ الناسِ اليومَ بهذا الحَدِيثِ على الدُّعاةِ مِنَ السَّلَفِيِّين -وغَيرِهم- الذِين يَدْعُون إلى الرُّجوعِ فيما اِخْتَلَفَ فيه المسلمون إلى الكتابِ والسُّنَّةِ، يَحتَجُّ أولئك على هؤلاء بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّ خِلَافَ الصحابةِ في هذه القِصَّةِ، وهي حُجَّةٌ داحِضةٌ واهِيَةٌ، لأنه ليس في الحديثِ إلَّا أنه لم يُعَنِّفْ واحدًا منهم، وهذا يَتَّفِقُ تمامًا مع حديثِ الاجتهادِ المعروفِ، وفيه أنَّ مَنِ اِجتَهَدَ فأخطأَ فَلَهُ أَجْرٌ واحِدٌ، فكيف يُعقَلُ أنْ يُعَنِّفَ مَن قد أُجِرَ؟!، وأَمَّا حَمْلُ الحديثِ على الإقرار للخِلَافِ فهو باطلٌ لِمُخالَفَتِه للنُّصوصِ القاطعةِ الآمِرَةِ بالرُّجوعِ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ عند التَّنازُعِ والاختلافِ، وإنَّ عَجَبِي لا يَكَادُ يَنتَهِي مِن أُناسٍ يَزْعُمُون أنَّهم يَدْعُون إلى الإسلامِ، فإذا دُعوا إلى التَّحاكُمِ إليه قالوا {قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ (اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحمَةٌ)}! وهو حديثٌ ضَعِيفٌ لا أَصْلَ له. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ الألباني أيضًا في (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم): قَالَ الْمُزَنِيُّ صاحبُ الإمامِ الشافعي {وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَّأَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي أَقَاوِيلِ بَعْضٍ وَتَعَقَّبَهَا، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ كُلُّهُ صَوَابًا عِنْدَهُمْ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الألباني-: وقَالَ الإمام الْمُزَنِيُّ أيضًا {يُقالُ لِمَن جَوَّزَ الاختلافَ وزَعَمَ أنَّ العالِمَين إذا اِجْتَهَدا في الحادِثةِ، فقالَ أحدُهما (حَلَالٌ)، والآخرُ (حَرَامٌ)، أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما في اجتهادِه مُصِيبُ الحَقِّ (أَبِأَصْلٍ قلتَ هذا أَمْ بقياسٍ؟)، فإن قال (بِأَصْلٍ)، قِيلَ له (كيف يكونُ أَصْلًا، والكتابُ [أَصْلٌ] يَنْفِي الاختلافَ؟)، وإنْ قالَ (بقياسٍ) قِيلَ (كيف تكون الأُصولُ تَنْفِي الخلافَ، ويَجُوزُ لك أنْ تَقِيسَ عليها جَوازَ الخِلَافِ؟!، هذا ما لا يُجَوِّزُه عاقلٌ فَضْلًا عن عالِمٍ)}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الألباني-: قالَ ابنُ عبدالبر {وَلَو كَانَ الصَّوَابُ في وَجهَينِ مُتَدَافِعَينِ مَا خَطَّأَ السَّلَفُ بَعضُهُم بَعضًا في اجتِهَادِهِم وَقَضَائِهِم وَفَتوَاهُم، وَالنَّظَرُ يَأْبَى أَنْ يَكونَ الشَّيءُ وَضِدُّهُ صَوَابًا كُلُّهُ؛ ولقد أَحْسَنَ مَن قالَ (إثباتُ ضِدَّين معًا في حال *** أَقْبَحُ ما يَأْتِي مِنَ المُحَال)}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الألباني-: فَثَبَتَ أنَّ الخِلَافَ شَرٌّ كُلُّه، وليس رَحْمَةً. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ في (المَخْرَج مِن الفِتنة): ومِنَ المعلومِ قَطْعًا بالنصوصِ وإجماعِ الصحابةِ والتابعِين -وهو الذي ذَكَرَه الأئمَّةُ الأَرْبَعَةُ نَصًّا- أنَّ المُجتَهِدِين المُتَنازِعِين في الأحكامِ الشرعيَّةِ ليسوا كلُّهم سَوَاءً، بَلْ فيهم المُصِيبُ والمُخطِئُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الوادِعِيُّ-: فإذا اختلفَ المُجتَهِدان، فرَأَى أحدُهما إباحةَ دَمِ إنسانٍ، والآخَرُ تحريمَه، ورَأَى أحدُهما تارِكَ الصلاةِ كافرًا مُخَلَّدًا في النارِ، والآخَرُ رآه مُؤْمِنًا مِن أهلِ الجنَّةِ، فلا يَخلُو إمَّا أنْ يكونَ الكلُّ حَقَّا وصَوَابًا عند اللهِ تعالى في نَفْسِ الأمْرِ، أو الجميعُ خَطَأً عنده، أو الصَّوابُ والحقُّ في واحدٍ مِنَ القَولَين والآخَرُ خَطَأً، والأولُ والثاني ظاهِرُ الإحالةِ وَهُمَا بالهَوَسِ أَشْبَهُ منهما بالصَّوابِ، فكيفَ يكونُ إنسانٌ واحدٌ مُؤْمِنًا كافرًا مُخَلَّدًا في الجنَّةِ وفي النارِ، وكونُ المُصِيبِ واحدًا هو الحَقُّ وهو مَنصُوصُ الإمامِ أحمدَ ومالك والشافعي؛ قالَ القاضِي أبو الطيب {وأقوالُ الصَّحابة كُلُّها صريحةٌ أنَّ الحقَّ عند الله في واحدٍ مِنَ الأقوالِ المُختَلِفةِ، وهو دِينُ اللهِ في نَفْسِ الأمرِ الذي لا دَينَ له سِوَاهُ}. انتهى باختصار]، قالَ الشافعي [عنِ الاختلافِ المُحَرَّمِ] {كُلُّ ما أقامَ اللهُ به الحُجَّةَ في كتابِه أو على لسانِ نَبِيِّه منصوصًا بَيِّنًا لم يَحِلَّ الاختلافُ فيه لِمَن عَلِمَه، وما كان مِن ذلك يَحتَمِلُ التأويلَ ويُدرَكُ قِياسًا، فَذَهَبَ المُتَأَوِّلُ أو القَايِسُ إلى مَعْنًى يَحتَمِلُه الخَبَرُ أو القِياسُ -وإنْ خالَفَه فيه غيرُه- لم أَقُلْ (إنَّه يُضَيَّقُ عليه ضِيقَ الخِلَافِ في المنصوصِ)}، وقد استدل الشافعي على أنَّ الاختلافَ مذمومٌ فيما كان نَصُّه بَيِّنًّا، بقوله تعالى {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، وقوله تعالى {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؛ ثالثًا، ألَّا تكون المسألةُ المُجْتَهَدُ فيها مِن مسائلِ العقيدة، فإنَّ الاجتهادَ والقياسَ خاصَّان بمسائلِ الأحكامِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ [فِي كِتَابِ (جَامِع بَيَانِ الْعِلْمِ)] {لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ فِي التَّوْحِيدِ، وَإِثْبَاتِهِ فِي الأَحْكَامِ إِلَّا دَاوُدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفِ الأَصْبَهَانِيُّ [هو دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، شَيخُ أهلِ الظَّاهِرِ، الْمُتَوَفَّى عامَ 270هـ]، ومَن قالَ بقولِه، فإنهم نَفَوُا القياسَ في التوحيدِ والأحكامِ جميعًا}؛ رابعًا، أن تكون المسألةُ المُجْتَهَدُ فيها مِنَ النَّوَازِلِ، أو ممَّا يُمْكِنُ وُقوعُه في الغالبِ والحاجَةُ إليه ماسَّةٌ، أَمَّا استعمالُ الرَّأْيِ قَبْلَ نُزولِ الواقعةِ، والاشتغالُ بحِفْظِ المُعْضِلَاتِ والأُغْلُوطاتِ [في هذا الرابط قال مركز الفتوى بموقع إسلام ويب التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوِزَارةِ الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر: فَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الأُغْلُوطَاتِ} قَالَ الأَوْزَاعِيُّ {هِيَ شِدَادُ الْمَسَائِلِ}]، والاستغراقُ في ذلك، فهو مِمَّا كَرِهَه جمهورُ أهلِ العلمِ، واعتبروا ذلك تعطيلًا للسُّنَنِ، وتَرْكًا لِمَا يَلْزَمُ الوُقًوفُ عليه مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومَعَانِيه، قالَ ابنُ القيم [في (إعلام الموقعين)] {وَلَكِنْ إنَّمَا كَانُوا (أَيِ الصحابةُ رضي الله عنهم) يَسْأَلُونَهُ (أَيِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم) عَمَّا يَنْفَعُهُمْ مِنَ الْوَاقِعَاتِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمُقَدَّرَاتِ وَالأُغْلُوطَاتِ وَعَضْلِ الْمَسَائِلِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَشْتَغِلُونَ بِتَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ وَتَوْلِيدِهَا، بَلْ كَانَتْ هِمَمُهُمْ مَقْصُورَةً عَلَى تَنْفِيذِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَإِذَا وَقَعَ بِهِمْ أَمْرٌ سَأَلُوا عَنْهُ فَأَجَابَهُمْ}، فعُلِمَ بذلك أنَّ المُجْتَهِدَ لا يَنبَغِي له أنْ يَبحَثَ ابْتِدَاءً في مسألةٍ لا تَقَعُ، أو وُقُوعُها نادِرٌ. انتهى باختصار.
(25)وقالَ الشيخُ سليمان بنُ صالح الغصن (عضو هيئة التدريس وأستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) في (عقيدة الإمامِ ابنِ عبدِالبر في التوحيدِ والإيمانِ): يَرَى ابنُ عبدِالبر عَدَمَ جوازِ القياسِ في باب صفات الْبَارِي جلَّ وعَلَا، لِأنَّ الكلامَ في الصفاتِ مُتَوَقِّفٌ على وُرُودِ النَّصِّ؛ فما جاء في النُّصوص فيَثْبُتُ، وما نُفِيَ فيُنْفَى، وما لم يَرِدْ فلا نَتَكَلَّفُ في البحثِ عنه؛ فهذه المسألةُ مَبْناها على وُرُودِ النَّصِّ فَحَسْبُ. انتهى.
(26)وقالَ الشيخُ عبدُالله الجديعُ (رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث) في (تيسير علم أصول الفقه): الأدلةُ نوعان؛ (أ)نقليَّةٌ، وهي الكِتابُ، والسُّنَّة، والإجماعُ، وشَرْعُ مَن قَبْلِنَا، وسمِّيتْ (نقليَّةً) لأنَّها راجعةٌ إلى النَّقلِ ليسَ للعقلِ شيءٌ في إثباتِهَا؛ (ب)عقليَّةٌ، وهي القِياسُ، والمصلحَةُ المُرسلَة، والاستصحابُ، وسُمِّيتْ (عقلِيَّةً) لأنَّ مَرَدَّها إلى النَّظَرِ والرَّأْيِ [قلتُ: عند تقسيم الأدلةِ إلى (نقليَّة) و(عقليَّة)، فإنَّ الأدلة العقلية النقلية -التي مِن مِثْلِ قولِه تعالَى {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا، أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}- تُدْرَجُ ضِمْنَ الأدلةِ النقليةِ، وذلك لأنَّ ليسَ للعقلِ شيءٌ في إثباتِهَا]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الجديعُ-: يَخْرُجُ مِنَ الاجتهادِ أُمورٌ، هِيَ؛ (أ)العقائدُ، فهي كلُّها توقيفيَّةٌ، ولهذا امتنعَ اشتِقاقُ الأسماءِ الحسنى مِن صفاتِ الأفعالِ، فلا يُسَمَّى اللهُ تعالى (راضيًا) ولا (ساخطًا) ولا (غاضبًا) ولا (ماكرًا) ولا (مُهْلِكًا)، ولا غيرَ ذلكَ مِنَ الأسماءِ اشتقاقًا مِن صفاتِ فِعْلِه (الرِّضَا، والسَّخَطِ، والغَضَبِ، والمَكْرِ، والإهْلَاكِ)، كما يَمتَنِعُ القياسُ لصفاتِه بصفاتِ خلقِهِ بأيِّ وَجْهٍ مِنَ الوُجوهِ، كقولِ مَن قالَ {للهِ عَيْنان} على التثنيَّةِ، اِسْتِدلَالًا بأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في المسيحِ الدَّجالِ {إنَّه أَعْوَرُ، وإنَّ ربَّكُم ليسَ بِأَعْوَرَ}، والعَوَرُ في اللُّغة زَوالُ حاسَّةِ البَصَرِ في إحدَى العينَينِ، فحيثُ نفاهُ [صلى الله عليه وسلم] عنِ اللهِ تعالى فقدْ دَلَّ على أنَّه لهُ عينينِ صحِيحتَينِ، فهذا القولُ زيادَةٌ على الأدلَّةِ بتفسيرٍ استُفِيدَ مِنَ العُرفِ في المَخلُوقِ، وإنَّما نَفَى الحديثُ عنِ الله تعالى العَوَرَ، وإثباتُ لازِمِهِ يَجِبُ أنْ يكونَ بالنَّصِّ، والنَّصُّ إنَّما جاء بإثباتِ كَمالِ البَصَرِ للهِ ربِّ العالمِينَ، فَيُوقَفُ عندهُ مِن غيرِ زِيَادَةٍ، وتُثْبَتُ للهِ العَيْنُ كما أَخبَرَ عن نفسِهِ تعالى، ولا يُقالُ {لهُ عينانِ} لِعَدَمِ وُرُودِ ذلكَ صَرِيحًا في النُّصوصِ إلَّا في حديثٍ موضوعٍ؛ (ب)المقطوعُ بِحُكْمِهِ ضرورةً، وهو ما انعقدَ إجماعُ الأمَّةِ عليهِ، كفَرْضِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ والحجِّ، وَحُرْمَةِ الزِّنَى والسَّرقةِ وشُربِ الخمرِ وقَتْلِ النَّفسِ بغير الحقِّ؛ (ت)المقطوعُ بصحَّةِ نَقْلِهِ ودَلَالَتِهِ، مثلُ تحديدِ عددِ الْجَلَدَاتِ في الزِّنَى والقَذْفِ، وفَرائِضِ الوَرَثَةِ، ونحوِ ذلكَ؛ وهذه الأنواعُ [الثَّلَاثَةُ التي ذُكِرَتْ] هي الَّتي يُقالُ فيها {لا اجتهادَ في موضعِ النَّصِّ} [وَ]المُرادُ به النَّصُّ القطعِيُّ في ثُبُوتِه ودَلَالَتِهِ، لا مُطْلَقَ النَّصِّ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الجديعُ-: جميعُ ما لا يندَرجُ تحتَ صُورةٍ مِنَ الثَّلاثِ المُتقدِّمةِ فإنَّهُ يسوغُ فيهِ الاجتهادُ، وهوَ يعودُ في جُملتِه إلى صُورتَينِ؛ (أ)ما وَرَدَ فيه النَّصُّ الظَّنِيُّ، وحيثُ أنَّ الظَّنيَّةَ وارِدَةٌ على النَّقْلِ والثُّبوتِ في نُصُوصِ السُّنَّةِ خاصَّةً [أَيْ فقط]، وعلى الدَّلالةِ على الحُكمِ في نُصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ جميعًا، فمجالُ الاجتهادِ في الأمرِ الأوَّلِ [وهوَ الثُّبوتِ] أن يبذُلَ المجتهدُ وُسعهُ للوُصولِ إلى ثُبوتِ نَقْلِ الخبرِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يُزيلُ الشُّبهَةَ في بناءِ الأحكامِ على الأحاديثِ الضَّعيفةِ، فلا يَبْنِي ويُفَرِّعُ على الحديثِ قَبْلَ العِلْمِ بِصِحَّتِهِ، ومَجَالُ الاجتهادِ في الأمرِ الثَّاني، وهوَ دلالَةُ النّصِّ على الحُكمِ، فذلكَ بالنَّظرِ إلى ما يَدُلُّ عليه ذلكَ النَّصُّ مِنَ الأحكامِ، وَهَا هُنَا يأتي دَوْرُ (قواعدِ الاستِنباطِ) فيَتَبَيَّنُ المُجْتَهِدُ ما أُريدَ بالعامِّ في هذا الموضعِ (هل هُو باقٍ على شُمُولِه جميعَ أفرادِهِ أم خُصِّصَ)، والمُطْلَقُ (هل هُو باقٍ على إطلاقِهِ أَمْ قُيِّدَ)، والمُشْتَرَكُ (ما السَّبيلُ إلى ترجيحِ المعنَى المُرَادِ)، والأمرُ والنَّهيُ (هل هُما في هذا النَّصِّ على الأصلِ في دلالتِهمَا [على الوجوب والتحريم] أَمْ مصرُوفانِ عنهَا [إلى الندب والكراهة])، وهكذَا في سائرِ القواعِدِ؛ (ب)ما لا نصَّ فيه، وهذا يَستَعمِلُ فيه المُجْتَهِدُ قواعِدَ النَّظَرِ (كالقِياسِ، والمصالحِ المُرسلَةِ، والاستِصحابِ، ومَقاصِدِ التَّشريعِ [أَيِ الحِكَمِ والغايَاتِ التي تَسْعَى الشَّرِيعةُ إلى تَحقِيقِها، وتَشْتَمِلُ على ضرورياتٍ (وهي حِفْظُ الدِّينِ -مِن جانبِ الوُجُودِ ومِن جانبِ العَدَمِ- والنَّفْسِ والعَقْلِ والنَّسْلِ والمالِ)، وحَاجِيَّاتِ (وهي ما يحتاجُ الناسُ إليه لتحقيقِ مَصالِحَ مُهِمَّةٍ في حَيَاتِهم يؤدِّي غِيَابُها إلى مَشَقَّةِ الحَيَاةِ وصُعُوبَتِها على الناسِ، كطهارةِ سُؤْرِ الْهِرَّةِ، وإباحةِ التَّيَمُّمِ عند تَعَسُّرِ الماءِ للمَرِيضِ والمُسافِرِ)، وتَحسِينياتٍ (وهي ما يتم بها تجميلُ أحوالِ الناس وتصرفاتِهم فتَكُونَ جارِيَةً على محاسنِ العاداتِ وتَجَنُّبِ ما تَأْنَفُه العقولُ الراجِحةُ، كتَحريمِ شُرْبِ البَولِ وأَكْلِ المَيْتَةِ)])، كُلًّا بأُصولِه، ليصِلَ إلى استفادَةِ الحُكمِ في الواقعَةِ النَّازلَةِ. انتهى باختصار.
(27)وقالَ الشيخُ مسعود صبري (عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) في مقالة له على هذا الرابط: فمِن حيث النقلُ والعقلُ، هناك أدلةٌ نقليةٌ وأخرى عقليةٌ؛ والأدلةُ النقليةُ هي التي يكون جُهْدُ الفَقِيهِ فيها النَّقْلَ وليس الإصدارَ، فالفَقِيهُ يَنْقُلُ الآيَةَ مِنَ الكتابِ، أو الحديثَ مِنَ السُّنَّةِ، أو يَنْقُلُ إجماعَ الفُقَهاءِ، أو يَنْقُلُ قَوْلَ الصحابيِّ، أو يَنْقُلُ شَرْعَ مَن قَبْلِنا، ولا يَعْنِي هذا أنَّ الأدلَّةَ النَّقْلِيَّةَ لا اجتهادَ فيها للمُجتَهِدِ، هذا غيرُ صحيحٍ، لأنَّ عَمَلَ المُجتَهِدِ هو الاجتهادُ في فَهْمِ الأدِلَّة، نَقْلِيَّةً كانتْ أو عَقْلِيَّةً، لكنَّها وُصِفَتْ بالنَّقْلِ، لأنَّها ليستْ صادرةً مِنَ المجتَهِدِين، بلْ طَرِيقُها ابْتِدَاءً النَّقْلُ؛ والنوعُ الآخرُ، الأدلةُ العقليةُ، والتي مَنْشَؤُها مِنَ العَقْلِ [قالَ الشيخُ عياض السلمي (الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام) في (أصول الفقه الذي لا يَسَعُ الفَقِيهَ جَهلُه): وليس مُرَادُهم أنَّها [أَيِ الأدِلَّةَ العَقْلِيَّةَ] عَقْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ بل هي عَقْلِيَّةٌ مُستَنِدةٌ إلى نَقْلٍ]، مثل القياس، والاستحسان، والاستصلاح (المصلحة)، وسَدِّ الذرائعِ وفَتْحِها، وسُمِّيَتْ (عقليةً) لأنَّ طريقَ إنتاجِها هو العقلُ، ولكنَّه ليس مُطْلَقَ العقلِ، وإنَّما المقصودُ به العقلُ الاجتهاديُّ، أو العقلُ الفقهيُّ. انتهى باختصار.
(28)وقالَ الشيخُ محمد مصطفى الزحيلي (عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) في (الوجيز في أصول الفقه الإسلامي) تحت عنوان (تَقسِيم مَصادِرِ التشريعِ): تُقَسَّمُ هذه المصادرُ مِنْ حَيْثُ أَصْلُها إلى مَصادِرَ نَقْلِيَّةٍ (وهي التي لا دَخْلَ للمُجتَهِدِ فيها، وتُوجَدُ قَبْلَ المُجتَهِدِ)، ومَصادِرَ عَقْلِيَّةٍ (وهي التي يَظْهَرُ في تكوينِها ووُجودِها أَثَرُ المُجتَهِدِ، وهي القياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع) [قلتُ: لَاحِظْ أنَّ هذه الأدلةَ العقلية يُطْلَقُ عليها (أدلة شرعية)، لأنها مُستَنِدةٌ إلى نَقْلٍ، وكَونُها عقليَّةً لا يُعارِضُ كونَها شرعيةً، بَلْ يُعارِضُ كونَها نَقْلِيَّةً]. انتهى باختصار.
(29)وقالَ عَلِيّ عبدالفتاح المغربي (أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب بجامعة عين شمس) في (الفِرَق الكَلَامِيَّة الإسلامِيَّة): بينما يَستخدِمُ المتكلِّمون [في العقائدِ] الأدِلَّةَ العقليةَ المبنيَّةَ على مُقَدِّماتٍ سَمْعِيَّةٍ، والأدلةَ العقليةَ المَحْضَةَ [قالَ الشيخُ ضيف الله العنانزة في (الدليل العقلي في العقيدة عند المدارس الإسلامية): الدليلُ العَقْلِيُّ المَحْضُ هو الذي كُلُّ مُقَدِّماتِه عَقْلِيَّةٌ، فلا يَتَوَقُّفُ على النَّقْلِ أبدًا. انتهى باختصار]، نَجِدُ أنَّ علماءَ أصولِ الفقهِ لا يستخدمون [في أُصولِ الفقهِ] الأدلةَ العقليَّةَ المَحْضَةَ، ويستخدمون فقط الأدلةَ العقليةَ المبنيَّةَ على مُقَدِّماتٍ سَمْعِيَّةٍ، فيُبَيِّنُ الشَّاطِبِيُّ [فِي (الْمُوَافَقَاتِ)] استخدامَ الأدلةِ العقليةِ في عِلْمِ أُصولِ الفقهِ، فيَقولُ {الأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ إِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي هَذَا الْعِلْمِ -يَقْصِدُ عِلْمَ أُصولِ الفقهِ- فَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ مُرَكَّبَةً عَلَى الأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، أَوْ مُعِينَةً فِي طَرِيقِهَا، أَوْ مُحَقِّقَةً لِمَنَاطِهَا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَا مُسْتَقِلَّةً بِالدَّلَالَةِ، لِأنَّ النَّظَرَ فِيهَا نَظَرٌ فِي أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، وَالْعَقْلُ لَيْسَ بِشَارِعٍ} أَيْ أنَّ الأدلةَ في عِلْمِ أُصولِ الفقهِ لا تكونُ مُرَكَّبَةً مِن مُقَدِّماتٍ عقليةٍ مَحْضَةٍ... ثم قالَ -أَيِ المغربي-: يَذْكُرُ الشَّاطِبِيُّ [فِي (الْمُوَافَقَاتِ)] أنه {إِذَا تَعَاضَدَ النَّقْلُ وَالْعَقْلُ عَلَى الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، فَعَلَى شَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَ النَّقْلُ فَيَكُونَ مَتْبُوعًا، وَيَتَأَخَّرَ الْعَقْلُ فَيَكُونَ تَابِعًا، فَلَا يَسْرَحُ الْعَقْلُ فِي مَجَالِ النَّظَرِ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُسَرِّحُهُ النَّقْلُ}. انتهى.
(30)وسُئِلَ الشيخُ صالحٌ آل الشيخ (وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) في (إتحاف السائل بما في الطَّحَاوِيَّةِ مِن مسائل): هَلِ الْمُعْتَزِلَةُ والْكُلَّابِيَّةُ [قالَ حسين القوّتلي في تَحقِيقِه لِكِتابِ (العَقْلُ وفَهْمُ القُرآنِ "لِلْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ"): فَقَدِ اِنتَهَى الأَمْرُ بِمَدرَسةِ اِبْنِ كُلَّابٍ الكَلَامِيَّةِ إلى الاندِماجِ في المَدرَسةِ الأشعَرِيَّةِ. انتهى. وقالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ في (الاستقامة): والْكُلَّابِيَّةُ هُمْ مَشايِخُ الأشعَرِيَّةِ. انتهى. وقالَ الشيخُ محمد خليل هراس (رئيس قسم العقيدة بالدراسات العليا بكلية الشريعة بمكة المكرمة) في (شرح العقيدة الواسطية): مَذهَبُ الْكُلَّابِيَّةِ اِنْقَرَضَ. انتهى باختصار. وجاءَ في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): يَعتَبِرُ الأشاعِرةُ اِبْنَ كُلَّابٍ، إمامَ أهلِ السُّنَّةِ في عَصْرِه، ويَعُدُّونه شَيْخَهم الأَوَّلَ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: الْكُلَّابِيَّةُ هُمْ سَلَفُ الأشاعِرةِ. انتهى باختصار] في تأويلِ الصفاتِ مجتهِدون عند تأويلِها، وإذا كانوا مجتهِدِين فهَلْ يُنْكَرُ عليهم، وهَلْ يَحْصُلُ لهم ثَوَابٌ على اجتهادِهم لقولِه عليه السلامُ {مَنِ اجتَهَدَ فأصاب فله أجران ومَن أخطأ فله أجرٌ}؟. فأجابَ الشيخُ: هُمْ مجتهِدون، نعم، لكنْ لم يُؤْذَنْ لهم في الاجتهادِ، هُمُ اجتَهَدوا بدونِ أنْ يَأْذَنَ لهم الشرعُ بالاجتهادِ، فالاجتهاد يكون في المسائل التي له فيها أنْ يَجتهِدَ، أمَّا مسائلِ الغَيبِ والصفاتِ والجنةِ والنارِ والشيءِ الذي لا يُدْرِكُهُ الإنسان باجتهاده، فإنَّهُ إذا اجتَهَدَ فيه فيكون تَعَدَّى ما أُذِنَ له فيه، والمُتَعَدِّي مُؤَاخَذٌ، والواجِبُ على كُلِّ أحدٍ أنْ يَعْلَمَ أنَّ اجتهادَه إنَّما يكونُ فيما له اجتهادٌ فيه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ صالحٌ-: علماء الشريعة يَجتهِدون في الأحكام الشرعية (الأحكامُ الدُّنْيَوِيَّةُ التي فيها مجالٌ للاجتهادِ)، أَمَّا الغَيبُ فلا مجالَ فيه للاجتهادِ ولم يُؤْذَنْ لأحَدٍ أنْ يَجتَهِدَ فيه بعَقْلِه، لكنْ إنِ اجتَهَدَ في فَهْمِ النُّصوصِ، في حَمْلِ بعضِ النصوصِ على بعضِ، في ترجيحِ بعضِ الدَّلَالَاتِ على بعضٍ، فهذا مِنَ الاجتهادِ المأذونِ به سَوَاءً في الأُمُورِ الغَيبِيَّةِ أَمْ في غيرِها، لكنْ أنْ يَجتَهِدَ بِنَفْيِ شيءٍ لِدَلَالَةٍ أُخرَى ليست دَلَالةَ مَصدَرِ التَّشرِيعِ الذي هو الوَحْيُ مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ -في الأُمُورِ الغَيبِيَّةِ مَصدَرُ التشريعِ الكتابُ والسُّنَّةُ- فإنَّهُ ليس له ذلك، فلذلك لا يَدْخُلُ هؤلاء مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ والْكُلَّابِيَّةِ ونُفَاةِ الصِّفاتِ أَوِ الذِين يُخالِفون في الأُمُورِ الغَيبِيَّةِ، لا يَدْخُلُون في مسألةِ الاجتهادِ وأنَّهُ {إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر}، وإنما هُمْ مأْزُورُونَ لأنَّهُم اجتَهَدوا في غير ما لهم الاجتهادُ فيه، والواجبُ عليهم أنْ يُسَلِّمُوا لِطَرِيقةِ السَّلَفِ وأنْ يُمِرُّوا نُصوصَ الغَيبِ كما جاءتْ وأنْ يؤمنوا بما دَلَّتْ عليه؛ ومعلومٌ قطعًا أنَّ النبيَّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ والصحابةَ لم يَكُنْ عندهم تأويلٌ ولا خَوْضٌ في الغَيبِيَّاتِ باجتهادٍ ورَأْيٍ. انتهى باختصار.
(31)وقالَ الشيخُ سفر الحوالي (رئيس قسمِ العقيدةِ بجامعة أم القرى) في (شرحِ "شرح العقيدة الطَّحَاوِيَّةِ"): كُلُّ أحدٍ مِنَ النَّاسِ يُعَبِّرُ عنِ المعنَى الذي يُرِيدُه باللفظ الذي يريده، والنَّاسُ مُتَفاوِتون في المَعانِي، وقد يَتَّفِقُّ الكثيرُ مِنَ النَّاس عَلَى المَعْنَى الواحدِ في أَنْفُسِهم، لكنْ يَتَفاوَتون في التعبيرِ عنه بالألفاظِ، فمثلًا، لو وَقَعَ أمرٌ مِنَ الأمورِ أمامَ مجموعةٍ مِنَ النَّاس، وأَخَذْتَ هَؤُلاءِ النَّاسَ واحدًا واحدًا وسَأَلْتَهم، لوَجَدْتَ أن هذا عَبَّرَ بتعبيرٍ يَختَلِفُ عن هذا، وهذا أَبْلَغُ مِن ذاك، وهكذا، والجميعُ يُعَبِّرون عن شيءٍ واحدٍ رَأَوْه، فما بالُك بالتعبيرِ عن مَعَانٍ غَيبِيَّةٍ لا تُدرَكُ بالحَوَاسِّ؛ فإذنْ لم يُتْرَكِ الأَمْرُ لاختيارِ البَشَرِ أو إِلَى الرَّأْيِ الذي يَرَى الإِنسَانُ أنَّه يُنَزِّهُ به اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أو يَصِفُه به، إنَّما كَانَ الأَمْرُ -كما هو مذهبُ أهْلِ السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ- أَمْرًا تَوقِيفِيًّا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحوالي-: لَمَّا وَقَعَتْ فتنةُ القولِ بخَلْقِ القرآنِ، أُتي بالإمامِ [أَحْمَدَ] مُقَيَّدًا بالأغلالِ، وأُتِيَ بأئمَّةِ الاعتزالِ والبِدَعِ، الذين كانوا قد زَيَّنوا الأَمْرَ للخليفةِ وأنَّ هذا عَلَى بِدْعةٍ (يَعْنُون الإمامَ أَحْمَدَ)، فكانوا يَسألون الإمامَ أَحْمَدَ، يقولون له {يَا أَحْمَدُ، قُلِ (القُرْآنُ مخلوقٌ)}، فَيَقُولُ {ائْتُونِي بشيءٍ مِنَ الكتابِ أو السُّنَّةِ}، فجاءَه رَجُلٌ مِن هَؤُلاءِ يُدْعَى (برغوث) وهو مِنَ الجَهَلةِ، لا عِلْمَ له في الكتابِ ولا في سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما هو رَجُلٌ تَعَلَّمَ مِن كلامِ الْيُونَانِ، فأصبحَ يَرَى ويَظُنُّ أنَّ هذه الأُمورَ العقليَّةَ أعظمُ ممَّا جَاءَ في الكتابِ والسُّنَّةِ وما عَرَفَه السَّلَفُ، ولهذا تَصَدَّى لِمُناظَرةِ الإمامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِيُفْحِمَه وَلْيُبَيِّنَ له أنه عَلَى خَطَأٍ، فقالَ له برغوث {يَا أَحْمَدُ، يَلْزَمُك إنْ قُلْتَ (إنَّ القُرْآنَ غيرُ مخلوقٍ) أنْ تُثْبِتَ أنَّ اللهَ جِسْمٌ؛ لأنَّه [أَيِ القُرْآنَ] إذا كَانَ غيرَ مخلوقٍ يكونُ [أَيِ القُرْآنُ] عَرَضًا، والأعراضُ والأفعالُ لا تَقُومُ إلا بالأدواتِ أو بِالأَجْسَامِ}، فقالَ الإمامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ {أقولُ في رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أنَّه كما قَالَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، وأمَّا الجِسْمُ وأمثالُه فلا نَقُولُ فيه لا نَفْيًا ولا إثباتًا، لِأنَّ هذا شيءٌ لم يَأْتِ لا في الكتابِ ولا في السُّنَّةِ ولم يَبْلُغْنا عنِ السَّلَفِ [قالَ ابنُ ناجي التنوخي (ت837هـ): (السلفُ الصالحُ) وَصْفٌ لازِمٌ يَخْتَصُّ عند الإطلاقِ بالصَّحابةِ ولا يُشارِكُهم غيرُهم فيه. انتهى من (شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة)] فلا يَلْزَمُنِي شيءٌ ولا يَلْزَمُنِي أنَّه جِسْمٌ}؛ فهذه قاعدةٌ عظيمةٌ أَرْساها الإمامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وقد أَخَذَها عمَّن قَبْلَه مِنَ العلماءِ ونَقَلُوها لنا، وهي أنَّنا في كُلِّ المَعانِي المُحْدَثةِ، أو الألفاظِ التي تحتَها مَعَانٍ مُحْدَثَةٍ، فإنَّنا لا نَنْفِي ولا نُثْبِتُ إلا ما جَاءَ في الكتابِ أو السُّنَّةِ أو أقوالِ السلفِ، هذا هو الذي نَسْتَخْدِمُه، وما عَدَا ذلك فإنَّنا نَسْتَفْصِلُ، ماذا تُرِيدُ أَيُّها المُثْبِتُ؟ وماذا تُرِيدُ أَيُّها النافِي؟، فإنْ ذَكَرَ مَعْنًى حَقًّا، قُلْنا، المُرادُ صحيحٌ ولكنَّ عِبَارَتَك خاطئةٌ، فعليك أنْ تُنَزِّهَ اللهَ بما نَزَّهَ به نَفْسَه أو نَزَّهَه به رسولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تَتَعَدَّى ذلك ولا تَخْرُجَ عنه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحوالي- تحت عنوان (الموقف الصحيح من الألفاظ المستحدثة): والموقفُ الصحيحُ في الألفاظِ المُجْمَلةِ أنَّنا نُفَصِّلُ فيها كما قَالَ المُصْنِّفُ [يَعْنِي ابنَ أبي العز الحنفي] رَحِمَهُ اللَّهُ {وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، وَإِنَّمَا نَحْنُ مُتَّبِعُونَ لَا مُبْتَدِعُونَ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، أَعْنِي بَابَ الصِّفَاتِ، فَمَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ، وَمَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ، وَالأَلْفَاظُ الَّتِي وَرَدَ بِهَا النَّصُّ يُعْتَصَمُ بِهَا فِي الإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ، فَنُثْبِتُ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، ونَنْفِي ما نَفَتْه نُصوصُهما مِنَ الألفاظِ والمَعانِي}؛ قالَ المُصْنِّفُ {وَأَمَّا الأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ يَرِدْ نَفْيُهَا وَلَا إِثْبَاتُهَا} مِثْلَ كلمةِ (الجِسْم) التي يَستَعمِلُها أهلُ البِدَعِ، فيقولُ المُصْنِّفُ {لَا تُطْلَقُ حَتَّى يُنْظَرَ فِي مَقْصُودِ قَائِلِهَا، فَإِنْ كَانَ مَعْنًى صَحِيحًا قُبِلَ} فنَقْبَلُ هذا المَعْنَى، ولَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِأَلْفَاظِ النُّصُوصِ، ويَنبَغِي أنْ يُعَبَّرَ عنه بما وَرَدَ دُونَ الالتِجاءِ إِلَى الأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ، إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، مَعَ قَرَائِنَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ، قَالَ [أَيِ ابنُ أبي العز الحنفي] {وَالْحَاجَةُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مَعَ مَنْ لَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ مَعَهُ إِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا} ومِنَ الحاجَةِ أنْ يكونَ الرَّجُلُ أَعْجَمِيًّا لا يَفْهَمُ مِن لُغَةِ العَرَبِ شيئًا، فعندما تُرِيدُ أنْ تُعَلِّمَه ما يَعْرِفُ به رَبَّه عَزَّ وَجَلَّ، فلا بُدَّ أن تُعَلِّمَه بِلُغَتِه لكي يَفْهَمَ، فهذه هي الحاجَةُ، وبلا شَكَّ أنَّ المعنَى الذي في اللُّغَةِ الأُرْدِيَّةِ أوِ اليَابَانِيَّةِ أوِ الإِنْجِلِيزِيَّةِ يُستَخدَمُ في حَقِّ المخلوقِين، وقد يَنْصَرِفُ ذِهْنُه إِلَى أنَّنا نَصِفُ اللهَ بما يَتَّصِفُ به المخلوقُ، لكنْ نُبَيِّنُ المعنَى مع الإتيانِ بقَرائنَ تُبَيِّنُ المُرَادَ، ونقولُ له {إنَّ الأصلَ أنَّ الإِنسَان يَستَخدِمُ اللُّغةَ العَرَبِيَّةَ، وحتى هو لو شَرَحَها لغيرِه فعليه يَشْرَحُها لهم مع [بَيَانِ] القَرائنِ بأنَّ أَيَّ لَفْظٍ نَستَخدِمُه نَحْنُ في حَقِّ المخلوقِ فإنَّه في حَقِّ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غيرُ ذلك} [وَ]المعنَى المقصودُ هو نَفْيُ أنْ يكونَ للهِ تَعَالَى مَثِيلٌ. انتهى باختصار.
(32)وقالَ الشيخُ ابنُ عثيمين في (شرح العقيدة السفارينية): منهم مَن قالَ {الإنسانُ الذي عنده مَنَعَةٌ (لا يُؤَثِّرُ [أَيْ عِلْمُ المنطقِ] على عقيدَتِه)، فإنَّه يَنبَغِي أنْ يَتَعَلَّمَه لِيُحَاجَّ به قَوْمَه (أَيْ قَوْمَ المنطقِ)، ومَن لم يَكُنْ كذلك فلا يَتَعَلَّمْه لأنه ضلالةٌ}، والصحيحُ أنه لا يَتَعَلَّمُه مُطلَقًا، لأنه مَضْيَعةُ وَقْتٍ، لكنْ إنِ اُضْطُرَّ إلى شيءٍ منه فَلْيُرَاجِعْ ما اُضْطُرَّ إليه منه فقط، لِيكونَ تَعَلُّمُه إيَّاه كَأَكْلِ المَيْتةِ مَتَى [أَيْ عندما] يَحِلُّ، فإذا كان هناك اضْطِرارٌ أَخَذَ مِن عِلْمِ المنطقِ ما يَضْطَرُّ إليه فقط، أمَّا أنْ يَدْرُسَه ويُضِيعَ وَقْتَه فيه فَلَا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ عثيمين-: ولهذا ما الذي دَخَّلَ عِلْمُ المنطقِ على المسلمِين؟، دَخَّلَ البِلَى حتى أَوْصَلَهم إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، ويُنْكِروا على الله ما وَصَفَ به نَفْسَه، فالمسألةُ خطيرةٌ، واللهُ عزَّ وجلَّ نَزَّلَ الكتابَ تِبيانًا لكُلِّ شيءٍ، لا يَحتاجُ الناسُ إلى شيءٍ بعدَ كتابِ الله، و[اللهُ] أَمَرَ عند التنازُعِ أن يُرَدَّ [أَيِ التنازُعُ] إلى الكتابِ والسُّنَّةِ {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ ابنُ عثيمين أيضًا في (فتاوى الحرم المكي): شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ رحمه الله يقولُ [في كتابِه (الرَّدُّ على المنطقِيِّين)] {كنتُ دائمًا أَعْلَمُ أنَّ الْمَنْطِقَ الْيُونَانِيَّ -يعني عِلْمَ المنطقِ- لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الذَّكِيُّ ولا يَنْتَفِعُ به البَلِيدُ}، وعِلْمٌ هذه مَرْتَبَتُه، لا فائدةَ منه إذا كان البَلِيدُ لا يَنْتَفِعُ به لأنه يَستَدِيرُ رَأْسُه قَبْلَ أن يَعْرِفَ فَصْلًا مِن فُصولِه، والذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لأنَّ جميعَ المُقَدِّماتِ والنتائجِ كُلُّها موجودةٌ في عقلِ الإنسانِ العاقلِ. انتهى باختصار.
(33)وقالَ الشيخُ غالب بن علي عواجي (عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية) في (فِرَقٌ مُعاصِرةٌ): أَهَمُّ المسائلِ التي اتَّفَقَ عليها أهلُ الكلام (مِنَ الأشعرية والماتريدية والمعتزلة والجهمية) تقديمُ العقلِ على النقلِ. انتهى.
(34)وقالَ الشيخُ محمد بنُ خليفة التميمي (عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) في (مواقف الطوائف مِن توحيد الأسماء والصفات): فإنَّ أَيَّ مُجْتَمَعٍ أَشْعَرِيٍّ تَجِدُ فيه توحيدَ الإلَهِيَّةِ مُخْتَلًّا، وسُوقَ الشِّرْكِ والبِدْعةِ رائِجَةً... ثم قال -أي الشيخ التميمي-: أَخْرَجوا [أَيِ الأشاعرةُ] الاِتِّباعَ مِن تعريفِهم للإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، فحصروا الإيمانَ بالنبيِّ في الأُمورِ التصديقيَّةِ فقط، ومِن أَجْلِ ذلك انتشرتِ البدعُ في المجتمعاتِ الأشعريَّةِ... ثم قال -أي الشيخ التميمي-: خالَفوا [أَيِ الأشاعرةُ] أهلَ السُّنَّةِ في بابِ القَدَرِ، فقولُهم مُوَافِقٌ لقولِ الجَبْرِيَّةِ. انتهى.
(35)وقالَ الشيخُ كريم إمام في (الأشاعِرةُ، سُؤالٌ وجَوابٌ): الأشاعرة فِرقةٌ كلاميَّةٌ ظَهَرَتْ في القرن الرابع [قالَ الشيخُ عبدُالرحمن البرَّاك (أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) في (إجابات الشيخ عبدالرحمن البراك على أسئلة أعضاء ملتقى أهل الحديث): إنَّ القُبورِيَّةَ إنَّما نَشَأَتْ في القَرنِ الرابِعِ. انتهى. وقالَ الشيخُ أبو سلمان الصومالي في (المباحث المشرقية "الجزء الأول"): ذَكَرَ أهلُ العِلْمِ بِالتَّوارِيخِ أنَّ شِركَ الأضرِحةِ بَدَأَ في القَرنِ الرابِعِ الهِجْرِيِّ. انتهى. وقالَ الشَّيخُ ربيع المدخلي (رئيسُ قسمِ السُّنَّةِ بالدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) في فتوى على مَوقِعِه في هذا الرابط: الأشاعِرةُ في هذا العَصرِ هُمُ التِّيجانيَّةُ، والمرغنية، والسُّهْرَوَرْدِيَّةُ، والصُّوفِيَّةُ القُبورِيُّون. انتهى] وما بَعْدَه، بَدَأَتْ أُصُولَها بِنَزَعاتٍ كلامِيَّةٍ خفيفةٍ، ثم تطوَّرَت وتعمَّقت وتوسَّعت في المناهج الكلامِيَّةِ حتى أصبحتْ مِنَ القرن الثامن وما بعدَه فِرقةً كلامِيَّةً عقلانِيَّةً فلسفِيَّةً صوفِيَّةً مُرجئةً جَبْرِيَّةً مُعَطِّلةً مُحَرِّفةً. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُالله الخليفي أيضًا في مَقالةٍ له على مَوقِعِه في هذا الرابط: اِجتَمَعَتا في عامَّةِ الأشاعِرةِ المُتَأَخِّرِين جَهمِيَّةٌ وقُبورِيَّةٌ، وقَدِ اِجتَمَعَ هذان الكُفرانُ في المُؤْسَّسةِ الأزهَرِيَّةِ. انتهى باختصار.
(36)وقالَ مَوقِعُ (الإسلامُ سؤالٌ وجَوابٌ) الذي يُشْرِفُ عليه الشيخ محمد صالح المنجد في هذا الرابط: والأشاعِرةُ المُتَأَخِّرون جَبْرِيَّةٌ في القَدَرِ، مُرجِئةٌ في الإيمانِ، مُعَطِّلةٌ في الصِّفاتِ [جاءَ في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): لِلأشاعِرةِ مَسْلَكانِ في آياتِ وأحادِيثِ الصِّفاتِ، هُما التَّفْويضُ والتَّأويلُ... الأشاعِرةُ لَهُمْ مَذْهَبانِ، ويَدَّعُونَ صِحَّتَهما، وهُما التَّأويلُ والتَّفْويضُ. انتهى. وقالَ الشيخُ يوسفُ الغفيص (عضوُ هيئةِ كِبار العلماءِ بالدِّيَارِ السعوديةِ، وعضوُ اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) في (شرح العقيدة الطحاوية): وقَدْ شاعَ في كَلامِ كَثِيرٍ مِنَ المُتَأَخِّرِين مِن مُتَكَلِّمةِ الأشاعِرةِ، أنَّ التَّفوِيضَ مَذْهَبٌ مَأثورٌ عنِ السَّلَفِ، أيْ تَفوِيضَ المَعْنَى، وتَقَدَّمَ أنَّ المَعْنَى -بِإجماعِ السَّلَفِ- في صِفاتِ اللهِ مَعلومٌ [يَعنِي أنَّ المَعنَى عند السَّلَفِ مَعلومٌ وأنَّهم فَوَّضُوا في الكَيفِيَّةِ لا المَعْنَى]... ثم قالَ -أيِ الشَّيخُ الغفيص-: مَقالةُ التَّفوِيضِ هي مِن شَرِّ مَقالاتِ أهلِ البِدَعِ والإلحادِ، كَما قالَ شيخُ الإسلامِ رَحِمَه اللهُ... ثم قالَ -أيِ الشَّيخُ الغفيص-: وطَرِيقةُ التَّفوِيضِ طَرِيقةٌ مُلَفَّقةٌ اِستَعْمَلَها قَومٌ مِنَ الأشاعِرةِ لِلتَّوفِيقِ بَيْنَ طَرِيقَتِهم الكَلامِيَّةِ وطَرِيقةِ السَّلَفِ.انتهى باختصار]. انتهى.
(37)وجاءَ في (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، بإشراف ومراجعة الشيخ مانع بن حماد الجهني): مَصْدَرُ التَّلَقِّي عند الأشاعرة الكتابُ والسُّنَّةُ على مقتضَى قواعدِ عِلْمِ الكلامِ، ولذلك فإنَّهم يُقدِّمون العقلَ على النقلِ عند التَّعارُض... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: جَعَلَ الأشاعرةُ التوحيدَ هو إثباتُ رُبُوبِيَّةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ دُونَ أُلُوهِيَّتِه. انتهى.
(38)وقالَ الشيخُ محمد بن خليفة التميمي (عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) في (معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات): أهلُ السُّنَّةِ قالوا {الأصلُ في الدين الاتِّباعُ، والمعقولُ تَبَعٌ، ولو كان أساسُ الدين على المعقولِ لَاسْتَغْنَى الخلقُ عنِ الوَحْيِ، وعنِ الأنبياء، ولبَطَلَ مَعْنَى الأَمْرِ والنهيِ، وَلَقَالَ مَن شاءَ ما شاءَ}... ثم قال -أي الشيخ التميمي-: التقريرُ بأن النقل مُقَدَّمٌ على العقلِ لا ينبغي أن يُفْهَمَ منه أن أهلَ السُّنَّةِ يُنكِرون العقلَ، والتَّوَصُّلَ به إلى المَعارِفِ، والتفكيرَ به في خَلْقِ السمواتِ والأرضِ، وفي الآياتِ الكونيَّةِ الكثيرةِ، فأهلُ السُّنَّةِ لا يُنكِرون استعمالَ العقلِ، ولكنَّهم تَوَسَّطوا في شأن (العقلِ) بين طائفتَين ضَلَّتا في هذا الباب، هما؛ (أ)أهلُ الكلام الذِين يَجْعَلُونَ الْعَقْلَ وَحْدَهُ أَصْلَ عِلْمِهِمْ، وَيَجْعَلُونَ الإِيمَانَ وَالْقُرْآنَ تَابِعَيْنِ لَهُ، فهؤلاء جعلوا عقولَهم هي التي تُثْبِتُ وتَنْفِي، والسَّمْعَ [أَيِ النَّقْلَ] مَعرُوضًا عليها، فإن وافَقَها قِيلَ اعْتِضادًا لا اعْتِمادًا، وإن عارَضَها رُدَّ وطُرِحَ، وهذا مِن أعظم أسباب الضلال التي دَخَلَتْ على هذه الأُمَّةِ؛ (ب)أهلُ التَّصَوُّفِ الذِين يَذُمُّونَ الْعَقْلَ وَيَعِيبُونَهُ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الأَحْوَالَ الْعَالِيَةَ، وَالْمَقَامَاتِ الرَّفِيعَةَ، لَا تَحْصُلُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ، وَيَمْدَحُونَ السُّكْرَ وَالْجُنُونَ وَالْوَلَهَ، وَأُمُورًا مِنَ الْمَعَارِفِ وَالأَحْوَالِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ زَوَالِ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ، كَمَا يُصَدِّقُونَ بِأُمُورِ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ بُطْلَانُهَا؛ وَكِلَا الطَّرَفَيْنِ مَذْمُومٌ؛ وأمَّا أهلُ السُّنَّةِ فيَرَون أنَّ الْعَقْلَ شَرْطٌ فِي مَعْرِفَةِ الْعُلُومِ، وَكَمَالِ وَصَلَاحِ الأَعْمَالِ، وَبِهِ يَكْمُلُ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِذَلِكَ. انتهى باختصار.
(39)وجاءَ في الموسوعةِ العَقَدِيَّةِ (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): آثارُ عِلْمِ التوحيدِ محمودةٌ، وأما آثارُ عِلْمِ الكلام فهي مذمومةٌ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: عِلْمَ الكلام حادثٌ مُبتَدَعٌ، ويَقُومُ على التَّقَوُّلِ على اللهِ بغَيرِ عِلْمٍ، ويُخَالِفُ مَنْهَجَ السَّلَفِ في تَقرِيرِ العَقائدِ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: قالَ ابنُ القيم رحمه الله [في (الصواعق المرسلة)] {عامَّةُ ما يَأْتُون [أَيْ أَهْلُ الأهواءِ] به أبدًا يُناقِضُ بعضُهم بعضًا، ويُكْسَرُ أقوالُ بعضِهم ببعضٍ، وفي هذا منفعةٌ جَلِيلةٌ لطالبِ الحقِّ فإنه يَكْتَفِي بإبطالِ كُلِّ فرقةٍ لِقولِ الفِرقةِ الأُخرَى}... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: وأَمَّا ما تَنازَعَ فيه الناسُ مِنَ المسائل الدقيقة، والتي قد تكونُ مُشْتَبِهَةً عند كثيرٍ منهم، لا يَقْدِرُ الواحدُ منهم فيها على دليلٍ يُفِيدُ اليقينَ، لا شَرْعِيٍّ ولا غَيْرِه، لم يَجِبْ على مِثْلِ هذا في ذلك ما لا يَقْدِرُ عليه، وليس عليه أن يَترُكَ ما يَقْدِرُ عليه مِن اعتقادِ قَوْلٍ غالبٍ على ظَنِّه لِعَجزِه عن تَمَامِ اليَقِينِ، بل ذلك هو الذي يَقْدِرُ عليه -ولا سِيَّمَا إذا كان موافِقًا للحقِّ، فالاعتقادُ المطابِقُ للحَقِّ يَنْفَعُ صاحِبَه ويُثابُ عليه- ويَسْقُطُ به الفَرْضُ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: والأشاعرةُ ونحوُهم مِنَ المتكلِّمِين مِمَّن يَدَّعِي في طريقةِ الخَلَفِ العِلْمَ والإحكامَ، وفي طريقةِ السَّلَفِ السلامةَ دُونَ العِلْمِ والإحكامِ، يَلْزَمُهم تَجهِيلُ السَّلَفِ مِنَ الصحابةِ والتابعِين... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: فأهل السنة يأخذون بالوَجْهِ الحَقِّ [أَيْ مِن كُلِّ فِرقةٍ مُخالِفةٍ]، ويَدَعُون الوَجْهَ الباطلَ، وسببُ هذا التوفيقِ هو استدلالُهم بجميع النُّصوص، مِن غيرِ تَوَهُّمِ تَعارُضٍ بينها، أو بَيْنَهَا وبَيْنَ العَقْلِ الصحيحِ الصريحِ، أمَّا أهلُ الفِرَقِ الأُخرَى فقد ضَرَبُوا النُّصوصَ بعضَها ببعضٍ، أو عارَضُوها بآرائِهم وأَقْيِسَتِهم الفاسدةِ، فآمَنوا ببعضِ الكِتابِ وكَفَرُوا ببعضٍ، وأهل السنة آمَنوا بالكِتابِ كُلِّه، وأقاموه عِلْمًا وعَمَلًا... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: قال أبو عمر بن عبدالبر رحمه الله {أجمعَ أهلُ الفقهِ والآثارِ مِن جميع الأمصارِ أنَّ أهلَ الكلام أهلُ بِدَعٍ وزَيْغٍ، ولا يُعَدُّون عند الجميعِ -في جميع الأمصارِ- في طَبَقاتِ العُلماءِ}. انتهى باختصار.
(40)وقالَ الشيخُ ناصر العقل (رئيس قسم العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (مباحث في العقيدة): إنَّ المُتأمِلَ المُنْصِفَ، لو قارَنَ بين المُعتقَداتِ السائدةِ بين الناسِ اليومَ، لَوَجَدَ للعقيدةِ الإسلاميةِ -المُتَمَثِّلةِ في عقيدة أهل السنة والجماعة- خَصائصَ وسِمَاتٍ تُمَيِّزُها وأَهْلَها بوُضوحٌ عنِ المُعتقَداتِ الأُخرَى مِن دِيَانَاتٍ أو فِرَقٍ أو مَذاهِبَ أو غيرِها، ومِن هذه الخصائصِ والسِّماتِ؛ (أ)سلامةُ المَصدَرِ، وذلك باعتمادِها على الكِتابِ والسُّنة، وإجماعِ السلف [قالَ ابنُ ناجي التنوخي (ت837هـ): (السلفُ الصالحُ) وَصْفٌ لازِمٌ يَخْتَصُّ عند الإطلاقِ بالصَّحابةِ ولا يُشارِكُهم غيرُهم فيه. انتهى من (شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة)] وأقوالِهم، فَحَسْبُ، وهذه الخاصِّيَّةُ لا تُوجَدُ في مذاهبِ أهلِ الكلامِ والمُبتَدِعةِ والصُّوفِيَّةِ، الذِين يَعتمِدون على العقلِ والنَّظَرِ، أو على الكَشْفِ والحَدَسِ والإِلْهَامِ والوَجْدِ [قالَ الشيخُ ناصر العقل في (شرح مجمل أصول أهل السنة): فإنْ كان ما يُكْشَفُ له مِنَ الأُمُورِ والحَدَسِ والفِراسةِ والكَرَاماتِ يُوافِقُ الكتابَ والسُّنَّةَ، فَبِهَا وَنِعْمَتْ، ونَحْمَدُ اللهَ على ذلك، وإذا لم يُوافِقِ الكتابَ والسُّنَّةَ فهذا كَشْفٌ مَردُودٌ، الكَشْفُ ليس مصدرًا مِن مَصَاِدرِ الدِّينِ. انتهى باختصار]، وغيرِ ذلك مِنَ المصادرِ البشريَّةِ الناقِصةِ التي يُحَكِّمونها أو يَعتمِدونها في أُمُورِ الغَيبِ (والعقيدةُ كُلُّها غَيبٌ)، أمَّا أهلُ السنةِ فَهُمْ -بحَمْدِ اللهِ- مُعتصِمون بكِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وإجماعِ السلفِ الصالحِ وأقوالِهم، وأيُّ مُعتقَدٍ يُستَمدُّ مِن غيرِ هذه المَصادرِ إنما هو ضلالٌ وبِدعةٌ، فالذِين يَزْعُمون أنَّهم يَستمِدُّون شيئا مِنَ الدِّينِ عن طريقِ العقلِ والنَّظَرِ (أو علمِ الكلامِ والفلسفةِ)، أو الإِلْهَامِ والكَشْفِ والوَجْدِ أو الرُّؤَى والأَحْلَامِ أو عن طريقِ أشخاصٍ يَزْعُمون لهم العِصْمةَ -غيرِ الأنبياءِ- أو الإحاطةَ بعِلْمِ الغَيبِ، مَن زَعَمَ ذلك فقد افْتَرَى على اللهِ أعظمَ الفِرْيَةِ، ونَقُولُ لمَن زَعَمَ ذلك كما قالَ اللهُ تعالى لمَن قالَ عليه بغيرِ عِلْمٍ {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}، وأَنَّي له أنْ يَأْتِيَ إلَّا بشُبَهِ الشيطانِ؛ (ب)أنها تَقُومُ على التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، لأنها غَيبٌ، والغَيبُ يَقُومُ ويَعتَمِدُ على التسليمِ والتَّصدِيقِ المُطْلَقِ للهِ تَعالَى ولرسولِه صلى الله عليه وسلم، فالتسليمُ بالغَيبِ مِن صفاتِ المؤمنِين التي مَدَحَهم اللهُ بها، قالَ تعالَى {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ، هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}، والغَيبُ لا تُدرِكُه العقولُ ولا تُحِيطُ به، ومِن هنا فأهلُ السُّنَّةِ يَقِفُون في أَمْرِ العقيدةِ على ما جاء عنِ اللهِ وعن رسولِه صلى الله عليه وسلم، بخِلَافِ أهلِ البِدَعِ والكلامِ فَهُمْ يَخُوضون في ذلك رَجْمًا بالغيبِ، وأَنَّى لهم أن يُحِيطوا بعلمِ الغَيبِ، فلا هُمْ أَراحُوا عُقُولَهم [عَلَّقَ الشيخُ ناصر العقل هنا فقال: يَنبَغِي أنْ لا يُفهَمَ مِن هذا أنَّ الإسلامَ يَحْجُرُ على العقلِ ويُعَطِّلُ وَظِيفَتَه ويُلْغِي مَوهِبَةَ التَّفكِيرِ لَدَى الإنسانِ، بالعَكْسِ، فالإسلامُ أَتَاحَ للعقلِ مِن مَجَالَاتِ العِلْمِ والنَّظَرِ والتفكيرِ والإبداعِ -ما هو كفيلٌ بإشباعِ هذه النَّزْعةِ- في خَلْقِ اللهِ وشُؤُونِ الحياةِ وآفاقِ الكَوْنِ الواسعةِ وعَجائبِ النَّفْسِ الكثيرةِ، إنما أَراحَ اللهُ الناسَ مِنَ التفكيرِ فيما لا سبيلَ له مِن أُمورِ الغَيبِ، وذلك إشفاقًا على العقلِ وحِمايَةً له مِنَ التِّيهِ والضَّيَاعِ في مَتَاهَاتٍ لا يُدرِكُ غَورَها. انتهى باختصار] بالتسليمِ، ولا عقائدَهم وذِمَمَهم بالاِتِّباعِ، ولا تَرَكُوا عامَّةَ أَتْباعِهم على الفِطْرةِ التي فَطَرَهم اللهُ عليها؛ (ت)مُوافَقَتُها للفِطْرةِ القَوِيمةِ والعقلِ السليمِ، لأنَّ عقيدةَ أهل السنة والجماعة تَقُومُ على الاِتِّباعِ والاقتداءِ والاهتداءِ بهُدَى اللهِ تعالى وهُدَي رسولِه صلى الله عليه وسلم وما عليه سَلَفُ الأُمَّةِ، فهي تَسْتَقِي مِن مَشْرَبِ الفِطْرةِ والعقلِ السليمِ والْهَدْيِ الْقَوِيمِ، وما أَعْذَبَهُ مِن مَشْرَبٍ، أَمَّا المُعتقَداتُ الأُخرَى فَمَا هي إلَّا أَوْهَامٌ وتَخَرُّصَاتٌ تُعْمِي الفِطْرةَ وتُحَيِّرُ العُقولَ؛ (ث)اِتِّصالُ سَنَدِها بالرسولِ صلى الله عليه وسلم والصحابةِ والتابعِين وأَئِمَّةِ الهُدَى قَوْلًا وعَمَلًا وعِلْمًا واعتقادًا، فلا يُوجَدُ -بحمدِ اللهِ- أَصْلٌ مِن أُصولِ عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ ليس له أَصْلٌ وسَنَدٌ وقُدْوةٌ مِنَ الصَّحابةِ والتابعِين وأئمَّةِ الدِّينِ إلى اليومِ، بخِلَافِ عقائدِ المُبتدِعةِ التي خالَفوا فيها السَّلَفُ، فهي مُحْدَثةٌ، ولا سَنَدَ لها مِن كِتابٍ أو سُنَّةٍ، أو عنِ الصحابةِ والتابِعِين، وما لم يكنْ كذلك فهو بِدْعةٌ، وكُلُّ بِدْعةٍ ضلالةٌ؛ (ج)الوُضوحُ والبَيَانُ، تمتازُ عقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ بالوُضوحِ والبَيَانُ، وخُلُوِّها مِنَ التَّعارُضِ والتَّناقُضِ والغُموضِ، والفلسفةِ والتَّعقِيدِ في ألفاظِها ومَعانِيها، لأنَّها مُستمَدَّةٌ مِن كلامِ اللهِ المُبِينِ الذي لا يَأتِيه الباطلُ مِن بين يَدَيْه ولا مِن خَلْفِه، ومِن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يَنْطِقُ عنِ الهَوَى، بينما المُعتقَداتُ الأُخرَى هي مِن تَخْلِيطِ البَشَرِ أو تأويلِهم وتحريفِهم، وشَتَّانَ بين المَشْرَبَين؛ (ح)سلامتُها مِنَ الاِضْطِرابِ والتَّناقُضِ واللَّبْسِ، فإنَّ العقيدةَ الإسلامِيَّةَ الصافِيَةَ لا اِضْطِرابَ فيها ولا الْتِباسَ، وذلك لاعتمادِها على الوَحْيِ، وقُوَّةِ صِلَةِ أَتْباعِها باللهِ وتَحقِيقِ العُبُودِيَّةِ له وَحْدَه والتَّوَكُّلِ عليه وَحْدَه وقُوَّةِ يَقِينِهم بما معهم مِن الحَقِّ وسَلامَتِهم مِنَ الحَيْرةِ في الدِّينِ ومِنَ القَلَقِ والشَّكِّ والشُّبُهاتِ، [وذلك] بِخِلَافِ أهلِ البِدَعِ؛ أَصْدَقُ مِثَالٍ على ذلك ما حَصَلَ لكثيرٍ مِن أئمَّةِ عِلْمِ الكلامِ والفلسفةِ والتَّصَوُّفِ مِنِ اِضْطِرابٍ وتَقَلُّبٍ ونَدَمٍ (بسبب ما حَصَلَ بينهم مِن مُجانَبةِ عقيدةِ السلفِ)، ورُجُوعِ كثيرٍ منهم إلى التسليمِ وتقريرِ ما يَعتقِدُه السلفُ (خاصَّةً عند التقدُّمِ في السِّنِّ، أو عند الموتِ). انتهى باختصار.
(41)وقالَ الشيخُ فالح الصغيّر (عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (الدفاع عن السنة النبوية): نَقُولُ لمَن حَكَّموا عقولَهم في شرعِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وقَدَّموها عليه، إنَّ تحكيمَ العقلِ -وهو مخلوقٌ- في خالقِه، بحيث تقولون {يَجِبُ عليه بَعْثُه الرُّسُلَ، وَيَجِبُ عليه الصَّلَاحُ والأَصْلَحُ، وَيَجِبُ عليه اللُّطْفُ، وَيَجِبُ عليه كذا، وكيف يَجُوزُ هذا في حَقِّ اللهِ عزَّ وجلَّ مِمَّا وَرَدَ في صِفاتِه وأسمائِه (جلَّ جلالُه) في كتابِه العزيز وسُنَّةِ نَبِيِّه المُطَهَّرةِ؟، وكيف الْيَوْمُ الآخِرُ وما فيه مِن حِسابٍ وعقابٍ وجنَّةٍ ونارٍ وميزانٍ وصراطٍ وشفاعةٍ؟} إلى آخِرِ ما يُنْطَقُ به في تلك الأشياءِ (الإِلَهِيَّاتِ والنُّبُوَّاتِ والسَّمْعِيَّاتِ) [قالَ مَوقِعُ (الإسلامُ سؤالٌ وجَوابٌ) الذي يُشْرِفُ عليه الشيخ محمد صالح المنجد في هذا الرابط: يُقَسِّمُ المُتَكَلِّمون، مِنَ الأشاعرةِ وغيرِهم، الكلامَ في العقائد إلى ثلاث قضايا رَئِيسةٍ وهي، (أ)الإِلَهِيَّاتُ، (ب)النُّبُوَّاتُ، (ت)السَّمْعِيَّاتُ. انتهى. وقال الشيخ محمد بن خليفة التميمي (عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) في (معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات): الأشاعرةُ يُقَسِّمون أبوابَ العقيدة إلى إِلَهِيَّاتٍ ونُبُوَّاتٍ وسَمْعِيَّاتٍ. انتهى باختصار. وجاء في الموسوعة العَقَدِيَّةِ (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): كلمةُ (الإِلَهِيَّات) عند أهل الكلام والفلاسِفةِ والمُستشرِقِين وأَتْباعِهم وغيرهِم، المقصودُ بها فلسفاتُ الفلاسفةِ، وكلامُ المتكلِّمِين والمَلاحِدةِ، فيما يَتَعَلَّقُ بالله تعالى. انتهى باختصار. وفي هذا الرابط قال مركز الفتوى بموقع إسلام ويب التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوِزَارةِ الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر: وكثيرٌ مِنَ المتكلِّمِين يُقَسِّمُ مَباحِثَ العقيدةِ إلى ثلاثة أقسامٍ، الإِلَهِيَّاتُ، والنُّبُوَّاتُ، والسَّمْعِيَّاتُ (ويَعْنُون بها البرزخَ واليومَ الآخِرَ وما فيه). انتهى. وقالت دَارُ الإفتاءِ المِصْرِيَّةُ (التي تَتَّبِعُ منهجَ مؤسسةِ الأزهرِ الصوفيَّ الأشعريَّ) على موقعها في هذا الرابط تحت عنوان (أركان العقيدة): أركانُ العقيدةِ الدينِيَّةِ التي يَجِبُ على المسلم أن يُؤْمِنَ بها حتى يَنْجُوَ في الآخرةِ ويَفُوزَ بجَنَّةِ الرحمن تَبارَكَ وتعالى، هي الإِلَهِيَّاتُ والنُّبُوَّاتُ والسَّمْعِيَّاتُ. انتهى باختصار. وقال الشيخ محمد حسن مهدي بخيت (أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر) في كتابه (عقيدة المؤمن في الإِلَهِيَّاتِ): وموضوعُ علمِ أُصولِ الدِّينِ، هو دراسةُ العقائدِ الدينِيَّةِ، ويَنْدَرِجُ تحت هذه العقائد ثلاثةُ مَباحثٍ أساسِيَّةٍ هي الإِلَهِيَّاتُ والنُّبُوَّاتُ والسَّمْعِيَّاتُ؛ فالإِلَهِيَّاتُ هي المسائل التي يُبحث فيها عنِ الله تعالى وصفاته وأفعاله، مِن حيث ما يَجِبُ وما يَجُوزُ وما يَستحيلُ في حَقِّه تعالى؛ والنُّبُوَّاتُ يَتعلَّقُ بها ما يَجِبُ وما يَجُوزُ وما يَستحيلُ في حَقِّ الرُّسُلِ والأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ؛ والسَّمْعِيَّاتُ هي الأُمورُ التي تَتعلَّقُ بالسَّماعِ مِنَ المعصومِ صلى الله عليه وسلم وتَدْخُلُ في دائرةِ الجَوَازِ العقليِّ، وتَدُورُ حَوْلَ الملائكةِ والجنِّ، والكرسي، والصراط، والعرش، والبعث والحشر، والميزان والحساب، والحوض والشفاعة، والجنة والنار، وعذاب القبر ونعيمه، وغير ذلك من مسائل تتعلق بالسَّمْعِيَّاتِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف) في (عِلْمُ العَقِيدةِ والتَّوحِيدِ): أسماءُ عِلْمِ العَقِيدةِ [يَعنِي عند أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ]؛ (أ)العَقِيدةُ، [و]مِن ذلك كِتابُ (عَقِيدةُ السَّلَفِ أصحابِ الحَدِيثِ) لِلصَّابُونِيِّ (ت449هـ)، و(الاعتِقادُ) لِلْبَيْهَقِيِّ (ت458هـ)؛ (ب)التَّوحِيدُ، [و]مِن ذلك (كِتابُ التَّوحِيدِ "في (الجامِعِ الصَّحِيحِ") لِلْبُخارِيِّ (ت256هـ)، وكِتابُ (التَّوحِيدُ) لِابْنِ خُزَيْمَةَ (ت311هـ)، وكِتابُ (التَّوحِيدُ لِابْنِ مَنْدَهْ [ت395هـ]، وكِتابُ (التَّوحِيدُ) لِلإمامِ محمدِ بنِ عبدالوهاب [ت1206هـ])؛ (ت)السُّنَّةُ، [و]مِن ذلك كِتابُ (السُّنَّةُ) لِعَبدِاللهِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (ت290هـ)، و(السُّنَّةُ) لِلْخَلَّالِ (ت311هـ)؛ (ث)أُصولُ الدِّينِ، [و]مِن ذلك كِتابُ (أُصولُ الدِّينِ) لِلْبَغْدَادِيِّ (ت429هـ)، و(الشَّرحُ والإبَانَةُ عَنْ أُصُولِ الدِّيَانَةِ) لِابْنِ بَطَّةَ [ت387هـ]، و(الإبَانَةُ عَنْ أُصُولِ الدِّيَانَةِ) لِلأشْعَرِيِّ (ت324هـ)؛ (ج)الفِقهُ الأكبَرُ، [و]مِن ذلك كِتابُ (الفِقهُ الأكبَرُ) المَنسوبُ لِأبِي حَنِيفةَ (ت150هـ) [قالَ الشَّيخُ الألبانِيُّ في فَتْوَى صَوتِيَّةٍ مُفَرَّغةٍ على هذا الرابط: هذا الكِتابُ لا تَثبُتُ نِسبَتُه إلى أبِي حَنِيفةَ. انتهى]؛ (ح)الشَّرِيعةُ، [و]مِن ذلك كِتابُ (الشَّرِيعةُ) لِلآجُرِّيِّ (ت360هـ)، و(الإبَانَةُ عن شَرِيعةِ الفِرقةِ النَّاجِيَةِ) لِابْنِ بَطَّةَ [ت387هـ]؛ (خ)الإيمانُ [قُلْتُ: ومِن ذلك كِتابُ (الإيمانُ) لِأبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَامٍ البَغْدَادِيِّ (ت224هـ)، وكِتابُ (الإيمانُ) لِأبِي بَكْرٍ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيِّ (ت235هـ)، وكِتابُ (الإيمانُ) لِابْنِ مَنْدَهْ (ت395هـ)]... ثم قالَ -أيِ الشيخُ السَّقَّاف: هذه هي أشهَرُ إطلاقاتِ أهلِ السُّنَّةِ على عِلْمِ العَقِيدةِ، وقد يُشرِكُهم غَيرُهم في إطلاقِها، كَبَعضِ الأشاعِرةِ... ثم قال -أيِ الشيخُ السَّقَّاف: وهناك اِصطلاحاتٌ أُخرَى تُطلِقُها الفِرَقُ -غَيرُ أهلِ السُّنَّةِ- على هذا العِلْمِ، مِن أشهَرِ ذلك؛ (أ)عِلمُ الكَلامِ؛ (ب)الفَلسَفةُ؛ (ت)التَّصَوُّفُ؛ (ث)الإِلَهِيَّاتُ؛ (ج)ما وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ. انتهى باختصار]؛ نَقُولُ، إنَّ قولَكم بعقولِكم في تلك الأُمورِ اعتراضًا {هذا يَجِبُ، هذا يَستَحِيلُ، كيف هذا؟}، هذا منكم اجْتِراءٌ على اللهِ عَزَّ وجَلَّ وعلى عَظَمَتِه جَلَّ جَلَالُه، واعتراضٌ على حُكْمِه وشَرعِه الحَكِيمِ، وتَقدِيمٌ بين يَدَيِ اللهِ ورسولِه، ومَن أَجَلَّ الْبَارِي وعَظَّمَه وعَظَّمَ حُكْمَه وشَرعَه، لم يَجْتَرِئْ على ذلك، فَلِلَّهِ عزَّ وجلَّ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ والحِكْمةُ الكامِلةُ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه، فَوَجَبَ الوقوفُ مع قولِه تعالى {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِين}، وقولِه تعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، وقولِه تعالى {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}؛ ويَكفِيك في فسادِ عَقْلِ مُعارِضِ الوَحْيِ قرآنًا وسُنَّةً اجتراؤه على عِصْمةِ رَبِّه عزَّ وجلَّ؛ فكيف نَجْعَلُ العقلَ حاكِمًا على شَرعِه (كِتَابًا وسُنَّةً)، ونُقَدِّمُه عليه، وكيف نَتَصَوَّرُ أنَّ الشارِعَ الحَكِيمَ يُشَرِّعُ شيئًا يَتَناقَضُ مع العُقولِ المحكومةِ بشَرعِه الحَنِيفِ؛ يقولُ الدكتور [مصطفى] السباعي [في كتابه (السُّنَّةُ ومَكانَتُها في التشريع الإسلامي)] {مِنَ المُقَرَّرِ في الإسلام أنه ليس فيه ما يَرْفُضُه العقلُ ويَحْكُمُ باستحالَتِه، ولكنْ فيه -كما في كلِّ رسالةٍ سَماوِيَّةٍ- أُمورٌ قد يَسْتَغْرِبُها العقلُ ولا يستطيعُ أن يَتَصَوَّرَها} في الإلهيات والنبوات والسمعيات، فتلك الأُمورُ فوقَ نِطاقِ العقلِ وإدراكِه، وقد يَحْصُلُ الغَلَطُ في فَهْمِها فيُفْهَمُ منها ما يُخالِفُ صَرِيحَ العقلِ، فَيَقَعَ التَّعارُضُ بين ما فُهِمَ مِنَ النقلِ وبين ما اقتضاه صَرِيحُ العقلِ، فهذا لا يُدْفَعُ، لِأنَّ هذه العقائدَ -كما يَقولُ اِبنُ خَلْدُونَ [في (مُقَدِّمَتِهِ)]- {مُتَلَقَّاةٌ مِنَ الشريعةِ، كما نَقَلَها السلفُ مِن غيرِ رُجوعٍ فيها إلى العقلِ ولا تَعوِيلٍ عليه... فإذا هَدَانا الشارعُ إلى مُدرَكٍ [يَعْنِي (مُدْرَكٍ مِن قِبَلِ اللهِ)]، فيَنبَغِي أنْ نُقَدِّمَه على مَدَارِكِنا، ونَثِقَ به دُونَها، ولا نَنْظُرَ في تصحيحِه بمَدارِكِ العقلِ ولو عارَضَه، بل نَعْتَمِدُ ما أَمَرَنا به اعتِقادًا وعِلْمًا، [ونَسْكُتُ] عَمَّا لم نَفْهَمْ من ذلك ونُفَوِّضُه إلى الشارع ونَعْزِلُ العقلَ عنه}؛ ويقولُ [أَيِ ابنُ خلدون] في موضعٍ آخَرَ [مِن (مُقَدِّمَتِهِ)] {وليس ذلك بِقادِحٍ في العقلِ ومَدارِكِه، بلِ العقلُ ميزانٌ صحيحٌ، فأحكامُه يَقِينِيَّةٌ لا كَذِبَ فيها، غير أنك لا تَطْمَعُ أنْ تَزِنَ به أُمورَ التوحيدِ والآخِرةِ، وحقيقةَ النُّبُوَّةِ، وحقائقَ الإلَهِيَّةِ، وكُلَّ ما وَرَاءَ طَوْرِه [أَيْ حَدِّه]، فإن ذلك طَمَعٌ في مُحَالٍ [ومثالُ ذلك (مثالُ رَجُلٍ رَأَى الميزانَ الذي يُوزَنُ به الذَّهَبُ، فطَمِعَ أنْ يَزِنَ به الجِبَالَ)، وهذا لا يَدُلُّ على أنّ الميزانَ في أحكامِه غيرُ صادقٍ، لكنْ للعقلِ حَدًّا يَقِفُ عندَه]... ومَن يُقَدِّم العقلَ على السَّمْعِ [أَيِ النَّقْلِ] في أمثالِ هذا القَضايَا، فذلك لِقُصورٍ في فَهْمِه واضْمِحلالٍ [في] رَأْيِه}. انتهى باختصار.
(42)وقالَ الشيخُ مصطفى السباعي (ت1384هـ) في كتابِه (السُّنَّةُ ومَكانَتُها في التشريع الإسلامي): فإنَّ اِسْتِغْرابَ العَقْلِ شيئًا أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَتْبَعُ الثقافةَ والبِيئَةَ وغيرَ ذلك مِمَّا لا يَضْبِطُه ضابِطٌ ولا يُحَدِّدُه مِقْياسٌ، وكثيرًا ما يكونُ الشيءُ مُستغرَبًا عند إنسانٍ طَبِيعِيًّا عندَ إنسانٍ آخَرَ، والذِين سَمِعوا بالسَّيَّارةِ اِسْتَغرَبُوها قَبْلَ أنْ يَرَوْها، لِأنَّها تَسِيرُ مِن غيرِ خُيُولٍ تَقُودُها، في حين كانت عندَ الغَرْبِيِّينَ أَمْرًا مَألُوفًا عادِيًّا، والبَدَوِيُّ في الصَّحَراءِ كان يَسْتَغرِبُ ما يقولونه عنِ المِذْيَاعِ (الرَّاديُو) في المُدُنِ، وَيَعُدُّهُ كَذْبَةً مِن أكاذِيبِ الحَضَرِيِّينَ، فلمَّا سَمِعَ الرَّاديُو لِأوَّلِ مَرَّةٍ ظنَّ أنَّ الشيطانَ هو الذي يَتَكَلَّمُ فيه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مصطفى السباعي-: وبهذا نَرَى أنَّ فَرِيقًا كَبِيرًا مِنَ الناسِ لا يُفَرِّقون بين ما يَرْفُضُه العقلُ وبين ما يَسْتَغْرِبُه، فَيُسَاوُونَ بينهما في سُرعةِ الإنكارِ والتَّكذِيبِ، مع أنَّ حُكْمَ العقلِ فيما يَرْفُضُه ناشئٌ مِن اسْتِحالَتِه [أَيِ اسْتِحالَةِ ما يَرْفُضُه]، وحُكْمَ العقلِ فيما يَسْتَغْرِبُه ناشئٌ مِن عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى تَصَوُّرِهِ، وفَرْقٌ كبيرٌ بين ما يَستَحِيلُ وبين ما لا يُدْرَكُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مصطفى السباعي-: إنَّنا نَرَى مِنَ الاستِقراءِ التاريخِيِّ وتَتَبُّعِ التَّطَوُّرِ العِلْمِيِّ والفِكْرِيِّ، أنَّ كثيرًا مِمَّا كان غامِضًا على العُقولِ أصبحَ مَفهومًا واضِحًا، بَلْ إنَّ كثيرًا مِمَّا كان يُعتَبَرُ حَقِيقةً مِنَ الحَقائقِ أصبحَ خُرَافةً مِنَ الخُرَافاتِ، وما كان مُستحِيلًا بالأَمْسِ أصبحَ اليومَ واقِعًا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مصطفى السباعي-: فنحن نعيشُ في عَصرٍ استطاعَ فيه الإنسانُ أنْ يَكتشِفَ القَمَرَ بصَوارِيخِه، وهو الآنَ يَستَعِدُّ للنُّزُولِ فيه [قلتُ: قد تَحَقَّقَ ذلك النُّزُولُ بعدَ وفاةِ الشيخِ] وفي غيرِه مِنَ الكواكِبِ، ولو أنَّ إنسانًا فَكَّرَ في مِثْلِ هذا في القُرُونِ الوُسْطَى أو مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ لَعُدَّ مِنَ المَجانِين... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ مصطفى السباعي-: والذين يُنَادُون بتَحْكِيمِ العقلِ في صِحَّةِ الحديثِ أو كَذِبِه، لا نَرَاهُمْ يُفَرِّقُونَ بينَ المُسْتَحِيلِ وبينَ المُسْتَغْرَبِ، فيُبادِرُون إلى تكذيبِ كُلِّ ما يَبدُو غَرِيبًا في عُقولِهم، وهذا تَهَوُّرٌ طائشٌ ناتجٌ مِنِ اغْتِرارِهم بعُقولِهم مِن جِهَةٍ، ومِنِ اغْتِرارِهم بسُلْطانِ العَقلِ ومَدَى صِحَّةِ حُكْمِه فيما لا يَقَعُ تحتَ سُلْطانِه مِن جِهَةٍ أُخْرَى. انتهى باختصار.
(43)وقالَ الشيخُ عبدُالعزيز الطريفي (الباحث بوِزَارةِ الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية) في مقالة له على هذا الرابط: وأَصْلُ الضَّلَالِ اغترارُ الإنسانِ بعَقْلِه، وطَلَبُهُ أنْ يَحْوِيَ كلَّ شيءٍ به، وبعضُ المعلوماتِ بالنِّسْبَةِ للعَقْلِ كالمحيطاتِ بالنسبة للأَوَانِي، لو سُكِبَتْ عليه طَوَتْه وضاعَ فيها وتَحَيَّرَ؛ ومِمَّا يَدْخُلُ في ذلك مَسْأَلةُ القَدَرِ، وهي مسألةٌ لا يَقْدِرُ العَقْلُ على الإحاطةِ بها حتَّى لو عُرِضَتْ عليه مِن أَوَّلِها إلى آخِرِها حِكْمةً وعِلَّةً، حتى يَجْعَلَ اللهُ له عَقْلًا يَختَلِفُ عن عَقْلِه الذي هو عليه؛ وقد جاءَ عن جعفر بن محمد، وأبي حنيفةَ {أنَّ النّاظِرَ في القَدَرِ كالنَّاظِرِ في عَينِ الشَّمْسِ، كُلَّما ازدادَ نَظَرًا ازدادَ تَحَيُّرًا}؛ وفي (البَّحْثِ في القَدَرِ) يقولُ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما {شَيْءٌ أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُه أَلَّا يُطْلِعَكُمْ عَلَيْهِ، فَلَا تُرِيدُوا مِنَ اللَّهِ مَا أَبَى عَلَيْكُمْ}؛ وكثيرٌ مِمَّن يَعجَزُ عَقْلُه عن تَأَمُّلِ المسائلِ، وَيَتَحَيَّرُ في فَهْمِها، لا يُسِيءُ الظَنَّ بِعَقْلِه، وإنَّما يَتَّهِمُ المسألةَ بعدمِ انضباطِها فَيَجْحَدَها، أو يَخْرُجَ بنتيجةٍ خاطئةٍ لِيَخْرُجَ مِن ضَعْفِ العقلِ واتِّهامِه إلى الاغترارِ به، وأمَّا أهلُ الإيمانِ ورَجَاحةِ العَقْلِ، فيَعرِفون نَقْصَ العَقْلِ وكمالَ النَّقلِ، فيَتَوَقَّفون عند ما ثَبَتَ به النَّصُّ وعَجِزَ عنه العقلُ ويُسَلِّمون إيمانًا بِرَبِّهم وتسليمًا له؛ والتسليمُ والتَّوَقُّفُ هو أَمْرُ اللهِ لعبادِه في المسائلِ التي لا يُدْرِكُونها ولا يُمْكِنُهم الإحاطةُ بها، وقد قالَ النبيُّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ {يَأْتي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ (مَن خَلَقَ كَذَا؟، مَن خَلَقَ كَذَا؟) حتَّى يَقُولَ (مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟)، فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ} [قَالَ النَّوَوِيُّ في (شرح صحيح مسلم): وقِيلَ {إنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُوَسْوِسُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّدُ عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِه،ِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْوَسْوَسَةِ بَلْ يَتَلَاعَبُ بِهِ كَيْفَ أَرَادَ}... ثم قالَ -أَيِ النَّوَوِيُّ-: قَالَ الإِمَامُ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ {ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا الْخَوَاطِرَ بِالإِعْرَاضِ عَنْهَا وَالرَّدِّ لَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ وَلَا نَظَرٍ فِي إِبْطَالِهَا}، قَالَ {وَالَّذِي يُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْخَوَاطِرَ عَلَى قِسْمَيْنِ؛ فَأَمَّا الَّتِي لَيْسَتْ بِمُسْتَقِرَّةٍ وَلَا اجْتَلَبَتْهَا شُبْهَةٌ طَرَأَتْ، فَهِيَ الَّتِي تُدْفَعُ بِالإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْحَدِيثُ، وَعَلَى مِثْلِهَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الْوَسْوَسَةِ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرًا طَارِئًا بِغَيْرِ أَصْلٍ دُفِعَ بِغَيرِ نَظَرٍ في دَلِيلٍ، إذْ لا أَصْلَ لَهُ يُنْظَرُ فِيهِ؛ وَأَمَّا الْخَوَاطِرُ الْمُسْتَقِرَّةُ الَّتِي أَوْجَبَتْهَا الشُّبْهَةُ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ إِلَّا بِالاسْتِدْلَالِ وَالنَّظَرِ فِي إِبْطَالِهَا [قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (مجموع الفتاوى): فَكُلُّ مَنْ لَمْ يُنَاظِرْ أَهْلَ الإِلْحَادِ وَالْبِدَعِ مُنَاظَرَةً تَقْطَعُ دَابِرَهُمْ لَمْ يَكُنْ أَعْطَى الإِسْلَامَ حَقَّهُ. انتهى]}... ثم قالَ -أَيِ النَّوَوِيُّ-: وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ}، فَمَعْنَاهُ إِذَا عَرَضَ لَهُ هَذَا الْوَسْوَاسُ فَلْيَلْجَأْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دَفْعِ شَرِّهِ عَنْهُ، وَلْيُعْرِضْ عَنِ الْفِكْرِ فِي ذَلِكَ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخَاطِرَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَسْعَى بِالْفَسَادِ وَالإِغْوَاءِ فَلْيُعْرِضْ عَنِ الإِصْغَاءِ إِلَى وَسْوَسَتِهِ وَلْيُبَادِرْ إِلَى قَطْعِهَا بِالاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا. انتهى باختصار. وقالَ اِبْنُ حَجَرٍ في (فَتْحُ الباري): قَالَ الْخَطَّابِيُّ {وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا وَسْوَسَ بِذَلِكَ فَاسْتَعَاذَ الشَّخْصُ بِاللَّهِ مِنْهُ وَكَفَّ عَنْ مُطَاوَلَتِهِ فِي ذَلِكَ انْدَفَعَ}، قَالَ {وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَرَّضَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ}، قَالَ {وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْآدَمِيَّ يَقَعُ مِنْهُ الْكَلَامُ بِالسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَالْحَالُ مَعَهُ مَحْصُورٌ، فَإِذَا رَاعَى الطَّرِيقَةَ وَأَصَابَ الْحُجَّةَ انْقَطَعَ؛ وَأَمَّا الشَّيْطَانُ فَلَيْسَ لِوَسْوَسَتِهِ انْتِهَاءٌ، بَلْ كُلَّمَا أُلْزِمَ حُجَّةً زَاغَ إِلَى غَيْرِهَا إِلَى أَنْ يُفْضِيَ بِالْمَرْءِ إِلَى الْحَيْرَةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ}. انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الطريفي-: كان عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يقول لِمن سألَه عنِ القَدَرِ {بَحْرٌ عَمِيقٌ فلَا تَلِجْهُ} يعني أنه أكبرُ مِن أنْ يُدْرَكَ بالعقلِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الطريفي-: كانَ النبيُّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ يَنْهَى عنِ الخَوضِ في القَدَرِ، [فقد] جاءَ أنَّه خَرَجَ إلى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَنازعونَ فِي الْقَدَرِ، هَذَا يَنْزِعُ بِآيَةٍ وَهَذَا يَنْزِعُ بِآيَةٍ، فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ، فَقَالَ {أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَمْ بِهَذَا وُكِّلْتُمْ؟، أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ انْظُرُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَاتَّبِعُوهُ، وَمَا نُهِيتُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. انتهى باختصار. وجاء في الموسوعة العَقَدِيَّةِ (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): مِنَ الأسئلةِ ما ليس له جَوَابٌ غَيْر السُّكُوت والانْتِهاء، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم {يَأْتي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ (مَن خَلَقَ كَذَا؟، مَن خَلَقَ كَذَا؟) حتَّى يَقُولَ (مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟)، فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ}، فإنَّ كُلَّ نَظَرٍ لا بُدَّ له مِن ضرورةٍ يَستنِدُ إليها، فإذا احتاجَتِ الضرورةُ إلى استدلالٍ ونَظَرٍ، أَدَّى ذلك إلى التَّسَلْسُلِ وهو باطلٌ [قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (منهاج السنة النبوية): التَّسَلْسُلُ فِي الْفَاعِلِينَ وَالْخَالِقِينَ وَالْمُحْدِثِينَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ {هَذَا الْمُحْدَثُ لَهُ مُحْدِثٌ، وَلِلْمُحْدِثِ مُحْدِثٌ آخَرُ} إِلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، فَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ -فِيمَا أَعْلَمُ- عَلَى امْتِنَاعِهِ، لِأنَّ كُلَّ مُحْدِثٍ لَا يُوجَدُ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ مُمْكِنٌ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ [أَيْ أنَّه مُمْكِنُ الوُجُودِ والعَدَمِ عَقْلًا]، فَإِذَا قُدِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَتَنَاهَى، لَمْ تَصِرِ الْجُمْلَةُ مَوْجُودَةً وَاجِبَةً بِنَفْسِهَا [أَيْ لَمْ تَصِرْ جُمْلَةُ الْمُحْدِثاتِ وَاجِبَةَ الوُجُودِ عَقْلًا بِنَفْسِهَا. قلتُ: ومِن أَمْثِلةِ وَاجِبِ الوُجُودِ عَقْلًا (مَتَى كانَ الكُلُّ مَوجُودًا وَجَبَ عَقْلًا أنْ يَكُونَ جُزْءُ هذا الكُلِّ مَوجُودًا أيضًا، لِأنَّه يَلزَمُ مِن وُجودِ الكُلِّ وُجودُ الجُزْءِ بالضَّرورةِ العَقلِيَّةِ)، و(مَتَى وُجِدَ المُسَبَّبُ وَجَبَ عَقْلًا أنْ يكونَ سَبَبُه قد وُجِدَ)]، فَإِنَّ انْضِمَامَ الْمُحْدِثِ إِلَى الْمُحْدِثِ وَالْمُمْكِنِ إِلَى الْمُمْكِنِ، لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُفْتَقِرًا إِلَى الْفَاعِلِ لَهُ، بَلْ كَثْرَةُ ذَلِكَ تَزِيدُ حَاجَتَهَا وَافْتِقَارَهَا إِلَى الْفَاعِلِ، وَافْتِقَارُ الْمُحْدِثَين الْمُمْكِنَين أَعْظَمُ مِنَ افْتِقَارِ أَحَدِهِمَا، كَمَا أَنَّ عَدَمَ الاثْنَيْنِ أَعْظَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهِمَا، فَالتَّسَلْسُلُ فِي هَذَا وَالْكَثْرَةُ لَا تُخْرِجُهُ عَنِ الافْتِقَارِ وَالْحَاجَةِ، بَلْ تَزِيدُهُ حَاجَةً وَافْتِقَارًا؛ فَلَوْ قُدِّرَ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْمُمْكِنَاتِ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَقُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ مَعْلُولٌ لِبَعْضٍ أَوْ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِفَاعِلٍ صَانِعٍ لَهَا خَارِجٍ عَنْ هَذِهِ الطَّبِيعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلافْتِقَارِ وَالاحْتِيَاجِ، فَلَا يَكُونُ فَاعِلُهَا مَعْدُومًا [أَيْ مُستَحِيلَ الوُجودِ عَقْلًا]، وَلَا مُحْدَثًا، وَلَا مُمْكِنًا (يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ)، بَلْ لَا يَكُونُ إِلَّا مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ، وَاجِبَ الْوُجُودِ، لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ، قَدِيمًا [قالَ الشيخُ عبدُالعزيز الراجحي (الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود في كلية أصول الدين، قسم العقيدة) في (شرح العقيدة الطحاوية): كَلِمةُ {القَدِيم} ما وَرَدَتْ في أسماءِ اللهِ، وإنَّما أحدَثَها أهلُ الكَلامِ، الذي وَرَدَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ {الأوَّل}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الراجحي-: تَسمِيَةُ اللهِ بِأنَّه {قَدِيم} مُحدَثٌ أحدَثَه أهلُ الكَلامِ؛ وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ لا يُسَمُّون اللهَ بِأنَّه {قَدِيم}، لِأنَّ الأسماءَ والصِفاتِ تَوقِيفِيَّةٌ، ومَعنَى (تَوقِيفِيَّةٌ) أيْ أنَّنا نَقِفُ على ما وَرَدَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، ما وَرَدَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ مِنَ الأسماءِ والصِّفاتِ نُثبِتُه لِلَّهِ، وما وَرَدَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ نَفيًا نَنفِيه عنِ اللهِ، وما لم يَرِدْ في الكِتابِ والسُّنَّةِ نَفيًا ولا إثباتًا نَتَوَقَّفُ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الراجحي-: يَنبَغِي أنْ نَكتَفِي بِما وَرَدَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، فَنَقولُ {اللهُ الأوَّلُ}، كَما قالَ سُبحانَه {هُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}، وثَبَتَ في صَحِيحِ مُسلِمٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ {اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ} والمَعنَى أنَّه {الأوَّلُ} الذي ليس لِأوَّلِيَّتِه بِدايَةٌ و{الآخِرُ} الذي ليس لِآخِرِيَّتِه نِهايَةٌ. انتهى باختصار] لَيْسَ بِمُحْدَثٍ، فَإِنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى مَنْ يَخْلُقُهُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ. انتهى باختصار. وقالَ -أَيِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ- أيضًا في (درء تعارض العقل والنقل): التَّسَلْسُلُ في المؤثرات هو أن يكونَ للحادثِ فاعلٌ وللفاعلِ فاعلٌ، وهذا باطلٌ بصريحِ العقلِ واتِّفاقِ العُقَلاءِ، وهذا هو التَّسَلْسُلُ الذي أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنْ يُستعاذَ باللهِ منه، وأَمَرَ بالانتهاءِ عنه، وأنْ يقولَ القائلُ {آمنت بالله ورسله} كما في الصحيحَين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَأْتي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ (مَن خَلَقَ كَذَا؟) حتَّى يَقُولَ له (مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟)، فَإِذَا بَلَغَ ذلك فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ}، وفي رواية {لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا (هذا الله خلق الخلق، مَن خَلَقَ الله؟) فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل (آمنت بالله)} ورواية {ورسوله}... ثم قال -أي ابن تيمية-: تَّسَلْسُلُ العِلَلِ والمعلولات مُمْتَنِعٌ بصريحِ العقلِ واتِّفاقِ العقلاءِ، وكذلك تَّسَلْسُلُ الفِعْلِ والفاعلِين، والخَلْقِ والخالقِين، فيَمْتَنِعُ أنْ يكونَ للخالقِ خالقٌ، وللخالقِ خالقٌ إلى غيرِ نِهَايَةٍ، ولهذا بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ هذا مِن وسوسةِ الشيطانِ، فقالَ في الحديثِ الصحيحِ {يَأْتي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ (مَن خَلَقَ كَذَا؟، مَن خَلَقَ كَذَا؟) حتَّى يَقُولَ (مَن خَلَقَ الله؟)، فَإِذَا وجدَ ذلك أحدُكم فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ}. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُالرحمن حبنكة (الأستاذ بجامعة أم القرى) في (ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة) تحت عنوان (مِنَ المستحيلاتِ العقليةِ الدَّوْرُ والتَّسَلْسُلُ): الدَّوْرُ هو توقُّفُ الشَيْءِ على نَفْسِه، أَيْ أنْ يكونَ هو نَفْسُه عِلَّةً لِنَفْسِه، بواسِطةٍ أو بِدونِ واسطةٍ، والدَّوْرُ مستحيلٌ بالبَدَاهةِ العقليَّةِ، أمثلةٌ؛ (أ)الكَوْنُ وُجِدَ بنَفْسِه مِنَ العَدَمِ المُطْلَقِ، في هذا الكلامِ دَوْرٌ مرفوضٌ عقلًا، إذ يقتضي أن يكون الكَوْنُ عِلَّةً لنَفْسِه، وأن يكونَ معلولًا لها بآنٍ واحدٍ، والعِلَّةُ تقتضي سَبْقَ المعلولِ [أَيْ أَنْ تَسْبِقَ المعلولَ]، وبما أنَّ العلةَ -بحسب الدَّعْوَى- هي المعلولُ نَفْسُه، فإن هذا الكلامَ يقتضي أنْ يكونَ وجودُ الشيء سابقًا على وجودِه نَفْسِه، وفي هذا تَناقُضٌ ظاهرٌ، وهو أن الكَوْنَ بوَصْفِه عِلَّةً هو موجودٌ، وبوَصْفِه معلولًا هو غيرُ موجودٍ، مع أنه شيءٌ واحدٌ لا شَيْئَان، فهو إذن بحسب الدَّعْوَى (موجود غير موجود) في آنٍ واحدٍ، والتناقضُ مستحيلٌ مرفوضٌ بالبَدَاهةِ العقليَّةِ؛ (ب)أَوَّلُ دَجَاجَةٍ يَتَوَقَّفُ وُجودُها على أَوَّلِ بَيضةٍ، وأَوَّلُ بَيضةٍ يَتَوَقَّفُ وُجودُها على أَوَّلِ دَجَاجَةٍ، هذا كلامٌ مرفوضٌ بالبَدَاهةِ العقليَّةِ، لِمَا فيه مِنَ الدَّوْرِ المستحيلِ عقلًا، إذ يقتضى أنَّ العِلَّةَ في وُجودِ الدَّجَاجَةِ الأولى هي البَيْضَةُ الأُولَى، وأنَّ العِلَّةَ في وُجُودِ البَيضةِ الأُولَى هي الدَّجَاجَةُ الأُولَى التي هي معلولٌ للبَيضةِ الأُولَى، فلا تُوجَدُ ما لم تُوجَدْ، إذن فالدَّجَاجَةُ الأُولَى لا تُوجَدُ إلَّا إذا وُجِدَتْ هي فأنْتَجَتْ بَيضةً ففَقَسَتِ -أَيْ فَكَسَرَت- البَيضةَ عنها، لقد دارَ الشيءُ على نَفْسِه بواسطةٍ، وانتهى -أَيِ الدَّوْرُ- إلى تَناقُضٍ ظاهرٍ مرفوضٍ لَزِمَ منه إثباتُ أنْ يكون الشيءُ الواحدُ موجودا قَبْلَ أن يكونَ موجودا، لِيُوجِدَ شيئًا آخَرَ، يكون هذا الشيءُ الآخَرُ عِلَّةً في وُجودِ ما كان هو سَبَبًا في وُجودِه، وظاهِرٌ أنَّ هذا الدَّوْرُ ينتهي إلى أن تكون الدجاجة علة في وجود الدجاجة مع وجود واسطة هي البيضة، وأن تكون البيضة علة في وجود البيضة مع واسطة هي الدجاجة؛ (ت)أَوَّلُ ماءٍ وُجِدَ في الأرض هو مِنَ السحاب، وَأَوَّلُ سحاب وُجِدَ هو مِن بخار الماء في الجو، وَأَوَّلُ بخار للماء في الجو وُجِدَ هو مِنَ الماء الذي وُجِدَ في الأرض، هذا كلامٌ فيه دَوْرٌ مرفوضٌ بالبَدَاهةِ العقليَّةِ، ولكنَّ هذا الدورَ تَعَدَّدَتْ فيه الواسِطةُ، فإذا انْتَقَلْنا مِنَ الماءِ المُتَوَقِّفُ وُجُودُه على السحاب، ثم مِنَ السحابِ المُتَوَقِّفُ وُجُودُه على البخار، ثم مِنَ البخارِ المُتَوَقِّفُ وُجُودُه على الماء، وَجَدْنا أَنْفُسَنا أمامَ تَوَقُّفِ وُجودِ الماءِ على نَفْسِه، وتَوَقُّفِ وُجودِ البخار على نَفْسِه، وتَوَقُّفِ وُجودِ السحاب على نَفْسِه، بعدَ أن دارَ التَّوَقُّفُ على واسِطةٍ مِن عُنْصُرَين آخَرَين، وانتهى -أَيِ الدَّوْرُ- إلى التناقُضِ المرفوضِ بالبَدَاهةِ العقليَّةِ، إذ فيه إثباتُ وُجودِ الشيءِ قَبْلَ أن يكونَ موجودا، لِيَكُونَ عِلَّةً لِوُجودِ أَمْرٍ ثانٍ، والثاني عِلَّةً لِوُجودِ أَمْرٍ ثالثٍ، والثالثُ عِلَّةً لِوُجودِ الأَمْرِ الأَوَّلِ، إذَنْ فالأَوَّلُ عِلَّةٌ لِنَفْسِه بعدَ دَوْرةٍ مَرَّتْ على عُنْصُرَين آخَرَين... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ حبنكة-: وقد تَكْثُرُ عَناصِرُ الواسِطةِ في الدَّوْرِ أَكْثَرَ مِن ذلك... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ حبنكة-: التَّسَلْسُلُ هو أنْ يَستَنِدَ وُجودُ المُمْكِنِ إلى عِلَّةٍ مُؤَثِّرةٍ فيه، وتَستَنِدَ هذه العِلَّةُ إلى عِلَّةٍ مُؤَثِّرةٍ فيها، وهي إلى عِلَّةٍ ثالثةٍ مُؤَثِّرةٍ فيها، وهكذا تَسَلْسُلًا مع العِلَلِ دُونَ نِهَايَةٍ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ المهتدي بالله الإبراهيمي في (توفيق اللطيف المنان) تَحتَ عُنْوانِ (الرد على شبهة الفلاسفة في مجادلتهم حول كمال قدرة اللهِ تبارك وتعالى): إنَّ أعداءَ الدِّينِ مُنْذُ الْقِدَمِ يَسْعَوْن لِتَدمِيرِ هذا الدِّينِ بالشُّبُهاتِ تارةً وبِالشَّهَواتِ تارةً أُخرَى، قالَ اللهُ سُبحانَه وتَعالَى {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، فَمِن مَكائدِهمُ الشَّيطانِيَّةِ اللَّعِبُ بِالألفاظِ اللُّغَوِيَّةِ وقَلْبُ الحَقائقِ الضَّرورِيَّةِ اليَقِينِيَّةِ، لِيَتَوَصَّلوا بذلك إلى إزالةِ الإيمانِ مِن قَلبِ المُسلِمِ المُوَحِّدِ، قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}؛ فَمِن سُخْفِ أفهامِهم وخُبثِ نَوايَاهم، أتَوْا بِأسئلةٍ ظَنُّوا أنَّهم يَستَطِيعون بها بَثَّ الشُّكوكِ حَولَ الحَقِيقةِ الإيمانِيَّةِ الراسِخةِ (أنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)، فَبَدَءُوا يَسألون المُسلِمِين أسئلةً هي أشبَهُ بِتَعبِيراتِ المَجانِين وعَقائدِ الزَّنادِقةِ المُلحِدِين، فَقالوا {ألَستُمْ تَزعُمون أنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، فَهَلْ يَقدِرُ اللهُ على خَلقِ صَخرةٍ لا يَستَطِيعُ حَمْلَها؟}، وقالوا {فَإنْ قُلتُمْ (نَعَمْ) فَقَدْ أثبَتُّمْ وجُودَ صَخرةٍ لا يَستَطِيعُ حَمْلَها، وإنْ قُلتُمْ (لا) فَقَدْ قُلتُمْ أنَّه لا يَستَطِيعُ خَلْقَ مِثلِ هذه الصَّخرةِ}، فَلنَنظُرِ الآنَ إلى حَقِيقةِ سُؤَالِهم الذي هو بِمفَهومٍ آخَرَ {هَلْ يَقدِرُ الذي لا يَعْجِزُ عن شيء أنْ يَعجِزَ عن شَيءٍ؟}، فَسُؤالُهم هذا يُفسِدُ أوَّلَه آخِرُه، ويُشبِهُ كَلامَ المَجانِين الذي لا مَعنَى له، وهو عِبارةٌ عن سَفسَطةٍ كَلامِيَّةٍ ولَعِبٍ بِالألفاظِ اللُّغَوِيَّةِ وكُفرٍ بِاللهِ عَزَّ وجَلَّ، وسُؤالُهم هذا لا يَقتَضِي الإجابةَ بـ {نَعَمْ} ولا بـ {لا}، لِأنَّه ليس بِسُؤالٍ صَحِيحٍ، فَلَيسَ كُلُّ سُؤالٍ له جَوابٌ، بَلْ كُلُّ سُؤالٍ صَحِيحٍ له جَوابٌ، فَإنَّ السُّؤالَ الذي يُفسِد بَعضُه بَعضًا [فَفِي الشِّقِّ الأَوَّلِ مِنَ السُّؤالِ يَسألون بـ (هَلْ يَقدِرُ؟) أيْ (هَلْ يَستَطِيعُ؟) وفي الشِّقِّ الثانِي منه (لا يَستَطِيعُ)!!!] ويَنقُضُ آخِرُه أَوَّلَه، هو سُؤالٌ فاسِدٌ لم يُحقَّقْ بَعْدُ، فَهو في الحَقِيقةِ ليس بِسؤالٍ ولا سَألَ صاحِبُه عن شَيءٍ أصلًا، وما لم يُسأَلْ عنه فَلا يَلزَمُ عنه جَوابٌ، كَما أنَّ المَجنونَ لو سَأَلَنا سُؤالًا لم نَفهَمْ مَعناه لم يَقتَضِ تَفَوُّهُه بِالخُزَعْبِلَاتِ أيَّةَ إجابةٍ مِنَّا، وَكَذَلِكَ سُؤالُهم السابِقُ؛ ومِن أمثِلةِ هذه الأسئلةِ قَولُهم أخزاهم اللهُ {هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ خَلْقَ إلَهٍ مِثْلِه؟، أو هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ أَنْ يُفنِي نَفسَه؟، أو هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ خَلْقَ صَخرةٍ لَيسَتْ في مُلكِه؟}، إلى أمثالِ هذه الهَذَيَاناتِ الكُفرِيَّةِ التي لا يَتَفَوَّهُ بِمِثْلِها إلَّا زِندِيقٌ مارِقٌ ما عَرَفَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ وما قَدَرَه حَقَّ قَدْرِهِ، نَسألُ اللهَ السَّلامةَ؛ وقد أشارَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم إلى أنَّ مِثلَ هذه الأسئلةِ مِنَ الشَّيطانِ، وبَيَّنَ عِلاجَ هذا الضَّربِ مِنَ الأسئلةِ، فَقَدْ أخرَجَ البُخارِيُّ عن أبِي هُرَيْرَةَ أنَّه قالَ {قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ "مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟"، حَتَّى يَقُولَ "مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟"، فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ)}، وفي رِوايَةِ مُسلِمٍ {لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا (خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟)، فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ (آمَنْتُ بِاللَّهِ)}، وفي رِوايَةٍ عند أَبِي دَاوُدَ {فَإِذَا قَالُوا [أَيِ النَّاسُ] ذَلِكَ فَقُولُوا (اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: قالَ الحافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ [في (فَتْحُ الباري)] {قَالَ اِبنُ بَطَّالٍ (فَإِنْ قَالَ الْمُوَسْوِسُ "فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَخْلُقَ الْخَالِقُ نَفْسَه"ُ، قِيلَ لَهُ هَذَا يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأنَّكَ أَثْبَتَّ خَالِقًا وَأَوْجَبْتَ وُجُودَهُ ثُمَّ قُلْتَ "يَخْلُقُ نَفْسَه"ُ فَأَوْجَبْتَ عَدَمَهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فَاسِدٌ لِتَنَاقُضِهِ، لِأنَّ الْفَاعِلَ يَتَقَدَّمُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِ فِعْلِهِ فَيَسْتَحِيلُ كَونُ نَفسِه فِعلًا لَهُ)؛ وَيُقَالُ إِنَّ مَسْأَلَةً وَقَعَتْ فِي زَمَنِ الرَّشِيدِ فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ صَاحِبِ الْهِنْدِ، وَأَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ (هَلْ يَقْدِرُ الْخَالِقُ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ)، فَسَأَلَ [أَيِ الرشيدُ] أَهْلَ الْعِلْمِ، فَبَدَرَ شَابٌّ فَقَالَ (هَذَا السُّؤَالُ مُحَالٌ [يَعنِي (مُتَناقِضٌ)]، لِأنَّ الْمَخْلُوقَ مُحْدَثٌ وَالْمُحْدَثُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الْقَدِيمِ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يُقَالَ "يَقْدِرُ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ أَوْ لَا يَقْدِرُ")}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: وهُنا مَسألَةٌ مُهِمَّةٌ وهي أنَّه لو سُئِل أحَدُ المُوَحِّدِين عن مِثْلِ هذه الأسئلةِ الشَّيطانِيَّةِ الكُفرِيَّةِ، مِثلَ أنْ يَسألَه أحَدُ شَياطِينِ الإنسِ فَيَقُولُ له {هَلْ يَقدِرُ اللهُ أنْ يَخلُقَ إلَهً مِثلَه؟}، فَلَو بادَرَ أحَدُ المُوَحِّدِين إلى الإجابةِ عن هذا السُّؤالِ بـ {نَعَمْ}، وكانَ قَصدُه أنْ يَقولَ {أنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ}، ولم يَقصِدْ أبَدًا أنْ يَقولَ بِإمكانِيَّةِ أنْ يُوجَدَ للهِ مَثِيلٌ، وهذا قد يَحصُلُ لِعَدَمِ تَنَبُّهِه على الأمْرِ المُستَفهَمِ عنه بِالقُدرةِ، لا يُكَفَّرُ مُباشَرةً، بَلْ يُنَبَّهُ ويُبَيَّنُ له الأمْرُ، فَإنَّ المُوَحِّدَ لا شَكَّ أنَّه يَعرِفُ أنَّه مِنَ المُحالِ أنْ يَكونَ للهِ مَثِيلٌ أو شَبِيهٌ وأنَّ هذا الفَرضَ كُفرِيٌّ، لَكِنْ لَمَّا يُسألُ هذا السُّؤالَ قد يَفهَمُ منه أنَّه سُؤالٌ عن قُدرةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ فَقَطْ، واللهُ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، فَيُجِيبَ بـ {نَعَمْ} دُونَ تَدقِيقٍ في الأمْرِ المُستَفهَمِ عنه، لِذا يُبَيَّنُ لِمَن لم يَفهَمِ السُّؤالَ حَقِيقةُ السُّؤالِ، ومِن ثَمَّ يُبَيَّنُ له الدَّواءُ النَّبَوِيُّ في مِثلِ هذه الأسئلةِ وأنَّه لا يُجابُ عليها بـ {لا} ولا بـ {نَعَمْ}، لِأنَّه ليس بِسؤالٍ صَحِيحٍ، بَلْ كَلامٌ مُتَناقِضٌ يَنْقُضُ بَعضُه بَعضًا؛ وهُناك حالةٌ مُعاكِسةٌ أُخرَى، وهي فِيما إذا أجابَ المُوَحِّدُ عن هذا السُّؤالِ بِقَولِه {لا يَقدِرُ اللهُ على خَلقِ إلَهٍ مِثلِه} قاصِدًا اِستِحالةَ أنْ يَكونَ لِلهِ مَثِيلٌ، فَهذا المُوَحِّدُ لا يُكَفَّرُ أيضًا وإنْ كانَتِ العِبارةُ غَيرَ لائقةٍ والنَّفسُ تَنْفِرُ مِنها جِدًّا [لِأنَّها مُوهِمةٌ بِالعَجزِ]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي- نَقلًا عنِ الشيخِ عبدِاللهِ بْن عبدِالرَّحمن أبي بُطَين (مُفْتِي الدِّيَارِ النَّجْدِيَّةِ، الْمُتَوَفَّى عامَ 1282هـ): وقد رُوِيَ عنِ اِبنِ عَبَّاسٍ أنَّ الشَّياطِينَ قالوا لِإبلِيسَ {يا سَيِّدَنا، ما لَنا نَراك تَفرَحُ بِمَوتِ العالِمِ ما لا تَفرَحُ بِمَوتِ العابِدِ، والعالِمُ لا نُصِيبُ منه والعابِدُ نُصِيبُ مِنه؟!}، قالَ {اِنطَلِقوا}، فانطَلَقوا إلى عابِدٍ فَأَتَوْه في عِبادَتِه، فَقالِ إبلِيسُ {هَلْ يَقدِرُ رَبُّكَ أنْ يَخلُقَ مِثلَ نَفسِه؟}، فَقالَ {لا أدرِي}، فَقالَ {أتَرَونه؟، لم تَنفَعْه عِبادَتُه مع جَهلِه}، فَسألوا عالِمًا عن ذلك فَقالَ {هذه المَسألةُ مُحالٌ [يَعنِي (مُتناقِضةٌ)]، لِأنَّه لو كانَ مِثلَه لم يَكُنْ مَخلوقًا، فَكَونُه مَخلوقًا وهو مِثلُ نَفسِه مُستَحِيلٌ، فَإذا كانَ مَخلوقًا لم يَكُنْ مِثلَه بَلْ كانَ عَبدًا مِن عَبِيدِه}، فَقالَ {أتَرَون هذا؟، يَهْدِمُ في ساعةٍ ما أبنِيه في سِنِينَ!}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: جاءَ إخوانُ هؤلاء المَلاحِدةِ بِأسئلةٍ أُخرَى تَدُلُّ على سُخْفِ عُقولِهم واستِهتارِهم بِالعُقَلاءِ، كَقَولِهم {هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ أنْ يَجعَلَ زَيدًا مَوجُودًا وغَيرَ مَوجودٍ، في آنٍ واحِدٍ؟}، لِأنَّه لا يَفرِضُ أنْ يَكونَ الشَّيءُ مَوجودًا وغَيرَ مَوجودٍ في نَفسِ الوَقتِ إلَّا رَجُلٌ ليس مِن أهلِ التَّميِيزِ والعَقلِ الصَّحِيحِ، فَأهلُ التَّميِيزِ لو سَألوا لَكانَ سُؤالُهم {هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ إيجادَ رَجُلٍ غَيرِ مَوجودٍ؟، أو يَستَطِيعُ اللهُ إعدامَ رَجُلٍ مِنَ الوُجودِ؟}، فَأمَّا الجَمعُ بَيْنَ الضِّدَّين هو مِنَ المُستَحِيلاتِ تَصَوُّرُها ووُجودُها، لِأنَّ حاصِلَ الجَمعِ بَيْنَ الضِّدَّين هو اللاشَيءُ أو العَدَمُ، فالذي يَقولُ {هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ أنْ يَجعَلَ زَيدًا مَوجُودًا وغَيرَ مَوجودٍ، في نَفسِ الوَقتِ؟} كَأنَّه يَسألُ {هَلْ يَستَطِيعُ اللهُ أنْ يَفعَلَ لا شَيءَ؟}، فَلا يُتَصَوَّرُ [مَثَلًا] أنْ يَجتَمِعَ الإيمانُ والكُفرُ في مَحَلٍّ واحِدٍ وفي آنٍ واحِدِ، ولا القُدرةُ مع العَجزِ، ولا العِلمُ مع الجَهلِ، ولا الشَّكُّ مع اليَقِينِ، ولا الوُجودُ مع العَدَمِ، عِلاوةً على أنَّ تَعرِيفَ الضِّدَّين أصلًا هما ما لا يَجتَمِعان معًا في آنٍ واحِدٍ في شَيءٍ واحِدٍ، فَيَكونُ الجَمعُ بَيْنَ الضِّدَّين مِنَ السَفسَطةِ الكَلامِيَّةِ، ويُسَمِّي العُلَماءُ هذا النَّوعَ مِنَ الأسئلةِ سُؤالًا عن لا شَيءَ أو عنِ العَدَمِ، ويَعُدُّون هذا مِنَ المُحالِ لِذاتِه [يَعنِي (مِنَ المُتَناقِضِ)]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: فَهذه حَقائقُ بَدِيهِيَّةٌ، فَلا يَكونُ الإنسانُ حَيًّا مَيِّتًا في آنٍ، واللهُ عَزَّ وجَلَّ يَقدِرُ أنْ يَجعَلَ المَيِّتَ حَيًّا والحَيَّ مَيِّتًا، ولَكِنْ مِنَ المُحالِ [يَعنِي (مِنَ المُتَناقِضِ)] أنْ يَكونَ الإنسانُ حَيًّا مَيِّتًا في آنٍ، لِأنَّ الأحياءَ والأمواتَ لا يَستَوُون، والحَيَاةُ ضِدُّ المَوتِ لا يَجتَمِعان مَعًا في آنٍ، ولا يَتَصَوَّرُ أنْ يَكونَ الإنسانُ حَيًّا مَيِّتًا في آنٍ إلا رَجُلٌ مُتَناقِضٌ وليس مِن أهلِ التَّميِيزِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: فَحاصِلُ الأمرِ أنْ تَعلَمَ أنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وأن الخُزَعْبِلَاتِ الكَلامِيَّةَ الكُفرِيَّةَ مَن سَألَ عنها بِقُدرةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ لا يَستَحِقُّ الإجابةَ إلَّا بِبَيانِ وَجهِ خُزَعْبِلَاتِه، فَلا تَعْلَقْ فِيما دَسَّه الزَّنادِقةُ المُبطِلون مِنَ الفَلاسِفةِ والمُلحِدِين لِلتَّشكِيكِ في قُدرَةِ العَزِيزِ الجَبَّارِ الذي لا يُعجِزُه شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، سُبحانَه مِن إلَهٍ عَظِيمٍ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: قالَ شيخُ الإسلامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ [في (بيان تلبيس الجهمية)] {فَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ لَا يُعْقَلُ وُجُودُهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى (الشَّيْءِ)}؛ وقالَ في مَوضِعٍ آخَرَ [في (مجموع الفتاوى)] {وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير،ٌ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْعُمُومِ شَيْءٌ، لَكِنَّ مُسَمَّى (الشَّيْءِ) مَا تُصُوِّرَ وُجُودُهُ، فَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ فَلَيْسَ شَيْئًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: قالَ شيخُ الإسلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ [في (منهاج السنة النبوية)] {وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ [يَعنِي (وَكُلُّ ما لم يَكُنْ مُتَناقِضًا)] فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي هَذَا، وَأَمَّا الْمُحَالُ لِذَاتِهِ [يَعنِي (وَأَمَّا المُتَناقِضُ)] مِثْلُ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا، فَهَذا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ، وَلَا يُسَمَّى (شَيْئًا) بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: قالَ الإمامُ الحافِظُ الْبَيْهَقِيُّ في كِتابِه (الجامع لشعب الإيمان) {سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِاللهِ بْنِ شَاذَانَ يَقُولُ، بَلَغَنِي أَنَّ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَقُولُ (إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الْعَاقِلَ مِنَ الأَحْمَقِ فَحَدِّثْهُ بِالْمُحَالِ [يَعني (بِالمُتَناقِضِ)]، إِنْ قَبِلَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ أَحْمَقُ)}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: إنَّ الكَلامَ الذي يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا يَكونُ كالعَدَمِ في عَدَمِ تَحقُّقِ مَعناه، وهذا مَعنَى قَولِنا {مُحالٌ عَقلًا} أو {مُحالٌ لِذاتِه}، وهذا المُحالُ لا يُسألُ عنه بِالقُدرةِ، لِأنَّه ليس بِشَيءٍ أصلًا، ولِأنَّ السُّؤالَ عنِ المُحالِ ليس بِسؤالٍ صَحِيحٍ فَلا يَقتَضِي إجابةً؛ والزَّنادِقةُ يَسألون عَنِ المُحالِ لِذاتِه [يَعنِي (عَنِ المُتَناقِضِ)] مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذاتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وصِفاتِه، فَيَظُنُّون أنَّهم بِذلك يَستَطِيعون نَقضَ العَقِيدةِ الراسِخةِ والأصلِ المُحكَمِ الثابِتِ {أنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ}، وأسئلَتُهم قد بَيَّنَّا أنَّها أسئلةٌ يُناقِضُ أوَّلَها آخِرُها، وهي أسئلةٌ شَيطانِيَّةٌ بِنَصِّ قَولِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: لو سَأَلَنا سائلٌ {هَلْ يَقدِرُ اللهُ على أنْ يُدخِلَ أبا لَهَبٍ الجَنَّةَ؟}، لم يَكُنْ سُؤالُه عن ذاتِ إدخالِه في الجَنَّةِ، بَلْ غَرَضُه أنْ يَسألَ {هَلْ يَقدِرُ اللهُ الذي لا يُخلِفُ وَعدَه أنْ يُخلِفُ وَعدَه؟}، فَكانَتْ مِثلُ هذه الأسئلةِ مُندَرِجةً تَحتَ المُحالِ لِذاتِه [يَعنِي (تَحتَ المُتَناقِضِ)] ولا بُدَّ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: المُحالُ لِذاتِه لا يُمكِنُ أنْ يَكونَ مَوضِعَ بَحثٍ في القُدرةِ، فَلا يُسألُ عنه بِالقُدرةِ لِأنَّه ليس بِشَيءٍ ولا بِكَلامٍ مُستَقِيمٍ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: لا يَعنِي قُدرةُ اللهِ على كُلِّ شَيءٍ أنَّه يَفعَلُ كُلَّ شَيءٍ، فَهُناك أُمورٌ لا يَفعَلُها اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِأنَّه نَصَّ على أنَّه لا يَفعَلُها مِثلَ إدخالِ أبي لَهَبٍ الجَنَّةَ ونَحوِه، وهُناك أُمورٌ لا يَفعَلُها اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِمُنافاتِها حِكمَتَه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الإبراهيمي-: وتَسمِيَةُ المُحالِ لِذاتِه المُحالَ في العَقلِ ليس مِن بابِ كَيلِ قُدرةِ اللهِ بِالعُقولِ، ولَكِنْ [مِن بابِ] كَيلِ القَولِ الصَّحِيحِ مِنَ السَّقِيمِ بِالعُقولِ. انتهى باختصار]... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: الذي قرَّرَه أهلُ العلمِ في القَدَرِ يَضَعُ لَنَا عِدَّةَ قَوَاعِدَ في غايَةِ الأهميَّةِ؛ الأولى، وُجوبُ الإيمان بالقَدَرِ؛ الثانيةُ، الاعتمادُ في مَعرِفةِ القَدَرِ وحُدودِه وأَبْعادِه على الكِتابِ والسُّنَّةِ، وتَرْكُ الاعتمادِ في ذلك على نَظَرِ العقولِ ومَحْضِ القِيَاسِ، فالعقلُ الإنسانيُّ لا يستطيعُ بنَفْسِه أنْ يَضَعَ المَعالِمَ والرَّكائزَ التي تُنْقِذُه في هذا البابِ مِنَ الانحرافِ والضلالِ، والذِين خاضُوا في هذه المسألة بعقولِهم ضَلُّوا وتاهُوا فمنهم مَن كذَّبَ بالقَدَرِ [وَهُمُ القَدَرِيَّةُ]، ومنهم مَن ظَنَّ أنَّ الإيمانَ بالقَدَرِ يُلْزِمُ القَولَ بالجَبْرِ [وَهُمُ الجَبْرِيَّةُ]؛ الثالثةُ، تَرْكُ التَّعَمُّقِ في البحثِ في القَدَرِ، فبعضُ جَوانِبِه لا يُمْكِنُ للعقلِ الإنسانيِّ مهما كان نُبُوغُه أنْ يَستَوْعِبَها؛ قد يقالُ {أليس في هذا المنهجِ حَجْرٌ على العقلِ الإنسانيِّ؟}، والجوابُ أنَّ هذا ليس بحَجْرٍ على الفِكرِ الإنسانيِّ، بَلْ هو صِيَانةٌ لهذا العقلِ مِن أنْ تَتَبَدَّدَ قُوَاه في غيرِ المَجَالِ الذي يُحْسِنُ التفكيرَ فيه، إنَّه صِيَانةٌ للعقلِ الإنسانيِّ مِنَ العَمَلِ في غيرِ المَجَالِ الذي يُحْسِنُه ويُبْدِعُ فيه؛ إنَّ الإسلام وَضَعَ بين يَدَيِ الإنسانِ مَعالمَ الإيمانِ بالقَدَرِ، فالإيمانُ بالقَدَرِ يَقُومُ على أنَّ اللهَ عَلِمَ كلَّ ما هو كائنٌ وكَتَبَه وشاءَه وخَلَقَه، واستيعابُ العقلِ الإنسانيِّ لهذه الحقائقِ سَهْلٌ مَيْسُورٌ، ليس فيه صُعوبةٌ، ولا غُموضٌ وتَعقِيدٌ؛ أمَّا البحثُ في سِرِّ القَدَرِ والغَوصُ في أعماقِه، فإنَّه يُبَدِّدُ الطاقةَ العقلِيَّةَ ويُهْدِرُها، إنَّ البحثَ في كيفية العِلْمِ والكِتابةِ والمَشِيئةِ والخَلْقِ، بَحْثٌ في كَيفِيَّةِ صِفاتِ اللهِ وكَيفَ تَعْمَلُ هذه الصِّفاتُ، وهذا أَمْرٌ مَحجُوبٌ عِلْمُه عنِ البَشَرِ، وهو غَيْبٌ يَجِبُ الإيمانُ به، ولا يَجُوزُ السؤالُ عن كُنْهِه، والباحثُ فيه كالباحثِ عن كَيفِيَّةِ استواءِ اللهِ على عَرشِه، يُقالُ له {هذه الصفاتُ التي يَقُومُ عليها القَدَرُ معناها مَعلُومٌ، وكَيفِيَّتُها مَجْهولةٌ، والإيمانُ بها واجبٌ، والسؤالُ عن كَيفِيَّتِها بِدْعةٌ}، إنَّ السؤالَ عنِ الكَيفِيَّةِ هو الذي أَتْعَبَ الباحثِين في القَدَرِ، وجَعَلَ البحثَ فيه مِن أَعْقَدِ الأُمورِ وأَصْعَبِها، وأَظْهَرَ أنَّ الإيمانَ به صَعْبُ المَنَالِ، وهو سَبَبُ الحَيْرةِ التي وَقَعَ فيها كثيرٌ مِنَ الباحثِين، ولذا فقد نَصَّ جَمْعٌ مِن أهل العلم على المِسَاحةِ المَحذورةِ التي لا يَجُوزُ دُخولُها في بابِ القَدَرِ، وقد سُقْنَا قريبًا مقالةَ الإمامِ أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى التي يقول فيها {مِنَ السُّنَّةِ اللَّازِمَةِ، الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالأَحَادِيثِ فِيهِ وَالإِيمَانُ بِهَا، لَا يُقَالُ (لِمَ؟ وَلَا كَيْفَ؟)}، لقد خاضَ الباحثون في القَدَرِ في كَيفِيَّةِ خَلْقِ اللهِ لأفعالِ العِبادِ مع كَوْنِ هذه الأفعالِ صادرةً عنِ الإنسانِ حقيقةً [قُلْتُ: يَنبَغِي هُنا أنْ تَتَنَبَّهَ إلى أنَّ كَوْنَ الفِعلِ خَلَقَه اللهُ وصَدَرَ عنِ العَبدِ، لا يَلزَمُ منه مُجازاةُ العَبدِ ثَوابًا وعِقابًا إلَّا إذا اِنضَمَّ إلى ذلك اِختِيارُ العَبدِ لِلْفِعلِ؛ فَقَدْ جاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ {لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ -حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ- مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ)، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ}، فَإنَّ اللهَ قد خَلَقَ قَولَ الكُفرِ في هذا الرَّجُلِ، وإنَّ قَولَ الكُفرِ قد صَدَرَ عن هذا الرَّجُلِ، لَكِنَّ هذا الرَّجُلَ لم يَستَحِقَّ العِقابَ لِأنَّه لم يَكُنْ مُختارًا لِهذا القَولِ الكُفرِيِّ بَلْ كانَ مُختارًا لِغَيرِه فَسَبَقَهُ لِسَانُهُ؛ وَكَذَلِكَ المُنافِقُ الذي يَتَصَدَّقُ رِئاءَ الناسِ، فَإنَّ اللهَ قد خَلَقَ فِعلَ التَّصَدُّقِ في هذا المُنافِقِ، وإنَّ فِعلَ التَّصَدُّقِ قد صَدَرَ عن هذا المُنافِقِ، لَكِنَّ هذا المُنافِقَ لَمْ يُحَصِّلْ ثَوَابَ فِعلِ التَّصَدُّقِ لِأنَّه لم يَكُنْ مُختارًا لِلتَّصَدُّقِ بَلْ كانَ مُختارًا لِمُراءاةِ الناسِ]، وبَحَثُوا عن كَيفِيَّةِ عِلْمِ اللهِ بِمَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ، وكيفَ يُكلِّفُ عبادَه بالعملِ مع أنَّه يَعْلَمُ ما سيعملون ويَعْلَمُ مَصِيرَهم إلى الجنة أو النار، وضَرَبَ الباحِثون في هذا كِتَابَ اللهِ بعضَه ببعضِ، وتاهوا وحارُوا ولم يَصِلُوا إلى شاطِئِ السلامةِ، وقد حَذَّرَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه مِن أن تَسْلُكَ هذا المَسَارَ وتَضْرِبَ في هذه البَيْداءِ، ففي سنن التِّرْمِذِيِّ بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ {خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ، فَقَالَ (أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟، أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ؟، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلُكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ، عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلَّا تَنَازَعُوا فِيهِ)}. انتهى باختصار.
(44)وقالَ الشوكاني في (التحف في مذاهب السلف): فَهُمْ [أَيْ أَهْلُ الكلامِ] مُتَّفِقُون فيما بينهم على أنَّ طريقَ السَّلفِ أَسْلَمُ، ولكنْ زَعَموا أنَّ طريقَ الخَلَفِ أَعْلَمُ، فكان غَايَةُ ما ظَفَروا به مِن هذه الأَعْلَمِيَّةِ لطريقِ الخَلَفِ أنْ تَمَنَّى مُحَقِّقُوهم وأذكياؤهم في آخِرِ أَمْرِهم دِينَ العجائزِ وقالوا {هَنِيئا للعامَّة} [قالَ الشيخُ ابنُ عثيمين في (شرح العقيدة السفارينية): مَعرِفةُ اللهِ عزَّ وجلَّ لا تحتاجُ إلى نَظَرٍ في الأصلِ، ولهذا، عوامُّ المسلمِين الآنَ هَلْ هُمْ فَكَّروا ونَظَروا في الآيَاتِ الكَونِيَّةِ والآيَاتِ الشرعيَّةِ حتى عَرَفوا اللهَ، أَمْ عَرَفوه بمُقتَضَى الفِطْرةِ؟، ما نَظَروا. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُاللهِ بْنُ عبدِالرَّحمن أبو بطين (مُفْتِي الدِّيَارِ النَّجْدِيَّةِ ت1282هـ) في (الدُّرَرُ السَّنِيَّةُ في الأَجْوِبةِ النَّجْدِيَّةِ): العامِيُّ الذي لا يَعرِفُ الأدِلَّةَ، إذا كانَ يَعتَقِدُ وَحْدَانِيَّةَ الرَّبِّ سُبحانَه ورِسالةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُؤمِنُ بِالبَعثِ بَعْدَ المَوتِ وبِالجَنَّةِ والنارِ، وأنَّ هذه الأُمورَ الشِّركِيَّةَ التي تُفعَلُ عند هذه المَشاهِدِ باطِلةٌ وضَلالٌ، فإذا كانَ يَعتَقِدُ ذلك اِعتِقادًا جازِمًا لا شَكَّ فيه، فَهو مُسلِمٌ وإنْ لم يُتَرجِمْ [أيْ يُبَيِّنْ] بِالدَّلِيلِ، لِأنَّ عامَّةَ المُسلِمِين، ولو لُقِنوا الدَّلِيلُ، فَإنَّهم لا يَفهَمون المَعْنَى غالِبًا. انتهى. وقالَ الشيخُ صالحٌ الفوزان في (شرح كشف الشبهات): فالعامِيُّ المُوَحِّدُ أَحسَنُ حالًا مِن عُلماءِ الكلامِ والمَنْطِقِ، فكتابُ اللهِ ما تَرَكَ شَيئًا نَحتاجُ إليه مِن أُمُور دِينِنا إلَّا وبَيَّنَه لنا، لكنْ يَحتاجُ منا إلى تَفَقُّهٍ وتَعَلُّمٍ، ولو كان عندك سِلَاحٌ ولكنْ لا تَعْرِفُ تَشغِيلَه فإنَّه لا يَدْفَعُ عنك العَدُوَّ، وكذلك القرآنُ لا يَنْفَعُ إذا كان مَهجورًا وكان الإقْبالُ على غيرِه مِنَ العُلومِ. انتهى]، فتَدَبَّرْ هذه الأَعْلَمِيَّةَ التي حاصِلُها أنْ يُهَنِّئَ مَن ظَفَرَ بها للجاهلِ الجَهْلَ البَسِيطَ [الجَهْلُ البَسِيطُ هو خُلُوُّ النَّفْسِ مِنَ العِلْمِ، والجَهْلُ المُرَكَّبُ هو العِلْمُ على خِلَافِ الحَقِيقةِ]، ويتمنَّى أنه في عِدَادِهم ومِمَّن يَدِينُ بِدِينِهم ويَمْشِي على طريقِهم؛ فإن هذا يُنادِي بأعلى صَوْتٍ ويَدُلُّ بأوضحِ دَلَالةٍ على أنَّ هذه الأَعْلَمِيَّةَ التي طَلَبُوها، الجَهْلُ خَيْرٌ منها بكثيرٍ، فما ظَنُّكَ بعِلْمٍ يُقِرُّ صاحِبُه على نَفْسِه أنَّ الجَهْلَ خَيْرٌ منه، ففي هذا عِبْرةٌ للمُعتَبِرِين وآيَةٌ بَيِّنةٌ للناظِرِين. انتهى باختصار.
(45)وقالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (مجموع الفتاوى): فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِينَ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ طَرِيقَةَ الْخَلَفِ -مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ- عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، إنَّمَا أُتُوا مِنْ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ طَرِيقَةَ السَّلَفِ هِيَ مُجَرَّدُ الإِيمَانِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ لِذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ الأُمِّيِّينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ}، وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْخَلَفِ هِيَ اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ الْمَصْرُوفَةِ عَنْ حَقَائِقِهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَاتِ وَغَرَائِبِ اللُّغَاتِ؛ فَهَذَا الظَّنُّ الْفَاسِدُ أَوْجَبَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ الَّتِي مَضْمُونُهَا نَبْذُ الإِسْلَامِ وَرَاءَ الظَّهْرِ، وَقَدْ كَذَبُوا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَضَلُّوا فِي تَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ، فَجَمَعُوا بَيْنَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السَّلَفِ فِي الْكَذِبِ عَلَيْهِمْ، وَبَيْنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ بِتَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ. انتهى.
(46)وقالَ الشيخُ سفر الحوالي (رئيس قسمِ العقيدةِ بجامعة أم القرى) في مَقالةٍ له على موقِعِه في هذا الرابط: عندما قالَ أهلُ الكلامِ {إنَّ المَرْجِعَ في الدِّينِ ليس كتابَ الله ولا سُنَّةَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما هو العقلُ}، جاءَ أُنَاسٌ آخَرُون وقالوا {ليس المَرْجِعُ العقلَ، بَلِ المَرْجِعُ الكَشْفُ الذي يَقَعُ في القُلوبِ، عِلْمُ الْمُكَاشَفَةِ، والْعِلْمُ اللَّدُنِّيُّ}، ما هو الْعِلْمُ اللَّدُنِّيُّ؟ وما هي الْمُكَاشَفَةُ؟، قالوا {نَتِيجةَ الذِّكْرِ والعبادةِ والسهرِ، يُوحَى إليك في المَنَامِ، ويُلْقَى إليك كلامٌ في قلبِك فَتَعْلَمَ أنَّ هذا هو الصِّراطُ المستقيمُ وهذا هو الصحيحُ وهذا هو الدِّينُ، فَتَتَبِّعه}!. انتهى. وقالَ الشيخُ الحوالي أيضًا في مَقالةٍ له بعنوان (أهل الكلام شابهوا اليهود في الضلال) على موقِعِه في هذا الرابط: أصحابُ الكلامِ الذِين يُسَمَّون علماءَ الكلامِ، الذِين جَعَلوا دِينَ اللهِ عز وجل فَلْسَفاتٍ وأُمورًا مُعَقَّدةً وغامِضةً، وأَدخَلوا فيه كلامَ الْيُونَانِ وقواعدَهم المَنطِقِيَّةَ وأَشْبَاهَها مِنَ الأُمورِ، التي وَصَلَ غُبَارُها إلى العامَّةِ أيضًا في كُلِّ أمرٍ مِنَ الأُمورِ، هؤلاء أَشْبَهُ شيءٍ بالأُمَّةِ المَغضوبِ عليها التي عَصَتِ اللهَ عز وجل على عِلْمٍ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحوالي-: فالمُتَّبَعُ لَدَيْهِمْ ليس كتابَ اللهِ ولا سُنَّةَ نَبِيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المُتَّبَعُ هو عُقولُهم وآراؤهم، ولهذا عاشوا في حَيْرةٍ عظيمةٍ؛ هؤلاء أصحابُ العقولِ -وَهُمْ كثيرٌ في الناس حتى مِنَ العامَّةِ (إلَّا مَن رَحِمَ اللهُ)- تَقُولُ لهم {قالَ اللهُ وقالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ}، فيَقُول لك {لكنْ هذا -في عَقْلِي- لا يُمْكِنُ}!، في عَقْلِك! سُبْحَانَ اللهِ! وَهَلْ أَحَالَنا اللهُ عز وجل للعُقُولِ؟!. انتهى باختصار.
(47)وقالَ الشَّيخُ محمد بنُ إبراهيم السعيدي (رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بمكة) في مقالة له على هذا الرابط: لا يَختلفُ الناقلون لمذهب السلف -حتى مِن علماء الأشاعرة- في أن السلفَ لم يشتغلوا بعِلْمِ الكلامِ، بلْ بالَغوا في ذَمِّه وتَحرِيمِه. انتهى.
(48)وقالَ أبو حامد الغزالي (ت505هـ) في (إحياء علوم الدين) عن عِلْمِ الكلامِ: وَإِلَى التَّحْرِيم ذهب الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد بن حَنْبَل وسُفْيَان وَجَمِيع أهل الحديث من السَّلفِ... ثم قالَ -أَيِ الغزالي-: وَقد اتَّفقَ أهلُ الحَدِيث من السَّلف على هَذَا، وَلَا ينْحَصِرُ مَا نُقِل عَنْهُم من التَّشديدات فِيهِ، وَقَالُوا {مَا سَكَتَ عَنهُ [أَيْ عن عِلْمِ الكلامِ] الصَّحَابَةُ، مَعَ أَنَّهم أَعْرَفُ بالحقائقِ وأَفْصَحُ بتَرتِيبِ الأَلْفَاظِ، مِن غَيرِهم، إِلَّا لِعِلْمِهم بِمَا يتَوَلَّدُ مِنْهُ مِنَ الشَّرِّ}. انتهى.
(49)وقالَ الشيخُ ناصر العقل (رئيس قسم العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (شرحِ "شرح العقيدة الطَّحَاوِيَّةِ"): مذهبُ السلفِ الصالحِ رحمهم الله والأَئمَّةِ أنَّه [أَيْ عِلْمَ الكلامِ] بِدْعةٌ وحَرَامٌ، لا يَجوزُ تَعَلُّمُه ولا تَعلِيمُه، وذلك لأن الصحابةَ تَرَكوه ولم يأخذوا به مع قِيَامِ الحاجةِ إليه في عَهْدِهم، ولِكَثرةِ شَرِّه ومَفاسِدِه، وإضاعةِ الوَقْتِ فيه بِلَا فائدةٍ، وإِثَارَتِه للشُّكوكِ والشُّبُهاتِ في عقائدِ المسلمِين، ولهذا فإنَّ أَساطِينَ عِلْمِ الكلامِ والذِين خَبَرُوه قد حذَّروا منه ومِن تَعَلُّمِه، بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لهم فسادُه وبُطلانُه، كالإمام الغزالي رحمه الله وغيرِه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقل-: فالسلفُ رحمهم الله كُلُّهم يُحَرِّمون عِلْمَ الكلامِ، فلا يَظُنُّ أَحَدٌ مِنَ الناسِ أنَّ هناك مِن أهلِ السُّنَّةِ مِن سَلَفِ الأُمَّةِ (أئمةِ الدِّينِ وأهلِ الحديثِ) مَن يُبِيحُ عِلْمَ الكلامِ، وقد نَجِدُ مِن أقوالِ أَئمَّةِ أهلِ السُّنَّةِ ما يُشْعِرُ أحيانًا باستخدام عِلْمِ الكلامِ، وهذا لا يُعَدُّ دليلًا على إباحةِ عِلْمِ الكلامِ، بَلْ يُعَدُّ مِنَ اللُّجوءِ للضَّرورةِ، كاستباحةِ المَيْتةِ عند الضرورةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقل-: وإنَّما تَرِدُ الضرورةُ في أَمْرٍ يَلْجَأُ إليه العالِمُ دُونَ تَبْيِيتٍ مُسْبَقٍ، كما حَدَثَ لكثيرٍ مِنَ الأَئمَّةِ، فالشافعي ناظَرَ بعضَ المتكلِّمِين واضْطُرَّ إلى أنْ يَستعملَ عباراتٍ كلامِيَّةٍ في مَوقِفٍ لم يُبَيِّتْه مِن قَبْلُ، والإمامُ أحمدُ رحمه الله استعملَ بعضَ الحُجَجِ الكلامِيَّةِ وإن كانت قليلةً جدًّا ونادِرةً، فقد كان وَقَّافًا على النَّصِّ، لَكِنِ استعملَها مِن بابِ ضرورةِ الدَّفْعِ لِشُبهةٍ يَخْشَى أن تَنْطَلِيَ على العامَّةِ أو على الناسِ أو على الحاضِرِين أثناءَ المُناظَرةِ، فكان يَدْفَعُ شُبْهَتَهم بأُسلوبٍ كلامِيٍّ لضرورةٍ طارئةٍ ما بَيَّتَها الإمامُ أحمد مِن قَبْلُ، فقاعدتُه سالِمةٌ وباقِيَةٌ، لم يَنْقُضْها إلَّا لِضَرورةٍ طَرَأَتْ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقل-: الأَصْلُ عند السلفِ وأئمةِ أهلِ السُّنَّةِ قديمًا وحديثًا إلى يومِنا هذا أن عِلْمَ الكلامِ حَرَامٌ، والاِطِّلاعَ على كُتُبِه حَرَامٌ، ولا يُلْجَأُ إليه بِدَعْوَى الضَّرورةِ إلَّا مِن مُتَخَصِّصٍ في مَوْقِفٍ يَعْرِضُ له، فيَستعمِل أساليبَ كلامِيَّةً، أو يَطَّلِع على كُتُبِ أهلِ الكلامِ للرَّدِّ عليها، فهذا أَمْرٌ يُقَدِّرُه العالِمُ المُتَمَكِّنُ، ولا يكون بمَثابةِ المَنْهَجِ الذي يُقَرَّرُ كما يَمِيلُ إلى ذلك بعضُ طُلَّابِ العِلْمِ عن جَهْلٍ في عصرِنا الحاضر [قالَ الشيخُ يوسفُ الغفيص (عضوُ هيئةِ كِبار العلماءِ بالدِّيَارِ السعوديةِ، وعضوُ اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) في (شرح العقيدة الواسطية): وَهُنَا قاعدةٌ يَنبَغِي لطالب العلم السلفِيِّ والسُّنِّيِّ، وللمسلمِ عُمومًا، أنْ يَفْقَهَها، وهي أنَّ ما يَصِحَّ في مَوْرِدِ الرَّدِّ (سواء كان الرَّدُّ على مُخالِفٍ مِنَ المسلمِين أو كان الرَّدُّ على أحدٍ مِن مِلَلِ الكفرِ) لا يَستَلزِمُ أنْ يكون صحيحًا في مَوْرِدِ التَّقْرِيرِ، فإنَّ ذِكْرَ العقيدةِ إمَّا أنْ يكونَ تقريرًا ابْتِدَاءً للمسلمِين، وإمَّا أنْ يكونَ مِن بابِ الرَّدِّ، فما صَحَّ في مَقَامِ الرَّدِّ على المُخالِفِ لا يَلْزَمُ بالضرورةِ أنْ يكونَ صَحيِحًا -أو على أَقَلِّ تقديرٍ مُنَاسِبًا- لِمَقامِ التقريرِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الغفيص-: مَقامَ التقريرِ أَضْيَقُ مِن مَقامِ الرَّدِّ، فما يَقَعُ فيه كثيرون مِن نَقَلِ ما استَعْمَلَه بعضُ أهلِ السُّنَّةِ في مَقامِ الرَّدِّ إلى مَقامِ التقريرِ ليس مُناسِبًا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الغفيص-: فيَنبَغِي دائمًا أنْ تُبْنَى العقيدةُ عند المسلمِين على مَقامِ التقريرِ القُرْآنِيِّ أو النَبَوِيِّ، وأَمَّا مَقامُ الرَّدِّ فإنَّه يُتَوَسَّعُ في شأنِه عند الأئمَّةِ. انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقل-: ثَبَتَ بالاستقراءِ التاريخِيِّ -وهذا أَمْرٌ قاطِعٌ- أنَّ عِلْمَ الكلامِ لم يَأْتِ بخَيْرٍ، فمنذ أنْ بَدَأَ أهلُ الأهواءِ يَشتغِلون بعِلْمِ الكلامِ فَتَحُوا على المسلمِين أَبْوابًا مِنَ الشَّرِّ؛ أَوَّلًا، مِنْ حَيْثُ إدخالُ الشُّبُهاتِ والشُّكوكِ على طَوائفِ المسلمِين، فَضَلُّوا وخَرَجوا عنِ السُّنَّةِ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا؛ ثانيًا، أَشْغَلوا أهلَ العلمِ عما هو أَوْلَى، فَكَمْ مِنَ الطاقاتِ والجُهودِ -جُهودِ أهلِ العلمِ- قد بُذِلَ في سبيلِ حِمَايَةِ العقيدةِ والتَّصَدِّي لأهلِ الكلامِ وأهلِ الباطلِ وأهلِ الهَوَى، الأَمْرُ الذي صَرَفَ المسلمِين عمَّا هو أَهَمُّ (مِن تَأْصِيلِ العقيدةِ ونَشْرِها، والاهتمامِ بتَرْبِيَةِ المسلمِين وإعدادِهم، والاهتمامِ بالجهادِ، وغيرِ ذلك)، فالطاقاتُ التي أُهْدِرَتْ في سبيلِ دَفْعِ هذه الشُّرورِ مِن عِلْمِ الكلامِ مِنَ السَّلَفِ وأئمَّةِ المسلمِين لا تَكادُ تُتَصَوَّرُ، فبعضُ العلماءِ قد يكون أَفْنَى عُمُرَه -إلَّا القَلِيلَ- في سبيلِ التَّصَدِّي لهذه الآفاتِ وهذه المصائبِ التي جَرَّها عِلْمُ الكلامِ على المسلمِين. انتهى باختصار.
(50)وقالَ الشيخُ فركوس في مقالة على موقعه في هذا الرابط: وفي مَعْرِضِ الرَّدِّ على كُتُبِ المنطقِ ومَدَى صِحَّةِ قَوْلِ مَن اشْتَرَطَها في تحصيلِ العلومِ، قالَ ابنُ تيميةَ رحمه الله [في مجموع الفتاوى] {وَأَمَّا شَرْعًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإِسْلَامِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ تَعَلُّمَ هَذَا الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ [أَيْ عِلْمِ المنطقِ] عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ، وَأَمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ فَبَعْضُهُ حَقٌّ وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ، وَالْحَقُّ الَّذِي فِيهِ كَثِيرٌ مِنْهُ -أَوْ أَكْثَرُهُ- لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُ فَأَكْثَرُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ تَسْتَقِلُّ بِهِ، وَالْبَلِيدُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ... فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْقَوَاعِدِ السَّلْبِيَّةِ الْفَاسِدَةِ مَا رَاجَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَكَانَتْ سَبَبَ فَسَادِ عُلُومِهِمْ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ (إنَّهُ كُلَّهُ حَقٌّ) كَلَامٌ بَاطِلٌ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ فركوس-: وقد كان جَزَاءُ مَنِ اتَّخَذَ المَناهِجَ الفلسفِيَّةَ والطُّرُقَ المنطقِيَّةَ مِيزانًا له ومَسْلَكًا، أَنْ أَوْرَثَهم اللهُ خَبْطًا في دُوَّامةٍ مِنَ الشَّكِّ والهَذَيَانِ والحَيْرَةِ، باستبدالِهم الذي هو أَدْنَى، بالذي هو خَيْرٌ (الْمُتَجَلِّي في الْمَحَجَّةِ [الْمَحَجَّةُ هي جَادَّةُ الطَّرِيقِ (أَيْ وَسَطُهَا)، والمُرادُ بها الطَّرِيقُ المُستَقِيمُ] الْبَيْضَاءِ [أَيِ الواضِحةِ] التي تَرَكَنا عليها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إلَّا هَالِكٌ). انتهى باختصار.
(51)وفي فيديو للشيخِ صالح الفوزان (عضوُ هيئةِ كِبار العلماءِ بالدِّيَارِ السعوديةِ، وعضوُ اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) بعُنْوانِ (حُكْمُ تَعَلُّمِ علمِ المنطق، والكلام على المقدمة المنطقية لكتاب "روضة الناظر")، سُئِلَ الشيخُ {ما حُكْمُ تَعَلُّمِ عِلْمِ المنطق في العقيدة، وما حُكْمُ تَعَلُّمِ المُقَدِّمةِ المنطقيَّةِ التي وَضَعَها ابْنُ قُدَامَةَ رحمه الله فِي أَوَّل كتابِه "روضة الناظر"؟}؛ فأجابَ: واللهِ العلماءُ يُحَرِّمون تَعَلُّمَ عِلْمِ المنطقِ وعلم الجدل، ويقولون {يَكْفِي معرفةُ الكتابِ والسنةِ، فيهما المَقْنَعُ وفيهما الكِفايَةُ}، وقد حاولوا مع الشيخ محمد بن إبراهيم [رئيس القضاة ومفتى الديار السعودية ت1389هـ] رحمه الله، لَمَّا فَتَحَ المعاهدَ والكلياتِ حاولوا معه أنه يُقَرِّرُ علمَ المنطق، فَأَبَى وأَصَرَّ على [عَدَمِ المُوافَقَةِ] حتى تُوُفِّيَ رحمه الله على منهجِ مَن سَبَقَ مِنَ التحذيرِ مِن علمِ الجدلِ؛ ويقولون [أَيِ العلماءُ] {يَكْفِي عِلْمُ الكتابِ والسنةِ}، ما في [أَيْ ما يُوجَدُ] شَكٌّ أنَّ هذا يَكْفِي... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الفوزان-: قَدِ اختلفوا هَلِ المُقَدِّمةُ [يعني ما كَتَبَه ابْنُ قُدَامَةَ تحت عنوان (مُقَدِّمةٌ مَنْطِقِيَّةٌ)] اللِّي في (روضة الناظر) [وهو كتابٌ في (أصول الفقه)] هَلْ هي مِن عَمَلِ المُصَنِّفِ أو لا، بدليلِ أنَّ بعضَ النُّسَخِ أو كثيرًا مِنَ النُّسَخِ ما فيها مُقَدِّمةٌ، ما فيها هذه المُقَدِّمةُ، فاللهُ أَعْلَمُ أنَّها أُلْحِقَتْ بها. انتهى.
(52)وفي هذا الرابط على موقع الشيخ ربيع المدخلي (رئيسُ قسمِ السُّنَّةِ بالدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، سُئِلَ الشيخُ {هل يَصْلُحُ لطالبِ العلمِ دراسةُ (آداب البَحْثِ والمُناظَرة)؟}؛ فأجابَ الشيخُ: آدابُ البحثِ والمناظرةِ مُستَمَدَّةٌ مِنَ المنطقِ، وهذه [أَيْ آدابُ البحث والمناظرة] مَواهِبُ يُؤتِيها اللهُ مَن يشاءُ {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ}؛ الشيخُ الألباني لم يَدْرُسِ المنطقَ ولا الفلسفةَ ولا آدابَ البَحْثِ والمُناظَرةِ، وكان يَأْتِي كِبَارُ علماءِ الأزهرِ [وَهُمُ الذِين دَرَسُوا في أَزْهَرِهم علومَ الكلامِ والمنطقِ والفلسفةِ] عنده كالأطفال، اللهُ أَعطَاه مَوْهِبةً؛ فالمنطقُ لا يَستَفِيدُ منه الْغَبِيُّ ولا يَحتاجُ إليه الذَّكِيُّ كما قالَ ابنُ تيميةَ، واقْرَأُوا [كتاب] (نقض المنطق) لابنِ تيميةَ رحمه الله تَجِدُون كيف بَيَّنَ أنهم [أَيِ المَناطِقةَ] على جَهْلٍ وضلالٍ، وأنهم لم يستفيدوا منه لا أذكياؤهم ولا أغبياؤهم!... ثم قال -أي الشيخ المدخلي-: الذِين أَسَّسوا هذا المنطقَ وَثَنِيُّون مِن أجهلِ خلقِ اللهِ وأكفرِهم، ماذا نَفَعَهم المنطقُ؟!، لم يَنْفَعْهم بشيءٍ!، وأهلُ الكلامِ لَمَّا خاضُوا في بابِ المنطقِ والفلسفةِ ضاعوا وضَلُّوا فهو يَضُرُّ ولا يَنفَعُ!؛ فكتابُ اللهِ فيه البيانُ الشافِي، فيه الحُجَجُ الواضحةُ والأدلةُ العقليَّةُ والأدلةُ النقليَّةُ، يَحْتَاجُ مِنَّا إلى تَدَبُّرٍ وفَهْمٍ ويَكْفِينا، ولهذا يَصُولُ أهلُ السنةِ على أهلِ الكلامِ بالحُجَجِ القواطعِ فيَسْحَقُونهم سَحْقًا لا تَنْفَعُهم فلسفتُهم ولا يَنْفَعُهم مَنْطِقُهم. انتهى.
(53)وقالَ الشيخُ زيدُ بنُ هادي المدخلي في مَقْطَعٍ صَوتِيٍّ بعنوان (ما حُكْمُ دراسةِ علمِ المنطقِ؟، وما رَدُّكم على مَن يَزْعُمُ أنّه لا بُدَّ مِن دراستِه لِفَهْمِ عِلْمِ الأُصُولِ؟): عِلْمُ المنطقِ ليس مِن علمِ الشرعِ، والذي أُمِرْنا به هو عِلْمُ الشَّرْعِ، أنْ نَتَفَقَّهَ في العِلْمِ الشَّرْعِيِّ الذي هو الكتابُ والسُّنَّةُ، وما اسْتُمِدَّ مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ، مِن كُتُبِ التفسيرِ، وكُتُبِ الحديثِ، وما يَتَعَلَّقُ بعلومِ الحديثِ والتفسيرِ، وكُتُبِ الفقهِ، وغيرِ ذلك مِن علومِ الشريعةِ، وأمَّا عِلْمُ المنطقِ فإنَّ العلماءَ حَذَّروا منه وأنَّه لا فائدةَ مِن وَرَاءِه؛ عِلْمُ المنطقِ لا حاجةَ إليه بِحَالٍ مِنَ الأحوالِ، فالناسُ ليسوا بِحاجَةٍ إلى هذا العِلْمِ أَبَدًا، وعلى مَن يَدَّعِي بأنَّه لا يكونُ العالِمُ عالِمًا إلَّا إذا عَلِمَ عِلْمَ المنطقِ أنْ يُراجِعَ نفسَه ولا يَقُولَ على اللهِ بِدُونِ عِلْمٍ... فقيلَ -أَيْ للشيخِ المدخلي-: هُمْ يَحْتَجُّون بعِلْمِ أُصولِ الفقهِ... فقالَ -أي الشيخُ المدخلي-: عِلْمُ أُصولِ الفِقهِ قواعدُ مُستَنْبَطةٌ مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ، ومِن عُلومِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا يَلْزَمُ أن يكونَ مِن عِلْمِ أُصولِ الفقهِ القِيَامُ على قواعدِ المنطقِ، فمَن أَدْخَلَ في علومِ أُصولِ الفقهِ شيئًا مِن قواعدِه [أي قواعد المنطق] فقد أَدْخَلَ شيئًا لا يَحْتاجُ الناسُ إليه. انتهى باختصار.
(54)وفي فيديو للشيخ صالح الفوزان (عضوُ هيئةِ كِبار العلماءِ بالدِّيَارِ السعوديةِ، وعضوُ اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ) بعُنْوانِ (عِلْمُ أصولِ الفقهِ الصحيحِ هو الذي ليس فيه مَباحِثُ عِلْمِ المَنْطِقِ)، قالَ الشيخُ: أصولُ الفقهِ الصحيحةُ ليس بها عِلْمُ المَنْطِقِ، هذا اللِّي نَعْرِفُه. انتهى باختصار.
(55)وقالَ الشيخُ صالحٌ الفوزان أيضًا في (شرح كشف الشبهات): وغَالِبُ العُلَمَاءِ مُكِبُّونَ عَلَى عِلْمِ الكَلَامِ والمَنْطِقِ الَّذي بَنَوْا عَلَيْهِ عَقِيدَتَهُم، وهو لَا يُحِقُّ حَقًّا ولَا يُبْطِلُ بَاطِلًا، بَلْ هو كَمَا قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ {لَا يَنْفَعُ العِلْمُ بِهِ، ولَا يَضُرُّ الجَهْلُ بِهِ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الفوزان-: كَمْ في السَّاحَةِ مِن كُتُبِ أَهْلِ البَاطِلِ، ككُتُبِ الجَهْمِيَّةِ وكُتُبِ المُعْتَزِلَةِ وكُتُبِ الأَشَاعِرَةِ وكُتُبِ الشِّيعَةِ، كم في السَّاحَةِ مِن كُتُبِ هَؤُلَاءِ!، وعندَهم حُجَجٌ مُزَيَّفَةٌ تَغُرُّ الإِنْسَانَ الَّذي لَيْسَ عندَه تَمَكُّنٌ مِن العِلْمِ، فَعِلْمُ الكَلَامِ وعِلْمُ المَنْطِقِ اعْتَمَدُوهُ وجَعَلُوهُ هو العِلْمَ الصَّحِيحَ؛ إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ عِنْدَهُم فَصَاحَةٌ وعندَهم حُجَجٌ وعِنْدَهُم كُتُبٌ، فَلَا يَلِيقُ بِكَ أَنْ تُقَابِلَهُم وأَنْتَ أَعْزَلُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مِن كِتَابِ اللَّهِ ومِن سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ما تُبْطِلُ به حُجَجَ هَؤُلَاءِ الَّذين قَالَ إِبْلِيسُ إِمَامُهُم ومُقَدَّمُهُم لِرَبِّكَ عَزَّ وجَلَّ {لَأقْعُدَنَّ لَهُمْ} أي لِبَنِي آدَمَ {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} أي الطَّرِيقَ المُوصِلَ إِلَيْكَ، {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ، وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}، تَعَهَّدَ الخَبِيثُ أَنَّه سيُحَاولُ إِضْلَالَ بَنِي آدَمَ، وكَذَلِكَ أَتْبَاعُه مِن شَيَاطِينِ الإِنْسِ مِن أَصْحَابِ الكُتُبِ الضَّالَّةِ والأَفْكَارِ المُنْحَرِفَةِ يَقُومُونَ بِعَمَلِ إِبْلِيسَ في إِضْلَالِ النَّاسِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الفوزان-: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَه وتَعَالَى {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، فَهُمْ مَهْمَا كَانَ عِنْدَهُم مِنَ القُوَّةِ الكَلَامِيَّةِ، والجِدَالِ والبَرَاعَةِ في المَنْطِقِ، والفَصَاحَةِ، إلَّا أنَّهم ليسوا على حَقٍّ، وأنت عَلَى حَقٍّ مَا دُمْتَ مُتَمَسِّكًا بالكِتَابِ والسُّنَّةِ وفَهِمْتَ الكِتَابَ والسُّنَّةَ، فاطْمَئِنَّ فإنَّهُم لَنْ يَضُرُّوكَ أَبَدًا {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، لَكِنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الكِتَابِ والسُّنَّةِ، فإنَّكَ بذلك لَا تَخَافُ مَهْمَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الحُجَجِ والكُتُبِ، لِأنَّها سَرَابٌ، هذه الحُجَجُ [التي مَعَهُمْ] إِذَا طَلَعَتْ عَلَيْهَا شَمْسُ القُرْآنِ وبَيِّناتُ القُرْآنِ زَالَ هَذَا الضَّبابُ الَّذي مَعَهُمْ، وهذه سُنَّةُ اللَّهِ سُبْحَانَه وتَعَالَى {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}، {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} قَذَائِفُ الحَقِّ تُدَمِّرُ البَاطِلَ مَهْمَا كَانَ. انتهى باختصار.
(56)وفي فتوى مَوجودةٍ على موقع ميراث الأنبياء، للشيخِ عَبْدِالله بْنِ عَبْدِالرَّحِيْمِ البُخاريِّ (الأستاذ في قسم فقه السنة ومصادرها، في كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، سُئِلَ الشيخُ {هل يَجِبُ على طالب العلم دراسةُ عِلْمِ المنطقِ حتى يستطيعَ الرَّدَّ على أهل الباطل؟}؛ فأجابَ الشيخُ: ما لَكَ ولِأهْلِ المنطقِ ولأهل الكلام، مَا لَكَ وَلِهَذَا، وفي الوَحْيَين وفي تقريرات أئمَّةِ السُّنَّةِ وما سُطِرَ عن سَلَفِ الأُمَّةِ غُنْيَةٌ وكِفايَةٌ مِن أنْ تَدْخُلَ في هذا النَّفَقِ المُظْلِمِ. انتهى.
(57)وجاء في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): لقد كان مَوقِفُ السلفِ الصالح مِن عِلْمِ الكلامِ مَوقِفًا حازِمًا، هو المَنْعُ مِن تعاطي هذا العلمِ والاشتغالِ به ومُجالَسةِ أصحابِه أو حتى الرَّدّ عليهم، وذلك أنهم نظروا إلى منهجِ الرسالةِ مِنَ الكتابِ والسُّنةِ، فوجدوه قد انتهجَ منهجًا خاصًّا في تقرير العقيدة الإسلامية، فاتَّجَهَ إلى العقلِ الإنسانيِّ والفِطْرةِ البشريَّةِ يُخاطِبُ ما جُبِلَتْ عليه مِن حقائقَ تَجعلُ الإيمانَ بوُجودِ الخالقِ وضرورةِ عبادتِه وَحْدَهُ أَمْرًا بَدِيهِيًّا، لا حاجةَ فيه إلى الجَدَلِ والسَّفْسَطةِ، وأنَّ الإسلامَ مَبْناهُ على الخُضوعِ والاستسلامِ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: يقولُ الإمامُ أحمدُ {لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ أَبَدًا، وَلَا أَرَى أَحَدًا نَظَرَ فِي الْكَلَامِ إلَّا فِي قَلْبِهِ دَغَلٌ [أَيْ فَسَادٌ وَرِيبَةٌ]}؛ وعنِ الإمامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله قالَ {لَأنْ يُبْتَلَى الْمَرْءُ بِكُلِّ ذَنْبٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مَا عَدَا الشِّرْكَ، خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْكَلَامِ}، وقالَ أيضًا {حُكْمِي على أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، فَيُقَالُ (هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ)}؛ وقال أبو يوسف (مِنَ الحنفيةِ) {مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ}. انتهى باختصار.
(58)وقالَ الشيخُ فركوس في مقالة على موقعه في هذا الرابط: إنَّ عَدَاءَ أهلِ الأهواء -لا سيَّما المتكلِّمين منهم- وحِقدَهم على أهل السُّنَّة والجماعة مُستفيضٌ لا يَنْتَهي، وقد سَطَّرَه العلماءُ في مُؤلَّفاتِهم وكُتُبِهم منذ القديمِ، ومِنْ عَدَاءِ هؤلاء القومِ أنَّهم إذا أَبصَروا مُوحِّدًا مُتمسِّكًا بالكتاب والسُّنَّة وعلى هَدْيِ سَلَفِ الأُمَّة يَدعُو إلى اللهِ على بَصِيرةٍ بالحكمةِ والموعظةِ الحَسَنةِ، عادَوْه ورمَوْه بالعظائمِ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ رَمْيَةَ رَجُلٍ واحِدٍ، وأَغلَقوا عليه جميعَ مَنافِذِ الدَّعوةِ وأبوابِها، وجَرَّدوه مِنْ كُلِّ وسائلِ العَمَل الدَّعْويِّ إذا وَجَدُوا إلى ذلك سبيلًا؛ وخَشْيَةَ افتضاحِ أَمْرِهم وَصَفُوه بالتَّشدُّدِ والتَّزَمُّتِ والتَّكفِيرِ -كما هي عادَتُهم- ووَصَموه بالوهَّابيَّةِ وغيرِها... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: إنَّ أهلَ الكلامِ والهَوَى والافتراقِ -بمَذَمَّتِهم ومَسبَّتِهم لأهل الحديثِ والسُّنَّة والجماعة- لا يَقْصِدون إلَّا تَنفِيرَ النَّاسِ عنِ التَّوحيدِ الذي يَعُدُّونه تشدُّدًا وتكفيرًا وتنفيرًا وتعسيرًا وتفريقًا، بينما يَعتَبِرون شِرْكِيَّاتِهم وبِدَعَهم توحيدًا ووسيلةً تُقرِّبُهم إلى اللهِ زُلْفَى، ولم تتوقَّفْ عداوتُهم لأهل السُّنَّة عند حدِّ الذَّمِّ والثَّلْبِ والعَيبِ والهِجَاءِ والسَّبِّ والهَمْزِ واللَّمْزِ والنَّبْزِ والغَمْزِ قَوْلًا، بَلْ تَعَدَّى الأمرُ إلى أَنْ آذَوْهم فِعْلًا [أَيْ بالفِعْلِ أيضًا كما آذَوْهُمْ بالقَوْلِ]، انتصارًا لمذهبِهم ونِحَلِهم وأهوائهم، وكُلَّما وَجَدوا سُلْطةً لِيَتَسَلَّطوا عليهم بها بالبَغْيِ والعُدْوانِ فَعَلُوا... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: أهلُ الأهواءِ والزَّيغِ مِنَ المتكلِّمين والمُتَصَوِّفةِ وأَضْرابِهم، لا يَصْلُحون لِرُتْبةِ الإمامةِ في الدِّينِ، ولا يُعتبَرون مِنْ طبقاتِ العُلماءِ الرَّبَّانيِّين، وليسوا أَهْلًا لها، مَهْمَا عَلَا كَعْبُهم في العُلومِ العَقْلِيَّةِ والأَذْواقِ الوَجْديَّةِ، وتَسَلَّقوا المَناصِبَ الرِّيَادِيَّةَ والقِيَادِيَّة، ولَمَّعوا أَنْفُسَهم ونَفَخُوها على الشَّاشاتِ والمِنَصَّاتِ والفَضَائيَّاتِ، فَهُمْ لا يَصْلُحون لذلك بسببِ إعراضِهم عنِ الكتابِ والسُّنَّةِ ومنهجِ سلفِ الأُمَّةِ، وتَمَسُّكِهم بأهوائهم العَقلِيَّةِ في بابِ العِلْمِ والاعتقادِ، وأذواقِهم الوَجْدِيَّةِ في بابِ العَمَلِ والسُّلوكِ، والتي فرَّقَتْهم وحَرَّفَتْهم عنِ الصِّراطِ المستقيمِ، وكيفَ يكون صاحبُ الهَوَى والبِدعةِ والخُرَافةِ عالِمًا ربَّانِيًّا (والمعلومُ أنَّ العلماءَ هُمْ حُرَّاسُ الدِّينِ وحُمَاتُه مِنَ الابتداعِ والتَّزْيِيفِ)؟!، فإنَّ هذا مِنْ تَمْيِيعِ الدِّينِ وتَزْيِيفِ الحقائقِ... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: ولا يَخْفَى على ذِي لُبٍّ أنَّ مَنْ أَعْرَضَ عن وَحْيِ اللهِ، وعارَضَه بالشُّبُهاتِ العَقلِيَّةِ الباطِلةِ الفاسدةِ، وقابَلَهُ بالآراءِ الفلسفِيَّةِ العاطِلةِ الكاسِدةِ، عاقَبَه اللهُ بقَدْرِ مُعارَضَتِه لِوَحْيِه ومُخالَفَتِه لشَرْعِه، وذلك مِنْ مُقتضَى العَدْلِ الإلَهِيِّ، فَتَرْمِي به شُبَهُه وتُهْوِي به أهواؤه إلى مَكانٍ سَحِيقٍ، وتُبْعِدُه بِدَعُه المُختلِفةُ عن سبيل الله الوحيدِ المُوصِلِ إليه وإلى دارِ كَرامَتِه، وتُلْحِقُه بِسُبُلِ الغَوَايَةِ التي نَهَى اللهُ تعالى عنِ اتِّبَاعِها، وهي طُرُقُ الانحرافِ في العِلْمِ التي سَلَكَها أهلُ الخَوْضِ في الكلامِ والجدلِ مِنَ الفلاسفةِ والمَناطِقةِ، وطُرُقُ الانحرافِ في العَمَلِ والسُّلُوكِ التي سَلَكَها المُتَصَوِّفةُ، ومَنْ تأثَّر بهم عَبْرَ الزَّمَنِ إلى زَمَانِنا هذا، وقد جاء التَّحذيرُ منها والنَّهيُ عنها صَرِيحًا في قوله تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: إنَّ أهلَ الفُرْقةِ قَدَّموا عقولَهُم وآراءَهم التي ابتدعوها وعارَضوا بها وَحْيَ ربِّهم وشَرْعَه، فَحَرَّفوا التَّوحيدَ الذي بَعَثَ اللهُ به رسولَه -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى مَعْنَى توحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ والسِّيَادةِ، وأَهمَلوا توحيدَ الأُلُوهِيَّةِ والعِبادةِ الذي هو المَقْصِدُ الأَسْمَى والغايَةُ العُظْمَى مِنْ خَلْقِ الخَلِيقةِ وإنزالِ الكُتُبِ وإرسالِ الرُّسُلِ، وبه اِفْتَرَقَ النَّاسُ إلى مؤمنِين وعُصَاةٍ، وأَوْلِيَاءَ سُعَداءَ (أَهْلِ الجَنَّةِ) وأَعْداءٍ أَشْقِيَاءَ (أَهْلِ النَّارِ)، وخاضُوا بعُقولِهم في صِفَاتِ اللهِ وحَرَّفوها وعَطَّلوا اللهَ عنها، وأَوْقَعَهم صَنِيعُهم هذا في الاضطرابِ والتَّناقُضِ في تقريرِ كثيرٍ مِنْ مسائل الاعتقاد، فَحادُوا بذلك عنِ الصِّراطِ المُستقيمِ، وقالوا على اللهِ غيرَ الحقِّ وبِلا علمٍ، وكان ذلك مِنْ أعظمِ البِدَعِ والمُحرَّماتِ... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: فهذا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ مِنْ شُبُهاتِهم العقلِيَّةِ التي عارَضوا بها الوَحْيَ المُنَزَّلِ، وفارَقوا صحيحَ المنقولِ، وأَوَّلُوه على غيرِ تأويلِه، وحَرَّفوا مَعانِيَ ألفاظِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ورَدُّوا أخبارَ الآحادِ -ما أَمْكَنَهم- بقواعدِهم الفاسِدةِ وآرائهم الكاسِدةِ، لِأنَّ الأُصولَ التي بَنَوْا عليها دِينَهم تُناقِضُ مَنْصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ، فضَعُفَ تَوقِيرُ أدِلَّةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، فَلَمْ يَبْقَ لها هَيْبةٌ ولا تَقدِيرٌ في نُفوسِ مَنْ تَأَثَّرَ بعِلْمِ الكلامِ والمنطقِ، فأَضْحَى الاستدلالُ بها للمُعاضَدةِ والاِسْتِئناسِ بعدَ تقديمِهم للأدلَّةِ العقلِيَّةِ -زَعَمُوا- فَهُمْ ومَنْ تَبِعَهم في زَمانِنا أهلُ جِنَايَةٍ عظيمةٍ على دِينِ الإسلامِ وأهلِه، فقَدْ شَوَّهوا العقيدةَ الإسلامِيَّةَ الصَّافِيَة،َ ورَدُّوا نُصوصَ الوَحْيِ وأَلْغَوْا مَدلُولَهَا بدَعْوَى تَعارُضِها مع القَطْعِيَّاتِ العقلِيَّةِ، والتي هي أَحْرَى أَنْ تُسَمَّى وَهْمِيَّاتٍ وجَهْلِيَّاتٍ وضَلَالَاتٍ، فَفَرَّقوا كلمةَ المسلمِين وشَقُّوا صَفَّ جماعَتِهم، فَتَحَزَّبَتْ فِرَقُهم على أُصولٍ وعقائدَ مُخالِفةٍ لأُصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ وعقائدِهم، فمَالوا عنِ الصِّراطِ المُستقيمِ، فَاسْتَحقُّوا اسْمَ (التَّطرُّفِ) و(الغُلُوِّ) و(الفُرْقَةِ)، وسائرَ ما رَمَوْا به أهلَ السُّنَّةِ كَذِبًا وزُورًا... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: إنَّ الانتصارَ لِمَذهَبِ الأشاعرةِ والمعتزلةِ وأضرابِهم هو الانتصارُ لأهلِ الكلامِ الباطلِ والجدلِ المذمومِ في دِينِ اللهِ تعالى، وذلك مِنْ أعظمِ أسبابِ الاختلافِ والفُرْقةِ وضَيَاعِ الأُلْفةِ، وكَثرةِ التَّنقُّلِ والتَّحَوُّلِ والتَّلَوُّنِ والتَّمَيُّعِ، والخُروجِ عن منهجِ السَّلفِ الصَّالحِ، ونِهايَةُ أَمْرِه إلى مُقارَفةِ البدعةِ ومُفارَقةِ السُّنَّةِ... ثم قالَ -أيِ الشيخُ فركوس-: وَرَوَى عبدُالرَّحمن بنُ مهديٍّ عن مالكٍ أنَّه قال {لَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمَ فيه الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ كَمَا تَكَلَّمُوا [قلتُ: وكان ذلك بِدُونِ اعتمادٍ على عِلْمِ المَنْطِقِ] فِي الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ، وَلَكِنَّهُ بَاطِلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ}؛ وقالَ ابنُ عبدِالبرِّ رحمه الله {وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسُّنَنِ وَالْفِقْهِ -وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ- على الْكَفِّ عَنِ الْجِدَالِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِيمَا سَبِيلُهُمُ اعْتِقَادُهُ بِالأَفْئِدَةِ مِمَّا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ، وَعَلَى الإِيمَانِ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، وَالتَّسْلِيمِ لَهُ وَلِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَإِنَّمَا يُبِيحُونَ الْمُنَاظَرَةَ [قلتُ: المرادُ هنا الْمُنَاظَرَةُ الغيرُ قائمةِ على عِلْمِ المَنْطِقِ] فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمَا كَانَ فِي سَائِرِ الأَحْكَامِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا}. انتهى باختصار.
(59)وقالَ حمزة السالم في مقالة له بعنوان (في ضياع المنطق) على هذا الرابط: فجَدَلِيَّاتُ المتكلِّمِين كانت حولَ الغَيْبِياتِ، والغَيْبُ هو خَطُّ النِّهايَةِ لِقُدرةِ العقلِ وبِدايَةِ العَجْزِ المُطْلَقِ له. انتهى.
(60)وقالَ الشيخُ عبدالرحيم السلمي (عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بجامعة أم القرى) في مقالة له على هذا الرابط: لا شكَّ أنَّ (الإصلاحَ) أمرٌ محمودٌ مصطلحًا ومَعْنًى، وليس مِنَ الحِكْمةِ والكِيَاسةِ أنْ يَظهَرَ العلماءُ وطلبةُ العِلْمِ ضِدَّ (الإصلاحِ) مَهْمَا حاولَ المُنحَرِفون التَّزَيُّنَ به، فقد تَسَمَّتْ بعضُ الحَرَكاتِ والتَّيَّاراتِ والمدارسِ الفِكْرِيَّةِ بهذا الاسمِ مع انحرافِهم العَقَدِيِّ، وحاوَلَتْ تَمرِيرَ المُخالَفاتِ الشرعِيَّةِ مِن خِلَالِه، وفي مِثْلِ هذه الأحوالِ فإنَّ مِنَ الذَّكاءِ والفِطْنةِ في إدارةِ المعركةِ الفِكْرِيَّةِ أنْ لا يَتِمَّ الهُجومُ على الأسماءِ المحمودةِ كالإصلاح، ولكنْ يَجِبُ الفَصْلُ بين الاسمِ الجميلِ، والاستعمالِ الخاطئِ والأفكارِ المُنحَرِفةِ، وفي هذه الورقة [أَيِ المقالةِ] سوف نُسَمِّي بعضَ هذه التياراتِ باسمِ (التَّيَّارُ الإصلاحِيُّ) و(المَدْرَسَةُ الإصلاحِيَّةُ) و(الإصلاحِيُّون) [وذلك] مِنَ الناحِيَةِ الإجرائيَّةِ، لأنهم ليسوا مُصلِحِين على الحقيقةِ، ولِأنَّهم عُرِفُوا في الواقعِ بهذا الاسمِ وإنْ كانوا مِن أَبْعَدِ الناسِ عنه في الحقيقةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ السلمي-: وأفضلُ الطُّرُقِ في مُواجَهةِ التَّيَّاراتِ المُنحَرِفةِ المُتَسَتِّرةِ بالإصلاحِ هو الانتقالُ إلى المَرجِعِيَّاتِ الفِكْرِيَّةِ والعَقَدِيَّةِ والمَنْهَجِيَّةِ التي يَتِمُّ مِن خلالِها طَرْحُ العقائدِ والأفكارِ والمناهجِ وتُسَمَّى إصلاحًا، فالمَرجِعِيَّةُ الفِكْرِيَّةُ هي التي تَقِفُ خَلْفَ المَناهِجِ والأفكارِ [والعقائدِ] وتُنْتِجُها، وإذا تَمَّ فَحْصُها ونَقْدُها فإنَّ المَناهجَ الباطِلةَ تَسقُطُ بسُقوطِ مَرجِعِيَّتِها... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ السلمي-: التَّيَّارُ التَّنوِيرِيُّ هو تَيَّارٌ جديدٌ نَشَأَ في أواخرِ الدولةِ العثمانيةِ، وفي زَمَنِ الاستعمارِ، ولا يَزَالُ إلى اليومِ، ويُسَمَّى أحيانًا (التَّيَّار العَصرانِيّ) أو (التَّيَّار الإصلاحِيّ) أو (التَّيَّار العَقلَانِيّ)، وقد تَكَوَّنَتْ مَرجِعِيَّتُه مِنَ التَّوفِيقِ بين الحَضَارةِ الغَربِيَّةِ ومُنتَجاتِها الفِكْرِيَّةِ، والمَنهَجِ الإسلامِيِّ، وبعضِ آراءِ الفِرَقِ الكَلَامِيَّةِ خُصوصًا المعتزلةَ والأشاعرةَ [قالَ الشيخُ عليٌّ الزميع (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت) في (الخلافة وتطورها إلى عصبة أمم شرقية "دراسة تحليلية"): وَهُمْ [أَيِ المَاتُرِيدِيَّةُ] أكثرُ عَقْلَانِيَّةً مِنَ الأشاعرةِ ويَقتَرِبون مِنَ المعتزلةِ. انتهى]. انتهى. وقالَ الشيخُ سليمان الخراشي في مقالة له على هذا الرابط: من يُسَمَّوْنَ أَهْلَ (التَّنوِيرِ) المزعومِ، اِتَّخَذوا دِينَهم الحَقَّ هُزُوًا، وفَرَّطوا فيه وفي أحكامِه، مُقَدِّمِين أهواءَهم عليه. انتهى باختصار.
(61)وقالَ الشيخُ عبدُالله الطريقي (وكيل كلية الشريعة بالرياض) في مقالة له بعنوان (منهج المدرسة العقلية الحديثة وتقويمها في الإصلاح المعاصر) على هذا الرابط: وجاءتْ نشأةُ هذه المدرسةِ [يعني المدرسةَ العقليَّةَ الاعتزاليَّةَ] إبَّانَ ضَعْفِ الدولةِ العثمانيَّةِ، وفي حالةٍ للأُمَّةِ يَغْمُرُها الجهلُ والتَّخَلُّفُ، هذا في الوقتِ الذي كان فيه الغَرْبُ (العالَمُ النصرانِيُّ) يَتَقَدَّمُ في المادِّيَّاتِ بصُورةٍ مُذهِلةٍ، فكان مَوقِفُ هذه المدرسةِ محاولةَ التَّأَقْلُمِ والتَّوفِيقِ مع تلك الحَضَارةِ الوافِدةِ مع الإبقاءِ على الانتِماءِ الإسلامِيِّ، فدَعَتْ إلى الأخذِ بتلك الحَضَارةِ، مُتَأَوِّلةً ما يَتعارَضُ معها مِن نُصوصٍ شَرعِيَّةٍ؛ إنَّها كما يَقولُ الشيخُ محمد حسين الذهبي رحمه الله (ت1397هـ) {أَعْطَتْ لعقلِها حُرِّيَّةً واسِعةً، فتَأَوَّلَتْ بعضَ الحقائقِ الشرعيَّةِ التي جاءَ بها القرآنُ الكريمُ، وعَدَلَتْ بها عنِ الحقيقةِ إلى المَجَازِ، كما أنَّها بسببِ هذه الحُرِّيَّةِ العقليَّةِ الواسعةِ جارَتِ المعتزلةَ في بعضِ تعاليمِها وعقائدِها، وحَمَّلَتْ بعضَ ألفاظِ القرآنِ مِنَ المَعانِي ما لم يَكُنْ معهودًا عند العَرَبِ في زَمَنِ نُزولِ القرآنِ، وطَعَنَتْ في الحديثِ، تارَةً بالضَّعْفِ، وتارَةً بالوَضْعِ، مع أنَّها أحاديثُ صَحِيحةٌ}؛ وقد شابَهَتِ [أَيِ المدرسةُ العقليَّةُ الاعتزاليَّةُ] المعتزلةَ مِن وُجوهٍ؛ (أ)في تحكيمِ العقلِ، ورَفْعِه إلى مَرتَبةِ الوَحْيِ؛ (ب)في إنكارِ بعضِ المُعجِزاتِ أو تَأْوِيلِها؛ (ت)في تَأْوِيلِ بعضِ الغَيبِيَّاتِ؛ (ث)في ردِّ بعضِ الأحاديثِ الصحيحةِ أو تَأْوِيلِها... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الطريقي-: ولَعَلَّ مِن أَقْدَمِ مَن نَقَدَ هذه المدرسةَ ووَجَّهَ إليها الاتِّهامَ؛ (أ)مصطفى صبري، آخِرَ مشايخِ الدولةِ العثمانيةِ [يعني آخِرَ مَن تَوَلَّى مَنْصِبَ (شيخ الإسلام) في الدولةِ العثمانيةِ، وكان صاحبُ هذا المَنْصِبِ هو المُفْتِي الأكْبَرَ في الدولةِ]، فقد اعتَبَرَ [أَنَّ] محمد عبده أَوَّلُ مَن أَدْخَلَ الماسونيةَ في الأزهرِ؛ (ب)الأستاذ سيد قطب، حيث نَقَدَ منهجَ المدرسةِ في التَّأْوِيلِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ أحمد سالم في مقالة له بعنوان (خارِطة التَّنوِيرِ مِنَ التنويرِ الغربيِّ إلى التنويرِ الإسلاميِّ) على هذا الرابط: الخَلَلُ الذي دَخَلَ على هذا التَّيَّارِ الفِكْرِيِّ [أَيْ تَيَّارِ التَّنوِيرِ الإسلاميِّ] أثناءَ قِيَامِه بعملِيَّةِ المُواءَمةِ والتَّوفِيقِ [أَيْ بين الإسلامِ ومَفاهِيمِ التَّنوِيرِ العَلْمَانِيِّ الغربيِّ]، هو أنَّهم في عَمَلِيَّةِ التوفيقِ هذه أضاعوا قَطْعِيَّاتٍ مِنَ الشريعةِ وخالَفُوها، إمَّا بِقَبُولِ باطِلٍ وإمَّا بِرَدِّ حَقٍّ، ومِن أَمثِلةِ القَطْعِيَّاتِ التي ضَيَّعَها بعضُ أولئك المُفَكِّرِين أثناءَ عَمَلِيَّةِ المُوَاءَمةِ هذه، قَصْرُ مَفهومِ الجِهادِ في الإسلامِ على الدَّفْعِ [قالَ الشَّوْكَانِيُّ في (السيل الجرار): أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل، فهو معلوم من الضرورة الدينية، ولأجله بعث الله رسله وأنزل كتبه، ومازال رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعثه الله سبحانه إلى أن قبضه إليه جاعلا هذا الأمر من أعظم مقاصده ومن أهم شؤونه، وأدلة الكتاب والسنة في هذا لا يَتَّسِعُ لها المَقامُ ولا لِبَعضِها، وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال مع ظهور القدرة عليهم والتمكن من حربهم وقصدهم إلى ديارهم. انتهى. وقالَ الشيخُ أبو مريم الكويتي في فَتْوَى له على هذا الرابط: اِعْلَمْ أنَّ جِهادَ الطَّلَبِ مِن شرائعِ الدِّينِ المَعلُومةِ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ، وقد ذَكَرَ هذا غيرُ واحدٍ مِن أَهْلِ العِلْمِ. انتهى. وقالَ الشيخُ ياسر برهامي (نائبُ رئيسِ الدعوةِ السَّلَفِيَّةِ بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في (فِقْهُ الْجِهَاد): ولقد ظَهَرَتْ بِدَعٌ جَدِيدةٌ مِن إنكارِ وُجوبِ قِتالِ أهلِ الكِتابِ حتى يُعطُوا الجِزْيةَ، بَلْ وتَسمِيَةِ الجِزْيَةِ (ضَرِيبةَ خِدْمةٍ عَسكَرِيَّةٍ) تَسقُطُ إذا شارَكونا القِتالَ، ويَسْعَى هؤلاء الذِين يُسَمُّون أنفُسَهم (أصْحابَ الاتِّجاهِ الإسلامِيِّ المُستَنِيرِ) إلى تَعمِيمِ هذا المَفْهومِ المُنحَرِفِ لِقَضِيَّةِ الجِهادِ فَضْلًا عن إنكارِ جِهادِ الطَّلَبِ، وهذا خَرْقٌ للإجماعِ، بَلْ لو أنَّ طائفةً اِستَقَرَّ أمْرُها على ذلك لَصارَتْ طائفةً مُمْتَنِعةٍ عن شَرِيعةٍ مِن شَرائعِ الإسلامِ الظاهِرةِ المُتَواتِرةِ يَجِبُ قِتالُها. انتهى. وقالَ الشيخُ عبدُالعزيز الطريفي (الباحث بوِزَارةِ الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية) في (تفسير آيات الأحكام): لا أعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ ولا مِن أئمَّةِ الخَلَفِ أنكَرَ جِهادَ الطَّلَبِ، وإنَّما هو في أقوالِ بعضِ المُعاصِرِين، حينما اُسْتُعْمِرَتْ كَثِيرٌ مِن بُلْدانِ المسلمِين دَبَّ الوَهَنُ فيهم والتَّعَلُّقُ بالدُّنْيا والمادِّيَّاتِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الطريفي-: ويُخْشَى على مَن أنكَرَ جِهادَ الطَّلَبِ الكُفْرُ، لأنَّه يُنْكِرُ شَيئًا معلومًا مُستَفِيضًا ثَبَتَ به النَّصُّ واستَفاضَتْ به وتَواتَرَتْ به النُّقولُ وأجْمَعَتْ عليه الأُمَّةُ. انتهى. وقالَ الشيخُ حمود التويجري (الذي تَوَلَّى القَضاءَ في بَلدةِ رحيمة بالمِنطَقةِ الشَّرقِيَّةِ، ثم في بَلدةِ الزلفي، وكانَ الشيخُ ابنُ باز مُحِبًّا له، قارئًا لكُتُبه، وقَدَّمَ لِبَعضِها، وبَكَى عليه عندما تُوُفِّيَ -عامَ 1413هـ- وأَمَّ المُصَلِّين لِلصَّلاةِ عليه) في كِتَابِه (غُربةُ الإسلامِ، بِتَقدِيمِ الشَّيخِ عبدِالكريم بن حمود التويجري): وقد رأيتُ لبعض المُنتَسِبِين إلى العِلْمِ في زمانِنا مَقالًا زَعَمَ فيه أنَّ اِبتِداءَ المشركين بالقتال على الإسلام غيرُ مشروع، وإنما يُشْرَعُ القتالُ دفاعًا عن الإسلام، إذا اِعتَدَى المشركون على المسلمين أو حالوا بينهم وبين الدعوة إلى الإسلامِ فحينئذ يُحارَبون، لا لِيُسلِموا بَلْ لِيَترُكوا عدوانَهم ويَكُفُّوا عن وَضعِ العراقيل في طريق الدُّعاة، فأما إذا لم يَحصُلْ منهم اعتداءٌ ولا وَضعُ عَرَاقِيلَ في طريق الدُّعاة فأساسُ العلاقة بينهم وبين المسلمين المُسالَمةُ والمُتارَكةُ، زَعَمَ أيضًا أن الإسلامَ لا يُجِيزُ قَتْلَ الإنسانِ وإهدارَ دَمِه ومالِه لِمُجَرَّدِ أنه لا يَدِينُ به [أَيْ بِالإسلامِ]، كما لا يُجِيزُ مُطلَقًا أن يَتَّخِذَ المسلمون القُوَّةَ مِن سُبُلِ الدعوةِ إلى دِينِهم، هذا حاصِلُ مَقالِه؛ وقد أطالَ الكلامَ في تقريرِ هذا الرَّأْيِ الخاطِئِ، ثم قالَ {وهذا الرَّأْيُ هو المعقولُ المقبولُ، وهو الرَّأْيُ الذي تَتَّفِقُ معه نَظرةُ عُلَماءِ القانونِ الدُّوَلِيِّ في الأساسِ الذي تَبنِي الدُّوَلُ عليه علاقاتِها بَعضِها بِبَعضٍ...} إلى آخِرِ كَلامِه المُصادِمِ للآياتِ المُحكَماتِ ونُصوصِ الأحاديثِ الصحيحةِ وإجماعِ الصحابةِ رضوان الله عليهم أجمعين، وكفى بالوصول إلى هذه الغاية السيئة جهلًا وخذلانًا لصاحبِ المقالِ وأشباهِه مِنَ المُثَبِّطِين عنِ الجهاد في سبيل الله، المائِلِين إلى آراءِ أعداءِ الله وقوانينِهم المُخالِفةِ لِدِينِ الله وما شرعَه لعباده المؤمنين... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: قَولُه تَعالَى {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، قالَ الْبَغَوِيُّ رحمه الله تعالى في تفسيره {قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ (هَذِهِ الآيَةُ نَسَخَتْ كُلَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فِيهَا ذِكْرُ الإِعْرَاضِ وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الأَعْدَاءِ)}، وقالَ ابنُ كثير رحمه الله تعالى في تفسيره {هَذِهِ الآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ الَّتِي قَالَ فِيهَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ (إِنَّهَا نَسَخَتْ كُلَّ عَهْدٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَحَدٍ [مِنَ] الْمُشْرِكِينَ)، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الآيَةِ (لَمْ يَبْقَ لِأحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَلَا ذِمَّةٌ مُنْذُ نَزَلَتْ "بَرَاءَةُ" [يعني سورةَ (التوبة) والتي فيها آيَةُ السيفِ سالِفةُ الذِّكْرِ] وَانْسِلَاخِ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ)}، فقد أباحَ اللهُ تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة دماءَ المشركِين، وأَمَرَ المسلمِين أن يقتلوهم حيث وَجَدُوهم مِنَ الأرضِ، ويأخذوهم أَسْرَى، ويقصدوهم بالحصار في بلادهم، ويُضَيِّقوا عليهم بِوَضْعِ الأَرْصادِ لهم في طَرِيقِهم ومَسالِكِهم، حتى يُسلِموا أو يَستسلموا للقتلِ أو الأَسْرِ، وهذا يُبطِلُ ما زَعَمَه صاحبُ المَقالِ مِن أنَّ الإسلامَ لا يُجِيزُ قَتْلَ الإنسانِ وإهدارَ دَمِه ومالِه لِمُجَرَّدِ أنه لا يَدِينُ به [أَيْ بِالإسلامِ]، ويُبطِلُ أيضًا قولَه {إن الإسلام لا يُجِيزُ مُطلَقًا أنْ يَتَّخِذَ المسلمون القُوَّةَ مِن سُبُلِ الدَّعوةِ إلى دِينِهم}، فإنَّ ما أمَرَ [أَيِ الإسلامُ] به في هذه الآيَةِ لا يُمكِنُ المُسلِمِين فِعْلُه إلَّا بالقُوَّةِ، ودَلَّتِ الآيَةُ على أنَّ العِلَّةَ في قتالِ الكُفَّارِ هي ما هُمْ عليه من الشرك بالله تعالى والإعراضِ عن دِينِ الإسلامِ، فيجب قتالُهم ما دامَتِ العِلَّةُ موجودةً فيهم، فإذا زالَتِ العِلَّةُ وَجَبَ الكَفُّ عنهم، ولهذا قال تعالى {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، وهذا يُبطِلُ قولَ صاحبِ المقالِ {إنهم إنما يُقَاتَلون لِتَركِ العدوانِ لا لِيُسلِموا}، ودَلَّتِ الآيَةُ أيضا على أنهم يُبدَءون بالقتالِ مِن أَجْلِ ما هُمْ عليه مِنَ الشركِ وإن لم يَحصُلْ منهم اعتداءٌ على المسلمِين ولا وَضْعُ عَراقِيلَ في طريق الدُّعاةِ إلى الإسلامِ، وهذا يُبطِلُ قَولَ صاحبِ المقالِ {إنهم إنما يُقاتَلون دفاعًا عنِ الإسلامِ، إذا اِعتَدوا على المسلمِين أو وَضَعوا العَراقِيلَ في طريق الدَّعوة}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: قَولُه تَعالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، دَلَّتْ هذه الآيَةُ الكريمةُ على أن العلةَ في قتال أهل الكتاب هي ما هُمْ عليه مِنَ الكفرِ وتحليلِ ما حرم الله ورسوله والإعراضِ عنِ الإسلامِ الذي هو دِينُ الحَقِّ، ولو كان الاعتداءُ ووَضْعُ العَراقِيلِ عِلَّةً للقتالِ لَذَكَرَ [أَيِ اللهُ] ذلك ولم يُهمِلْه، قال اللهُ تعالى {مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ}، وقال تعالى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: ومِنَ الآيَاتِ المُحكَماتِ أيضًا قَولُه تَعالَى {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ، فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا، وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، وهذه الآيَةُ الكريمةُ لم يَنسَخْها شيءٌ، وقد قال تعالى فيها {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}، فأَوجَبَ [أَيِ اللهُ] ابتداءَهم بِالقِتالِ واستِمرارَه [أَيِ اِستِمرارَ القِتالِ] معهم ما داموا على الشِّركِ، فَدَلَّ على أنه [أَيِ الشِّركَ] هو عِلَّةُ القتالِ، ولو كانَتِ العِلَّةُ اعتداءَهم ووَضْعَهم العراقِيلَ في طريق الدعاة -كما قال هذا المُثَبِّطُ وأمثالُه- لكان ينبغي الكَفُّ عنهم إذا زالتْ هذه العِلَّةُ، وهذا خِلافُ نَصِّ القرآنِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: ومِنَ الآيَاتِ المُحكَماتِ أيضًا قَولُه تَعالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قوله تعالى (حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) {يَعْنِي [حَتَّى] لَا يَكُونَ شِرْكٌ}، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، ذَكَرَه عنهم الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله تعالى في تفسيره؛ وقد زَعَمَ صاحبُ المَقالِ الذي أَشَرْنَا إليه أن معنى قوله تعالى {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} أي حتى لا تَحُولَ القُوَّةُ بين الإسلامِ وقُلوبِ الناسِ، ويُصبِحَ الدينُ للهِ لا يَتَدَخَّلُ في شأنِه أَحَدٌ مِنَ الناسِ لِيُرْغِمَ أحدًا آخَرَ على قبولِ رَأْيٍ مُعَيَّنٍ، هذا تفسيرُ صاحِبِ المَقالِ للآيَةِ، وهو تفسيرٌ جديدٌ لم يَسبِقْه إليه أَحَدٌ مِنَ سَلَفِ الأُمَّةِ وأَئمَّتِها، وهو [أَيْ هذا التفسيرُ] كما قالَ [أَيْ صاحِبُ المَقالِ] مِمَّا يَتَّفِقُ مع نَظرةِ علماءِ القانونِ الدُّوَلِيِّ مِن طواغيتِ الإِفرِنْجِ [أَيِ الكُفَّارِ الأُورُوبِّيِّين] وغيرِهم مِن أعداء الله تعالى، ولعلَّ مَيْلَه إليهم وإعجابَه بآرائِهم وقوانينِهم هو الذي حَدَاهُ على التَّخبِيطِ في تفسيرِ هذه الآيَةِ وغيرِها بمُجَرَّدِ رَأْيِه، وإطراحِ ما قالَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وغيرُه مِن أَئمَّةِ السلفِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: إنَّ اِبتِداءَ المشركِين بِالقِتالِ مشروعٌ، وإن دماءَهم وأموالَهم حلالٌ للمسلمين ما داموا على الشركِ، ولا فَرْقَ في ذلك بين الكفار المُعتَدِين وغيرِ المُعتَدِين، ومَن وَقَفَ منهم في طريق الدعاة إلى الإسلام ومَن لم يَقِفْ في طريقِهم، فكُلُّهم يُقَاتَلون اِبتِداءً لِما هُمْ عليه مِنَ الشركِ بالله تعالى حتى يَترُكوا الشركَ ويَدخُلوا في دِينِ الإسلامِ ويَلتَزِموا بحقوقِه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: إذا عَقَدَ المسلمون بينهم وبين الكفار هُدْنَةً على تَرْكِ القتالِ مُدَّةً معلومةً [قالَ الشيخُ أبو سلمان الصومالي في (النصائح المنجية): وقَدَّرَها أَكثَرُ الفُقَهاءِ على عَشْرِ سِنِينَ، فَإنْ تَجاوَزَتِ المُدَّةُ العَشْرَ بَطَلَتْ فِيما زادَ عليها... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: وقالَ العِزُّ بنُ عبدِالسلامِ {وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا [أيْ على مُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ] لِأنَّ الْكُفْرَ أَنْكَرُ الْمُنْكَرَاتِ، فَلَا يَجُوزُ التَّقْرِيرُ عَلَيْهِ إلَّا بِقَدْرِ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الصومالي-: وحُجَّةُ الجَمهورِ في ذلك أنَّ مُدَّةَ عَقْدِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ هو أبعَدُ أَجَلٍ عَقَدَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَخَصَّصَتِ السُّنَّةُ عُمومَ آياتِ السَّيفِ والقِتالِ، فَما زادَ عنِ العَشْرِ يَبقَى على عُمومِه. انتهى باختصار]، فإن ذلك جائزٌ لِلحاجةِ والمَصلَحةِ لِلمُسلِمِين، ويَجِبُ الوفاءُ به ما لم يَنقُضْه العَدُوُّ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: صاحبُ المَقالِ الذي أَشَرْنَا إليه زَعَمَ أنَّ الإسلامَ لا يُجِيزُ قَتْلَ الإنسانِ وإهدارَ دَمِه ومالِه لِمُجَرَّدِ أنه لا يَدِينُ به [أَيْ بِالإسلامِ]، ولعلَّ صاحبَ المقال أخذَ هذا القولَ مِن نَظَراتِ عُلَماءِ القانونِ الدُّوَلِيِّ وما تقتضيه الحُرِّيَّةُ الإِفرِنْجِيَّةُ ثم نَسَبَه إلى الإسلامِ، والإسلامُ بَرِيءٌ مِن هذا القولِ المُفتَرَى عليه كما تَدُلُّ على ذلك الآياتُ والأحاديثُ الصحيحةُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: يَقولُ صاحِبُ المَقالِ {إنَّ الإسلامَ لا يُجِيزُ قَتْلَ الإنسانِ وإهدارَ دَمِه ومالِه لِمُجَرَّدِ أنه لا يَدِينُ به [أَيْ بِالإسلامِ]}، وهذا منه جُرأةٌ عظيمةٌ على الله تبارك وتعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وتَكذِيبٌ منه لِنُصوصِ القرآنِ والأحاديثِ الصحيحةِ، فاللهُ المستعانُ وهو حسبنا ونعم الوكيل... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: جاءَ صاحِبُ المَقالِ وأشباهُه مِنَ المُعجَبِين بآراءِ أعداء الله تعالى وقوانينِهم الدُّوَلِيَّةِ، فأصدَروا المَقالاتِ التي ظاهِرُها الطَّعْنُ على الجميعِ [يَعنِي الصَّحابةَ والتَّابِعِين] تَقلِيدًا منهم لأعداء الله تعالى وتَقَرُّبًا إليهم بما يُوافِقُ أهواءَهم [أَيْ أهواءَ أعداءِ اللهِ]، بَلْ ظاهِرُها الطَّعْنُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما كان يَفعَلُه مع المشركين وأهل الكتاب، فقد كان صلوات الله وسلامه عليه يُقاتِلُهم على الإسلام، ويُهاجِمُهم إذا لم يَقبَلوا دعوتَه، ويُغِيرُ عليهم في حالِ غِرَّتِهم [أَيْ غَفْلَتِهم]، وكُلُّ ذلك على زَعْمِ صاحبِ المقال لا يَجوزُ له [أَيْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم]، وكان صلى الله عليه وسلم يستحلُّ دماءَهم وأموالَهم، وذلك على زَعْمِ صاحبِ المقال لا يجوز له، وكان صلى الله عليه وسلم يُعِدُّ لأعداء الله تعالى ما استطاع مِنَ القُوَّةِ ويجاهِدُ بها [أَيْ بهذه القُوَّةِ] مَن أبَى منهم قبولَ الدَّعوةِ، وذلك على زَعْمِ صاحبِ المقال لا يجوز له، وكان صلى الله عليه وسلم يُقاتِلُ المُعرِضِين عنِ الإسلامِ سواء كانوا مِنَ المُعتَدِين أو غيرِ المُعتَدِين، وعلى زَعْمِ صاحبِ المقال أن قِتالَ غيرِ المُعتَدِين لا يجوزُ له؛ فانظروا أيها المسلمون إلى جَرِيرةِ التقليدِ لأعداء الله تعالى والاغتِرارِ بآرائهم الفاسدة وقوانينِهم الباطِلةِ، كيف أَوقَعا هذا المِسكِينَ في هذه الأوحالِ التي تُناقِضُ دِينَ الإسلامِ وتَقتَضِي المُروقَ منه بالكُلِّيَّةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: وعنده [أَيْ وعند صاحِبِ المَقالِ] وعند أشباهِه أنَّ الرَّأْيَ المعقولَ المقبولَ هو ما يَتَّفِقُ مع نَظرةِ عُلَماءِ القانونِ الدُوَلِيِّ، مِن مُسالَمةِ أعداءِ الله ومُتارَكَتِهم ما لم يَعتَدوا على المُسلِمِين أو يَقِفوا في طريق الدُّعاةِ إلى الإسلامِ، فاللهُ المستعانُ وهو حسبنا ونعم الوكيل... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: والمَقصودُ هَا هُنَا أن قِتالَ المشركين واستباحةَ دمائهم وأموالِهم مِن أَجْلِ شِركِهم باللهِ تعالى أَمْرٌ مُجمَعٌ عليه وصادِرٌ عن أَمْرِ اللهِ تعالى وأَمْرِ رسولِه صلى الله عليه وسلم كما لا يَخْفَى على مَن له أدنَى عِلْمٍ وفَهْمٍ عنِ اللهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم، ومَعرِفةٍ بِسِيرةِ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابِه (رضوان الله عليهم أجمعين) في جهاد المشركين وأهل الكتاب، ولا يُنكِرُ ذلك إلَّا جاهِلٌ، أو مُكابِرٌ مُعانِدٌ لِلحَقِّ يَتَعامَى عنه لِمَا عنده مِنَ المَيْلِ إلى الحُرِّيَّةِ الإِفرِنْجِيَّةِ والتعظيمِ لأعداء الله تعالى والإعجابِ بِآرائهم وقَوانِينِهم الدُّوَلِيَّةِ، فلذلك يَرُومُ [أَيْ يَطلُبُ] كَثِيرٌ منهم التَّوفِيقَ بينها وبين الأحكام الشرعية، وما أكثر هذا الضَّرْب الرَّدِيء في زماننا لا كَثَّرَهم اللهُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: صاحِبُ المَقالِ وأشباهُه مِنَ المُثَبِّطِين يُرَغِّبون المسلمِين في مُسالَمة أعداء الله تعالى ومُتارَكَتِهم أبدًا مُوافَقةً لِمَا تَقتَضِيه الحُرِّيَّةُ الإِفرِنْجِيَّةُ التي قد فشت في أكثر الأقطار الإسلامية وعَظُمَ شَرُّها وضَرَرُها على الشريعة المحمدية، فالله المستعان... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ التويجري-: والمَقصودُ هَا هُنَا التحذيرُ مِن هذا المَقالِ وغيرِه مِن مَقالاتِ المُتَهَوِّكِين [أَيِ المُتَحَيِّرِين] وآرائهم وتَخَرُّصَاتِهم، فإنَّ كَثِيرًا منها مأخوذٌ مِن آراءِ الإِفرِنْجِ وأمثالِهم مِن أُمَمِ الكُفرِ والضلالِ وما تَقتَضِيه قوانِينُهم وحُرِّيَّتُهم ومَدَنِيَّتُهم. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُالقادر شيبة الحمد (المدرس بكليتي الشريعة واللغة العربية في الرياض) في مقالة له بعنوان (حقيقة الجِهادِ وأَطْواره) على موقعه في هذا الرابط: ولم يَقِفْ أعداء الإسلام عند ذلك فَحَسْبُ، بَلِ استطاعوا أنْ يُوجِدوا مِن أبناءِ المسلمِين مَن يَحْمِلُ رايَةَ الحَربِ على الجهادِ -بإبطالِه أَصْلًا- كما فَعَلَ المُلحِدُ الضَّالُّ (غُلَامُ أَحْمَدَ الْقَادَيَانِيُّ [ت1326هـ])؛ ولم يَقِفْ أعداءُ الإسلامِ في مُحارَبةِ دَعوةِ الجِهادِ إلى هذا الحَدِّ، بل صاروا يُساعِدون على نَشْرِ أفكارٍ أُخرَى، منها أنَّ الجِهادَ في الإسلامِ ليس مِن أَجْلِ الإسلامِ، وإنَّما هو لِمُجَرَّدِ الدِّفاعِ عنِ النَّفْسِ فَقَطْ، وقد لَقِيَتْ هذه الفِكرةُ نَجاحًا في أوساطِ المُثَقَّفِين مِنَ المسلمِين بالثقافةِ الأجنبيَّةِ، حتى رَسَخَتْ في قُلوبِ عامَّةِ المُفَكِّرِين تقريبًا في هذا العصرِ الحاضرِ، فصاروا دُعاةً لها، ونَسِيَ هؤلاء أو تَنَاسَوْا أنَّ الدِّفاعَ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لا دِينِيٌّ، فالحَيَواناتُ بلْ حتى النَباتاتُ، قد خُلِقَتْ في الكثيرِ منها خاصِيَّةُ الدِّفاعِ ضِدَّ أعدائها، كما هو معروفٌ في عِلْمِ النَّباتِ وعِلْمِ الحَيَوانِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحمد- تحت عنوان (أطوار الجهاد ومراحله): حَرَّمَ اللهُ على المسلمِين القِتالَ طِيلةَ العَهْدِ المَكِّيِّ، ونَزَلَ النَّهيُ عنه فِي أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ آيَةً في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ بِمَكَّةَ، وكَانُوا [أَيِ المُسلِمون] يَأْتُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ما بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَشْجُوجٍ، فَيَقُولُ لَهُمُ {اصْبِرُوا فَإِنِّي لَمْ أُومَرْ بِالْقِتَالِ}؛ حَتَّى هَاجَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المَدِينةِ وقَوِيَتْ شَوْكةُ المسلمِين واشتَدَّ جَنَاحُهم، [فَ]أَذِنَ اللهُ لهم في القِتالِ ولم يَفرِضْه لهم فَرْضًا، إذْ يقولُ عزَّ وجلَّ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا، وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وهذا هو الطَّوْرُ الثاني مِن أَطْوارِ الجِهادِ، إذْ كانَ الطَّوْرُ الأوَّلُ هو تَحرِيمُه، وكان هذا الطَّوْرُ الثاني هو الإذنُ فيه دُونَ الإلزامِ به؛ وكان الطَّوْرُ الثالثُ مِن أَطْوارِ الجِهادِ هو إيجابُه لِقِتال مَن قاتَلَ المسلمِين دُونَ مَن كَفَّ عنهم بقولِه عزَّ وجلَّ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ونحوِها مِنَ الآياتِ، وفي هذا الطَّوْرِ ارتَفَعَتْ رايَةُ الإسلامِ عالِيَةً في جَزِيرةِ العَرَبِ، وأَلْقَى اللهُ الرُّعْبَ في قُلوبِ الكُفَّارِ، وَنُصِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وتَحَقَّقَ قَوْلُ القائلِ {دَعَا المُصْطَفَى دَهْرًا بِمَكَّةَ لمْ يُجَبْ *** وَقدْ لانَ منهُ جانِبٌ وخِطَابُ*** فَلمَّا دَعَا والسَّيفُ صَلْتٌ بِكَفِّهِ *** لَهُ أسْلَمُوا واسْتَسْلَمُوا وأَنَابُوا}، وساقَ اللهُ تَعالى ناسًا إلى الجَنَّةِ بالسَّلاسِلِ [قالَ الشيخُ ابنُ باز في (فَتاوَى "نُورٌ على الدَّربِ") على هذا الرابط: هذا الحديثُ يقولُ فيه صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ {عَجِبْتُ لِقَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ}، مَعْناه أنَّهم يُؤْسَرون في الجِهادِ، ثم يُسلِمون فيَدخُلون الجَنَّةَ، كانوا كفارًا فأَسَرَهم المُسلِمون، ثم هَدَاهُمُ اللهُ ودَخَلوا في دِينِ اللهِ (في الإسلامِ) وصاروا مِن أَهْلِ الجَنَّةِ. انتهى]، ونَفَعَ اللهُ كثيرًا مِنَ الخَلْقِ رَغْمَ أُنُوفِهِمْ، على حَدِّ قولِه تَبارَكَ وتَعالَى {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، فإنَّ العُقَلاءَ يَنْفَعُ فيهم البَيَانُ، وأمَّا الجاهِلون فدَوَاؤهم السَّيْفُ والسِّنانُ؛ ثم فَرَضَ اللهُ الجِهادَ لِقتالِ المُشرِكِين كافَّةً [وكان هذا هو الطَّورَ الرابعَ]، مع البَدْءِ بالأَقْرَبِين دارًا، وفي ذلك يقولُ {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وقال عزَّ وجلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا}. انتهى باختصار. وفي هذا الرابط على موقع الشيخِ ابنِ باز، سُئِلَ الشيخُ: يقولُ بعضُ الزُّمَلاءِ {مَن لم يَدْخُلِ الإسلامَ يُعتَبَرُ حُرًّا لا يُكْرَهُ على الإسلامِ}، ويَستَدِلُّ بقولِه تعالى {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، وقولِه تعالى {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فما رَأْيُ سَماحَتِكم في هذا؟. فأجابَ الشيخُ: هاتان الآيَتانِ الكَرِيمَتان والآياتُ الأُخرَى التي في مَعْناهما، بَيَّنَ العلماءُ أنَّها في حَقِّ مَن تُؤخَذُ منهم الجِزيَةُ كاليَهودِ والنَّصارَى والمَجُوسِ، لا يُكرَهون، بل يُخَيَّرون بَيْنَ الإسلامِ وبَيْنَ بَذْلِ الجِزيَةِ؛ وقالَ آخَرون مِن أهلِ العلمِ {إنَّها كانت في أَوَّلِ الأمرِ، ثم نُسِخَتْ بأَمْرِ اللهِ سبحانه بالقِتَالِ والجِهادِ}؛ فمَن أَبَى الدُّخولَ في الإسلامِ وَجَبَ جِهادُه -مع القُدرةِ- حتى يَدْخُلَ في الإسلامِ، أو يُؤَدِّي الجِزْيَةَ إنْ كان مِن أَهْلِها، فالواجبُ إلزامُ الكُفَّارِ بالإسلامِ إذا كانوا لا تُؤْخَذُ منهم الجِزيَةُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ ابنُ باز-: اليَهودُ والنَّصارَى، أو المَجُوسُ، هذه الطوائفُ الثَّلاثُ جاءَ الشَّرعُ بأنهم يُخَيَّرون، فإمَّا أنْ يَدخُلوا في الإسلامِ، وإمَّا أنْ يَبذُلوا الجِزيَةَ عن يَدٍ وهم صاغِرون؛ وذَهَبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى إلْحاقِ غيرِهم بهم في التَّخْيِير بَيْنَ الإسلامِ والجِزيَةِ؛ والأرجحُ أنَّه لا يُلحَقُ بهم غيرُهم، بَلْ هؤلاء الطوائفُ الثَّلاثُ هُمُ الذِين يُخَيَّرون، لأنَّ الرسولَ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ قاتَلَ الكفارَ في الجَزِيرةِ ولم يَقبَلْ منهم إلَّا الإسلامَ، قالَ تَعالَى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ولم يَقُلْ {أو أَدُّوا الجِزيَةَ} [يَعْنِي أنَّ اللهَ لم يَقُلْ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ، أو أَدُّوا الجِزيَةَ، فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}]، فاليَهودُ والنَّصارَى والمَجُوسُ يُطالَبون بالإسلامِ، فإنْ أَبَوْا فالجِزيَةُ، فإن أَبَوْا وَجَبَ على أهلِ الإسلامِ قِتالُهم إنِ استطاعوا ذلك، يقولُ عزَّ وجلَّ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، ولِمَا ثَبَتَ عنِ النبيِّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنَّه أَخَذَ الجِزيَةَ مِنَ المَجُوسِ، ولم يَثبُتْ عنِ النبيِّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ ولا عن أصحابِه رَضِيَ اللهُ عنهم أنَّهم أَخَذوا الجِزيَةَ مِن غيرِ الطَّوَائفِ الثَّلاثِ المَذكورة، والأصلُ في هذا قولُه سبحانَه {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وهذه الآيَةُ تُسَمَّى (آيَةَ السَّيْفِ)، وهي وأمثالُها هي الناسِخةُ لِلآيَاتِ التي فيها عَدَمُ الإكراهِ على الإسلامِ [قَالَ الطَّبَرِيُّ في (جامع البيان): وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا قَدْ نَقَلُوا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكْرَهَ عَلَى الإِسْلَامِ قَوْمًا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الإِسْلَامَ وَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ إِنِ امْتَنَعُوا مِنْهُ (وَذَلِكَ كَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَكَالْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ دِينِ الْحَقِّ إِلَى الْكُفْرِ، وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ)، وَأَنَّهُ تَرَكَ إِكْرَاهَ الآخَرِينَ عَلَى الإِسْلَامِ بِقَبُولِهِ الْجِزْيَةَ مِنْهُ وَإِقْرَارِهِ عَلَى دِينِهِ الْبَاطِلِ (وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَمِنْ أَشْبَهَهُمْ)... ثم قالَ -أَيِ الطَّبَرِيُّ-: مَعْنَى قَوْلِهِ {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} إِنَّمَا هُوَ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ لِأحَدٍ مِمَّنْ حَلَّ قَبُولُ الْجِزْيَةِ مِنْهُ (بِأَدَائِهِ الْجِزْيَةَ وَرِضَاهُ بِحُكْمِ الإِسْلَامِ). انتهى. وقالَ اِبنُ كَثِيرٍ في تَفسِيرِه: وَقَوْلُهُ {وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}، أَيْ لَا تَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ وِجْدَانِكُمْ لَهُمْ، بَلِ اقْصِدُوهُمْ بِالْحِصَارِ فِي مَعَاقِلِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَالرَّصْدِ فِي طُرُقِهِمْ وَمَسَالِكِهِمْ حَتَّى تُضَيِّقُوا عَلَيْهِمُ الْوَاسِعَ وَتَضْطَرُّوهُمْ إِلَى الْقَتْلِ أَوِ الإسْلَامِ، وَلِهَذَا قَالَ {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. انتهى. وقالَ الشيخُ عباس شومان (وكيل الأزهر، وأمين عام هيئة كبار العلماء) في (عصمة الدم والمال في الفقه الإسلامي): فَإنَّ الفُقَهاءَ يَرَوْنَ أنَّ الأمانَ يَنبَغِي أنْ يَكونَ مُحَدَّدًا بِزَمَنٍ يَنتَهِي إليه، حَتَّى يُمْكِنَ مُجاهَدةُ المُستَأمَنِ حَتَّى يُسْلِمَ، أو يَدْخُلَ في الجِزْيَةِ، وإلَّا يُقاتَلُ حَتَّى يُقْتَلَ. انتهى]. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ يوسف العييري في (حقيقة الحرب الصليبية الجديدة): لو أنَّ الغَرْبَ -بِسَبَبِ تطبيقِ الحُدودِ لَدَى المسلمِين- تَصَوَّرُوا أنَّ دِينَنا دِينُ دِمَاءٍ وقَتْلٍ وتَشْوِيهٍ، فهلْ يُعْقَلُ أنْ يَقُولَ أَحَدٌ {لا تُطَبِّقوا الحُدودَ حتى لا يَتَصَوَّرَ الغَرْبُ عَنَّا صُورةَ السَّفَّاحِين}؟، إنَّ النَّظَرَ إلى الأحكامِ الشرعيَّةِ مِن مَنْظُورٍ غَرْبِيٍّ، والعَمَلَ بها مِن مُنْطَلَقِ ما يَقْبَلُه رِعَاعُ الصَّلِيبِ وما لا يَقْبَلُونه، لا يَصْدُرُ إلَّا عن شَخصِيَّاتٍ انهزامِيَّةٍ تَرَى في الإسلامِ الدُّونِيَّةَ، وأنَّه دِينٌ يَنبغِي أنْ يُحَوَّرَ لِيُعْجِبَ الغَرْبَ لِيَدْخُلوا فيه، وهذه النظرةُ مِن أَبْطَلِ الباطلِ، فالإسلامُ نُصوصٌ شرعيَّةٌ وسُنَّةٌ محمديَّةٌ، فما جاءَ في النُّصوصِ وفَعَلَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم لا يكونُ إلَّا خَيْرًا، ومَن الذي قال للغَرْبِ {إنَّ الإسلامَ ليس فيه سَفْكُ دِمَاءٍ}؟، إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقُرَيْشٍ وهو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ (كما عند أَحْمَدَ) {تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ}، ومِن أسمائِه صلى الله عليه وسلم {الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ} [قالَ الذَّهَبِيُّ في (سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ): ومِن أَسْمائِه الضَّحُوكُ والْقَتَّالُ]، وهو نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ، فلم يَأْتِ صلى الله عليه وسلم إلَّا بِالذَّبْحِ للكفارِ المُعانِدِين، فقالَ (كما عند أَحْمَدَ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ}، فَلِلْكُفَّارِ أنْ يَأْخُذُوا هذه النُّصوصَ ويقولوا عن نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم {إنَّه سَفَّاحٌ، وإنَّه بُعِثَ لِيَقْتُلَ الناسَ، وإنَّ دِينَه دِينُ مُرْتَزِقَةٍ لا يَكْسِبون المالَ إلَّا بالقِتالِ والنَّهْبِ، وإنهم يَسْبُونَ النساءَ ويَسْتَرِقُّون الأطفالَ}، نَعَمْ -وبِكُلِّ فَخْرٍ- هذا هو دِينُنا مَهْمَا أَطْلَقَ الغَرْبُ علينا مِن نُعُوتٍ، نحن نَذْبَحُ كُلَّ مُعانِدٍ للشريعةِ، نَأْخُذُ مالَه، ونَسْبِي نِسَاءَه، ونَسْتَرِقُّ أبناءَه، هذا ما فَعَلَه رسولُنا صلى الله عليه وسلم وأصحابُه مِن بَعْدِه (رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعِين)، ويَوْمَ أنْ حَرِصْنا على أنْ يَأْخُذَ الغَرْبُ عنا صُورةَ المُسلِمِ المُعْتَدِلِ الذي يَتَبَرَّأُ مِن فِعْلِ نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم وأصحابِه مِن بعدِه، أَذَلَّنا اللهُ وجَعَلَنا عَبِيدًا لهم، وأصبحوا هُمُ الذِين يَقْتُلوننا ويَسْبُونَ نساءَنا ويَستعبِدون أبناءَنا، ودَفَعْنا لهم الجِزْيَةَ عن يَدٍ ونحن صاغِرون، ولماذا يَحْرِصُ أولئك المُنْتَسِبون للعِلْمِ على ألَّا يَأْخُذَ الغَرْبُ عنهم صُورةَ السَّفَّاحِ؟، ولا يَحْرِصُ الغَرْبُ واليهودُ على ألَّا يَأْخُذَ عنهم الشَّرْقُ صُورةَ السَّفَّاحِ؟، إنهم يَعملون بمُعتقَدِهم الخُرَافِيِّ ولا يُبَالُون بأَحَدٍ، ونحن لا نَعْمَلُ بمُعتقَدِنا الحّقِّ خَوْفًا مِن تَغَيُّرِ صُورَتِنا عندهم!، فَرِفْقًا بدِينِنا، رِفْقًا بدِينِنا يا دُعَاةَ تَحْسِينِ الصُّورةِ [قلتُ: يَنبغِي هنا التَّنَبُّهُ إلى أنَّ هؤلاء الدُّعاةَ يَعتمِدون في التَّحْسِينِ والتَّقْبِيحِ على ما تَرَاهُ المُجتمَعاتُ الكافِرةُ -بِحَسَبِ تَقَالِيدِها وأَعْرَافِها وعَقَائِدِها الفاسدةِ- حَسَنًا أو قَبِيحًا]، ولا تُحَسِّنوا صُورَتَكم عند الغَرْبِ إلَّا بما فَعَلَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم؛ ثم إنَّنا لو جَارَيْنَاكُمْ على مُرَادِكم الباطلِ الذي تُريدون مِن وَراءِه تعطيلَ الشرائعِ حتى لا يَقولَ الغَرْبُ أَنَّنا أَشرارٌ، هَلْ صُورةُ المسلمِين عند الغَرْبِ [أَيْ بعدَ كُلِّ ما بَذَلْتُمُوهُ مِن تَنَصُّلٍ (أو قُلْ "تَبَرُّؤٍ") مِن كثيرٍ مِن أحكامِ الإسلامِ، بعدَ ما فَتَحَتْ لكم جميعُ وسائلِ الإعلامِ في العالَمِ أَذْرُعَهَا لكم، وبعدَ ما فَتَحَتْ جميعُ سُجُونِ العالَمِ وسَلَخَاناتِه وقَذَائِفِه الصَّارُوخِيَّةِ أَذْرُعَهَا لِمَن لا يَرْفَعُ رَأْسًا إلَّا بما شَرَعَ اللهُ لا بما شَرَعَتِ المُجتمَعاتُ الكافِرةُ] صُورةٌ حَسَنَةٌ؟، هَلْ عند الغَرْبِ صُورةٌ للمُسلِمِ غيرُ صُورةِ السَّفَّاحِ الشِّرِّيرِ القَذِرِ؟، أَبَدًا لا يَتَصَوَّرون عنِ المُسلِمِ إلَّا ذلك، ودِعَايَاتُهم وأَفْلامُ هُولْيُودَ شاهِدةٌ على ذلك، فمِن عاشِرِ المُستحِيلاتِ أنْ تَجِدَ في أَفْلامِهم صُورةً للمُسلِمِ أنَّه نَبِيلٌ وصادِقٌ ومَحْبُوبٌ أبدًا [قلتُ: يَنبغِي هنا التَّنَبُّهُ إلى أنَّ المُسَلَّمَاتِ الأَخْلَاقِيَّةَ تَخْتَلِفُ عند المُجتمَعِ المُسلِمِ عنها عند المُجتمَعاتِ الكافرةِ، فهي عند المُجتمَعاتِ الكافرةِ مَصْدَرُها ومُقَرِّرُها التقاليدُ والأعرافُ والعقائدُ الفاسدةُ]، إنَّما المُسلِمُ في إعلامِهم وفي عُقولِ الناسِ جميعًا أنَّه شَرُّ مَنْ وَطِئَ الحَصَى، حتى المُسلِمُ الذي يُقتَلُ ويُشَرَّدُ في فِلَسْطِينَ يَصِفُونه بالإرهابِ، رَغْمَ أنَّهم يَهْضِمون حُقوقَه كُلَّها ويَضْطَهِدونه، ولا يُمْكِنُ أنْ تَتَحَسَّنَ صُورةُ المُسلِمِ عند الغَرْبِ إلَّا بشيءٍ واحدٍ فَقَطْ بَيَّنَهُ اللهُ تعالى بقولِه {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، وسيَستمِرُّون بالكَيْدِ والقتالِ لنا مَهْمَا حَسَّنَّا الصُّورةَ وطَأْطَأْنا الرُّؤُوسَ، لقولِ اللهِ تعالى {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا، وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ، هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، فإنِ اتَّبَعْنا مِلَّتَهم رَضُوا عَنَّا وسالَمُونا وأَحَبُّونا، وهذا ما يَسعَى له الكثيرُ [مِنَّا]، وذلك بالتَّبَرُّؤِ مِن بعضِ الشرائعِ الإسلاميَّةِ التي لا يَرْتَضِيها الغَرْبُ، وهذا غيرُ كافٍ لإِرضائِهم حتى نَتَبَرَّأَ مِنَ الدِّينِ كُلِّه. انتهى باختصار]، وإطلاقُ القَولِ بعَدَمِ العُقوبةِ على الآراءِ الباطِلةِ [قالَ الشيخُ سعيد بنُ ناصر آل بحران (الأخِصَّائِيُّ العِلمِيُّ بِجامِعِ "الراجحي" بِأَبْها) في مَقالةٍ بِعُنوانِ (الأُمورُ المُشتَرَكةُ بين العَقلانِيِّين الجُدُدِ والقُدَماءِ) على هذا الرابط: تَتَّفِقُ المَدارِسُ العَقلانِيَّةُ القَدِيمةُ والمُعاصِرةُ على المُبالَغةِ في رَفعِ شِعارِ (الحُرِّيَّةِ الفِكرِيَّةِ) وإنْ كانَ على حِسابِ العَقِيدةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ أبو عبدالرحمن الشنقيطي في كِتابِه (لِماذا يُنكِرُ الإخوانُ حَدَّ الرِّدَّةِ؟!): فإنَّ هؤلاء المُنكِرِين لِحَدِّ الرِّدَّةِ يُخشَى عليهم أنْ يَكونوا بِذلك مُنكِرِين لِمَا هو مَعلومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرورةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الشنقيطي-: فَحَدُّ الرِّدَّةِ مَشهورٌ ومَنصوصٌ عليه، فَكُلُّ مَن جَحَدَه فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَه لِلتَّكفِيرِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الشنقيطي-: حَدُّ الرِّدَّةِ ثابِتٌ بالتَّصرِيحِ، بِالسُّنَّةِ والإجماعِ، وإنَّ القُرآنَ الكَرِيمَ أشارَ إليه، وإنَّ تَطبِيقَه ثابِتٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والخُلَفاءِ الراشِدِين، وإنَّ الأُمَّةَ أجَمعَتْ على العَمَلِ به في سائرِ الأعصارِ، وإنَّه أمْرٌ كالمَعلومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرورةِ، وإنَّه حَدٌّ مُقَدَّرٌ بِالشَّرعِ وليس تَعزِيرًا مُقَدَّرًا بِالإجتِهادِ، والتَّشكِيكُ فيه تَشكِيكٌ في أمْرٍ مِنَ المُسَلَّماتِ الشَّرعِيَّةِ الثابِتةِ التي لا يَستَطِيعُ أنْ يَتَجَرَّأَ على إنكارِها إلَّا مَن كانَ مُعْرِضًا عن شَرْعِ اللهِ غَيرَ خاضِعٍ له بِالكُلِّيَّةِ، أَمَّا مَن كانَ يَزْعُمُ أنَّ مَرْجِعِيَّتَه الكِتابُ والسُّنَّةُ فَكَيفَ يَجْرُؤُ على إنْكارِها؟!، ولِهذا ما زِلْتُ أَطْرَحُ هذا السُّؤَالَ بِكُلِّ عَفَوِيَّةٍ واستِغرابٍ {لِماذا يُنكِرُ الإخوانُ [يَعنِي جَماعةَ الإخوانِ المُسلِمِين] حَدَّ الرِّدَّةِ؟!، وهَلْ هُمْ دُعاةٌ لِإقامةِ الحُكْمِ الإسلامِيِّ أَمْ دُعاةٌ لِتَميِيعِ الشَّرِيعةِ الإسلامِيَّةِ؟!}، نَسأَلُ اللهَ تَعالَى أنْ يَهدِيَ كُلَّ المُسلِمِين ويَحفَظَهم مِن شَطَحاتِ الزَّنادِقةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ إبراهيمُ بْنُ محمد الحقيل (الداعِيَةُ بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) في مَقالةٍ له على هذا الرابط: حَدُّ الرِّدَّةِ ثابِتٌ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وفيه أحادِيثُ بَلَغَتْ حَدَّ التَّواتُرِ، ولِذا حَكَمَ عَلَّامةُ مِصْرَ المُحَدِّثُ أحمد شاكر [نائب رئيس المحكمة الشرعية العليا، الْمُتَوَفَّى عامَ 1377هـ/1958م] في رَدِّه على شَيخِ الأزْهَرِ محمود شلتوت [الْمُتَوَفَّى عامَ 1958م، وهو مِن أَصْحابِ المَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ] بِأنَّ أحادِيثَ قَتْلِ المُرتَدِّ مُتَواتِرةٌ، فَقالَ {فَإنَّ الأمْرَ بِقَتْلِ المُرتَدِّ عنِ الإسلامِ ثابِتٌ بِالسُّنَّةِ المُتَواتِرةِ، مَعلومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرورةِ، لم يَختَلِفْ فيه العُلَماءُ}؛ ونَقَلَ إجماعَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم على قَتْلِ المُرتَدِّ الْمَاوَرْدِيُّ [ت450هـ] والْكَاسَانِيُّ [ت587هـ] وابْنُ قُدَامَةَ وابْنُ تَيْمِيَّةَ. انتهى باختصار]، والقولُ بجَوَازِ تَوَلِّي غيرِ المسلمِ مَنْصِبَ حاكِمِ المسلمِين ووَلِيِّ أَمْرِهم [قالَ الشَّيخُ إيهاب كمال أحمد في مَقالةِ بِعُنوانِ (الرَّدُّ المُبِينُ على مَن أجازَ وِلَايَةَ الكافِرِ على المُسلِمِين) على هذا الرابط: إنَّ إجماعَ المُسلِمِين مُنعَقِدٌ على اِعتِبارِ شَرطِ الإسلامِ فِيمَن يَتَوَلَّى حُكمَ المُسلِمِين ووِلايَتَهم، وإنَّ الكافِرَ لا وِلايَةَ له على المُسلِمِ بِحالٍ. انتهى]، والقولُ بإبدالِ المُواطَنةِ مَحَلَّ الذِّمَّةِ وإلغاءُ الذِّمَّةِ كصُورةٍ للعَلَاقَةِ بين المُسْلِمِ وغيرِ المُسْلِمِ [جاءَ في كِتابِ (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) أنَّ اللجنةَ (عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وعبدالله بن غديان وعبدالله بن قعود) قالَتْ: مَن لم يُفَرِّقْ بين اليَهودِ والنَّصارَى وسائرِ الكَفَرةِ، وبين المُسلِمِين، إلَّا بِالوَطَنِ، وجَعَلَ أحكامَهم واحِدةً، فَهو كافِرٌ. انتهى. وقالَ فايز محمد حسين في كِتابِه (الشريعة والقانون في العصر العثماني): وقَدِ اِقْتَبَسَتِ الدَّولةُ العُثمانِيَّةُ فِكْرَةَ (الجنسيَّةِ) مِن أُورُوبَّا، وتَبَلْوَرَ هذا رَسْمِيًّا بصُدورِ قانونِ الجنسيَّةِ العثمانِيِّ في 19/1/1869م، وبمُقتضَى هذا القانونِ أصبَحَ كُلُّ القاطِنِين في الدولةِ العثمانيةِ يَحْمِلون الجنسيَّةَ العثمانيةَ، ومِن ثَمَّ فأصبحَ لا يوجدُ فَرْقٌ بين المواطنِين، إِذْ أصبحوا كلُّهم يَتَمَتَّعون بالجنسيَّةِ العثمانيةِ، وهكذا حَلَّتْ -ومنذ ذلك الحِين- رابطةُ الجنسيَّةِ مَحَلَّ رابطةِ الدِّينِ، وصارَتِ الجنسيةُ وَصْفًا في الشَّخْصِ يتمتَّعُ به بصَرْفِ النَّظَرِ عن دِيانتِه، وهكذا تَمَّ هَجْرُ التقسيمِ الإسلاميِّ الثلاثيِّ للأشخاص بين (المسلمِ، والذمِّي، والمُستأمَنِ) [وهو التقسيمُ الذي كان مُطَبَّقًا داخِلَ ولاياتِ الدولةِ العثمانيةِ قَبْلَ صُدورِ قانونِ الجنسيةِ العثمانيِّ]، ونشأَ أساسٌ جديدٌ للعَلاقةِ بين الفَرْدِ والدولةِ وهو رابِطةُ الجنسيةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ وليد السناني (أَحَدُ أشهرِ المُعْتَقَلِين السياسِيِّين في السعودية، ووُصِفَ بأنَّه "أحمدُ بنُ حنبل هذا العَصْرِ") في فيديو بعنوان (لقاءُ دَاوُودَ الشريان مع وليد السناني): التقسيماتُ السياسيَّةُ الموجودةُ التي يُبْنَى عليها مسألةُ الجنسيةِ هذه كُلُّها أَصْلًا باطلةٌ ما أَنْزَلَ اللهُ بها مِن سُلطان ومَبْنِيَّةٌ على شريعةِ الطاغوتِ الدُوَلِيَّةِ، مسألةُ المُوَاطَنَةِ التي تُبْنَى على الجنسيةِ، هذا المُواطِنُ يُعْطَى الحُقُوقَ حتى لو كان رافِضِيًّا! حتى لو كان إِسْمَاعِيلِيًّا باطِنِيًّا! حتى لو كان نَصْرانِيًّا! حتى لو كان أكثرَ شيءٍ! إذا صارَ مُواطِنًا فَلَهُ الحقوقُ كاملةً!. انتهى باختصار. وقالَ الشَّيخُ إيهاب كمال أحمد في مَقالةِ بِعُنوانِ (الرَّدُّ المُبِينُ على مَن أجازَ وِلَايَةَ الكافِرِ على المُسلِمِين) على هذا الرابط: فَإنَّ مُشارَكةَ المُسلِمِين لِلكُفَّارِ في وَطَنٍ واحِدٍ لا تَعنِي بِالضَّرورةِ تَساوِيَهم في الحُقوقِ والواجِباتِ، وإنَّما تُوجِبُ إقامةَ العَدلِ والقِسطِ على الجَمِيعِ، والعَدلُ لا يَعنِي المُساواةَ في كُلِّ شَيءٍ، وإنَّما يَعنِي إعطاءَ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، ومُطالَبَتَه بِأداءِ ما عليه مِن واجِباتٍ، والمَرجِعُ في تَحدِيدِ الحُقوقِ والواجِباتِ هو شَرعُ اللهِ لا غَيرُ. انتهى. وقالَ برا سنان في كتابِه (إشكالية المُواطَنة): المُواطَنةُ ليستْ جُزْءًا مِنَ التُّرَاثِ السياسيِّ الإسلامِيِّ؛ والمجتمعُ الإسلاميُّ كان محكومًا منذ بِدايَاتِه بنُصوصٍ دِينِيَّةٍ تَتَحَدَّثُ عنِ الرَّاعِي والرَّعَوِيَّةِ والشُّورَى وليس عنِ المُواطِنِ والمُوَاطَنةِ والديمقراطيَّةِ... ثم قال -أَيْ برا سنان-: يَبْدُو لنا أنَّ هناك إجماعًا على أنَّ اللفظَ أو مُصطْلَحَ (المُواطِن) أو (المُوَاطَنَة) كان خارِجَ التَّجْرِبةِ السياسيةِ الإسلاميةِ تَمامًا، ومِن ثَمَّ فهو غيرُ معلومٍ في لُغةِ السياسةِ الإسلاميةِ، وبالعَودةِ للتاريخِ فإنَّ هذا المُصطْلَحَ دَخَلَ اللُّغةَ السياسيةَ العثمانيةَ بصِيغةٍ أَعَمَّ هي (الوَطَن) مع بِدايةِ دُخولِ الحَدَاثةِ الأُورُوبِّيَّةِ إلى الإمبراطوريةِ العثمانيةِ، وأَوَّلُ مَرَّةٍ اسْتُخْدِمَتْ فيها كَلِمةُ (وَطَن) كانت في فَرَمَانٍ سُلْطانِيٍّ هو (خطّ كُلْخانة) [أَيْ فَرَمَانُ (أو مَرْسُومُ) كُلْخانة، ويُقالُ له بالتُّرْكِيَّةِ (Gülhane Hatt-ı)] في يَوْمِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ 1255هـ المُوافقِ الثالِثَ مِن نُوفَمْبِرَ عامَ 1839. انتهى باختصار]، والقولُ بعَدَمِ جَوَازِ إلزامِ المسلمِين بالشريعةِ -رَغْمَ وُجودِ الاستطاعةِ- مُرَاعاةً لحُرِّيَّتِهم في الاخْتِيَارِ [قُلْتُ: المَقصودُ هُنَا بَيَانُ أنَّ أصحابَ المَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ يَرَوْنَ أنَّه لا يَجوزُ إلزامُ المُجتَمَعِ بِالشَّرِيعةِ إلَّا إذا اِختارَ الأغلَبِيَّةُ بِالتَّصوِيتِ الدِّيمُقْراطِيِّ أنْ يُلزَمُوا بها. وَقَدْ قالَ الشَّيخُ فهد بنُ صالح العجلان (الأستاذ المشارك في قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض) في مَقالةٍ له بِعُنوانِ (هَلِ الإلزامُ بِأحكامِ الإسلامِ يُؤَدِّي إلى النِّفاقِ؟) على هذا الرابط: فالقَولُ بِأنَّ الشَّرِيعةَ ليس فيها إلزامٌ، هذا تَجاوُزٌ وحَذْفٌ لِأصلٍ شَرعِيٍّ ثابِتٍ ومُجمَعٍ عليه ولا يُمكِنُ إنكارُه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العجلان-: الإلزامُ [أَيْ بِالشَّرِيعةِ] أصلٌ شَرعِيٌّ مُحكَمٌ يَقومُ على نُصوصٍ وأحكامٍ وقَواعِدَ لا تُحصَرُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العجلان-: لم يَكُنْ سُؤالُ (الإلزامِ بِالشَّرِيعةِ) مَطروحًا في تلك العُصورِ [يَعنِي عَصْرَ النُّبُوَّةِ وعَصْرَ الصَّحابةِ] أصلًا، لِأنَّه بَدَهِيٌّ وضَرورِيٌّ مِن أحكامِ الإسلامِ، إنَّما طُرِحَ هذا المَوضوعُ بِسَبَبِ ضَغطِ مَفاهِيمِ الثَّقافةِ العَلْمانِيَّةِ المُعاصِرةِ [التي] تَتَحَرَّكُ معها مُحاوَلاتُ التَّوفِيقِ والتَّلفِيقِ والمُواءَمةِ [قالَ الشيخُ عبدُالله الخليفي في (تَقوِيمُ المُعاصِرِين): وفي عَصرِنا أرادَ كَثِيرٌ مِنَ الدَّجاجِلةِ التَّلفِيقَ بَيْنَ الاشتِراكِيَّةِ والإسلامِ، فَلَمَّا ذَهَبَتِ الاشتِراكِيَّةُ وجاءَتِ الدِّيمُقراطِيَّةُ أرادوا التَّلفِيقَ بَيْنَها وبَيْنَ الإسلامِ أيضا!!!. انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العجلان-: فالإلزامُ بِأحكامِ الإسلامِ ليس شَيئًا طارِئًا وجِسْمًا غَرِيبًا نَبحَثُ له عن سَبَبٍ ومَشروعِيَّةٍ، [بَلْ] هو أصلٌ وفَرضٌ لازِمٌ وبَدَهِيٌّ. انتهى باختصار]؛ وأكثرُ هذه المسائلِ التي ضَيَّعوا فيها القَطْعِيَّاتِ هي مِنَ المسائلِ التي أنْتَجَتْها العَقلانِيَّةُ العَلْمانِيَّةُ، لكنَّهم لا يَنتَبِهون للأساسِ العَقلانِيِّ العَلْمانِيِّ لها ويَظُنُّون هذه المسألةَ مِنَ الحَقِّ المُشتَرَكِ بين الوَحْيِ وبين الفِكْرِ الغَربِيِّ، والحالُ ليس كذلك، والوَحْيُ منها بَرَاءٌ، وهي مُصادِمةٌ له، وما أَنْتَجَها سِوَى العَلْمانِيَّةِ التي تَنزِعُ الوَحْيَ عنِ القِيَمِ؛ ويُمْكِنُنا ذِكْرُ مَسْرَدٍ سريعٍ برُموزِ هذا التَّيَّارِ، وَهُمْ رفاعة الطهطاوي ([ت]1873م)، وجمال الدين الأفغاني ([ت]1897م)، ومحمد عبده [الذي تُوُفِّيَ عامَ 1905م، وكان يَشْغَلُ مَنْصِبَ (مفتي الديار المصرية)]، وعبدالرحمن الكواكبي ([ت]1902م)، ومحمد رشيد رضا ([ت]1935م)، ومصطفى عبدالرازق [الذي تُوُفِّيَ عامَ 1947م، وكان يَشْغَلُ مَنْصِبَ (شيخِ الأزهرِ)]، وعبدالمتعال الصعيدي [الذي تُوُفِّيَ عامَ 1971م، وكان أستاذا بكلية اللغة العربية بالأزهر]، ومحمد الغزالي [الذي تُوُفِّيَ عامَ 1996م، وكان يَعْمَلُ وكيلًا لوِزَارةِ الأوقاف بمصر]، ويوسف القرضاوي [عضوُ هيئة كبار العلماء بالأزهر (زَمَنَ حُكْمِ الرئيسِ الإخوانيِّ محمد مرسي)، ورئيس الاتحاد العالمي لعُلماءِ المسلمِين (الذي يُوصَفُ بأنه أكبرُ تَجَمُّع للعلماءِ في العالَمِ الإسلامِيِّ)، ويُعتَبَرُ الأَبَ الرُّوحِيَّ لجماعةِ الإخوانِ المُسلِمِين على مُستَوَى العالَمِ]، وأحمد كمال أبو المجد [الذي تُوُفِّيَ عامَ 2019م، وكان عضوا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر]، ومحمد عمارة [عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر]، وفهمي هويدي، ومحمد سليم العوا [الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين]، وحسن الترابي [رئيس مجلس النواب السوداني]، وراشد الغنوشي [عضو مكتب الإرشاد العام العالمي لجماعة الإخوان المسلمين]، وعبدالمنعم أبو الفتوح [عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في مصر]، وسعد الدِّين العثماني [رئيس الحكومة المغربية]. انتهى باختصار. وقالَتْ حنان محمد عبدالمجيد في (التَّغَيُّر الاجتماعِيّ في الفِكْرِ الإسلاميِّ الحديثِ): وممَّا لا شَكَّ فيه أنَّ حَرَكةَ الإخوانِ المسلمِين قد تَأَثَّرَتْ كثيرًا بفِكْرِ التَّيَّارِ الإصلاحِيِّ العقلِيِّ. انتهى. وفي هذا الرابط على موقع الشيخِ مُقبِل الوادِعِي، سُئِلَ الشيخُ: هَلِ الفِرَقُ المُعاصِرةُ كالإخوانِ والسُّرُورِيَّةِ [قلتُ: السُّرُورِيَّةُ (ويُقالُ لها أيضًا "السَّلَفِيَّةُ الإخوانيةُ" و"السَّلَفِيَّةُ السُّرُورِيَّةُ" و"السَّلَفِيَّةُ الحَرَكِيَّةُ" و"تَيَّارُ الصَّحْوَةِ") هُمْ أَكْبَرُ التَّيَّاراتِ الدِّينِيَّةِ في السُّعُودِيَّةِ، وَهُمُ التَّيَّارُ الذي أسَّسَه الشيخُ محمد سرور زين العابدين، ومِن رُمُوزِه الشُّيُوخُ سفر الحوالي وناصر العُمَر وسلمان العودة وعائض القرني وعوض القرني ومحمد العريفي وسعد البريك وعبدالوهاب الطريري ومحسن العواجي] تُعَدُّ مِنَ الفِرَقِ الخارِجةِ على جَماعةِ المُسلِمِين (أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ)، أَمْ أنَّها مِنَ الفِرْقةِ الناجِيَةِ ووُجودَها شَرْعِيٌّ والمُبايِعِين لها هُمْ مِن أهلِ السُّنَّةِ؟. فأجابَ الشيخُ: أَمَّا هذه الفِرَقُ فلا تُعَدُّ مِن أهلِ السُّنَّةِ وَلَا كَرَامَةَ. انتهى باختصار. وجاءَ في كتابِ (تحفة المجيب) للشيخِ مُقبِل الوادِعِي، أنَّ الشيخَ سُئِلَ: هَلِ الإخوانُ المسلمون يَدخُلون تحت مُسمَّى الفِرقةِ الناجِيَةِ والطائفةِ المَنصورةِ؟. فأجابَ الشيخُ: المَنهَجُ مَنهَجٌ مُبتَدَعٌ مِن تَأْسِيسِه ومِن أوَّلِ أمْرِه، فالمُؤَسِّسُ كان يَطُوفُ بالقُبورِ، وهو حسن البنا، ويَدعُو إلى التَّقرِيبِ بين السُّنَّةِ والشِّيعةِ، ويَحتَفِلُ بالمَوالدِ، فالمَنهَجُ مِن أَوَّلِ أمْرِه مَنهَجٌ مُبتَدَعٌ ضالٌّ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ مُقْبِل الوادِعِي أيضًا في فتوى صَوتِيَّةٍ بعنوان (الرَّدُّ على فتاوَى بعضِ الأزهرِيِّين المخالِفةِ) مُفَرَّغةٍ على موقعِه في هذا الرابط: دَعوَةُ الإخوانِ المُسلمِين مُمَيِّعةٌ مُضَيِّعةٌ، ودَعوَةُ جَماعةِ التَّبلِيغِ أيضًا مُبتَدَعةٌ، فأنْصَحُهم أنْ يُقْبِلُوا على العلمِ النافِعِ. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ أيضًا في مَقْطْعٍ صَوتِيٍّ بعُنْوانِ (اِحْذَرُوا مِنَ القرضاوي وفَتَاوَى الإخوانِ) مَوجودٍ على هذا الرابط: اِحْذَرُوا، اِحْذَرُوا، اِحْذَرُوا مِن فَتَاوَى الإخوانِ المُسلِمِين، اِحْذَرُوا مِن فَتَاوَى القرضاوي. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ أيضًا في (قمع المعاند) رادًّا على (جَماعةِ الإخوانِ المسلمِين) في ادِّعائهم (أنَّهم هُمُ الفِرْقةُ الناجِيَةُ): وهَلِ الفِرْقةُ الناجِيَةُ هُمُ الذِين يُمَجِّدون (محمد الغزالي [الذي تُوُفِّيَ عامَ 1996م، وكانَ يَعْمَلُ وَكِيلًا لوِزَارةِ الأوْقافِ بمِصْرَ]) الضالَّ المُلْحِدَ؟!... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الوادِعِيُّ-: فالإخوانُ المسلمون ساقِطون. انتهى. وقالَ الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ أيضًا في (المَخْرَج مِن الفِتنة): إنَّهم [أَيْ جَمَاعةَ الإخوانِ المسلمِين] وَقَفُوا في وَجْهِ دَعوةِ أهْلِ السُّنَّةِ، وأرادوا أنْ لا تُوجَدَ دَعوةُ أهْلِ السُّنَّةِ. انتهى. وقالَ الشيخُ صالحٌ اللُّحَيْدَان (عضوُ هيئة كبار العلماء، ورئيسُ مجلس القضاء الأعلى) في (فَضْلُ دَعوةِ الإمامِ محمد بنِ عبدالوهاب): فجَمِيعُ المُتَعَلِّمِين في المَملَكةِ مِن قَبْلِ عامِ التِّسعِينِ (1390هـ)، إنَّما تَعَلَّموا على مَنهَجِ كُتُبِ الشيخِ [محمد بنِ عبدالوهاب] وأبنائه وتَلامِذَتِه، ولم يَكُنْ عندنا في المَملَكةِ دَعوةُ تَبلِيغٍ [يعني (جماعة التبليغ والدعوة)] ولا دَعوةُ إخوانٍ ولا دَعوةُ سُرورِيِّين وإنَّما الدَّعوةُ إلى اللهِ وإعلانُ مَنهَجِ السَّلَفِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ سلمان العودة في (حوار هادئ مع محمد الغزالي): إنَّ الشيخَ الغزالي مُتَأَثِّرٌ بالمَدرَسةِ العقلانِيَّةِ المُعاصِرةِ في الكثيرِ مِن آرائِه العَقَدِيَّةِ والتشريعيَّةِ والإصلاحِيَّةِ، ولا غَرَابةَ في ذلك فعَدَدٌ مِن شُيوخِه اللامِعِين هُمْ مِن رجالاتِ هذه المدرسةِ وذلك كمحمَّد أبي زهرة [عُضْوِ مجمع البحوث الإسلامية] ومحمود شلتوت [الذي تَوَلَّى مَنْصِبَ شيخِ الأزهرِ عامَ 1958م] ومحمد البهي [عُضْوِ مجمع البحوث الإسلامية] وغيرِهم. انتهى.
(62)وقالَ الشيخُ أحمدُ بنُ محمد اللهيب (أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود) في (إنكارُ حَدِّ الرِّدَّةِ): وَقَدِ اُبْتُلِيَتِ الأُمَّةُ بفِرَقٍ ومَذاهِبَ عارَضَتْ بمَعقولاتِها صَحِيحَ المَنقولِ، وأوَّلُ مَن عُرِفَ عنهم ذلك الجَهْمِيَّةُ في أواخِرِ عَصرِ التابِعِين ثم اِنتَقَلَ إلى المُعتَزِلةِ ثم إلى الأَشاعِرةِ والمَاتُرِيدِيَّةِ؛ وفي العَصرِ الحاضِرِ ظَهَرَتِ اتِّجاهاتٌ عَقلانِيَّةٌ مُتَعَدِّدةٌ [يُشِيرُ إلى المَدرَسةِ العَقْلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ] يَجمَعُ بينها المُغالاةُ في تَعظِيمِ العَقلِ، والقَولُ بأَوَّلِيَّتِه على غيرِه مِن مَصادِرِ المَعرِفةِ؛ وكانَ مِن تلك المَسائلِ التي عَبَثَ بها أصحابُ الاتِّجاهاتِ العَقلانِيَّةِ مَسألةُ حَدِّ الرِّدَّةِ؛ ولَمَّا كانَ مِنَ المُتَّفَقِ عليه في دِينِ الإسلامِ ومِنَ المَعلومِ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ أنَّه لا يَجوزُ للمُسلِمِ أنْ يَخْرُجَ عن دِينِه فإنْ خَرَجَ وَجَبَ إقامةُ حَدِّ الرِّدَّةِ عليه بَعْدَ اِستِتابَتِه، وعلى هذا سارَتْ أُمَّةُ الإسلامِ طِيلةَ القُرونِ السابِقةِ، ولم تُثَرْ فيها مُشكِلةُ الرِّدَّةِ ولم يُشَكِّكْ أحَدٌ في حَدِّها، حتى جاءَتِ الإعلاناتُ الدُّوَلِيَّةُ تُجِيزُ حُرِّيَّةَ الارتِدادِ وتَكْفُلُها للإنسانِ وتَجعَلُها مِن حُقوقِه التي لا يُؤَاخَذُ بها؛ ولَمَّا كانَ بعضُ كُتَّابِ المسلمِين يَرَوْنَ أنَّ إعلاناتِ حُقوقِ الإنسانِ الدُّوَلِيَّةَ حَقٌّ لا مِريَةَ فيه حاكَموا الشَّرِيعةَ الإلَهِيَّةَ إليها، وقَدَّموا المَواثِيقَ الدُّوَلِيَّةَ على الشَّرِيعةِ الرَّبَّانِيَّةِ، ولاحَقوا الشَّرِيعةَ مُحاوِلِين طَمْسَ هذا الحُكْمِ. انتهى باختصار.
(63)وقالَ الشَّيخُ محمد بنُ الأمين الدمشقي في مقالةٍ له بعنوان (الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي) على موقعه في هذا الرابط: الشيخُ القرضاوي [عضوُ هيئة كبار العلماء بالأزهر (زَمَنَ حُكْمِ الرئيسِ الإخوانيِّ محمد مرسي)، ورئيس الاتحاد العالمي لعُلماءِ المسلمِين (الذي يُوصَفُ بأنه أكبرُ تَجَمُّع للعلماءِ في العالَمِ الإسلامِيِّ)، ويُعتَبَرُ الأَبَ الرُّوحِيَّ لجماعةِ الإخوانِ المُسلِمِين على مُستَوَى العالَمِ] يَسْعَى بكُلِّ ما أَوتِيَ مِن قُوَّةٍ لِكَسْبِ أَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ الشَّعبِيَّةِ، فهو مُستَعِدٌّ لِأنْ يُفْتِي بِأيِّ شَيءٍ يَرغَبُه الجُمهورُ، وَفْقَ قاعِدةِ {الشهواتُ تُبِيحُ المَحظُوراتِ}!، أقولُ، وهذا تَبْرِيرٌ قَوِيٌّ لِتَناقُضِ فَتَاواه، إذِ الهَدَفُ مِنَ الفَتْوَى [عنده] إرضاءُ جَمِيعِ الناسِ باخْتِلافِ أَمْزِجَتِهم... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: الشيخُ القرضاوي يَنتَمِي إلى المَدرَسةِ الفِقهِيَّةِ التَّيسِيرِيَّةِ [يَعنِي (مَدرَسةَ فِقْهِ التَّيسِيرِ والوَسَطِيَّةِ). وقد قالَ الشيخُ أبو المنذر الشنقيطي في (سُرَّاقُ الوَسَطِيَّةِ): (جَمَاعةُ الإخوانِ) اليَومَ تُرَوِّجُ مَنهَجَها الضَّالَّ تحتَ عُنْوانِ (الوَسَطِيَّةِ). انتهى باختصار] العَصْرانِيَّةِ [يَعنِي (المَدرَسةَ العَقلِيَّةَ الاعتِزالِيَّةَ)]، والتي مِن سِمَاتِها؛ (أ)التَّحَبُّبُ لِعامَّةِ الناسِ، بمُحاوَلة تَقلِيصِ المُحَرَّماتِ وتَسهِيلِ التَّكالِيفِ بأكبرِ قَدْرٍ، بما يُسَمِّيه [أَيِ القرضاوي] (فِقْهُ التَّيسِيرِ)، ولِذلك تَجِدُ فَتَاواه تَتَّفِقُ مع أهواءِ العامَّةِ في الغَالِبِ، مَمَّا أَكْسَبَه شَعْبِيَّةً كَبِيرةً [قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في (بَيَانُ تَلبِيسِ الجَهمِيَّةِ): إنَّ دُعاةَ الباطِلِ المُخالِفِين لِمَا جاءَتْ به الرُّسُلُ يَتَدَرَّجون مِنَ الأسهَلِ والأقْرَبِ إلى مُوَافَقةِ النَّاسِ إلى أنْ يَنْتَهُوا إلى هَدْمِ الدِّينِ. انتهى]؛ (ب)الاعتِمادُ على آراءِ الفُقَهاءِ -وهذا ناتِجُ قِلَّةِ البِضاعةِ في عِلْمِ الحَدِيثِ، وعَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ صَحِيحِه وسَقِيمِه- مِمَّا يَجعَلُهم يَحْتَفُون بها أكثرَ مِنِ اِحْتِفائِهم بالنَّصِّ، فَتَرَاهم أحْيانًا يَتَتَبَّعون شَوَاذَّ الأقْوالِ وسَقَطَها؛ (ت)التَّأَثُّرُ بفِكْرِ المُتَكَلِّمِين الذِين يَرَوْنَ تَقدِيمَ العَقلِ على النَّصِّ (في حالةِ التَّعارُضِ "حَسَبَ زَعْمِهم")، كما هو عند المُعتَزِلةِ؛ (ث)الانْهِزامُ النَّفْسِيُّ أَمَامَ الانفِتاحِ الحَضَارِيِّ المُعاصِرِ على الغَربِ، مِمَّا يَجعَلُ بعضَهم يَسْتَحِي مِن بعضِ أحكامِ الإسلامِ، فَيَبْحَثَ لها عن تَأوِيلاتٍ وتَعلِيلاتٍ، وذلك خَوْفًا مِن طَعْنِ الغَربِيِّين في الإسلامِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: خِلَافُنا مع الشيخِ القرضاوي ليس فَقَطْ بفروعِ الفِقْهِ، بَلْ هو في العقيدةِ وأُصولِ الشَّرِيعةِ وقَواعِدِ الفِقْهِ أيضًا، فتَجِدُه قد هَدَمَ تَعظِيمَ النُّصوصِ وأَعرَضَ عنِ الوَحْيَين، فليس مَرجِعُه الكتابَ والسُّنَّةَ، بَلْ قَواعِدَ اِتَّبَعَها وعارَضَ بها الشَّرِيعةَ كقاعِدةِ {تهذِيبُ الشريعةِ لإرضاءِ العامَّةِ}، و{تَحسِينُ صُورةِ الإسلامِ للكُفَّارِ}، وقاعِدةِ {تَقدِيمُ العَقلِ}، وقاعِدةِ {التَّيسِيرُ}، وقاعِدةِ {الشهواتُ تُبِيحُ المَحظوراتِ}، وقاعِدةِ {الأصْلُ في الأوامرِ الاستِحبابُ، والأصْلُ في النَّوَاهِي الكَرَاهَةُ} فلا وُجوبَ ولا تَحرِيمَ [قالَ الشيخُ عصام تليمة (القِيَادِيُّ الإخوانِيُّ، وتِلمِيذُ القرضاوي وسِكْرِتيرُه الخاصُّ ومُدِيرُ مَكتَبِه، وعُضوُ جَبهةِ عُلَماءِ الأزهَرِ، وعُضوُ الاتِّحادِ العالَمِيِّ لِعُلَماءِ المُسلِمِين، وعُضوُ الجَمعِيَّةِ الشَّرعِيَّةِ بِمِصرَ) في مقالة بعنوان (مع القرضاوي ثَلَاثَةُ كُتُبٍ يَتَمَنَّى الشيخُ كِتابَتَها) على هذا الرابط: فالقرضاوي يَرَى أنَّ الأمْرَ في السُّنَّةِ [يَعْنِي النُّصوصَ النَبَوِيَّةَ] للاستِحبابِ، والنَّهْيَ للكَراهةِ، إلَّا إذا جاءَتْ قَرِينةٌ تَصْرِفُه عن ذلك [أَيْ تَصْرِفُ الأمْرَ إلى الوُجوبِ، والنَّهْيَ إلى التَّحرِيمِ]. انتهى]، ولِسَانُ حالِه يَقُولُ كما تَقولُ المُرجِئةُ {اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ}؛ هذا الرَّجُلُ لا يَعرِفُ مِنَ الأدِلَّةِ إلَّا قَوْلَه تَعالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، ولا يَعرِفُ مِنَ القَواعدِ إلَّا قاعِدةَ {الضَّروراتُ تُبِيحُ المَحظوراتِ} وقد أَدخَلَ في الضَّروراتِ شَهَواتِ الناسِ، فنَسَفَ النُّصوصَ والإجْماعاتِ ومَسَخَ الشَّرِيعةَ بهذا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: مَا أَجْرَأَ القرضاوي على أحاديثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قاتَلَ اللهُ أهلَ الأهواءِ الذِين يُقَدِّمون عُقولَهم الناقِصةَ على أحاديثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: ومِنَ الواضِحِ أنَّ الشيخَ القرضاوي قد تَأَثَّرَ شَدِيدَ التَّأَثُّرِ بالغزالي [هو محمد الغزالي الذي تُوُفِّيَ عامَ 1996م، وكانَ يَعْمَلُ وَكِيلًا لوِزَارةِ الأوقاف بمصر] في كثيرٍ مِن أقوالِه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: الغزالي يقولُ في الحَدِيثِ الصحيحِ المُتَواتِرِ الذي أخْرَجَه الإمامُ مُسْلِمٌ [فِي صَحِيحِهِ] (إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ) {هذا حَدِيثٌ يُخالِفُ القُرآنَ [قلتُ: وذلك بِحَسَبِ زَعْمِه]، حُطَّه تحتَ رِجْلَيكَ}!، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فتَأَمَّلْ قِلَّةَ أَدَبِ هذا المُعْتَزِلِيِّ الغزالي مع حَدِيثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقولَه {حُطَّه تحتَ رِجْلَيكَ}، فهذا مِنَ الإيذاءِ المُتَعَمَّدِ لِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، واللهُ تَعالَى يقولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: ومِنَ المُلَاحَظِ أنَّ الشيخَ القرضاوي قد فاقَ شَيْخَه [يَعْنِي الغزالي] تَدلِيسًا وتَلبِيسًا، فالغزالي كانَ يُصَرِّحُ بِرَدِّ السُّنَّةِ ويُقِرُّ الضَّلَالَ عَلانِيَةً، ولكنَّ الشيخَ القرضاوي يَمِيلُ إلى المَكْرِ والمُرَاوَغةِ لإقْرارِ وتَثبِيتِ باطِلِه... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: فَضِيلةُ القرضاوي -وكُلُّ العُلَماءِ العَقلَانِيِّين- يَرفُضون بشِدَّةٍ الحَدِيثَ الصحيحَ {لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ} مُراعاةً للقَوَانِينِ الغَربِيَّةِ!... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: القرضاوي لا يَرجِعُ إلى كُتُبِ الحَدِيثِ إلَّا نادِرًا جدًّا، ومَن كانَ عنده أَدْنَى مَعرِفةٍ بهذا العِلْمِ الشَّرِيفِ [أَيْ عِلْمِ الحَدِيثِ]، فإنَّه سيَعْرِفُ أنَّ الشيخَ القرضاوي بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ عنه، وكانَ الأجْدَرُ به أنْ يُسَلِّمَ لِعُلَماءِ الحَدِيثِ الكِبَارِ، وأنْ لا يَدخُلَ في عِلْمٍ لا يُحْسِنُه، وأنْ يَعتَمِدَ عليهم في أَحْكامِه على الأحادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفةِ، لا على الرَّأْيِ والهَوَى... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الدمشقي-: قالَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ القرضاوي {الدِّيَةُ، إذا نَظَرْنا إليها في ضَوْءِ آيَاتِ القُرآنِ والأحاديثِ الصحيحةِ نَجِدُ المُسَاواةَ بين الرَّجُلِ والمَرأَةِ، صحيحٌ أنَّ جُمهورَ الفُقَهاءِ وأنَّ الْمَذَاهِبَ الأَرْبَعَةَ تَرَى أنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وبَعضُهُمُ اِسْتَدَلُّوا بالإجماعِ [قالَ الشيخُ ناصر العقل (رئيس قسم العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) في (شرح مجمل أصول أهل السنة): الإجماعُ لا بُدَّ أنْ يَرتَكِزَ على الكِتابِ والسُّنَّةِ، ولذلك -بحَمْدِ اللهِ- لا يُوجَدُ إجماعٌ عند السَّلَفِ لا يَعتَمِدُ على النُّصوصِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ العقلُ-: أهلُ السُّنَّةِ هُمُ الذِين يَتَوَفَّرُ فيهم الإجماعُ. انتهى]، ولم يَثْبُتِ الإجماعُ فقد ثَبَتَ عنِ الأَصَمِّ وابْنِ عُلَيَّةَ أنَّهما قالا (دِيَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ) [قالَ مركزُ الفتوى بموقع إسلام ويب التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوِزَارةِ الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر في هذا الرابط: وهذا قَوْلٌ شاذٌّ يُخالِفُ إجماعَ الصَّحَابَةِ. انتهى]}، ثم خَرَجَ [أَيِ القرضاوي] بنَتِيجةِ أنَّه {ولذلك لا حَرَجَ علينا إذا تَغَيَّرَتْ فَتْوانا في عَصْرِنا عن فَتْوَى الأئمَّةِ الأَرْبَعَةِ وقُلْنا (أنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ مِثْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ)}؛ قُلْتُ [والكَلامُ ما زالَ لِلشَّيخِ الدمشقي]، وما الذي تَغَيَّرَ حتى تَتَغَيَّرَ الفَتْوَى عَمَّا مَشَى عليه أهلُ السُّنَّةِ كُلَّ تلك العُصورِ الطَّوِيلةِ، مِن عَصْرِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِين إلى هذا العَصْرِ؟!، هَلْ لِمُجَرَّدِ إرضاءِ الغَربِ؟!، أَمْ هي الهَزِيمةُ الفِكْرِيَّةُ أمامَ غَزْوِ الفِكْرِ الغَربِيِّ؟!؛ وَ[قَدْ] قالَ الْقُرْطُبِيُّ [في (الجامع لأحكام القرآن)] {وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ}، وقد نَقَلَ إجماعَ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ [أيضًا] الإمامُ الشَّافِعِيُّ وابْنُ الْمُنْذِرِ والطَّحَاوِيُّ والطَّبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدِالْبَرِّ وابْنُ قُدَامَةَ وابْنُ حَزْمٍ وابْنُ تَيْمِيَّةَ وابْنُ رُشْدٍ والشَّوْكَانِيُّ، وكثيرٌ غيرُهم، وهو إجماعٌ صَحِيحٌ لم يُخالِفْه أَحَدٌ مِنَ المُتَقَدِّمِين ولا مِنَ المُتَأخِّرِين مِن أهلِ السُّنَّةِ؛ فالشيخُ القرضاوي هنا خالَفَ الإجماعَ الصَّرِيحَ الذي اِتَّفَقَ عليه أهلُ السُّنَّةِ كُلُّهم، ولَمَّا أرادَ أنْ يَبحَثَ له عن أَحَدٍ سَبَقَه بمِثْلِ هذه الفَتْوَى، لم يَجِدْ إلا زَعِيمًا للجَهْمِيَّةِ [يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ عُلَيَّةَ] وزَعِيمًا للمُعتَزِلةِ [يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الأَصَمَّ]، وهذا ليس بمُسْتَغْرَبٍ عليه، فقد أَخَذَ هذا مِن شَيْخِه الغزالي الذي يقولُ في كتابِه (السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ) {وأَهْلُ الحَدِيثِ -أَيْ أَهْلُ السُّنَّةِ- يَجعَلون دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وهذه سَوْأَةٌ خُلُقِيَّةٌ وفِكْرِيَّةٌ، رَفَضَها الفُقَهاءُ المُحَقِّقون}!، فانْظُرْ إلى شَتْمِه لأهلِ السُّنَّةِ (وفيهم الصَّحابةُ والتابِعون والأئمَّةُ الكِبَارُ)، ووَصْفِ مَذهَبِهم بأنَّه (سَوْأَةٌ خُلُقِيَّةٌ وفِكْرِيَّةٌ)، بينما يَصِفُ سَلَفَه مِنَ المُعتَزِلةِ والجَهْمِيَّةِ بأنَّهم (فُقَهاءُ مُحَقِّقون)؛ ويقولُ الشيخُ القرضاوي [في مَوضِعٍ آخَرَ] {جُمهورُ العُلَماءِ يَقولُون أنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وخالَفَ ذلك ابْنُ عُلَيَّةَ وَالأَصَمُّ -مِن عُلَماءِ السَّلَفِ- وأَنَا أُرَجِّحُ رَأْيَهما}، فهو يَعتَبِرُ شَيْخَيِ المُعتَزِلةِ والجَهْمِيَّةِ مِن عُلَماءِ السَّلَفِ!، فَهَنِيئًا لِفَقِيهِ العَصْرِ القرضاوي ولِشَيْخِه الغزالي سَلَفُهم شيخُ المُعتَزِلةِ وشيخُ الجَهْمِيَّةِ، نِعْمَ السَّلَفُ لِنِعْمَ الخَلَفُ!. انتهى باختصار. وفي فيديو بعنوان (تحذير العلامة ابن جبرين رحمه الله من القرضاوي) سُئِلَ الشيخُ ابنُ جبرين (عضو الإفتاء بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء): فقد كَثُرَ في الآوِنَةِ الأخِيرةِ تَساهُلُ يُوسُفَ القرضاوي مُفْتِي قَطَرَ -وبذلك يَدعُو إلى التَّقرِيبِ مع الرافِضةِ، وجَوَازِ التَّمثِيلِ مع النِّساءِ والرِّجالِ- ودِفَاعُه عن أهلِ البِدَعِ مِنَ الأشاعِرةِ وغيرِ ذلك؛ فمَا هي نَصِيحَتُكم تِجَاهَ هذه الفَتَاوَى التي تَصدُرُ أمامَ الناسِ؟. فأجابَ الشيخُ: لا شَكَّ أنَّ هذا الرَّجُلَ معه هذا التَّساهُلُ، سَبَبُ ذلك أنَّه يُرِيدُ أنْ يكونَ مَحبُوبًا عند عامَّةِ الناسِ حتى يقولوا أنَّه يُسَهِّلُ على الناسِ، وأنَّه يَتَّبِعُ الرُّخَصَ ويَتَّبِعُ اليُسْرَ، هذه فِكْرَتُه، فإذا رَأَى أَكْثَرِيَّةَ الناسِ يَمِيلون إلى سَمَاعِ الغِنَاءِ قالَ {إنَّه ليس بحَرامٍ}، وإذا رَأَى أنَّ كَثِيرًا مِنَ الناسِ يَمِيلون إلى إباحةِ كَشْفِ المَرْأَةِ وَجْهَها قالَ {إنَّ هذا ليس بحَرامٍ، إنَّه يَجوزُ لها كَشْفُ وَجْهِها عند الأجْنَابِ}، وهكذا، فلأجْلِ ذلك صارَ يَتَساهَلُ، حتى يُرْضِي أَكْثَرِيَّةَ الناسِ، فنقولُ لك {لا تَستَمِعْ إلى فَتَاوَاه، وعليك أنْ تَحْذَرَها}. انتهى. وقالَ الشيخُ محمد بنُ رزق الطرهوني (الباحث بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، والمدرس الخاص للأمير عبدالله بن فيصل بن مساعد بن سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود) في مقالةٍ له على موقعِه في هذا الرابط: وكتابُ الشيخِ القرضاوي المُسَمَّى (الحَلَالُ والحَرامُ) يُطْلِقُ عليه بعضُ العلماءِ الأفاضِلُ (الحَلَالُ والحَلَالُ) لِمَا فيه من إباحَةٍ لِمُحَرَّماتٍ لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ. انتهى. وقالَ الشيخُ خباب بن مروان الحمد (المراقب الشرعي على البرامج الإعلامية في قناة المجد الفضائية) في مقالةٍ له بعنوان (انظروا عمَّن تأخذون دينكم) على هذا الرابط: والحقيقةُ أنَّ أصحابَ تَتَبُّع الرُّخَصِ صاروا يَأتُوننا بأسماءٍ جديدةٍ للفِقْهِ، فَطَوْرًا يقولون {نحن مِن دُعاةِ (تَطْوِيرِ الفِقْهِ الإسلامِيِّ)}؛ وتارَةً يقولون {نحن أصحابُ مَدرَسةِ (فِقْهِ التَّيسِيرِ والوَسَطِيَّةِ)}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحمد-: ولهذا فإنَّ المُنتَسِبِين لأصحابِ مَدرَسةِ (فِقْهِ التَّيسِيرِ "أَيِ التَّساهُلِ والتَّمْيِيعِ لِقَضايَا الشَّرِيعةِ") المُدَّعِين أنَّهم أُولُو الوَسَطِيَّةِ والاعتِدالِ، فإنَّك واجِدٌ في كِتاباتِهم ودُرُوسِهم وفَتَاوِيهم عَجائبَ مِنَ الأقاوِيلِ التي يَرَوْنَ أنَّهم بها قد وافَقوا بين الأصالةِ الفِقْهِيَّةِ والمُعاصَرةِ الزَّمَانِيَّةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ ناصرُ بنُ حمد الفهد (المُتَخَرِّجُ مِن كُلِّيَّةِ الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، والمُعِيدُ في كُلِّيَّةِ أصول الدين "قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة") في مقالة بعنوان (خُلَاصةُ بعضِ أفكارِ القرضاوي) على هذا الرابط: فإنَّ مِمَّا اُبْتُلِيَتْ به الأُمَّةُ في هذه الأزمانِ، ظُهورَ أقوامٍ لَبِسوا رِدَاءَ العِلْمِ، مَسَخوا الشَّرِيعةَ باسْمِ (التَّجْدِيدِ)، وَيَسَّروا أسبابَ الفسادِ باسْمِ (فِقْهِ التَّيسِيرِ)، وفَتَحوا أبوابَ الرَّذِيلةِ باسْمِ (الاجتِهادِ)، ووَالَوْا الكُفَّارَ باسْمِ (تَحسِينِ صُورةِ الإسلامِ) [قالَ الشيخُ ياسر برهامي (نائبُ رئيسِ الدعوةِ السَّلَفِيَّةِ بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في مقالةٍ على موقعِه في هذا الرابط: يَوْمَ أنْ أَفْتَى الدُّكْتُورُ يُوسُفُ القرضاوي بِأنَّه يَجوزُ لِلمُجَنَّدِ الأَمْرِيكِيِّ أنْ يُقاتِلَ مع الجَيشِ الأَمْرِيكِيِّ ضِدَّ دَولةِ أفغانِسْتانَ المُسلِمةِ لم يَنعَقِدِ اِتِّحادُ عُلَماءِ المُسلِمِين [يَعْنِي (الاتِّحادَ العالَمِيَّ لِعُلَماءِ المُسلِمِين) الذي يَرْأَسُه القرضاوي] لِيُبَيِّنَ حُرمةَ مُوالَاة الكُفَّارِ، ولم تَنْطَلِقِ الأَلْسِنةُ مُكَفِّرةً ومُضَلِّلةً وحاكِمةً بالنِّفاقِ!، مع أنَّ القِتالَ والنُّصرةَ أَعْظَمُ صُوَرِ المُوالَاةِ ظُهورًا، ودَولةُ أفغانِسْتانَ كانَتْ تُطَبِّقُ الحُدودَ وتُعلِنُ مَرجِعِيَّةَ الإسلامِ. انتهى. وقالَ الشيخُ سليمان الخراشي في مقالة له بعنوان (اعترافات دكتور عصراني) على هذا الرابط: مِنَ المعلومِ أنَّ مِن أَهَمِّ القَضَايَا التي حاوَلَ العَصرِيُّون [يَعْنِي الذِين يَحمِلُون فِكْرَ (المَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ)] تَميِيعَها أو تَحرِيفَها أو حتى إلغاءَها قَضِيَّةَ الوَلَاءِ والبَراءِ. انتهى. وقالَ الشيخُ محمد إسماعيل المقدم (مؤسِّس الدعوة السلفية بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في (عَقِيدة الوَلَاءِ والبَراءِ): الوَلَاءُ والبَراءُ مَبْدَأٌ أَصِيلٌ مِن مَبَادِئِ الإسلامِ ومُقْتَضَيَاتِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، فَلَا يَصِحُّ إيمانُ أَحَدٍ إلَّا إذا والَى أَوْلِياءَ اللهِ، وعادَى أعداءَ اللهِ، وقد فَرَّطَتِ الأُمَّةُ الإسلامِيَّةُ اليومَ في هذا المَبْدَأِ الأصِيلِ، فَوَالَتْ أعداءَ اللهِ، وتَبَرَّأَتْ مِن أَوْلِياءِ اللهِ، ولأجْلِ ذلك أصابَها الذُّلُّ والهَزِيمةُ والخنوعُ لأعداءِ اللهِ، وظَهَرَتْ فيها مَظاهِرُ البُعدِ والانحِرافِ عنِ الإسلامِ. انتهى]، وعلى رَأْسِ هؤلاء مُفْتِي الفَضَائيَّاتِ (يوسفُ القرضاوي)، حيث عَمِلَ على نَشْرِ هذا الفِكْرِ عَبْرَ الفَضَائيَّاتِ وشَبَكةِ الإنترنت والمُؤْتَمَراتِ والدُّروسِ والكُتُبِ والمُحاضَراتِ. انتهى باختصار. وفي هذا الرابط قالَ مركزُ الفتوى بموقع إسلام ويب التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر: في الصَّحِيحَين وغيرِهما، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ {مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ}، ولا بُدَّ أنْ يُفهَمَ أَوَّلُ كَلَامِها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في ضَوءِ آخِرِه، ولا يَصِحُّ بَتْرُ الكلامِ وفَصْلُ ما تَلَاحَمَ مِن جُمَلِه، ففي قَولِها {مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا...} بَيَانُ أنَّ اِختِيارَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأيْسَرِ مَشرُوطٌ بِبُعدِه عنِ الإثمِ، وهذا يَشمَلُ المكروهَ أيضًا لأنَّه قَرِيبٌ مِنَ الإثمِ، ولذلك قَالَ النَّوَوِيُّ [في (شرح صحيح مسلم)] {فِيهِ اسْتِحْبَابُ الأَخْذِ بِالأَيْسَرِ وَالأَرْفَقِ مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا}... ثم قالَ -أَيْ مركزُ الفتوى-: النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أُمورِ العِبادةِ وحُقوقِ اللهِ تَعالَى يَضْرِبُ المَثَلَ الأعْلَى في التَّمَسُّكِ بالأفْضَلِ وتَحَرِّي الأحْسَنِ، كما قالَ تَعالَى {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم}، وهذا معلومٌ ظاهرٌ مِن حالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي كان يَقُومُ [اللَّيْلَ] حَتى تَتَفطَّر قَدَمَاه، فتقولُ له السيدةُ عَائِشَةُ {لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟}، فيقولُ {أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا}، قالَ الشَّوْكَانِيُّ في (نيل الأوطار) {الْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِجْهَادِ النَّفْسِ فِي الْعِبَادَةِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، مَا لَمْ يُؤَدِّهِ ذَلِكَ إلَى الْمَلَالِ، وَكَانَتْ حَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلَ الأَحْوَالِ}... ثم قالَ -أَيْ مركزُ الفتوى-: أمَّا في الأمُورِ المُباحةِ المُستَوِيَةِ الطَّرَفَين فيُستَحَبُّ للمسلمِ أنْ يُخَفِّفَ على نَفْسِه باختيارِ الأيْسَرِ... ثم قالَ -أَيْ مركزُ الفتوى-: وأَمَّا مسألةُ اِختِيارِ الأيْسَرِ مِن أقوالِ أهلِ العِلْمِ عند اِختِلافِهم، فهذا لا يَصِحُّ، فإنَّ الأحكامَ الشَّرعِيَّةَ لا تُؤخَذُ بالهَوَى ولا بالتَّشَهِي. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ محمد صالح المنجد في كتابِ (دروس للشيخ محمد المنجد): منَ البِدَعِ العَصْرِيَّةِ التي خَرَجَتْ ما يُعرَفُ بفِقْهِ التَّيسِيرِ، وفِقْهُ التَّيسِيرِ هو عِبَارةٌ عنِ اتِّباعِ الهَوَى، وجَمْعِ الرُّخَصِ واختراعِها... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: هناك الآنَ مَدرَسةُ فِقْهِ التَّيسِيرِ [والتي تُسَمَّى أيضًا بـ (مَدرَسةُ فِقْهِ التَّيسِيرِ والوَسَطِيَّةِ)، وهي نَفْسُها (المَدرَسةُ العَقلِيَّةُ الاعتِزالِيَّةُ)]، هذه المَدرَسةُ القائمةُ على الحِوَاراتِ على الفَضائيَّاتِ، وفِقْهُ التَّيسِيرِ يُحاوِلُ أنْ يَجْمَعَ لك أَيَّةَ رُخصةٍ أفْتَى بها أو قالَها عالِمٌ أو أَحَدٌ في كتابٍ سابِقٍ مِن أَيِّ مَذهَبٍ كانَ، وإذا لم يَجِدْ يَختَرِعُ فَتْوَى جَدِيدةً، تُناسِبُ العَصْرَ (بزَعْمِهم)، تُوافِقُ هَوَى الناسِ وتُخالِفُ الكِتابَ والسُّنَّةَ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: وَهَكَذَا كَثُرَتِ الأهْواءُ في اتِّباعِ الرُّخَصِ، ومَن تَتَبَّعَ رُخَصَ العلماءِ تَزَنْدَقَ وخَرَجَ مِن دِينِه، فإنَّه ما مِن عالِمٍ إلَّا وله سَقْطةٌ (أو زَلَّةٌ) واحِدةٌ على الأقَلِّ، فإذا تَتَبَّعَ الإنسانُ هذه الرُّخَصَ اِجتَمَعَ فيه الشَّرُّ كُلُّه، ومع طُولِ عَهْدِ الناسِ بعَصْرِ النُّبُوَّةِ والبُعدِ عن وَقْتِ النُّبُوَّةِ زادَتِ الأهْواءُ واستَولَتِ الشَّهَواتُ على النُّفوسِ ورَقَّ الدِّينُ لَدَى الناسِ، وزادَ الطِّينَ بَلَّةً اِرتِباطُ المسلمِين بالغَربِ الذي اِستَولَى على مادِّيَّاتِهم وصَدَّرَ إليهم الفِكْرَ الذي يَعتَنِقونه ويَرضَخون له، وتَرَكَ هذا الأمْرُ أَثَرَه -مع الأسَفِ- حتى على بعضِ الدُّعاةِ، أو الذِين يَزعُمون نُصرةَ الإسلامِ ويَتَصَدَّرون المَجالِسَ في الكَلَامِ، فصارُوا يُرِيدون إعادةَ النَّظَرِ في بعضِ الأحكامِ الشرعِيَّةِ، يقولون {ثَقِيلةٌ على الناسِ، الناسُ لا يُطِيقونها}، ماذا تُرِيدون؟، قالوا {نُخَفِّفُ، نُرَغِّبُ الناسَ في الدِّينِ} [جاءَ على المَوقِعِ الرَّسمِيِّ لِجَماعةِ الإخوانِ المُسلِمِين (إخوان أونلاين) في مَقالةٍ بِعُنوانِ (عُلَماءُ الأزهَرِ صِمامُ الأمانِ لِلأُمَّةِ) على هذا الرابط أنَّ الشَّيخَ عبدَالخالق الشريف (مَسئولَ قِسمِ نَشْرِ الدَّعوةِ بِجَماعة الإخوانِ المُسلِمِين) قالَ: فَلا بُدَّ أنْ يَصِلَ الداعِيَةُ إلى أنْ يَشتاقُ الناسُ لِدُروسِه وخُطَبِه، ويُؤثِرون الحُضورَ إليه على راحَتِهم. انتهى]، فَنَقولُ لهم، أنتم تُرِيدون إدخالَ الناسِ مِن بابٍ ثم إخراجَهم مِنَ الدِّينِ مِن بابٍ آخَرَ!، أنتم تُرِيدون إدخالَ الناسِ في دِينٍ ليس هو دِينَ اللهِ!، أنتم تُرِيدون أنْ تَنْشُروا على الناسِ إسلامًا آخَرَ غيرَ الذي أنْزَلَه اللهُ!، أنتم تُرِيدون أنْ تُقَدِّموا لِلنَّاسِ أحْكامًا غَيرَ أحكامِ الشَّرِيعةِ التي أَتَى بها رَبُّ العالَمِين!، ماذا تُرِيدون؟!، ما هو نَوعُ الإسلامِ الذي تُرِيدون تَعلِيمَه للناسِ؟!، وأَيُّ شَرِيعةٍ هذه؟!، وأَيُّ أحكامٍ؟!، ومِنَ الناسِ مَن يَتَطَوَّعُ لِمُتابَعَتِهم، ولا شَكَّ أنَّ الناسَ فيهم أَهْلُ هَوَى وأَتْباعُ كُلِّ ناعِقٍ، يُرِيدون يُسرًا ولا يُرِيدون مَشَقَّةً، ويُرِيدون سُهولةً ولا يُرِيدون تَكالِيفَ صَعْبةً، فنقولُ، أَفْتِهم بعَدَمِ صلاةِ الفَجرِ لأنَّ صلاةَ الفَجرِ فيها مَشَقَّةٌ!، وأَفْتِهم بعَدَمِ الصَّومِ في الصَّيفِ الحارِّ لأنَّ الصَّومَ في الصَّيفِ الحارِّ مَشَقَّةٌ!، أَفْتِهم بالْفِطْرِ والقَضَاءِ [أَيْ أَنْ يُفْطِرُوا في شَهْرِ رَمَضانَ، ثم يَقْضُوا فيما بَعْدُ، لِأجْلِ الْحَرِّ]!، وأَفْتِهم بصلاةِ الفَجرِ الساعةَ الثامِنةَ [أَيْ بَعْدَ شُروقِ الشَّمسِ]!، فما دُمْتَ تُرِيدُ أنْ تُخَفِّفَ على الناسِ خَفِّفْ!، وقُلْ {إنَّ الرِّبَا ضرورةٌ عَصرِيَّةٌ}!، وهكذا صارَ الإسلامُ الذي يُقَدَّمُ للناسِ غيرَ الإسلامِ الذي أَنْزَلَه اللهُ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: لكنْ كَيْفَ يَعْنِي {الْقَابِضُ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ} هذا الحديثُ ما مَعناه؟!، إِذَنْ ماذا بعدَ أنْ نُلْغِيَ أَيَّ أحكامٍ ونقولَ {هذه يُعادُ النَّظَرُ فيها}؟!، فكيف يَحُسُّ الواحدُ أنَّه قَابِضٌ عَلَى الْجَمْرِ؟!، كيف يَحُسُّ أنَّ هنا فِتنةً وابتِلاءً مِنَ اللهِ؟!، اللهُ اِبتَلَى الناسَ بالتكاليفِ وابتَلَاهم بالمَشاقِّ، ماذا يَعْنِي {إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ}؟!، ماذا يَعْنِي {حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ}؟!، إذا كنتَ تُرِيدُ إلغاءَ المَكارِهِ مِنَ الدِّينِ فأيْنَ الجَنَّةُ هذه التي تُرِيدون دُخولَها؟!، الجَنَّةُ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فأيْنَ المَكارِهُ؟!، أنتم تُرِيدون إلغاءَ المَكارِهِ كُلِّها بِحُجَّةِ التَّخفِيفِ على الناسِ وتَرغِيبِهم في الإسلامِ، أنتم تُرَغِّبونهم في شيءٍ آخَرَ غيرِ الإسلامِ، تُرَغِّبون في دِينٍ آخَرَ تُشَرِّعونه مِن عندكم، وهذا التَّمادِي يَجعَلُ الداعِيَةَ هذا أو المُتَصَدِّرَ المُتَزَعِّمَ المُدَّعِيَ للعِلْمِ عَبْدًا لأهْواءِ البَشَرِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: [يَقُولُ المُستَفتِي] {يا شيخُ، هذه ثَقِيلةٌ} يقولُ [أَيِ المُفتِي] {خَلَاصٌ، بَلَاشٌ}، [يَقُولُ المُستَفتِي] {يا شيخُ، واللهِ ما قَدِرْتُ} قالَ [أَيِ المُفتِي] {هذا مُبَاحٌ}، وَهَكَذَا يُصبِحُ الشَّرعُ وَفْقَ أهْواءِ الناسِ وشَهَواتِهم، ويُعادُ تَشكِيلُ دِينٍ جَدِيدٍ، وأحكامٍ جَدِيدةٍ، وفِقْهٍ جَدِيدٍ اِسمُه (فِقْهُ التَّيسِيرِ) وهو قائمٌ على تَميِيعِ الشَّرِيعةِ ومُراعاةِ أهواءِ الناسِ (ماذا يقولُ الناسُ؟، ما هو رَأْيُ الأغلَبِيَّةِ؟، يجوز)... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: ويَجِبُ أنْ يَقومَ الدُّعاةُ إلى اللهِ بِمُقاوَمةِ داعِي الهَوَى، فالشَّرِيعةُ جاءَتْ لِمُقاوَمةِ الهَوَى وتَربِيَةِ الناسِ على تَعظِيمِ نُصوصِ الشَّرعِ والتَّسلِيمِ لها وتَرْكِ الاعتِراضِ عليها وأنَّ النَّصَّ الشَّرعِيَّ حاكمٌ لا مَحكومٌ وأنَّه غَيرُ قابِلٍ لِلمُعارَضةِ ولا لِلمُساوَمةِ ولا لِلرَّدِّ ولا لِلتَّجْزِئةِ ولا لِلتَّخفِيضِ، وَلْيُذَكِّرِ [أَيِ الداعِي] العامَّةَ والخاصَّةَ بقولِ اللهِ تَعالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، فلا بُدَّ مِن تَربِيَةِ الناسِ على التَّعَلُّقِ بالآخِرةِ، وأنَّ الدُّنْيا دارُ شَهَوات وأهْواءٍ، وأنَّ الجَنَّةَ قد حُجِبَتْ بالمَكارِهِ، والنارَ قد حُجِبَتْ بالشَّهَواتِ، وأنَّ اليَقِينَ ما دَلَّ عليه الشَّرعُ، وما جاءَ به الشَّرعُ هو مَصلَحةُ الناسِ ولو جَهِلوا، ولو قالوا {ليس في هذا مَصلَحَتُنا}، وأنَّ مِن مَقاصِدِ الشَّرِيعةِ تَعبِيدُ الناسِ لِرَبِّ العالَمِين، وأنَّ الواحِدَ يَرْكَبُ المَشاقَّ حتى يَتَعَبَّدَ ويُذَلِّلَ نَفْسَهُ لِلَّهِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المنجد-: ما هو المَقْصِدُ الشَّرعِيُّ مِن وَضْعِ الشَّرِيعةِ؟، لماذا أَلْزَمَ اللهُ الناسَ بالشَّرِيعةِ؟، الغَرَضُ مِن وَضْعِ الشَّرِيعةِ إِخْراجُ المُكَلَّفِ عن داعِيَةِ هَوَاه حتى يكونَ عَبْدًا للهِ؛ وَلْيَتَذَكَّرْ هؤلاء القَومُ أنَّ مُجاراةَ الناسِ في التَّرَخُّصِ والتَّيسِيرِ لا تَقِفُ عند حَدٍّ، فماذا نَفعَلُ بمَن تَتَبَرَّمُ مِن لُبْسِ الحِجَابِ؟، ومَن يَتَبَرَّمُ مِن صِيامِ الحَرِّ في رَمَضانَ؟، ومَن يَتَثَاقَلُ عنِ السَّفَرِ لِلْحَجِّ لِمَا فيه مِنَ المَشَقَّةِ والأمْراضِ المُعْدِيَةِ؟، وماذا نَصنَعُ بالجِهادِ الذي فيه تَضحِيَةٌ بالنَّفْسِ والمالِ؟، فإذا كُنَّا نُرِيدُ أنْ نَنسَلِخَ مِن أَيِّ شيءٍ فيه ثِقَلٌ فَأَيُّ دِينٍ هذا الذي نُرِيدُ اتِّباعَه؟!؛ والتَّيسِيرُ الذي يَسَّرَه اللهُ للناسِ ورَخَّصَ فيه هذا [هو التَّيسِير] الشَّرعِيُّ، أمَّا الآخَرُ فتَيسِيرٌ بِدْعِيٌّ، التَّيسِيرُ الشَّرعِيُّ [هو] كالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ والجَورَبِ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، هذا تَيسِيرٌ شَرْعِيٌّ، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هذا تَيسِيرٌ شَرْعِيٌّ، أمَّا أنْ تَأْتِيَ وتقولَ {الرِّبَا ضرورةٌ عَصرِيَّةٌ} فهذا كَلَامٌ فارِغٌ. انتهى باختصار.
(64)وقالَ الشيخُ يحيى بنُ عَلِيٍّ الحجوري (الذي أَوْصَى الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ أنْ يَخْلُفَه في التَّدرِيسِ بَعْدَ مَوتِه) في مَقالةٍ له بِعُنوانِ (الرَّدُّ على القرضاوي وأمثالِه إنكارِهم رَجْمَ الزانِي المُحصَنِ) على مَوقِعِه في هذا الرابط: فَقَدْ سَمِعتُ كَلِمةً صَوتِيَّةً لِيُوسُفَ القرضاوي، نَقَلَ فيها عنِ المُسَمَّى أبي زهرة [يَعنِي الشَّيخَ (محمد أبو زهرة) عُضْوَ مجمعِ البُحوثِ الإسلامِيَّةِ، الْمُتَوَفَّى عامَ 1974م، وهو مِن أَصْحابِ المَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ] أنَّه يُنكِرُ رَجْمَ الزانِي المُحصَنِ وأنَّه كانَ كاتِمًا لِذلك عِشْرِينَ سَنَةً وأنَّه الآنَ أَفْشاه، وأَبَانَ القرضاوي بِأنَّه يَمِيلُ إلى هذا الرَّأيِ [قالَ الشَّيخُ القرضاوي في مَقالةٍ له بِعُنوانِ (نَدوةُ التَّشرِيعِ الإسلامِيِّ في لِيبْيَا) على مَوقِعِه في هذا الرابط: قالَ [أَيِ الشَّيخُ (محمد أبو زهرة)] {رَأْيِي أنَّ الرَّجمَ كانَ شَرِيعةً يَهودِيَّةً، أَقَرَّها الرَّسولُ في أَوَّلِ الأمرِ، ثم نُسِخَتْ}. انتهى باختصار. وجاءَ في مَقالةٍ بِعُنوانِ (رَجْمُ الزانِي بين أبي زهرة والقرضاوي) على هذا الرابط: ذَهَبَ الدُّكْتُورُ القرضاوي [إلى] أنَّ عُقوبةَ الزانِي [المُحصَنِ] تَعزِيرِيَّةٌ ولَيسَتْ حَدًّا ثابِتًا. انتهى باختصار. قُلْتُ: الاختِلافُ بين أبي زهرة والقرضاوي هو أنَّ الأوَّلَ يَرَى عُقوبةَ الرَّجْمِ مَنسوخةً أمَّا الثانِي فَيَرَى أنَّها تَعزِيرِيَّةٌ؛ وَقَدْ أَلَّفَ الشيخُ عصام تليمة (القِيَادِيُّ الإخوانِيُّ، وتِلمِيذُ القرضاوي وسِكْرِتيرُه الخاصُّ ومُدِيرُ مَكتَبِه، وعُضوُ جَبهةِ عُلَماءِ الأزهَرِ، وعُضوُ الاتِّحادِ العالَمِيِّ لِعُلَماءِ المُسلِمِين، وعُضوُ الجَمعِيَّةِ الشَّرعِيَّةِ بِمِصرَ) كِتابًا أَسْمَاهُ (لا رَجْمَ في الإسلامِ). وَقَدْ قالَ الشيخُ عبدُالكريم الخضير (عضو هيئة كِبار العلماء بالديار السعودية، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) على مَوقِعِه في هذا الرابط: الحَدُّ [هو] العُقوبةُ المُحَدَّدةُ شَرعًا على المَعصِيَةِ، كَحَدِّ الزِّنَى وحَدِّ السَّرِقةِ وحَدِّ شُرْبِ الخَمْرِ، إلى غَيرِ ذلك مِنَ الحُدودِ، فهو مُحَدَّدٌ شَرعًا لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ؛ والتَّعزِيرُ [هو] العُقوبةُ التي تَرجِعُ إلى اِجتِهادِ الحاكِمِ في تَقدِيرِ ما يَستَحِقُّه هذا العاصِي. انتهى] وأَكَّدَه بِأنَّ ما جاءَ مِنَ الأدِلَّةِ في رَجْمِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ [لِلزَّانِي المُحصَنِ] ليس حَدًّا وإنَّما هو تَعزِيرٌ، قالَ [أَيِ القرضاوي] {والتَّعزِيرُ ذا الآنَ صَعْبٌ، لا يُقْبَلُ التَّعزِيرُ ذا الآنَ}، وهذه كَلِمةٌ شَنِيعةٌ أعرَبَ [أَيِ القرضاوي] فيها وفي أمثالِها عن زَيغِه بِتَصَدِّيه لِرَدِّ حُكْمِ عَدِيدٍ مِن أدِلَّة الكِتابِ والسُّنَّةِ التي قامَ عليها إجماعُ الأُمَّةِ، فَرَأَيْتُ مِنَ المُهِمِّ بَيَانُ شُؤْمِ هذه الكَلِمةِ وعَظِيمِ ضَرَرِها على قائلِها، مُذَكِّرًا بِقَولِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ {إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحجوري-: وتَمَرُّدُ القرضاوي وسَلَفِه [يَعنِي الشَّيخَ (محمد أبو زهرة)] في ذلك على حُكمِ اللهِ وحُدودِه نَظِيرُ تَمَرُّدِ اليَهودِ قَبْلَهم على حُكمِ اللهِ وحُدودِه التي أنزَلَها اللهُ على نَبِيِّه مُوسَى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في التَّوْرَاةِ ولا فَرْقَ، فَهُمْ أَحرَى بِمُشابَهةِ اليَهودِ في ذلك حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحجوري-: وقَدْ ثَبَتَ أمرُه وإقامَتُه صَلَى اللهُ عليه وسَلَّمَ لِهذا الحَدِّ ثُبوتًا قَطعِيًّا لا يُمكِنُ أنْ يُنكَرَ، ولا يَجْحَدُه إلَّا مَن خَتَمَ اللهُ على قُلوبِهم وعلى سَمْعِهم وعلى أبصارِهم غِشاوةٌ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحجوري-: قالَ اِبْنُ حَزْمٍ في (طَوْقُ الحَمامَةِ) {وقَدْ أجمَعَ المُسلِمون إجماعًا لا يَنقُضُه إلا مُلحِدٌ أنَّ الزانِي المُحصَنَ عليه الرَّجمُ حتى يَموتَ}... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحجوري-: وقالَ الزَّجَّاجُ في (مَعَانِي الْقُرْآنِ) {أجمَعَتِ الفُقهاءُ أنَّ مَن قالَ (إِنَّ المُحصَنَين لا يَجِبُ أنْ يُرجَما إذا زَنَيَا وكانا حُرَّين) كافِرٌ}؛ وَكَذَا قالَ الأَزْهَرِيُّ في (تَهْذِيبُ اللُّغَةِ)... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ الحجوري-: وقالَ النَّحَّاسُ في (مَعَانِي الْقُرْآنِ) {وقَدْ أجمَعَتِ الفُقهاءُ على أنَّه مَن قالَ (لا يَجِبُ الرَّجمُ على مَن زَنَى وهو مُحصَنٌ) أنَّه كافِرٌ}، وَكَذَا قالَ ابْنُ مَنْظُورٍ فِي (لِسَانُ الْعَرَبِ). انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُالله الخليفي في مَقالةٍ بِعُنوانِ (الإجماعُ على كُفرِ مُنكِرِ الرَّجمِ في الإسلامِ) على مَوقِعِه في هذا الرابط: وقَدِ اِتَّفَقَتِ المَذاهِبُ الفِقهِيَّةُ، سَوَاءً مَذاهِبُ أهلِ الحَدِيثِ أو أهلِ الرَّأْيِ أو الظاهِرِيَّةِ، على الرَّجمِ، بَلِ اِتَّفَقوا على تَكفِيرِ مَن أنكَرَ الرَّجمَ. انتهى. وجاءَ في هذا الرابط على مَوقِعِ الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، أنَّ مَجلِسَ هَيْئةِ كِبارِ العُلَماءِ قالَ: يُقَرِّرُ المَجلِسُ أنَّ الرَّجمَ حَدٌّ ثابِتٌ بِكِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وإجماعِ الأُمَّةِ، وأنَّ مَن خالَفَ في حَدِّ الرَّجمِ لِلزَّانِي المُحصَنِ فَقَدْ خالَفَ كِتابَ اللهِ وسُنَّةَ رَسولِه وإجماعَ الصَّحابةِ والتابِعِين وجَمِيعِ عُلَماءِ الأُمَّةِ المُتَّبِعِين لِدِينِ اللهِ، ومَن خالَفَ في هذا العَصرِ فَقَدْ تَأَثَّرَ بِدِعايَاتِ أهلِ الكُفرِ وتَشكِيكِهم بِأحكامِ الإسلامِ. انتهى. وقالَ الشيخُ عَبدُالْعَزِيزِ مُختَار إِبرَاهِيم (أُسْتَاذُ الحَدِيثِ وعُلُومِهِ بجَامِعةِ تَبُوك) في (العَصْرَانِيُونَ وَمَفْهُومِ تَجْدِيدِ الدِّينِ): وأَمَّا حَدُّ الرَّجمِ فَإنَّ جَمِيعَ العَصْرانِيِّين [يَعنِي (أصحابَ المَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الاعتِزالِيَّةِ)] يُنكِرونه. انتهى.
(65)وجاءَ في موسوعةِ الفِرَقِ المنتسبة للإسلام (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): محمد عبده [هو] صاحبُ المدرسةِ العقليةِ الاعتزاليةِ [وقد تُوُفِّيَ محمد عبده عامَ 1323هـ، وكان يَشْغَلُ مَنْصِبَ (مفتي الديار المصرية). وقد قالَ الشيخُ مُقْبِلٌ الوادِعِيُّ في (المَخْرَج مِن الفِتنة): ولا أقولُ كما قال الفاضلُ أحمد شاكر رحمه الله تعالى {محمد عبده وجمال الدين الأفغاني جاهِلان بالسُّنَّةِ}، بَلْ أقولُ {إنَّ محمد عبده ضالٌّ}. انتهى باختصار]، التي اصطلح على تَسْمِيَتِها بالمَدرَسة الإصلاحِية [أو المدرسة العقلية الحديثة]!، والتي ظهرت أوائل هذا القرن في مصر وخرج من تحت عَبَاءَتِها كثيرٌ مِنَ الكُتَّابِ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: والحقُّ الذي لا رَيْبَ فيه أنَّ المعتزلةَ -وإنْ رَحَلَتْ بأعلامِها ومَشاهيرِها- فَقَدْ بَقِيَ الاعتزالُ بكُلِّ معانِيه وصُوَرِه، بَقِيَ الاعتزالُ تحت فِرَقٍ تَسَمَّتْ بأسماءٍ أُخرَى، وبَقِيَ بمَناهِجِه وأُصُولِه تحت أشخاصٍ يَنتَسِبون إلى السُّنَّةِ بأَلْسِنَتِهم... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: يُحاوِلُ بعضُ الكُتَّابِ والمُفَكِّرِين في الوقتِ الحاضرِ إحياءَ فِكْرِ المُعتَزلةِ مِن جَدِيدٍ بَعْدَ أنْ عَفَا عليه الزَّمَنُ أو كادَ، فأَلْبَسُوه ثَوْبًا جَدِيدًا، وأطلقوا عليه أسماءً جَدِيدةً مِثْلَ (العقلانِيَّة أو التَّنوِير أو التَّجْدِيد أو التَّحَرُّر الفِكْرِيّ أو التَّطَوُّر أو المُعاصَرة أو التَّيَّار الدِّينِيّ المُستَنِير أو اليَسَار الإسلامِيّ)، وقد قَوَّى هذه النَّزْعَةَ التَّأَثُّرُ بالفِكْرِ الغَرْبِيِّ العقلانيِّ المادِّيِّ، وحاوَلوا تفسيرَ النُّصوصَ الشرعيةَ وَفْقَ العقلِ الإنسانيِّ، فَلَجَئُوا إلى التأوِيلِ كما لَجَأَتِ المعتزلةُ مِن قَبْلُ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: وأَهْمُ مَبْدَأٍ مُعْتَزِلِيٍّ سارَ عليه المُتَأَثِّرون بالفِكْرِ المُعْتَزِلِيِّ الجُدُدُ هو ذاك الذي يَزْعُمُ أنَّ العقلَ هو الطريقُ الوحيدُ للوُصولِ إلى الحقيقةِ، حتى لَوْ كانتْ هذه الحقيقةُ غَيبِيَّةً شَرْعِيَّةً، أَيْ أَنَّهم أخضعوا كُلَّ عقيدةٍ وكُلَّ فِكْرٍ للعقلِ البَشَرِيِّ القاصِرِ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: وهناك كُتَّابٌ كثيرون مُعاصِرون، ومُفَكِّرون إسلامِيُّون، يَسِيرون على المنهجِ [أَيْ منهجِ (المدرسة العقلية الاعتزالية) التي تُسَمَّى بـ (المدرسة الإصلاحية!)] نَفْسِه ويَدْعُون إلى أنْ يكونَ للعقلِ دَورٌ كبيرٌ في الاجتهادِ وتطويرِه، وتَقْيِيمِ الأحكامِ الشرعيةِ، وحتى الحوادِث التاريخيَّة، ومِن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة وخالد محمد خالد [ت1996م] ومحمد سليم العوا وغيرهم... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: ولا شَكَّ بأهميَّةِ الاجتهادِ وتحكيمِ العقلِ في التَّعامُلِ مع الشريعةِ الإسلاميَّةِ، ولكنْ يَنبَغِي أنْ يكونَ ذلك في إطارِ نُصُوصِها الثابتةِ، وبِدَوَافِعَ ذاتِيَّةٍ، وليس نتيجةَ ضغوطٍ أجنبيَّةٍ وتأثيراتٍ خارجيَّةٍ لا تَقِفُ عند حَدٍّ، وإذا انجَرَفَ المسلمون في هذا الاتِّجاهِ (اتِّجاهِ تَروِيضِ الإسلامِ بمُستَجِدَّاتِ الحياةِ والتأثيرِ الأجنبِيِّ) بَدَلًا مِن (تَروِيضِ كُلِّ ذلك لمَنْهَجِ اللهِ الذي لا يَأْتِيه الباطِلُ مِن بين يَدَيْه ولا مِن خَلْفِه)، فستُصْبِح النتيجةُ أنْ لا يَبْقَى مِنَ الإسلامِ إلَّا اسْمُه، ولا مِنَ الشريعةِ إلَّا رَسْمُها، ويَحصُلُ للإسلامِ ما حَصَلَ للرسالاتِ السابقةِ التي حُرِّفَتْ بسببِ اتِّبَاعِ الأهواءِ والآراءِ حتى أَصبَحَتْ لا تَمُتُّ إلى أُصُولِها بأَيِّ صِلَةٍ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: وكانَ مِن رِجَالِ هذه المدرسةِ [أي (المدرسة العقلية الاعتزالية) التي تسمى بـ (المدرسة الإصلاحية!)] المؤسِّسِين لها جمال الدين الأفغاني، وتلميذُه محمد عبده وتلاميذُه محمد مصطفى المراغي [الذي كان يَشْغَلُ مَنْصِبَ (شيخِ الأزهرِ)] ومحمد رشيد رضا، وغيرُ هؤلاء كَثِيرٌ؛ وكان لهذه المدرسة آراءٌ كثيرةٌ تُخالِفُ رَأْيِ السلفِ، وشَطَحاتٌ ما كانوا لِيَقَعُوا فيها لَوْلَا مُبالَغَتُهم الشديدةُ في تحكيمِ العقلِ في كُلِّ أُمُورِ الدِّينِ حتى جاوَزُوا الحَقَّ والصَّوابَ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: المدرسةُ الإصلاحية هي إحياءٌ للمنهجِ الاعتزاليِّ في تَنَاوُلِ الشريعةِ وتحكيمِ العقلِ فيما لا يُحْتَكُمُ فيه إليه؛ ويُمْكِنُ تحديدُ ما تَجتَمِعُ عليه آراءُ تلك المدرسةِ في كَلِمةٍ واحدةٍ هي ("التطوير" أو "العَصْرانِيَّة") وما تَعْنِيه مِن تَنَاوُلِ أُصولِ الشريعةِ وفُروعِها بالتعديلِ والتَّغيِيرِ، تَبَعًا للمناهجِ العقليةِ التي اصطنعَها الغَرْبُ حديثا، أو ما تُمْلِيه عَقْلِيَّاتُ أربابِ ذلك المذهبِ، التي تَتَلْمَذَتْ لتلك المناهجِ... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: محمد رشيد رضا بَدَأَ يَتَحَوَّلُ تدريجيًّا مِن منهجِ المدرسةِ العقليةِ إلى منهجِ السلفِ، ولعلَّ بِدايَةَ التَّحَوُّلِ أَعقَبَتْ وفاةِ أستاذِه محمد عبده، فقد صارَ يَهتَمُّ بطَبْعِ كُتُبِ السلفِ فِي مَطْبَعَةِ الْمَنَارِ [وهي المَطْبَعَةُ التي أَسَّسَها محمد رشيد رضا]، مِثْل كُتُبِ ابنِ تيميةَ وابنِ القيم وابنِ عبدالوهاب ونحوهم... ثم جاءَ -أَيْ في الموسوعةِ-: ونحن وإنْ كُنَّا لا نَزْعُمُ أنَّ كُلَّ انحرافٍ في تَقْنِين الأحكامِ الشرعيةِ ومَيْلٍ بها عنِ الحَقِّ أنَّه أَثَرٌ مِن آثارِ المدرسةِ العقليةِ إلَّا أَنَّنا نُؤَكِّدُ أنَّ كثيرًا مِن ذلك يَسْتَنِدُ إلى آرائِهم ويَسْتَدِلُّ بأقوالِهم ويَسْتَشْهِدُ بها، وما هذا إلَّا مِعْيَارٌ للتَّأَثُّرِ بها [أَيْ بالمدرسةِ العقليةِ]. انتهى باختصار.
(66)وقالَ الشيخُ أنس بن محمد جمال بن حسن أبو الهنود في (التجديد بين الإسلام والعصرانيين الجُدُدِ): إنَّ رجالَ المدرسةِ العصرانيةِ الحديثةِ ليسوا على قَلْبِ رَجُلٍ واحدٍ، ولا على اتِّفاقٍ في جميعِ الأُصولِ والمفاهيمِ، ولذلك ما يُقَرِّرُه أَحَدُهم ويُدافِعُ عنه يُنْكِرُه آخَرون... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ أبو الهنود-: إنَّ العصرانيين في تجديدِهم ليسوا سَواءً، لكنْ بعضُهم يَرَى أنَّ هذا التَّجدِيدَ يَنبَغِي أنْ يَطَالَ جميعَ مَجَالَاتِ الدِّينِ، لا فَرْقَ بين أَصلٍ وفرعٍ، ولا ما هو مِن مسائلِ الاعتقادِ أو التشريعِ، وأكثرُهم على أنَّ التجديدِ مقصورٌ على ما دُون مسائلِ العقيدةِ والعبادةِ، مِن مسائلَ في المُعامَلَاتِ والسِّيَاسةِ والاقتصادِ إلى غيرِ ذلك. انتهى.
(67)وقالَ الشيخُ خالد كبير علال (الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة الجزائر) في (وَقَفات مع أَدْعِيَاءِ العقلانِيَّةِ): الشرعُ كلامُ اللهِ ورسولِه، وبما أنَّه كذلك، فَبِالضَّرورةِ أنَّه حَقٌّ ويَقِينٌ [أيْ في ذاتِه لا في دلالتِه، بالنسبة للقرآن، لأن النصوصَ القرآنيةَ منها ماهو قَطعِيُّ الدلالةِ ومنها ما هو ظَنِّيُّ الدلالةِ؛ وفي ذاتِه لا في ثُبوتِه ولا في دلالتِه بالنسبة لِلسُّنَّةِ لأنَّ النصوصَ النَّبَوِيَّةَ منها ماهو قَطعِيُّ الثبوت ومنها ما هو ظَنِّيُّ الثبوت ومنها ماهو قَطعِيُّ الدلالة ومنها ما هو ظَنِّيُّ الدلالة]، وهذا خِلَافُ الدَّلِيلِ العقليِّ الذي هو دَلِيلٌ نِسْبِيٌّ محدودٌ يَجْمَعُ بين اليَقِينِ والشَّكِّ والظَّنِّ والاحتِمالِ [أيْ في ذاتِه]، وبما أنَّ الدليلَ الشرعيَّ هو حَقٌّ وعِلْمٌ في ذاتِه، فلا يُمْكِنُ للدليلِ العقليِّ أنْ يَتَقَدَّمَه، ولا يكونُ أساسًا له، ولا يُزاحِمُه، ولا يُساوِيه، ولا يُضْفِي عليه اليَقِينَ والصَّلاحِيَّةَ والصَّوَابَ، فهذا لن يَحْدُثَ مع الدِّينِ الحَقِّ، لكنْ في وُسْعِه -أَيِ العقلِ- أنْ يَفْهَمَ الشرعَ ويَكْتَشِفَ أسرارَه وحِكَمَه... ثم قال -أَيِ الشيخُ خالد-: العقلُ وسيلةٌ لِفَهْمِ الوَحْيِ، وليس أَصْلًا له، فَلا العقلَ الصريحَ يستطيع الاستغناءَ عنِ الشرعِ الصحيحِ، ولا الوَحْيُ جاء لتعطيلِ العقلِ وإبعادِه عن فَهْمِ الشَّرعِ وتسخيرِ الطبيعةِ لصالحِه، وإنَّما وَضَعَه في مكانِه الصحيحِ والمُناسِبِ له... ثم قال -أَيِ الشيخُ خالد-: الوَحْيُ هو الأساسُ والمُنطَلَقُ، والمُوَجِّهُ والرَّقِيبُ، مِنَ البِدايَةِ إلى النِهَايَةِ؛ والعقلُ وسيلةٌ لِفَهْمِ الشرعِ واستخراجِ مَعَانِيه، والحِرْصِ على تَطبِيقِه والالْتِزامِ به. انتهى.
(68)وقالَ الشيخُ محمد راتب النابلسي (أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة أم درمان "فرع مجمع أبي النور في دمشق") في مقالة له على موقعه في هذا الرابط: في ظاهرةٍ خطيرة جدًّا في الأوساط الإسلامية، وهي تَحكِيمُ العَقْلِ بالنَّقْلِ، فالإنسانُ يَتَوَهَّم أنَّ عقلَه مِقْيَاسٌ مُطْلَقٌ للمَعْرِفةِ، هذا كلامٌ غيرُ صحيحٍ إطلاقًا... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ النابلسي-: الدِّينُ في أَصْلِه نَقْلٌ، والعقلُ مُهِمَّتُه التَّأَكُّدُ مِن صِحَّةِ النَّقْلِ، ثم فَهْمُ النَّقْلِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ النابلسي-: الإنسانُ إذا استَعانَ بعقلِه على مَعرِفةِ حِكمةِ الشرعِ لا يُوجَدُ مانِعٌ، أمَّا يَستَعِينُ بعقلِه على إلغاءِ حُكْمٍ شرعيٍّ هنا الخطورة، هذا اتِّجَاهٌ قَدِيمٌ، اتِّجَاهٌ مُعتَزِلِيٌّ، تَحكِيمُ العَقْلِ بالنَّقْلِ... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ النابلسي-: العقلُ مسموحٌ له أنْ يَتَأَكَّدَ مِن صِحَّةِ النَّقْلِ، والعقلُ مسموحٌ له أنْ يَفْهَمَ النَّقْلَ، لكنْ ليس مسموحًا له أَبَدًا أنْ يُلْغِيَ النَّقْلَ، إذا أَلْغَى النَّقْلَ صارَ نِدًّا للمُشَرِّعِ. انتهى.
(69)وقالَ الشيخُ خالد السبت (الأستاذ المشارك في كلية التربية "قسم الدراسات القرآنية" في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام) في مقالة له بعنوان (خصائص أهل السنة والجماعة "3") على موقِعِه في هذا الرابط: أصحابُ المدرسةِ العقليَّةِ الحديثةِ هُمُ اِمتِدادٌ لِلْمُعتَزِلةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ عبدُالله الخليفي في (تَقوِيمُ المُعاصِرِين): المَدرَسةُ العَقلِيَّةُ الحَدِيثةُ هي اِمتِدادٌ لِلْمَدرَسةِ العَقلِيَّةِ الَقدِيمةِ (المُعتَزِلةِ). انتهى باختصار.
(70)وقالَ عاطف عزت في كتابِه (السامري الساحر المصري الذي أسس الماسونية): لم يَتَرَدَّدِ النابِهون مِنَ المُفَكِّرِين ومِن رجالِ البلادِ الوَطَنِيِّين ومِنَ القادةِ والوُجَهاءِ في الانضمامِ للْمَاسُونِيَّةِ [قالت هيئةُ البَثِّ الإسرائيليّ على موقعها في هذا الرابط نَقْلًا عن أندراوس حداد (عُضْوِ الْمَاسُونِيَّةِ): الْمَاسُونِيُّ لا يَتَعامَلُ مع الدِّينِ، ولا يَتَعامَلُ مع مفهومِ الأُلُوهِيَّةِ. انتهى باختصار. وجاءَ في (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، بإشراف ومراجعة الشيخ مانع بن حماد الجهني): لم يَعْرِفِ التاريخُ مُنَظَّمةً سِرِّيَّةً أقوَى نُفوذًا مِنَ الْمَاسُونِيَّةِ، وهي مِن شَرِّ مذاهبِ الهَدْمِ التي تَفَتَّقَ عنها الفِكْرُ اليهوديُّ. انتهى]، نَذْكُرُ منهم الشيخَ (محمد أبو زهرة [عضو مجمع البحوث الإسلامية])، والشيخَ الإمامَ (محمد عبده [وكان يَشْغَلُ مَنْصِبَ (مفتي الديار المصرية)]) وهو رَجُلُ الدِّينِ الأكثرُ لِيبرالِيَّةً وعِلْمًا وتَحَضُّرًا والذي كانَ حَرِيصًا على الحُصولِ على دَرَجةِ الماجستيرِ مِنَ المَحْفَلِ المَاسُونِيِّ. انتهى باختصار.
(71)وقالَ أسامة عبدالرحيم في مقالة له بعنوان (الأزهر عند أعتاب الماسون) على هذا الرابط في موقع الألوكة الذي يُشْرِفُ عليه الشيخُ سعدُ بنُ عبدالله الحميد (الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض): مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّة الدُّكتورُ عليّ جمعة (المُرَشَّحُ الأَقْوَى لمَنْصِبِ شيخِ الأزهرِ [وقد شَغَلَ مَنْصِبَ عُضْوِيَّةِ هيئةِ كِبَارِ العلماءِ]) اِحْتَفَلَ بِعِيدِ ميلادِه ال57 في عُقْرِ أَحَدِ أَفْرُعِ الجَمْعِيَّاتِ الْمَاسُونِيَّةِ؛ الحَفْلُ السَّاهِرُ الذي أقامَه نادِي (ليونز) المَشْبُوه -والذي يَرأَسُه مستشارُ البابا شنودة- اِمْتَدَّ حتى الثَّانيةَ عَشْرةَ والنِّصف لَيْلًا، ولم يَقْطَعْ لَحَظاتِ الأُنْسِ إلَّا دُخولُ فَنَّانِ مِصْرَ الاستعراضِيِّ الأَوَّلِ راقِصًا وهو يَحْمِلُ (تورتةَ الإفتاءِ)، وظَلَّ يُغَنِّي بِلِسانٍ أَعْجَمِيٍّ غيرِ مُبِينٍ {هابي بِرث داي تُو يُو يا مُفْتِي}، وهنا ردَّدَ الماسونُ الحاضِرون مُحْتَفِينَ {سَنَة حلوة يا جميل}!... ثم قالَ -أَيْ أسامة عبدالرحيم-: إنَّ تاريخَ اختراقِ الماسونِ للأزهرِ أَقْدَمُ مِن سنواتِ عُمُرِ المُفْتِي ال57، يُؤكِّدُ ذلك ما أَوْرَدَه الكاتبُ محمَّد محمَّد حسين مِن أنَّ جمالَ الدِّينِ الأفغانيَّ هو مؤسِّسُ مَحْفَلَ كوكبِ الشَّرقِ -أَحَدِ أَهَمِّ مُنَظَّماتِ الْمَاسُونِيَّةِ حينَها- ورَئيسُه، وأنَّ محمَّد عبده كان عُضْوًا في هذا المَحْفَلِ... ثم قالَ -أَيْ أسامة عبدالرحيم-: ولقد نَجَحَ الماسونُ في استدراجِ جمالِ الدِّينِ الأفغانيِّ، ثُمَّ محمَّد عبده الذي تَوَلَّى القضاءَ والإفتاءَ في مِصْرَ... ثم قالَ -أَيْ أسامة عبدالرحيم-: نالَ محمَّد عبده رِضَا الماسونِ ومِن خَلْفِهم اليَهُود، فَعُيِّنَ مُفْتِيًا للدِّيَارِ المِصريَّة!، وأَصْبَحَ صَدِيقًا للُّورْدِ كُرُومَرَ، المندوبِ السَّامِي [المَندُوبُ السَّامِي هو لَقَبٌ اسْتُخدِمَ في الإمْبِرَاطُورِيَّةِ البِرِيطانِيَّةِ لِشَخْصِ المُكَلَّفِ بإدارةِ المَحْمِيَّاتِ والأراضِي التي ليستْ تحتَ السِّيَادةِ البِرِيطانِيَّةِ بالكاملِ [يَتِمُّ استخدامُ لَقَبِ (الحاكِم) بَدَلًا مِن (المَندُوب السَّامِي) في حالةِ وُقوعِ البَلَدِ تحتَ السِّيَادةِ البِرِيطانِيَّةِ الكاملة]، وهذا الشَّخْصُ كان يَتْبَعُ وِزَارةَ المُستَعْمَراتِ البِرِيطانِيَّةِ، وكان يُعتَبَرُ الحاكِمَ الفِعْلِيَّ في البَلَدِ الواقعةِ تحت الاِنْتِدابِ (الذي هو في حَقِيقَتِه احتلالٌ)، فهو يَقُومُ مِن خَلْفِ السِّتَارِ بإدارةِ شُؤُونِ البلادِ والتَّدَخُّلِ في كُلِّ كبيرةٍ وصغيرةٍ] البِرِيطانيِّ لمِصْرَ، والحاكِمِ الفِعْلِيِّ لها آنَذَاكَ. انتهى باختصار.
(72)وجاء على موقع بوَّابة أخبار اليوم التابع للمؤسسة الصحفية المصرية (دار أخبار اليوم) في هذا الرابط: قالَ الدكتورُ إبراهيم الهدهد (رئيس جامعة الأزهر) {تُوجَدُ بعضُ المعلوماتِ المغلوطةِ عنِ المنهجِ التعليميِّ في الأزهر ودَوْرِه في مُواجَهةِ الإرهابِ والتَّطَرُّف}، مؤكِّدًا أن المنهجَ يَجمَعُ بين العقل والنقلِ ويَستَنِدُ لنُصوصِ الكتاب والسُّنَّةِ وضوابطِ الفَهْمِ الصحيحِ للنُّصوصِ؛ وأضاف أنَّ السببَ الذي جعلَ الأزهرَ يَعتَنِقُ المذهبَ الأشعري مِن حيث العقيدةُ هو أنه منذ نشأتِه حتى الآن قائمٌ على ما قَرَّرَه الرسولُ وصحبُه الكرامُ ولم يُكَفِّرْ أَحَدًا مِن أهلِ القِبْلةِ... وأكَّدَ أنَّ الأزهرَ يُطَوِّرُ مَناهِجَه لمُواجَهةِ العصرِ ومُواكَبةِ تَطَوُّراتِه. انتهى.
(73)وجاء على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: وَجَّهَ الإمامُ الأكبرُ الأستاذُ الدكتورُ أحمدُ الطيب [شيخُ الأزهرِ] مساءَ اليومِ كلمةً للأُمَّةِ في افتتاحِ فَعَالِيَّاتِ مُؤْتَمَرِ (مَن هُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ)، بالعاصمةِ الشيشانيةِ جروزني، وذلك بحُضورِ جَمْعٍ مِن علماءِ الأُمَّةِ مِن مُخْتَلَفِ أنحاءِ العالَمِ، ولَفَتَ فضيلةُ الإمامِ الأكبرِ إلى أنَّ مفهومَ (أهل السُّنَّة والجماعة) الذي كان يَدُورُ عليه أَمْرُ الأُمَّةِ الإسلامِيَّةِ قُرُونًا مُتَطَاوِلَةً، نازَعَتْه في الآوِنَةِ الأخيرةِ دَعَاوَى وأهواءٌ، لَبِسَتْ عِمَامَتَهُ شَكْلًا، وخَرَجَتْ على أُصولِه وقواعدِه وسَماحَتِه مَوضُوعًا وعَمَلًا، حتى صارَ مفهومًا مُضْطَرِبًا، شديدَ الاِضْطِرابِ عند عامَّةِ المسلمِين، بَلْ عند خاصَّتِهم مِمَّن يَتَصَدَّرون الدعوةَ إلى اللهِ، لا يَكَادُ يبِينُ بعضٌ مِن مَعالِمِه حتى تَنْبَهِمَ [الانْبِهامُ هو اللَّبْسُ والغُمُوضُ] قَوَادِمُه وخَوَافِيهِ [القَوَادِمُ هي كِبَارُ الرِّيشِ في مُقَدَّمِ جَنَاحِ الطَّائرِ؛ والخَوَافِي صِغَارُ الرِّيشِ، وهي تحتَ القَوَادِمِ]، وحتى يُصبِحَ نَهْبًا تَتَخَطَّفُه دَعَواتٌ ونِحَلٌ وأهواءٌ، كُلُّها تَرْفَعُ لافِتَةَ مذهبِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وتَزْعُمُ أنها وحدَها المُتَحَدِّثُ الرَّسمِيُّ باسْمِه، وكانت النتيجةُ التي لا مَفَرَّ منها أنْ تَمَزَّقَ شَمْلُ المسلمِين بتَمَزُّقِ هذا المفهومِ وتَشَتُّتِه في أذهانِ عامَّتِهم وخاصَّتِهم (مِمَّن تَصَدَّروا أَمْرَ الدعوةِ والتعليمِ)، حتى صارَ التَّشَدُّدُ والتَّطَرُّفُ والإرهابُ وجرائمُ القتلِ وسَفْكِ الدِّماءِ... مُضِيفًا أنَّ الإمامَ أبا الحسن الأشعري الذي لُقِّبَ بأنَّه إمامُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ وُلِدَ بالبَصْرَةِ سَنَةَ 260هـ، وتُوُفِّيَ ببَغْدَادَ سَنَةَ 324هـ، جاءَ مَذْهَبُه وَسَطًا بين مَقَالاتِ [أَيْ مَذاهِبِ] الفِرَقِ الأُخرَى، وقد اعتَمَدَ فيه على القرآنِ والحديثِ وأقوالِ أئمَّةِ السلفِ وعلمائِهم، وكان الجديدُ في مَذهَبِه هو المنهجَ التَّوفِيقيَّ الذي يَمْزُجُ بين الإيمانِ بالنَّقْلِ واحترامِ العقلِ؛ وبَيَّنَ فضيلتُه أنَّ المَذهَبَ الأشعري ليس مذهبًا جديدًا، بل هو عَرْضٌ أَمِينٌ لعقائدِ السلفِ بمَنْهَجٍ جَدِيدٍ، كما أنَّه المذهبُ الوحيدُ الذي لا يُكَفِّرُ أحدًا مِن أهلِ القِبْلَةِ. انتهى باختصار.
(74)وجاءَ على الموقعِ الرَّسْمِيِّ لجريدة الوطن المصرية تحت عنوان (الأزهرُ يَبدأُ حَمْلةً مُوَسَّعةً لمُواجَهةِ التَّطَرُّفِ بِنَشرِ الفِكْرِ الأَشْعَرِيِّ) في هذا الرابط: وأَعْلَنَتِ المشيخةُ [يعني مشيخة الأزهر] عن إطلاق (مركز أبي الحسن الأشعري)، [وأبو الحسن الأشعري هو] مُؤَسِّسُ المدرسةِ الأشعريَّةِ التي يَنتَمِي اليها الأزهرُ، والتي تَتميَّزُ بأنها عقيدةُ العقلِ والمنطقِ وإعمالِ الفكرِ، وليس النَّقْلَ دُونَما فَهْمٍ (كما العَقِيدَة السلفِيَّة، والتي تَسبَّبَتْ في انتِشارِ التَّطَرُّفِ)؛ كما أطلقَ الدكتورُ أحمد الطيب شيخُ الأزهرِ مؤخَّرًا كتابًا جديدًا بعنوان (نَظَراتٌ في فِكْرِ الإمامِ الأشعري)، والذي لاقَى إقبالًا كبيرًا مِن جَماهيرِ القُرَّاءِ العربيَّةِ في (مَعْرَضِ الشَّارِقَةِ لِلكِتَاب) بحَسَبِ بَيَانٍ للأزهرِ؛ كما بَدَأَتِ المشيخةُ تنظيمَ سِلْسِلَةٍ مِنَ اللقاءاتِ والنَّدَواتِ لِطُلَّاب الأزهرِ لِتَثبِيتِ عقيدتِهم في أذهانِهم، وإبعادِهم عنِ الأفهامِ الأُخرَى الشاذَّةِ للعقائدِ؛ وفي رَدِّه على سؤالِ {مَن هُمُ الأَشاعِرةُ؟ ولماذا الأزهرُ الشريفُ أَشْعَرِيُّ؟} قالَ مركزُ الأزهرِ العالَمِيُّ للفَتْوَى الإلكترونيةِ {إنَّ الأَشاعِرةَ هُمْ غالِبُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ، فَهُمْ يُمَثِّلون أكثرَ مِن 90% مِنَ المسلمِين}، وتابَعَ [أَيْ مركزُ الأزهرِ العالَمِيُّ للفَتْوَى الإلكترونيةِ] أنَّه {لِهذا، فمَذهَبُ الأزهرِ الشَّرِيفِ وعُلَمائِه هو المَذهبُ الأَشْعَرِيُّ}، كما أنه [أَيِ المذهبَ الأشعريَّ] مذهبٌ جَمَعَ بين الأَخْذِ بالعقلِ والنقلِ في فَهْمِ وإثباتِ العقائدِ}، وأَكَّدَ المركزُ [أَيْ مركزُ الأزهرِ العالَمِيُّ للفَتْوَى الإلكترونيةِ] أنَّ {رَمْيَ الأشاعِرةِ بأنَّهم خارِجُون عن دائرةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ غَلَطٌ عَظِيمٌ وباطِلٌ جَسِيمٌ، لِمَا فيه مِنَ الطَّعْنِ في العَقائدِ الإسلاميَّةِ المَرْضِيَّةِ والتَّضلِيلِ لجَمْهَرةِ عُلماءِ الأُمَّةِ عَبْرَ العُصورِ}، وشَدَّدَ [أَيْ مركزُ الأزهرِ العالَمِيُّ للفَتْوَى الإلكترونيةِ] على أنَّ {مِثْلَ هذا الكلامِ لا يُعَوَّلُ عليه ولا يُلتَفَتُ إليه، فلا يَزالُ السادَةُ الأشاعِرةُ هم جُمهورُ العلماءِ مِنَ الأُمَّةِ، وَهُمُ الذِين التزموا بكتابِ اللهِ وسُنَّةِ سَيِّدِنا رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- عبرَ التاريخِ، ومَنْ شكَّك في عقيدتِهم فإنه يُخْشَى عليه في دِينِه}؛ وأَكَّدَ الدكتورُ يسري جَعْفَر (أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر بالقاهرة، ونائب رئيسِ مركزِ الفِكْرِ الأَشْعَرِيِّ) في مُحاضَرةٍ له مُؤَخَّرًا للطَّلَبةِ الوافِدِين أنَّ هناك أَسْبابًا مُتَعَدِّدةً لاختيارِ الأزهرِ المَذهَبَ الأَشْعَرِيَّ، أَهَمُّها اتِّساعُ المَذهَبِ لِيَشْمَلَ الجميعَ دُونَ تكفيرٍ أو إقصاءٍ لِأحَدٍ، وهو ما جَعَلَ الأزهرَ الشريفَ يَخْتارُ (المَذهَبَ الأَشْعَرِيَّ) و(الطريقةَ المَاتُرِيدِيَّةَ) اللَّذَين يُشَكِّلان (مذهب أهل السنة والجماعة)؛ وعَدَّدَ جَعْفَرٌ الأسبابَ التي دَفَعَتِ الأزهرَ لاختيارِ المَذهَبِ الأَشْعَرِيِّ والمَاتُرِيدِيِّ، لِمَناهِجِه الْمُخْتَلِفَةِ بالمَعاهِدِ الأزهريَّةِ، ولِكُلِّيَّاتِ العقيدةِ وأُصولِ الدِّينِ؛ وقال جَعْفَرٌ {إنَّ السَّبَبَ الأَوَّلَ لاخْتِيارِ المَنهَجِ الأَشْعَرِيِّ أنَّ أَبَا الْحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ تَرَبَّى في كَنَفِ الْمُعْتَزِلَةِ لِمُدِّةِ 30 عامًا، وبَعْدَها تَرَكَ الْمُعْتَزِلَةَ وانْضَمَّ لأهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ، لِيَضَعَ قَواعِدَ جديدةً تَحْمِي مَذهَبَه} مُشِيرًا إلى {أنَّ اللهَ صَنَعَ هذا المذهبَ على عَيْنِه لِخِدْمَةِ هذه الأُمَّةِ}؛ أمَّا السببُ الثاني، أَوْضَحَه جَعْفَرٌ قائلًا {إنَّ الإمامَ الأَشْعَرِيَّ لم يُكَفِّرْ أحدًا، حتى أنَّه قالَ في بِدايَةِ أَشْهَرِ كُتُبِه (مَقالات الإسلامِيِّين واخْتِلَاف الْمُصَلِّينَ) "لا نُكَفِّرُ أحَدًا مِن أهلِ القِبْلةِ" [قالَ الشيخُ محمد صالح المنجد في مُحاضَرةٍ بِعُنْوانِ (ضَوابِطُ التَّكفِيرِ "1") مُفَرَّغَةٍ على موقِعِه في هذا الرابط: عِبارةُ {نحن لا نُكَفِّرُ أحَدًا} عِبارةٌ ضالَّةٌ، خاطِئةٌ، آثِمةٌ، مُخالِفةٌ لِلكِتابِ والسُّنَّةِ. انتهى]، وهو ما أَثَنَى عليه علماءُ الأُمَّةِ، والأزهرُ بِدَوْرِه يُعَلِّمُ أبناءَه أَلَّا يُكَفِّروا أحدًا، فهو يُغْلِقُ بابَ التكفيرِ حتى لا تَنْفَتِحَ أبوابُ الجَحِيمِ وتُراقَ الدِّماءُ}؛ وقالَ عبدالغني هندي (عضو مجمع البحوث الإسلامية) {إنَّ جُهودَ الأزهرِ في نَشْرِ الفَهْمِ الأَشْعَرِيِّ لِلعَقِيدةِ أَمْرٌ جَيِّدٌ ومُوَاجَهةٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلتَّطَرُّفِ الذي خَلَقَتْه الأفهامُ الأُخْرَى}. انتهى باختصار.
(75)وجاءَ على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: أَكَّدَ الدكتورُ يسري جعفر (أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر) أنَّ المذهبَ الأَشْعَرِيَّ والمَاتُرِيدِيَّ الذي اتَّخَذَه الأزهرُ الشريفُ منهجًا له أَحَدُ الأسبابِ الرئيسةِ التي تُحَصِّنُ العقلَ الأزهريَّ، وتَجعَلُه يُواجِهُ المُتَغَيِّراتِ العالميَّةَ التي تُلاحِقُه، جاء ذلك خلالَ إحدى نَدَواتِ (نَحْوَ عُقولٍ مُحَصَّنَةٍ) التي نَظَّمَها قطاعُ المعاهدِ ضِمْنَ البرنامج التثقيفيِّ لمُعَلِّمِي ومُعَلِّماتِ الأزهرِ الشريفِ، صباحَ اليومِ الخميس 15 مارس بمنطقةِ القليوبيةِ الأزهريَّةِ؛ وأوضحَ الدكتورُ يسري جعفر (نائبُ رئيسِ مركزِ الفِكْرِ الأَشْعَرِيِّ) أنَّ المُتَغَيِّراتِ المُتَلاحِقةَ في العالَمِ أَوجَدَتِ الكثيرَ مِنَ الأسبابِ التي دَفَعَتْ فضيلةَ الإمامِ الأكبرِ الأستاذِ الدكتورِ أحمدَ الطيب (شيخ الأزهر) إلى إنشاءِ (مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات)، وقال جعفر {إننا تَعَلَّمْنا في الأزهرِ كَيْفِيَّةَ الجَمْعِ بين النقلِ والعقلِ، وهو ما يُحَقِّقُ الحَصَانةَ في العُقولِ الأزهريَّةِ، فلا نَتْرُكُ النُّصوصَ ولا نَعْمَلُ على ظاهرِ النَّصِ}، وأشارَ نائبُ رئيسِ مركزِ الفِكْرِ الأَشْعَرِيِّ إلى أنَّ المنهجَ الأزهريَّ حافَظَ على وَسَطِيَّةِ الشَّعبِ المِصْرِيِّ بَلْ وَسَطِيَّةِ العالَمِ الإسلامِيِّ كُلِّه، وهو ما يَعودُ في الأساسِ للمنهجِ الأَشْعَرِيِّ... فالجميعُ يَعْلَمُ أنَّ الأزاهِرةَ باختلافِ مُستَوَيَاتِهم أَقوِيَاءُ مُحَصَّنِين بالمنهجِ الأزهريِّ الأَشْعَرِيِّ، لأنهم يعبدون اللهَ على عِلْمٍ وبَصِيرةٍ... وأخيرًا يَجِبُ إعانَةُ العُقولِ المُحَصَّنةِ ودَعْمُها بمُخْتَلِفِ الوَسائلِ، في إطارِ دولةِ القانونِ والمُؤَسَّساتِ؛ ومِن جانبِه وَجَّهَ الدكتورُ حسن خليل (مدير الشؤون الفنية بمشيخة الأزهر الشريف) عِدَّةَ رَسائلَ هامَّةٍ إلى الحُضورِ، أَوَّلُها أنَّنا أبناءُ مؤسَّسةٍ يَصِلُ عمرُها إلى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَامٍ قائمةٍ على المسجدِ الأزهرِ الشريفِ، مَهْدِ العِلْمِ الدِّينِيِّ الأَصِيلِ، وقامَتْ على حِرَاسةِ الدِّينِ والشرعِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَامٍ، الرسالةُ الثانيةُ أنَّ العقلَ المُحَصَّنَ هو السبيلُ لتكليفٍ صحيحٍ تُنَفَّذُ به تَعلِيماتُ الشرعِ، وأشارَ إلى أنَّ تَحْصِينَ العقلِ يكونُ في المدرسةِ والمسجدِ والأُسرةِ، فعُقُولُ أَبنائِنا أَمَانَةٌ في أَعْناقِنا، وَسَطَ ظُرُوفٍ تَغَيَّرَتْ وتَيَّاراتٍ تَتَجاذَبُ العَقْلَ كثيرًا، والعقلُ إذا تَحَصَّنَ أَصْبَحَ سَدًّا مَنِيعًا ضِدَّ الأعداءِ المُتَرَبِّصِين، الذِين يُدَلِّسون الحقائقَ ويُزَوِّرُون الواقعَ والتاريخَ. انتهى باختصار.
(76)وجاء على موقع بوابة أخبار اليوم التابع للمؤسسة الصحفية المصرية (دار أخبار اليوم) في هذا الرابط: قالَ فضيلةُ الإمامِ الأكبرِ أحمدَ الطيب، خلالَ حديثِه الأُسْبُوعِيِّ على قناة (الفضائية المصرية) {أمَّا إجابَتِي عن سؤالِ (مَن هُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ) فإنِّي أَستَدعِيها مِن منهجِ التعليمِ بالأزهرِ، الذي تَرَبَّيتُ عليه ورافَقَنِي منذ طُفولَتِي وحتى يومِنا هذا، دارِسًا لِمُتُون هذا المنهجِ وشُروحِه عَبْرَ رُبْعِ قَرْنٍ مِنَ الزَّمَانِ، ومُتَأَمِّلًا في منهجِه الحِوَارِيِّ بين المَتْنِ والشَّرحِ والحاشِيَةِ والتقريرِ، في تَدرِيسِي لِعُلوم أُصولِ الدِّينِ قُرَابَةَ 40 عامًا مِنَ الزَّمانِ، وقد تَعَلَّمْتُ مِن كِتَابِ (شرح الخَريدة) لأبي البركات الدردير [قال الشيخ أحمد الجنيدي في (الصدق والتحقيق) تحت عنوان (تعريف بالشيخ الدردير): هو الإمامُ القطب العلامة الفقيه، شيخ الطريقة والحقيقة، سيدي أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي الأزهري الخلوتي، الشهير بالدردير أبي البركات، فقيه صوفي، ولد بقرية بني عدي (من صعيد مصر)، تَوَلَّى مشيخةَ الطريقة الخلوتية، بمسجدِه بالقربِ مِنَ الجامعِ الأزهرِ، وكذلك الإفتاءَ بالجامع الأزهر، وصنَّف ودَرَّسَ حتى تُوُفِّيَ سَنَةَ 1201هـ. انتهى باختصار. وقال الشيخ إدريس محمود إدريس في (مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية): ومِنَ الْمُتَصَوِّفةِ الذِين قالوا بأنَّ أَصْلَ الوُجودِ محمد بنُ عبدالله عليه أفضلُ الصلاةِ والتسليمِ أحمدُ الدردير] في المرحلةِ الابتدائيَّةِ أنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ هُمُ الأَشاعِرةُ والمَاتُرِيدِيَّةُ}؛ وأضافَ {تَعَلَّمْتُ في المرحلةِ الثانَوِيَّةِ أنَّ أهلَ الحقِّ هُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ، وأنَّ هذا المصطلحَ إنَّما يُطْلَقُ على أَتْباعِ إمامِ أهلِ السُّنَّةِ أبي الحسن الأشعري، وأَتْباعِ إمامِ الهُدَى أبي منصور المَاتُرِيدِيِّ}. انتهى باختصار.
(77)وجاءَ على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: وأَكَّدَ جَعْفَرٌ [أستاذُ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر بالقاهرة، ونائب رئيس مركز الفكر الأشعري] في مُحاضَرَتِه أنَّه لَا فارِقَ كَبِيرٌ بَيْنَ مَذْهَبَيِ المَاتُرِيدِيَّةِ والأَشْعَرِيَّةِ، والاثْنان يُمَثِّلَان مذهبَ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ، ويُعَبِّران عن وَسَطِيَّةِ الإسلامِ وسَماحَتِه، مُشِيرًا إلى أنَّ الجميعَ أَدْرَكَ الآنَ قيمةَ الأزهرِ ووَسَطِيَّتَه، وجاءوا إليه باعتبارِه قِبْلةَ العلماءِ، وكَعْبةَ العِلْمِ. انتهى.
(78)وجاء على الموقع الرسمي لجريدة الشورى المصرية تحت عنوان (الأزهر الشريف يوافق على فتح مركز لتدريس الفكر الأشعري) في هذا الرابط: قال الدكتور يسري جعفر (أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر) أن المجلس الأعلى للأزهر وافق على إنشاء مركز الفكر الأشعري، وأضاف في بيان له اليوم الثلاثاء، أن الإمام الأكبر فضيلة الشيخ أحمد الطيب كلفه برئاسة المركز والعمل على إعداد تصور مبدئي لمسيرة العمل خلال الفترة المُقبلة، وأن طرح التصور من أجل تفعيل قرار المجلس الأعلى للأزهر لتفعيل ودعم الفكري الأشعري، مشيرًا إلى أن المركز سيضم أربعة أقسام علمية هي (البحث العلمي والدعم الفني، والثقافة والتواصل المجتمعي، والدعوة والإرشاد، ومتابَعةُ المناهج الأزهرية)؛ وأوضح جَعْفَرٌ أن المركزَ يَستَهْدِفُ نشرَ الفكرَ الأشعريَّ المُعبِّرِ عن وسطيَّةِ وسماحةِ الإسلامِ واعتدالِه، وسَتُلْقَى به مُحاضراتٌ للوُعَّاظِ والأئمَّةِ الوافدِين مِنَ الخارجِ والطُّلَّابِ وطالِباتِ المُدُنِ الجامعيَّةِ. انتهى.
(79)وجاء على موقع قناة العربية الفضائية الإخبارية السعودية تحت عنوان (الطيب يجيب عن سؤال "لماذا يتبنى الأزهر المذهب الأشعري؟"): في كلمة له اليوم الأربعاء حول تجديد الخطاب الديني، كشف الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) عن سببِ تَمَسُّكِ الأزهر بالمذهب الأشعري، ولماذا ظل يَتَمَسَّكُ به طوال 10 قرون هي تاريخُ وعمرُ الأزهرِ، مؤكدا أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى أن هذا المذهب كان انعكاسا صادقا أمِينًا لِمَا كان عليه النبيُّ عليه الصلاة والسلام وصحابتُه وتابعوهم مِن يُسْرٍ وبساطةٍ في الدِّينِ؛ وقال الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) إنَّ الأزهرَ تَبَنَّى المذهبَ الأشعريَّ ورَوَّجَه في سائرِ أقطار المسلمِين. انتهى باختصار.
(80)وجاء على جريدة اليوم السابع المصرية تحت عنوان (ماذا تعرف عن المذهب الأشعري): وقال الدكتور أحمد كريمة (أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر) {إن مذهب أبى الحسن الأشعري هو الأقرب لسُّنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وتَلَقَّتِ الأُمَّةُ المسلمةُ هذا المذهبَ بالقبولِ، حيث أنه يُعَدُّ المذهبَ المعتمدَ للأزهر الشريف منذ 1070 عاما}؛ وأضافَ أستاذُ الفِقْهِ المقارن بجامعة الأزهر، في تصريحاتٍ لـ (اليوم السابع) أنَّ مذهبَ الأشاعرةِ لا يُكَفِّرُ أَحَدًا، استنادًا إلى قول الله عز وجل {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}. انتهى باختصار.
(81)وفي فيديو بعنوان (أحمد الطيب "الحنابلةُ مُتَطَرِّفون، والأَشاعِرةُ والمَاتُرِيدِيَّةُ هُمْ أهلُ السُّنَّةِ") قالَ شيخُ الأزهرِ (أحمد الطيب): هذان المَذهَبان مُتَطَرِّفان، اللِّي هُمَا مَذهُبُ الاعتِزالِ ومَذهَبُ الحَنابِلةِ [قُلْتُ: هُوَ هُنَا عَنَى بِمَذهَبِ الحَنابِلةِ مَذهَبَ السَّلَفِ الصالِحِ الذي هو مَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ حَقًّا]، في الوَسَطِ جاءَ مذهبُ الأَشاعِرةِ والمَاتُرِيدِيَّةِ، وهؤلاء هُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ [جاءَ في مَوسوعةِ الفِرَقِ المُنتَسِبةِ لِلإسلامِ (إعداد مجموعة من الباحثين، بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السَّقَّاف): المَاتُرِيدِيَّةُ والأَشاعِرةُ فِرقةٌ واحِدةٌ مِن ناحِيَةِ المُعتَقَدِ، أو كادَتَا أنْ تَكُونا فِرقةً واحِدةً على أقَلِّ تَقدِيرٍ، وما بينهما مِنَ الخِلافِ فَهو يَسِيرٌ وغالِبُه لَفظِيٌّ، وهُمَا واسِطةٌ بين (أهلِ السُّنَّةِ) و(الجَهمِيَّةِ الأُولَى والمُعتَزِلةِ). انتهى]... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ أحمد الطيب-: مَن هُمْ أهلُ السُّنَّةِ إنْ لم يَكُنِ الأَشاعِرةُ والمَاتُرِيدِيَّةُ هُمْ أهلُ السُّنَّةِ؟!. انتهى.
(82)وعلى موقع جامعة الأزهر في هذا الرابط قال الشيخ محمد عبدالصمد مهنا (مستشار شيخ الأزهر للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، ورئيس الأكاديمية العالمية لدراسة التصوف وعلوم التراث، وأمين عام جمعية العشيرة المحمدية الصوفية): الأزهر هو الهيئة العالمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتَحَمُّلِ أَمَانةِ الرسالةِ الإسلاميةِ إلى كلِّ الشعوبِ. انتهى.
(83)وجاء على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: في إطارِ الدَّورِ العالَمِيِّ الذي يضطلعُ به الأزهرُ، ورسالتِه الإنسانية السامية، ودَورِه الاجتماعِيِّ في السلم الدولي، أسَّستْ مشيخةُ الأزهر الشريف (مرصد الأزهر لِمُكافَحةِ التطرف) لرصد ومتابعة ومجابهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها الجماعات الإرهابية بشتى أنواعها، وكذلك للوقوف على أحوال المسلمين في جميع أرجاء العالم والتركيز على نشر صحيح الإسلام وإبراز دوره في دعم قيمة الإنسان والإنسانية، وذلك باثني عشر لغة حية، يعمل بالمرصد مجموعات من الشباب الباحثين والباحثات الذين يجيدون العديد من اللغات الأجنبية إجادة تامة ويعملون بِجِدٍّ ودَأَبٍ على مَدَارِ الساعةِ لرصد كل ما تبثه التنظيمات المتطرفة ومتابعة كل ما يُنشر عن الإسلام والمسلمين على مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، ومراكز الدارسات والأبحاث المعنية بالتطرف والإرهاب، والقنوات التليفزيونية، وإصدارات الصحف والمجلات، ويرد عليها من خلال لجان متخصصة، ليغلق على الإرهابيين والمتطرفين وأصحاب الآراء المتشددة جميع المنافذ التي يتسلل منها إلى عقول الشباب... افتتح فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر (مرصد الأزهر لِمُكافَحةِ التطرف) في الثالث من شهر يونيو 2015م لِيَكُونَ أحدَ أَهَمِّ الدعائم الحديثة لمؤسسة الأزهر العريقة، وقد وَصَفَه فضيلتُه بأنه {عينُ الأزهر الناظرةُ على العالَمِ}. انتهى باختصار.
(84)وقال كمال حبيب في (مجلة البيان، التي يَرْأَسُ تحريرَها الشيخُ أحمد بن عبدالرحمن الصويان "رئيس رابطة الصحافة الإسلامية العالمية") تحت عنوان (مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي): ثم جاء انقلابُ يوليو [يعني الانقلاب العسكري على نظام الحكم في مصر في 23 يوليو 1952م] وأَصْدَرَ (قانونَ تطوير الأزهر) حيث فَصَلَ أوقافَه عنه، واستولَتْ عليها وزارةُ الأوقاف، كما جَعَلَ شيخَه تابعًا لوزيرٍ يساريِّ [أَيْ علماني] في هذا الوقت هو (كمال رفعت)، وأصبحتِ المؤسسةُ الأزهريَّةُ التي هي بالأساس مؤسسةٌ أهليَّةٌ عِلْمِيَّةٌ لَهَا أوقافُها المستقلة وتُمارِسُ الاجتهادَ ولها تقاليدُها بعيدًا عن يَدِ الدولة، أصبحتْ في قبضةِ الدولةِ، وحَدَّثَنِي (الشيخُ الشعراوي) الذي كان يعملُ مديرًا لمَكْتَبِ الشيخِ حسن مأمون [هو شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية الأسبق] أنه -أَيِ الشيخَ حسن مأمون- لم يَكُنْ يستطيعُ أنْ يَنْقُلَ الفَرَّاشَ مِن مكتبِه، أَيْ نُزِعَتْ مِنَ الأزهر كُلَّ أسلحته، وصار شيخُ الأزهر الذي كان يُمَثِّلُ ضميرَ الأُمَّةِ كُلِّها مُجَرَّدَ موظف لدى المؤسسة الحاكمة لا يَخْرُجُ قَيْدَ أُنْمُلةٍ عَمَّا تَطْلُبُ منه، رغم أن العلماء في التقاليد الإسلامية هُمْ بالأساس مُراقِبون للسلطة وضابطون لسُلوكِها، وَهُمْ مُعَبِّرون عنِ الأُمَّةِ في مُواجَهةِ السلطةِ... وحُوصِرَ المخالِفون لشيخ الأزهر وحُوكِموا وعُزِلوا وشُرِّدوا في الآفاقِ... وقالتْ وكيلةُ وزارة الخارجية [الأَمْرِيكِيَّةِ] للشؤون العالمية أمامَ اجتماعِ (لجنة الحريات الدينية) المعنية بمتابعة الحالة الدينيَّةِ في العالَم وَفْقَ الرُّؤْيَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ {علينا أن نَضُمُّ المزيدَ مِن علماء المسلمِين إلى برامج التَّبادُلِ الثقافيِّ والأكاديمي التي تُمَوِّلُها أمريكا، إننا نريد الوصولَ إلى جمهورٍ أكبرَ في المجتمعاتِ الإسلاميَّةِ، وذلك بهَدَفِ دَعْمِ أصواتِ التَّسامُحِ في الدولِ الأُخرَى وعودةِ الناس للتَّسامُحِ}، وأفكارُ التسامُحِ تعني إلغاءَ كلِّ ما يَتَّصِلُ بمفهومِ الولاء والبراء والتَّمايُزِ على أساس العقيدةِ؛ فَهُمْ يُرَوِّجون لِفكرةِ (الإنسانُ الكَوْنِيُّ) أَيِ الإنسانُ الذي لا يَشْعُرُ بأيِّ انتماءٍ خاصٍّ لِدِينٍ أو لِوَطَنٍ أو لِعقيدةٍ أو لِقَضِيَّةٍ... إن أمريكا تسعى اليوم عَبْرَ التَّدَخُّلِ في مناهجِ التعليم الدِّينِيِّ على وجه الخُصوصِ للتأثيرِ على الأجيالِ القادمةِ للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ، أَيْ أنها تعملُ للسيطرة على المستقبَلِ في العالَمِ الإسلاميِّ، وهي تَشْعُرُ أنها لا يُمْكِنُها السيطرةُ على هذا المستقبَلِ إلَّا عن طريقِ السيطرةِ على عُقولِ شَبابِه وأبنائِه، وهذا لا يُمْكِنُ تحقيقُه إلَّا عن طريقِ العَبَثِ بمناهج التعليمِ الدِّينِيِّ خاصَّةً، إن الأُمَّةَ الإسلاميةَ بحُكْمِ صِفَتِها هي أُمَّةٌ رُوحُها هو الدِّينُ، وتاريخُها وثقافتُها ونشاطُها كُلُّه بالأساس حَوْلَ الدِّينِ، ونَزْعُ دِينِها أو التَّلاعُبُ به مِن قِبَلِ قُوَّةٍ خارِجِيَّةٍ هو خَطَرٌ لا يُمْكِنُ الاستهانةُ به أو التقليلُ مِن شأنِه، لأنه خَطَرٌ وقَصْفٌ مُوَجَّهٌ إلى العقلِ والرُّوحِ، هو قَصْفٌ مُوَجَّهٌ إلى الجُذُورِ، وهو خَطَرٌ يَستهدِفُ اغتيالَ الأُمَّةِ... الأُمَّةُ كُلُّها بحاجةٍ إلى تَدَبُّرِ طبيعةِ الحربِ التي تُواجٍهُها، إنها حربٌ صليبيَّةٌ، الإجْلابُ فيها بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ مِن جانبٍ، وبالغَزْوِ الفِكريِّ والثقافِيِّ لِهَدْمِ قواعدِ الأُمَّةِ وأُسُسِها مِن ناحيَةٍ أُخْرَى... إنَّ الدهشةَ سوف تُلْجِمُنا إذا عَلِمْنا أنَّ مؤسسةً تُسَمَّى (كِير) تَتَبَعُ المخابراتِ المركزيَّةَ الأَمْرِيكِيَّةَ هي التي تقومُ بالتخطيطِ للمناهجِ في وزارة التربيةِ والتعليم المصرية [قالَ الشيخُ أحمد الريسوني (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) في مقالة له على هذا الرابط: وأمَّا الدولةُ المصرية بكل مؤسساتها ومرافقها وتوابعها داخل المجتمع، فَيَحكُمُها ويَتَحَكَّمُ فيها تَحالُفُ العَسكَرِ والمُخابَراتِ والاستِبدادِ والفَسادِ والبَلْطَجِيَّةِ والغَدرِ والمَكْرِ. انتهى]... والدهشةُ سَتُمْسِكُ بِتَلَابِيبِنا إذا عَلِمْنا أنَّ وَفْدَ الـ (إف بي آي) [يعني مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي] قد التَقَى شيخَ الأزهر، ووُفُودُ الكونجرس تَلْتَقِيه لِلاِطْمِئْنَانِ على مناهجِ الأزهرِ... ونُوْرِدُ ما قالَه وزيرُ التعليمِ المصريُّ في حوارٍ مع إحدَى الصحفِ، قالَ {المناهجُ الدِّينِيَّةُ تَتِمُّ صِيَاغَتُها بإشرافِ شيخ الأزهر، وهو رَجُلٌ لا يستطيعُ أحدٌ التشكيكَ في استِنارَتِه وتَقَدُّمِه، وهو يُعلِنُ مسؤولِيَّتَه دائمًا عن كُلِّ ما يُدَرَّسُ مِن تَرْبِيَةٍ دِينِيَّةٍ داخِلَ وزارة التربيةِ والتعليمِ، وشارَكَ بنَفْسِه في دورة تدريبية لمُدَرِّسِي التَّرْبِيَةِ الدِّينِيةِ بالوزارة، وبالفعل تَمَّ تَغْيِيرُ الكثيرِ مِن هذه المناهجِ [قالَ الشيخُ أبو قتيبة التبوكي في (تَجدِيدُ الدارِسِ في حُكْمِ المَدارِسِ): أقولُ، إذا كانَتْ هذه المَناهِجُ الموجودةُ حَالِيًّا فاسِدةً، فَكَيْفَ بَعْدَ التَّغْيِيرِ والتَّبدِيلِ إرْضاءً لأَمْرِيكا. انتهى] حتى يُمْكِنَ صِيَاغةُ عقلِ الإنسانِ الجديدِ غيرِ المُتَطَرِّفِ، وذلك لِأنَّنا نَعتقِدُ أنَّ العقلَ هو جَوْهَرُ الإسلامِ، وعشراتُ الآياتِ تَحُضُّ على العقلانِيَّةِ وإعمالِ العقلِ والفكرِ وقبولِ الآخَرِ والتسامُحِ والأخلاقِ والتَّكامُلِ والرَّحْمةِ}، وهذا بالفعلِ هو ما تُرِيدُه أمريكا، ونحن نندهِشُ ونَتَساءَلُ، وهلْ كانَتِ الوزارةُ قَبْلَ هذا الوزيرِ ومنذ وُجِدَتْ وزارةُ التعليمِ في داهِيَةٍ عَمْيَاءَ بلا عقلٍ ولا فِكْرٍ ولا قبولِ الآخَرِ ولا التَّسامُحِ معه؟!، وهل كان الطُّلَّابُ لا يَعرِفون كلَّ هذا؟!، لكنَّها الأجندةُ الأَمْرِيكِيَّةُ الجديدةُ، حين يَرتبِط العقلُ والتسامُحُ بها فإنَّها تَعْنِي عقلًا خاصًّا وتسامُحًا خاصًّا تِجَاهَ أعداءِ هذه الأُمَّةِ وتِجَاهَ تاريخِها، ومَنِ الإنسانُ غيرُ المتطرفِ [أَيْ مِنْ وِجْهةِ النَّظَرِ الأَمْرِيكِيَّةِ]؟ [هو] الإنسانُ الأمريكيُّ، الإنسانُ الشرق أوسطي الذي لا يَشعُرُ بالهُوِيَّةِ ولا يَعترِفُ بالقِيَمِ وإنما يُؤمِنُ فقط بالمصلحةِ، إنسانُ البراجماتِيَّةِ [البراجماتِيَّةُ هي مذهبٌ فلسفيٌّ يُخْضِعُ كلَّ شيءٍ لِمَبْدَأِ (النفعِيَّةِ)] والنفعِيَّةِ، وتُدرِكُ أمريكا ويُدْرِكُ الغَرْبُ معها أنَّ التعليمَ في أُورُوبَّا كان المَدْخَلُ للسيطرة على الفَرْدِ وعلى الأُمَّةِ، وكان أساسُ بناءِ الدولةِ القوميَّةِ العلمانيةِ في أُورُوبَّا، فَفِكرةُ العلاقةِ بين الهَيْمَنةِ والتعليمِ في الغَرِبِ أساسِيَّةٌ، لذا فَهُمْ يُحاوِلون الهَيْمَنةَ والسيطرةَ والإخضاعَ عَبْرَ التعليمِ، عَبْرَ تَغيِيرِ مناهجِ التعليمِ الدينيِّ في مِصْرَ والسعوديةِ وباكستان واليمنِ. انتهى باختصار.
(85)وجاءَ على موقع بوابة الأزهر (الموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر) في هذا الرابط: عقدَ مركزُ الأزهر العالَمِيُّ للفتوى الإلكترونية، اليومَ الاثنين، بمشيخةِ الأزهرِ الشريفِ، مُحاضَرةً علميَّةًّ وتَوْعَوِيَّةً بعنوان (معالم المنهج الأزهري)، لِطُلَّابٍ مِن جامعةِ الأزهرِ، في إطارِ برنامج التعاوُنِ بين مؤسسةِ الأزهر الشريف ووزارةِ الدفاعِ، لتنميةِ رُوحِ الوَلَاءِ والانتماءِ للوَطَنِ، بحُضورِ الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمد الجبَّة، الأستاذ بجامعة الأزهر، والأستاذ أسامة الحديدي، مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية؛ في بِدايَةِ اللِّقاءِ قالَ المحرصاوي {إنَّ لمنهجِ الأزهرِ الشريفِ مَعالِمَ مَيَّزَتْه عن غيرِه مِنَ المناهجِ جَعَلَتِ الكثيرَ مِن دولِ العالَمِ تُرسِلُ أبناءَها للدراسةِ في الأزهر الشريف}؛ مِن جانِبِه قال الحديدي {إنَّ الشخصية المصرية تَتَّسِمُ بصِفاتٍ ثابتةٍ وعزيمةٍ قويَّةٍ، تَرتَكِزُ على ماضٍ عريقٍ، تَنْظُرُ إلى حاضِرِها لِتَبْنِيَ مُستقبَلًا مُشرِقًا}، مُبَيِّنًا أنَّ طُلَّابَ الأزهرِ أصحابُ رسالةٍ مُهِمَّةٍ هي التأثير فيمن حولَهم بما تَعَلَّموه مِنَ الأزهرِ والوَسَطِيَّةِ والاعتدالِ؛ وفي ذاتِ السِّيَاقِ أَوْضَحَ الدكتورُ محمد الجبَّة، أنَّ الأزهرَ الشريفَ هو الحِصْنُ الذي انْتَهَتْ إليه مَوارِيثُ النُّبُوَّةِ واستقرَّتْ فيه أَمَانةُ السلفِ الصالحِ، مُؤكِّدًا أنَّ الأزهرَ انْتَقَى أفضلَ المناهجِ لِتَدرِيسِها لِطُلَّابِه وهذا هو سِرُّ بَقَائه لِأكْثَرَ مِن أَلْفِ عَامٍ، مُبَيِّنًا أنَّ هذا المنهجَ هو منهجٌ علميٌّ مُنْضَبِطٌ في فَهْمِ الدِّينِ، ويَعْمَلُ على تخريجِ عالِمٍ يَفْهَمُ مُرَادَ الشارعِ ويُدْرِكُ أحوالَ الواقعِ. انتهى باختصار.
(86)وجاء على الموقع الرسمي لجريدة الدستور المصرية تحت عنوان (أسرار رجال الأزهر داخل الطرق الصوفية في مصر) في هذا الرابط: ظَهَرَتْ مؤخَّرًا ملامحُ العلاقةِ الوَطِيدةِ التي تَجمَعُ بين مؤسسةِ الأزهرِ الشريفِ والطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ، بَعْدَ إعلانِ عَدَدٍ مِنَ الرُّموزِ الأزهريَّةِ عَزْمَهم تكوينَ طُرُقٍ جديدةٍ، على رأسِ هؤلاء الدكتورُ (علي جمعة) عضوُ هيئة كبار العلماء [ومفتي مِصْرَ] الذي أعلنَ تأسيسَ الطريقةِ (الصديقية الشاذلية)، والشيخ الطاهر محمد أحمد الطاهر الحامدي [أمين عام اللجنة العليا للدعوة، بالأزهر] الذي أعلنَ تأسيسَ الطريقةِ (العامرية الخلوتية)... وتاريخِيًّا يَجمَعُ الأزهريُّون بالطُّرُقِ الصوفيَّةِ علاقةٌ رُوحِيَّةٌ خاصًّةٌ... (الدستور) تَفْتَحُ مَلَفَّ الأزهرِ والصوفيَّةِ، وتُسَلِّطُ الضَّوءَ على العلاقةِ الخاصَّةِ التي تَجمَعُ بين التَّيَّارَين، وطِبِيعةِ التَّواصُلِ بين (أهلِ المَدَدِ) وأقطابِ المؤسَّسةِ الدِّينِيَّةِ الكُبْرَى في مِصْرَ، وأسبابِ انجذابِ المَشَايِخِ لتلك الطُّرُقِ، في مُواجَهَتِهم للفِكرِ الإخوانِيِّ والسلفيِّ... ثم قالَ -أي موقع جريدة الدستور- تحت عنوان (بالأسماء، سيطرة لـ (أهل المدد) في الجامعة والمشيخة وهيئة كبار العلماء): الشيخ (محمد الفحام) الذي تَوَلَّى مشيخةَ الأزهرِ [أَيْ مَنْصِبَ شيخِ الأزهرِ] بين عامَي (1969 و1973) كان مِن أَتْباعِ (الطريقةِ الشاذليةِ)، وتَلَاه في المَنْصِبِ الشيخُ (عبدالحليم محمود) الذي تَوَلَّى المشيخةَ بين عامَي (1973 و1978)، وكان يَتَّبِعُ نَفْسَ الطريقةِ، وإن كان معروفا بِحُبِّه لكلِّ الطُّرُقِ الصوفيَّةِ وأَوْلِيَائِها؛ أمَّا الشيخُ (جاد الحق على جاد الحق) الذي تَوَلَّى المشيخةَ بين عامَي (1982 و1996) فكان مِن أَتْباعِ (الطريقةِ النقشبندية)، وتَبِعَه في المَنْصِبِ الشيخُ (سيد طنطاوى) الذي كان صوفيًّا مُحِبًّا لأولياءِ اللهِ الصالحِين؛ وعلى نَفْسِ النَّهجِ يَأتِي الدكتورُ (أحمد الطيب) شيخُ الأزهرِ الحالِيُّ الذي يَتَّبِعُ (الطريقةَ الخلوتية الحسانية) التي يَتَوَلَّى شقيقُه الشيخُ (محمد الطيب) مشيختَها، ومِنَ المعروفِ أن جِدَّ الشيخِ الطيبِ ووالدَه كانا مِن مَشايِخِ الطُّرُقِ الصُّوفِيَّةِ؛ ولا يَقْتَصِرُ الانتماءُ إلى الطُّرُقِ الصوفيَّةِ على مشايخِ الأزهرِ فقط، بَلْ يَتَعَدَّاهم إلى أعضاءِ هيئةِ كِبَارِ العلماءِ، ويأتي في مُقدِّمةِ هؤلاء الدكتورُ (محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الحالي [وعضو هيئة كبار العلماء]) الذي يَتَّبِعُ (الطريقةَ المحمدية الشاذلية)، والدكتور (حسن الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية [وعضو هيئة كبار العلماء]) والدكتور (عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف [وأمين عام هيئة كبار العلماء]) اللذان يَتَّبِعان (العشيرة المحمدية)؛ وفى جامعةِ الأزهرِ يَتَّبِعُ الدكتورُ (محمد المحرصاوي) رئيسُ الجامعةِ (الطريقةَ الخلوتيةَ)، في حين يُعَدُّ الدكتورُ (محمد أبو هاشم) نائبُ رئيسِ الجامعةِ شيخًا للطريقةِ الهاشميةِ، أمَّا الدكتورُ (عبدالفتاح العواري) عميد كلية أصول الدين فهو مِن أَتْباعِ (الطريقة الخلوتية)، في حين يُعَدُّ الدكتورُ (سعد الدين الهلالي [أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر]) مِن كِبَارِ المُتَصَوِّفِين... ثم قال -أي موقع جريدة الدستور-: أمَّا أكثرُ مَن اُشْتُهِرَ بعلاقاتِه الصوفيةِ مِن بين علماء الأزهر الشريف، فَهُمُ الدكتورُ (أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء) لكونه أحدَ قِيَاداتِ (الطريقة الهاشمية) منذ سنواتٍ طويلةٍ، والدكتورُ (علي جمعة [مفتي مِصْرَ، وعضو هيئة كِبار العلماء]) الذي دَشَّنَ مُؤَخَّرًا (الطريقةَ الصديقية الشاذلية)، والشيخُ (الطاهر محمد أحمد الطاهر الحامدي [أمين عام اللجنة العليا للدعوة، بالأزهر]) الذي أَعلنَ تأسيسَ (الطريقة العامرية الخلوتية)؛ ويُمْكِنُ القولُ إنَّ العلاقةَ التي تَجمَعُ الأزهرَ والصوفيةَ أكبرُ مِمَّا يَعتَقِدُ كثيرون، حتى إنَّه يُمْكِنُ وَصْفُهما بأنَّهما جَسَدٌ واحِدٌ في كِيَانَين، ويَرْجِعُ ذلك إلى طبيعةِ الفِكرِ والاعتقادِ الأزهريِّ... ثم قال -أي موقع جريدة الدستور- تحت عنوان (كريمة "مَشايِخُنا وَصَفُوا الصُّوفيةَ بـ {أَقْرَب الناسِ إلى اللهِ}، وشاهَدْتُ الكراماتِ بِعَينِي"): قال الدكتورُ أحمد كريمة (أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر) إنَّه صُوفِيُّ المنهجِ، مُرْجِعًا أسبابَ ذلك إلى شيخِه الدكتورِ (عبدالحليم محمود) شيخِ الأزهرِ الأسبق، الذي كان يُحَبِّبُ تلاميذَه في الصوفيةِ، ويَدعُوهم لِمَنهَجِها الوَسَطِيِّ، ويقولُ دائمًا {إنَّ أهلَ التَّصَوُّفِ هُمْ أَقْرَبُ الناسِ إلى اللهِ}، وأضافَ كريمة {تَتَلْمَذْتُ على يَدِ الشيخِ (صالح الجعفرى) شيخِ الطريقة الجعفرية، وتَعَلَّمْتُ العلمَ على يَدَيْهِ، ما جَعَلَنِي مُحِبًّا للصوفيةِ، ورافضًا تَشَدُّدَ التَّيَّاراتِ والجماعاتِ الإخوانيةِ والسلفيةِ، العامِلةِ في مِصْرَ}، وتابَعَ {بَعْدَ أنْ دَرَسْتَ التصوفَ على يَدِ شيوخِ الطريقةِ الجعفريةِ لسنواتٍ، اِنْجَذَبْتُ لحضراتِ الصوفيةِ، ومجالِسِهم الكريمةِ التي لا يُذْكَرُ فيها إلَّا اسمُ اللهِ عز وجل}، وأشارَ (كريمة) إلى أن تَيَّارَ التصوفِ الإسلاميِّ يَجْذِبُ عادةً شيوخَ وعلماءَ الأزهرِ، خاصَّةً أنه يَهْتَمُّ بالظاهرِ والباطنِ، دُونَ مُغالاةٍ، ويَسْتَمِدُّ مَنْهَجَه مِن أعلامِ العلماءِ الذِين خَدَموا الإسلامَ، مثل الشيخِ أبي حامد الغزالي، الذي كان مِن أقطابِ الصوفيةِ واختارَها بعدَ رِحْلَتِه في الفلسفةِ، وذَكَرَ [أَيْ كريمةُ] أنَّ كونَ كِبَارِ العلماءِ الأزهريِّين مِنَ الصوفيِّين لا يُقَلِّلُ مِن شَأْنِهم، بَلْ هو أَمْرٌ يَزِيدُهم عِلْمًا ووَقَارًا وقُرْبًا مِنَ اللهِ، مُرْجِعًا ذلك إلى طبيعةِ الفكرِ الصوفيِّ نَفْسِه الذي يَرَى أنَّه مَهْمَا تَعَدَّدَتِ الطُّرُقُ فكُلُّها يَجِبُ أنْ تَقُومَ على المَحَبَّةِ والمَوَدَّةِ والاحترامِ، بعَكْسِ الجماعاتِ الأُخْرَى، مثل (الإخوانِ) الذِين يَكْرَهون (السلفيةَ)، أو (السلفيةِ) الذِين يَكْرَهون (الصوفيةَ)، أو (الجهاديِّين) الذِين يَكْرَهون (التبليغَ والدعوةَ)، وغيرِ ذلك، وشَدَّدَ على أنَّ هذا الفارِقَ بين أهلِ الصوفيةِ وهذه التَّيَّاراتِ هو ما يَجْعَلُ الصوفِيِّين مُتَحَابِّينَ فيما بينهم، مُضِيفًا {وَفْقًا للمنهجِ الصوفيِّ، تَجِدُ المُرِيدَ في الطريقةِ الشاذليةِ يُحِبُّ أخاه المُرِيدَ في الطريقةِ الخلوتيةِ، ويُساعِدُه ويَقِفُ إلى جانبِه، بِعَكْسِ الجماعاتِ الأُخرَى، كما أن شيوخَ ومُرِيدِي الصوفيةِ يُقَبِّلون أَيَادِيَّ بعضِهم دُونَ تَكَلُّفٍ، لأنهم يعلمون أن الطُّرُقَ الصوفيةَ هَدَفُها إيصالُ المُسلِمِ إلى بابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم}؛ وعن أشهرِ الطُّرُقِ الصوفيةِ التي يَنْتَمِي إليها علماءُ الأزهرِ الشريف، كَشَفَ (كريمة) أنَّ (الطريقة المحمدية الشاذلية) هي أقربُ الطُّرُقِ لِقُلوبِ وعُقولِ الأزهريِّين، وتابَعَ {كراماتُ مؤسِّسِ العشيرةِ المحمدية الشيخِ محمد زكى الدين إبراهيم، وبعضِ مشايخِ الصوفيةِ الآخَرِين، جَذَبَتْ إليهم كثيرِين مِن علماءِ الأزهرِ، ومُرِيدِين مِن كُلِّ أنحاءِ العالَمِ الإسلاميِّ}، واستكملَ {هذه الكراماتُ تَعَرَّضْتُ لها شَخْصِيًّا وشَهِدْتُها، وهذه شَهَادةُ حَقٍّ أُحاسَبُ عليها أمامَ اللهِ عز وجل، وإنْ كُنْتُ لا أستطيعُ أن أَحْكِيَ عنها، وكانت أَحَدَ الأسبابِ التي جَعَلَتْنِي أَعْشَقُ أهلَ الصوفيةِ وأَبْكِي في حَضْرَتِهم}... ثم قال -أي موقع جريدة الدستور-: أَرْجَعَ القِيَادِيُّ الصوفيُّ الدكتورُ (سيد مندور) العلاقةَ الطيبةَ بين التَّيَّارَين [يعني الأزهريِّين والطرقِ الصوفيةِ] إلى المَحَبَّةِ والأَدَبِ وحُسْنِ الخُلُقِ، التي وَجَدَها علماءُ المؤسسةِ الأزهريةِ لَدَى أقطابِ الصوفيةِ، وقال {الأزهرُ وعلماؤه يَمِيلون بطَبْعِهم إلى الفكرِ الوَسَطِيِّ، وهو ما يَجِدُونه عند أهلِ الصوفيةِ}، وأضافَ (مندور) {علماءُ الأزهر بطبيعتِهم يَمِيلون للوَسَطِيَّةِ، وهذه الوَسَطِيَّةُ لا تُوجَدُ إلَّا عند أهلِ الصوفيةِ، الذِين يُعَلِّمون الناسَ كيفيَّةَ الاقتداءِ بالرسولِ وصحابتِه الكرامِ، كما أنَّ الأزهرَ الشريف ذو منهجٍ صوفيٍّ أشعريٍّ، منذ النَّشْأَةِ، وعلى ذلك ليس غَرِيبًا أنْ نَجِدَ كُلَّ عُلمائِه وشيوخِه تابِعِين لِطُرُقٍ صوفيةٍ}، وتابَعَ {الشيخُ (علي جمعة) مفتى الديار السابق، والشيخ (محمد مهنا) مستشار شيخ الأزهر، أَصْبَحا مِن أقطابِ الصوفيةِ الجُدُدِ، بعدَما أَسَّسَ الشيخُ (جمعة) الطريقةَ الصديقية الشاذلية، ودَعَا الشيخُ مهنا إلى تجديدِ المَناهجِ الصوفيةِ}؛ ورَأَى الدكتورُ (علاء الدين ماضي أبو العزائم) عضوُ المجلس الأعلى للطُّرُقِ الصوفيةِ أنَّ التَّوَجُّهَ الصوفيَّ لعلماءِ وشيوخِ الأزهر كان مِن أَهَمِّ الأسبابِ التي حافَظَتْ على وَسَطِيَّةِ المؤسَّسةِ الدِّينِيَّةِ، وجَعَلَها تَتَصَدَّى لِدَعَواتِ التَّشَدُّدِ والتَّطَرُّفِ وتُؤَدِّي دَورَها بوَسَطِيَّةٍ واِتِّزانٍ، وأضافَ {هذه الوَسَطِيَّةُ حالَتْ دُونَ تَبَنِي الفِكْرِ المُتَطَرِّفِ والمُتَشَدِّدِ المَوجودِ لَدَى الجماعاتِ والتَّيَّاراتِ السلفيةِ، التي تَرْفُضُ أَيَّ نَوْعٍ مِنَ الحِوَارِ مع الآخَرِ، ومشايخُ الطُّرُقِ الصوفيةِ يُقَدِّرون مِن جانِبِهم الدَّورَ الذي لَعِبَه الأزهرُ صاحِبُ العقيدةِ الصوفيةِ الأشعريةِ في حِمَايَةِ البلادِ والعِبَادِ مِنَ الأفكارِ الدَّخِيلةِ التي تُرِيدُ إحداثَ فِتْنةٍ داخِلَ المجتمعِ}، وتابَعَ (أبو العزائم) {مِن فَضْلِ اللهِ على مِصْرَ أنَّ علماءَ الأزهر وشيوخَه جميعَهم صوفيَّةٌ، إذ لم يَتَوَلَّ هذا المَنْصِبَ أَيُّ شخصيةٍ إخوانيَّةٍ، ما أَدَّى لانتشارِ التصوفِ الإسلاميِّ بين تلاميذِ وطَلَبةِ العِلْمِ بالأزهرِ}. انتهى باختصار.
(87)وجاء على موقع صحيفة (الإمارات اليوم) تحت عنوان (الطيب "الأزهر والوطني مثل الشمس والقمر") في هذا الرابط: شيخُ الأزهرِ الجديدُ الإمامُ الأكبرُ الدكتورُ (أحمد الطيب) نَفَى أن يكون مَنْصِبُه سيتأثَّرُ بانتمائه لـ (الحزب الوطني الديمقراطي) الحاكم؛ وعندما سُئل عن (أيُّهُما أَهَمُّ) بالنسبة إليه، الأزهرُ أو الحِزْبُ الحاكِمُ؟، قال {لا أستطيعُ أن أقولَ (أيُّهُما أَهَمُّ)، فإن ذلك مِثْلُ سؤالِ (أَيُّهما أَهَمُّ الشَّمْسُ أَوِ القَمَرُ؟)} [الحزب الوطني الديمقراطي آنَذَاكَ كان هو الحزبَ الحاكمَ في مِصْرَ والمُهَيْمِنَ على الحياةِ السياسيةِ، وكان أيضا الحزبَ الذي يَرْأَسُه طاغوتُ مِصْرَ، وكان شيخُ الأزهر عُضُوًا في لَجْنَةِ سِيَاساتِ الحِزْبِ، وهي اللَّجْنَةُ التي كان يَرْأَسُها آنَذَاكَ ابنُ الطاغوتِ، وهي أيضا اللَّجْنَةُ التي تَتَولَّى (رَسْمَ السِّيَاساتِ) للحُكُومةِ، و(مُراجَعةَ مَشروعاتِ القَوانِينِ) التي تَقْتَرِحُها الحُكومةُ، قَبْلَ إحالَتِها إلى (مَجْلِسِ الشَّعْبِ)]. انتهى باختصار.
(88)وجاء على موقع صحيفة (المصري اليوم) تحت عنوان (أول تصريحات الإمام الأكبر في المشيخة "لن أستقيلَ مِنَ الوطنيِّ، وليس مطلوبًا مِنِّي مُعارَضةُ النظامِ) في هذا الرابط: {لا تَعارُضَ مُطْلَقًا بين مَنْصِبِ شيخ الأزهر وانتمائي للحزب الوطني} بهذه الكلماتِ أَكَّدَ الدكتورُ (أحمد الطيب) شيخُ الأزهر، عُضْوُ المَكْتَبِ السياسيِّ بالحزب الوطنيِّ، أنه لا يَنْوِي مُطْلَقًا الاستقالةَ مِن مَنْصِبِه في الحزب لأنه لا تَعارُضَ مُطْلَقًا بين المَنْصِبَين؛ وقال (الطيب) في أَوَّلِ أيامِ تَوَلِّيه مَهامَّ الإمامِ الأكبرِ شيخِ الأزهرِ {لا أَرَى علاقةً [ضِدِّيَّةً] مُطْلَقًا بين أنْ يكونَ الفَرْدُ شَيْخًا للأزهرِ، وبين انتمائه للحزبِ الوطنِيِّ وعُضْوِيَّتِه في المَكْتَبِ السياسيِّ بالحزبِ، لِأنَّ المطلوبَ أنْ يَعمَلَ مَن يَتَوَلَّى مَنْصِبَ شيخِ الأزهرِ لمصلحةِ الأزهرِ، وليس مطلوبًا منه مُطْلَقًا أنْ يُعارِضَ النظامَ}. انتهى.
(89)وجاءَ على موقع قناة (صدى البلد) الفضائية تحت عنوان (بالصور والفيديو، بَدْءُ تَوَافُدِ المُتَظاهِرِين على مَيدانِ "أبو الحجاج" بالأقصر في مِلْيُونِيَّةِ دَعْمِ "الطيب") في هذا الرابط: تَوَافَدَ المِئاتُ على مَيدان (سيدي أبو الحجاج) بجوارِ (معبد الأقصر) استعدادا لـ (مِلْيُونِيَّةِ دَعْمِ شيخِ الأزهرِ) [وكانَ ذلك في زَمَنِ حُكْمِ (محمد مرسي) مُرَشَّحِ (جماعةِ الإخوانِ المسلمِين) لِمِصْرَ، وهو الحُكْمُ الذي اِسْتَمَرَّ لِمُدَّةِ عامٍ واحِدٍ تَقرِيبًا]، وبَدَءُوا بِعَمَلِ مِنَصَّةٍ ولافِتَاتِ، وهَتَفَ المُتَظاهِرون (بالرُّوحِ، بالدَّمِ، نَفْدِيك يَا إِمَامُ)، كما انْضَمَّ لهم وَفْدٌ مِنَ الكنائسِ تَضامُنًا مع الدكتورِ (أحمد الطيب)؛ وكان أهالي محافظتَيِ (الأقصر وقِنا) دَعَوْا لِتنظيمِ مُظاهَراتٍ بمَيدانِ (أبو الحجاج) بمدينة الأقصر، لِدَعْمِ الدكتورِ (أحمد الطيب) شيخِ الأزهرِ، وذلك بعدَ الزَّجِّ بشيخِ الأزهرِ في أَعْقابِ أَزْمةِ تَسَمُّمِ طُلَّابِ المُدُنِ الجامعيَّةِ بالأزهرِ؛ ومِنَ المُقَرَّرِ أنْ يُشارِكَ في التَّظاهُراتِ عَدَدٌ كبيرٌ مِن أهالي محافظتَيِ (الأقصر وقِنا) مِن مراكزِ (إسنا وأرمنت والبياضية والزينية وقوص ونجع حمادي وفرشوط)، والكنائسُ القِبْطِيَّةُ الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية [الكنيسة الإنجيلية هي إحدى الكنائس البروتستانتية]) والطُّرُقُ الصوفيَّةُ والقِطَاعُ السِّيَاحِيُّ [قلتُ: لَاحِظْ هنا أنَّ جميعَ الكِيَانَاتِ الدَّاعِمةِ لشيخِ الأزهرِ لا تَخْرُجُ عن كَوْنِها صوفيَّةً أو نَصْرانِيَّةً أو عَلْمَانِيَّةً]. انتهى باختصار.
(90)وجاءَ على موقع قناة (صدى البلد) الفضائية تحت عنوان (بالفيديو والصور، آلافُ الصعايدة في مِلْيُونِيَّةِ دَعْمِ شيخِ الأزهرِ بالأقصر "يا طيب يا بن العم *** إحنا معاك بالروح والدم") في هذا الرابط: نَظَّمَ الآلافُ مِن أهالي محافظاتِ (الأقصرِ وقنا وأسوان) تَظاهُراتٍ بمَيدانِ (أبو الحجاج) بجوار (معبد الأقصر) [وكانَ ذلك في زَمَنِ حُكْمِ (محمد مرسي) مُرَشَّحِ (جماعةِ الإخوانِ المسلمِين) لِمِصْرَ، وهو الحُكْمُ الذي اِسْتَمَرَّ لِمُدَّةِ عامٍ واحِدٍ تَقرِيبًا]، تَضَامُنًا في (مِلْيُونِيَّةِ دَعْمِ الطيب)، وشارَكَ في التَّظاهُراتِ الطُّرُقُ الصُّوفِيَّةُ، ونَقَابَتا المُحامِين والمُعَلِّمِين، وحزبُ الوَفدِ، والتَّيَّارُ الشَّعْبِيُّ [الذي أَسَّسَه (حمدين صباحي) المُرَشَّحُ الرِّئاسِيُّ السابقُ]، وحَرَكةُ شَبَابٍ بِلَا تَيَّارٍ، ومُحِبُّو آلِ الطَّيِّبِ، وعلماءُ مِن جامعة الأزهر، وعَدَدٌ مِن أَقْبَاطِ كنائسِ الأقصر [قلتُ: لَاحِظْ هنا أنَّ جميعَ الكِيَانَاتِ الدَّاعِمةِ لشيخِ الأزهرِ لا تَخْرُجُ عن كَوْنِها صوفيَّةً أو عَلْمَانِيَّةً أو نَصْرانِيَّةً]، وطافَتِ المُظاهَرةُ جميعَ أنحاءِ مدينةِ الأقصر في مَسِيرةٍ حاشِدةٍ، تحت هُتَافَاتِ {بالرُّوحِ، بالدَّمِ، نَفْدِيك يَا إِمَامُ}، و{الصَّعَايِدةُ قالُوها خَلَاص *** الطيبُ لَا مَسَاسَ}، و{يا طيبُ يا بنَ العَمِّ *** إِحْنَا مَعَاك بالرُّوحِ والدَّمِ}، و{لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ *** الطيبُ حَبِيبُ اللهِ}، و{نحن لا نَتْبَعُ أَيَّ تَيَّارٍ *** ولكنْ مَن يَمَسَّنا نُحْرِقْه بالنارِ}، و{مسلمٌ، مسيحيٌّ، إِيدٌ واحِدةٌ}. انتهى باختصار.
(91)وجاءَ على موقع جريدة (الأهرام) المصرية تحت عنوان (شيخ الأزهر "السلفيُّون الجُدُد هُمْ خوارجُ العصرِ") في هذا الرابط: أَكَّدَ الإمامُ الأكبرُ الدكتورُ (أحمد الطيب) أنَّ عقيدة الأزهر الشريف هي عقيدةُ الأشعريِّ والماتريديِّ، وأنَّ السلفيِّين الجُدُدَ هُمْ خوارجُ العصرِ؛ وانتقدَ الطيبُ هُجومَ السلفيِّين على الأضْرِحةِ ومَقَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، مُؤكِّدًا أنَّ هذا العَمَلَ يُخالِفُ صحيحَ الإسلامِ وأنَّ الأزهرَ سيَبْقَى أشعريَّ المذهبِ ومُحافِظًا على الفكرِ الصوفيِّ الصحيحِ... وكان الجامعُ الأزهر ومَبْنَى المشيخةِ شَهِدَا ظُهْرَ اليومِ مُظاهَراتٍ مُؤَيِّدةً للإمام الأكبر [وكانَ ذلك في زَمَنِ حُكْمِ (المجلسِ الأعلَى للقواتِ المسلحةِ، بِرِئاسةِ المشير "محمد حسين طنطاوي" وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة)] حيث اِحْتَشَدَ 3 آلاف مُتظاهِر مِن الأَئمَّةِ والدُّعاةِ والعاملِين بالمعاهدِ مِن عِدَّةِ محافظاتٍ، واقتحم المُؤَيِّدون مَبْنَى المشيخةِ في مُحاوَلَةٍ منهم للتعبِيرِ عن تَأْيِيدِهم لشيخِ الأزهرِ الذي خَطَبَ في المُتظاهِرِين قائلًا {المُشِيرُ، والمجلسُ الأعلى للقوات المسلحة [وهو المجلسُ الذي حَمَى -وما زالَ يَحْمِي- كُلَّ نِظَامٍ طَاغُوتِيٍّ مِصْرِيٍّ، بَلْ ويَتَحَكَّمُ فيه ويَتَسَلَّطُ عليه]، لهم كُلُّ الشُّكْرِ والتَّقدِيرُ، ويَدْعَمون شيخَ الأزهرِ ومُتَمَسِّكِين به}. انتهى باختصار.
(92)وجاءَ على الموقع الرسمي لجريدة الدستور المصرية في هذا الرابط: في ندوةٍ مُوَسَّعةٍ، استضافَتِ (الدستورُ) عَدَدًا مِن مشايخِ وقِيَاداتِ الطُّرُقِ الصوفيَّةِ في مِصْرَ، للحديثِ عن أوضاعِ البَيْتِ الصوفِيِّ المِصْرِيِّ، حَضَرَها الدكتورُ (علاء الدين أبو العزائم) [رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية]، والشيخ (طارق الرفاعي) شيخ الطريقة الرفاعية، والدكتور (عماد الشبراوى) نائب الطريقة الشبراوية، والدكتور (أيمن حماد) [عضو لجنة الشباب بالطريقة العزمية الصوفية]، والشيخ محمود ياسين الرفاعي [نائب شيخ عموم السادة الرفاعية]، وتَحَدَّثَ المُشارِكون في الندوةِ عن دور الصوفيَّةِ حَالِيًّا، والحَرْبِ الدائمةِ بينهم وبين التَّيَّارِ السلفيِّ... الشيخُ طارق الرفاعي [قَالَ] {الطُّرُقُ الصوفيَّةُ بها الكثيرُ مِنَ المسئولِين والوُزَرَاءِ، وهذا أَمْرٌ عادِيٌّ وليس بجَدِيدٍ، وغالِبِيَّةُ الوُزَرَاءِ والمسئولِين في مِصْرَ هُمْ مِن عائلاتٍ وبُيوتٍ صوفيَّةٍ عريقةٍ، مثل الرفاعية والعزمية والجازولية والقصبية والهاشمية والدسوقية، وهذا أَمْرٌ حَسَنٌ يَدُلُّ على أنَّ هؤلاء يَنْتَهِجون نَهْجًا وَسَطِيًّا}... ثم قال -أي موقع جريدة الدستور- تحت عنوان (ما طَبِيعةُ العلاقةِ التي تَجْمَعُ الصوفيَّةَ بالأزهرِ الشريفِ؟): الشيخُ طارق الرفاعي [قَالَ] {علاقةٌ وَطِيدةٌ، وتَضْرِبُ بجُذورِها في أعماقِ التاريخِ... الأزهرُ الشريفُ لا يَنفَصِلُ عنِ الصوفيَّةِ، والصوفيَّةُ كذلك لا تَنفَصِلُ عنه، كما أنَّ غالِبِيَّةَ مشايخِ الطُّرُقِ الصوفِيَّةِ المؤسِّسِين للطُّرُقِ كانوا عُلَماءَ في الأزهرِ الشريفِ أو أَبْنَاءً للمشيخةِ [يعني مشيخة الأزهر]}. انتهى باختصار.
(93)وجاءَ على الموقع الرسمي لجريدة الدستور المصرية في هذا الرابط تحت عنوان (مصطفى الأزهري يكتب "نعم، أنا قُبُورِيٌّ"): [قالَ الشيخُ الأَزْهَرِيُّ المعروفُ (مصطفى رضا الأزهري) صاحبُ كتابِ (الطرق المنهجية في تحصيل العلوم الشرعية)] {أَيُّها (المُتَطَرِّفُ)، هَلْ علماءُ الأزهرِ الشريفِ عُبَّادُ قُبورٍ لِأنَّهم يُصَلُّون في الجامعِ الأزهرِ منذ مِئَاتِ السِّنِينَ وبه قُبُورٌ سِتَّةٌ [ومنها قبر الأمير (علاء الدين طيبرس)، وقبر الأمير (أقبغا بن عبدالواحد)، وقبر الأمير (جوهر القنقبائي)، وقبر (نفيسة البكرية)، وقبر الأمير (عبدالرحمن كتخدا)]؟!؛ أَيُّها (المُتَطَرِّفُ)، أَلَمْ يَبْلُغْك أنَّ هذه الأُمَّةَ معصومةٌ مِنَ الوُقوعِ في الشِّرْكِ؟... فكيف تَصِفُ جماهيرَ الأُمَّةِ مِنَ السلفِ والخلفِ بالقُبُورِيِّين؟!. انتهى باختصار.
(94)وقالَ الشيخُ عبدُالله الخليفي في مقالة على موقعه في هذا الرابط: قالَ الدكتورُ بسام الشطي -وهو مِن أعضاء جمعية إحياء التراث- في صفحتِه في تويتر {شكرًا للسعودية لقرارِها ترميمِ بناءِ الجامعِ الأزهرِ لِيُصْبِحَ مَعْلمًا عالَمِيًّا}؛ أقولُ، أعوذُ بالله، الأزهرُ مَعْلَمٌ مِن مَعالِمِ الشِّرْكِ وهو مَبْنِيٌّ على عِدَّةِ أَضْرِحةٍ، وتُدَرَّسُ فيه العقيدةُ الجهميةُ والقُبُورِيَّةُ... وهذا شيخُ الأزهرِ أحمد الطيب يَصِفُ السلفيِّين بالخوارجِ، ويُصَرِّحُ بأنهم [أَيِ الأزهريِّين] أَشَاعِرَةٌ ومَاتُرِيدِيَّةٌ... وعلي جمعة [مفتي مِصْرَ وعضو هيئة كِبار العلماء بالأزهر] جهميٌّ قُبُورِيٌّ معروفٌ... فمُؤَسَّسَةٌ [يعني مؤسسة الأزهر] هؤلاء رُؤُوسُها، فكيف بذُيُولِها؟!، وكيف يَفْرَحُ مُوَحِّدٌ بترميمِ مسجدٍ بُنِيَ على قَبْرٍ؟!. انتهى باختصار.
(95)وقالَ الشيخُ أُسَامَةُ بْنُ لَادِن في مقالة له بعنوان (النِّزاع بين حُكَّامِ آل سعود والمسلمِين، والسبيلُ إلى حَلِّه) على هذا الرابط: مَسْخُ شَخْصِيَّةِ الأُمَّةِ وتَغْرِيبُ [قالَ محمد بنُ عيسى الكنعان في مقالة له بعنوان ("الجزيرة" تُقِيمُ مائدةً للحِوارِ عنِ التَّغْرِيبِ) على موقع صحيفة الجزيرة السعودية في هذا الرابط: الدكتورُ عيسى الغيث [عضوُ مجلس الشورى السعوديِّ وأستاذُ الفِقْهِ المقارن] يقولُ {(تَغْرِيب) على وَزْنِ (تَفعِيل)، وهو مِنَ (الغَرْب)، أَيْ تَقْلِيدُ الغَرْبِ والتَّشَبُّهُ بهم في الجانبِ المذمومِ مِنَ القِيَمِ والمُمارَساتِ}. انتهى باختصار] أبنائها هو مشروعٌ قديمٌ قد بَدَأَ منذ عُقودٍ في مَناهجِ الأزهرِ بِمِصْرَ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ محمد سعيد رمضان البوطي (رئيس اتحاد علماء بلاد الشام) في (منهج تربوي فريد في القرآن): ولَمَّا انْتَسَبْتُ إلى قِسْمِ التَّخَصُّصِ في التَّربِيَةِ مِن كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ بجامعةِ الأزهرِ، وأَخَذتُ أَتَلَقَّى أُصُولَ التَّربِيَةِ وعِلْم النَّفْسِ التَّربَوِيّ، رَأَيْتُ في الطريقةِ التي كُنَّا نَدْرُسُ بها هذه العُلومَ ما يُزْرِي بالأزهرِ، وتَساءَلْتُ، أَلَيسَ في وُسْعِ مُدَرِّسِي جامعةِ الأزهرِ أنْ يُعَلِّموا تلاميذَهم مِن مَناهِجِ التَّربِيَةِ وأُصُولِها إلَّا طَرَائِقَ هِرْبِرْتَ ودلتن وجون ديوي؟!، وَهَلْ ضاقَ كِتَابُ اللَّهِ العظيمِ، وتاريخُ الثَّقافةِ الإسلاميَّةِ كُلُّه، عن أنْ يَتَّسِعَ لاستخراجِ طُرُقٍ ومَناهِجَ لِتَربِيَةِ الناشِئةِ المُسلِمةِ أكثرَ صَلاحِيَةً وفَضْلًا مِن هذه التَّجارِبِ الأجنبِيَّةِ. انتهى باختصار. وقالَ الشيخُ محمد إسماعيل المقدم (مؤسس الدعوة السلفية بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ) في مُحاضَرة بعنوان (المؤامرة على التعليم) مُفَرَّغَةٍ على هذا الرابط: بالنِّسبةِ للتَّعليمِ الأزْهَرِيِّ حُذِفَ -تحتَ اسْمِ (التطوير في التعليمِ الأزهريِّ)- التاريخُ الإسلامِيُّ كُلِّيَّةً بنِسبةِ 100%، أُلْغِيَ تَمَامًا تعليمُ التاريخِ الإسلامِيِّ بالأزهرِ، وأَصْبَحَ يُدَرَّسُ بَدَلًا منه تاريخُ الفَرَاعِنةِ!... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المقدم-: مَن هذه الأصَابِعُ الخَفِيَّةُ التي هي وَرَاءَ هذه المُؤَامَرةِ الخَطِيرةِ جِدًّا على مُستَقبَلِ الأجْيَالِ القادِمةِ، وهذا كُلُّه حتى يَرضَى عَنَّا اليَهودُ، وما أَدْرِي أَيْنَ عُلَمَاءُ الأزهرِ!... ثم قالَ -أَيِ الشيخُ المقدم- تحت عنوان (التَّوَجُّهُ العامُّ لِمَا يُسَمَّى بتطويرِ التَّعلِيمِ): إنَّ المُطَّلِعَ على الموضوعاتِ التي حُذِفَتْ في كتابِ التَّربِيَةِ الإسلاميةِ [المُقَرَّرِ في التعليمِ العامِّ] وكُتُبِ التفسيرِ والحديثِ [المُقَرَّرةِ في التعليمِ الأزهرِيِّ]، يُدْرِكُ أنَّ هناك تَوَجُّهًا عامًّا يَهْدِفُ إلى حَذْفِ المفاهيمِ الآتِيَةِ؛ (أ)إنَّ الإسلامَ نظامُ حَيَاةٍ شاملٍ وصالِحٍ لكُلِّ زَمَانٍ ومَكانٍ؛ (ب)وُجوبُ تطبيقِ الشريعةِ؛ (ت)وُجوبُ الجِهادِ في سبيلِ اللهِ؛ (ث)وُجوبُ تَحرِيمِ الرِّبَا تَحرِيمًا قاطِعًا؛ (ج)وُجوبُ تَحرِيمِ الخَمْرِ تَحرِيمًا قاطِعًا. انتهى باختصار. وقد جاءَ في مقالة بعنوان (أَحْدَثُ صَيْحاتِ المُوضةِ بكُلِّيَّات الأزهرِ بَنَات؛ إحدَى الطالباتِ "إِحْنا بَقِينا بِنشُوف تَقالِيع وحاجات غَرِيبة جُوَّا الجامِعةِ، مِشْ بَسْ في الشَّارِعِ") على موقع كايرودار التابعِ لجريدةِ اليوم السابع المصرية في هذا الرابط: قالتْ هاجَرُ الطالبةُ التي تَدْرُسُ بالفِرْقَةِ الثانيةِ (كلية الدراسات الإنسانية "علم نفس") أنَّها لا تُفَضِّلُ التَّحَدُّثَ إلى الفتياتِ غيرِ المحجبات بالكُلِّيَّةِ، لأنها ترى أن الحديث معهن لا يُفيد، بسبب عَدَمِ تَقَبُّلِ هؤلاء الفَتَيَاتِ لآراءِ الأُخْرَيَاتِ مِن زميلاتِهن حولَ فِكْرَة ارتداءِ الحجابِ، وتضيفُ أنَّ المشكلةَ لا تنحصرُ فقط في غير المحجباتِ، وإنما تمتدُّ الصورةُ السيئةُ للطالباتِ اللاتي ترتدين الحجابَ مع عدمِ الالتزامِ به، مِثْلَ وَضْعِ المَاكِيَاجِ الزائدِ والمُلْفِتِ للانتباهِ، بجانب ارتداء الملابسِ الضَّيِّقةِ التي تُحَدِّدُ تفاصيلَ الجِسْمِ، إِحْنا بَقِينا بِنشُوف تَقالِيع وحاجات غَرِيبة جُوَّا الجامِعةِ، مِشْ بَسْ في الشَّارِعِ... ثم جاء -أَيْ في المقالة-: شاركَتْنا الحديثَ نورهان محمد الطالبةُ بالفِرْقَةِ الثانية (علم نفس) قائلةً {انتشرت في الفترةِ الأخيرةِ صورةً سيئةً عن طالبات الأزهر المنتقبات، مِن أمثلةِ الفتاة التي تَرْسُمُ عَيْنَها بالكُحْلِ، وعَدَمِ ارتدائها للزِّيِّ الصحيحِ المناسبِ للنقابِ، بالإضافة للأسلوب غيرِ اللائقِ لكونِها منتقبةً، فرَأَيْنا الطالبات ترتدين النقابَ على جِيبةٍ أو بَنْطَلُونٍ، وكأنَّنا نُقَلِّدُ الثقافةَ الغربيةَ دُونَ وَعْيٍ}، مُؤَكِّدَةً [أَيِ الطالبةُ نورهانُ] أنَّ التعليمَ الأزهريَّ لا يُحَتِّمُ التزامَ الفتاةِ أو عَدَمَه... ثم جاء -أَيْ في المقالة-: وفي نَفْسِ السِّيَاقِ قالتْ أسماءُ أحمد الطالبةُ بكلية الدراسات الإنسانية (اجتماع) {إن الطالبة المنتقبة تكون قادرةً على رَفْعِ النقابِ داخلَ الحَرَمِ، أو إقامةِ أَعْيَادِ ميلادٍ لزميلاتهن، والرَّقْصِ على نغماتِ الأغاني داخلَ الحَرَمِ الجامعيِّ}... ثم جاء -أَيْ في المقالة-: واستَكمَلَتْ كرمانُ [إِحْدَى طالباتِ الأزهرِ] حَدِيثَها مُستَنكِرةً بعضَ السُّلُوكِيَّاتِ التي تقوم بها الطالباتُ داخلَ جامعةِ الأزهرِ مِن تشغيلِ الأغاني والرَّقْصِ عليها، أو قِيَامِ إحداهن بَوَضْعِ مَاكِيَاج لِزَمِيلَتِها، أو نَوْمِ إحدى الطالباتِ على حشائشِ الحدائقِ، وتتساءَل كرمانُ بأنَّ هؤلاء الطالباتِ أَلَا تَعْلَمْنَ بوُجودِ رِجَالٍ في هذا المكانِ؟!، فليس مَعْنَى أنَّها كُلِّيَّةٌ للبَنَاتِ يَعْنِي أنَّها تَخْلُو مِنَ الدَّكَاتِرةِ والمُوَظَّفِين وعُمَّالِ النَّظافةِ. انتهى باختصار.
(96)وقالَ الشيخُ سيد إمام في (المُتاجِرون بِالإسلامِ): الإسلامُ الصَّحِيحُ ليس هو إسلامَ الأزهَرِ ولا إسلامَ الأوقافِ ولا إسلامَ الإخوانِ ولا إسلامَ أدعِياءِ السَّلَفِيَّةِ، وإنَّما الإسلامُ شَيءٌ آخَرُ غَيرُ ما عليه هؤلاء، ولم يَعُدْ يَعرِفُه إلَّا القَلِيلُ مِنَ الناسِ. انتهى باختصار.
تَمَّ الجُزءُ السادِسُ بِحَمدِ اللَّهِ وَتَوفِيقِهِ
الفَقِيرُ إلى عَفْوِ رَبِّهِ
أَبُو ذَرٍّ التَّوحِيدِي
AbuDharrAlTawhidi@protonmail.comانقر هنا للتواصل عبر البريد الإلكتروني